مع تزايد التحديات المناخية التي يواجهها كوكبنا، يتزايد الإدراك بأن بعضاً من أقوى الحلول قد يأتي من الطبيعة. فالزراعة، التي غالباً ما تُعتبر مُساهِمة في تغيُّر المناخ، تُعدّ أيضاً حليفاً مُحتملاً في عكسِ مسارِه. ووفقاً لنايت بلوم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة سورغوم يونايتد، يبرز محصولٌ واحدٌ على وجه الخصوص: الذرة الرفيعة.
يقود بلوم فريقاً دولياً من الخبراء الزراعيين المُلتزمين بتعزيز الدور العالمي للذرة الرفيعة والدخن. ولا يقتصر عملهم على تعزيز القيمة الغذائية والاقتصادية لهذه الحبوب فحسب، بل يُعزز أيضاً إمكاناتها غير المُستغلّة كأدواتٍ للزراعة الذكية مناخياً. وتُتيح الذرة الرفيعة، على وجه الخصوص، مساراً نحو الزراعة المُستدامة والحدّ من انبعاثات الكربون بشكلٍ فعّال.
حلٌّ قائم على الطبيعة مُتجذّر في التربة
تبدأ المزايا البيئية للذرة الرفيعة من جذورها، حيث يُطوّر النبات نظاماً جذرياً عميقاً ومعقداً، مما يسمح له بالازدهار في البيئات القاحلة، مع الحدّ الأدنى من الري. ولكن إلى جانب كفاءة استخدام المياه، تلعب هذه الجذور دوراً حاسماً في عزل الكربون عن طريق سحبه من الغلاف الجوي وتخزينه تحت الأرض على شكل مادة عضوية.
تساهم هذه العملية في الزراعة التجديدية، حيث تُعيد المحاصيل الموارد الطبيعية بدلاً من استنزافها. بالإضافة إلى ذلك، تُحسّن الذرة الرفيعة بنية التربة، وتُعزز احتباس الماء والتنوُّع البيولوجي تحت السطح، كل ذلك مع المساعدة في خفض مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
مدخلات أقل، انبعاثات أقل
مقارنةً بالحبوب التقليدية، تتطلب الذرة الرفيعة مدخلات كيميائية أقل، مثل الأسمدة والمبيدات الحشرية، وتستخدم كميات أقل بكثير من المياه. يُنتج هذا النموذج منخفض المدخلات انبعاثات أقل لغازات الاحتباس الحراري من إنتاج وتطبيق هذه المدخلات.
كما يُتيح التحوُّل نحو محاصيل مثل الذرة الرفيعة للمزارعين تقليل تأثيرهم البيئي دون التضحية بالإنتاجية. وهذا أمر بالغ الأهمية في المناطق التي تُعاني من شحّ المياه والتحديات الاقتصادية، ويجعل الذرة الرفيعة خياراً عملياً ومستداماً.
ربط الذرة الرفيعة باقتصاد الكربون
تتمتع أسواق أرصدة الكربون بإمكانيات هائلة كطريقة لتحفيز الممارسات الزراعية المستدامة. إن قدرة الذرة الرفيعة الطبيعية على عزل الكربون ودعم صحة التربة تجعلها مُرشّحاً مثالياً لمبادرات الزراعة الكربونية.
يُمكن أن يُنتج دمج الذرة الرفيعة في هذه البرامج أرصدة كربونية، وهي وحدات قابلة للتداول تمثّل انبعاثات منخفضة أو مُحتجزة. ويمكن لهذه الأرصدة أن تُشكّل مصدر دخل قيّم، حيث تُكافئ المزارعين ليس فقط على ما يزرعونه، بل على كيفيّة زراعته أيضاً.
ما وراء الغذاء: الذرة الرفيعة في المنتجات المستدامة
فوائد الذرة الرفيعة هائلة، ويجري الآن استكشاف تنوُّعها في إنتاج المنتجات الحيوية، بما في ذلك البلاستيك القابل للتحلل الحيوي، والوقود الحيوي، ومواد التعبئة والتغليف، وحتى المنسوجات.
مع تزايد الطلب على بدائل المنتجات القائمة على الوقود الأحفوري، تبرز الذرة الرفيعة كمادة خام واعدة لإيجاد حلول منخفضة الانبعاثات واقتصاد دائري. يفتح هذا الابتكار أسواقاً وصناعات جديدة، ويربط الزراعة بقطاعات مثل الأزياء والطاقة المتجددة، مع دعم الأهداف العالمية للانبعاثات.
حبوب للمستقبل
قد تكون الذرة الرفيعة من أقدم المحاصيل الزراعية، إلا أن أهميتها لم تكن يوماً أكبر مما هي عليه الآن. فمزيجها الفريد من المرونة والفائدة البيئية والفرص الاقتصادية، يجعلها عنصراً أساسياً في بناء نظام غذائي قادر على التكيُّف مع تغيُّر المناخ.
يعمل بلوم ومؤسسة سورغوم يونايتد على ضمان حصول الذرة الرفيعة على التقدير والاستثمار الذي تستحقه. رسالتهما واضحة: في مكافحة تغيُّر المناخ، توفّر الطبيعة بالفعل العديد من الأدوات التي نحتاجها. ومن خلال دعم محاصيل مثل الذرة الرفيعة، يمكن للعالم إيجاد حلول قابلة للتطوير ومدعومة علمياً تعود بالنفع على المزارعين والمستهلكين وكوكب الأرض.
نايت بلوم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة سورغوم يونايتد (Sorghum United Foundation)