هناك مثل شعبي يقول "علامة الدار على باب الدار". فثقافة المرأة المغربية وتربيتها البيئية لا تقبل بأن ينعتها الجيران "بالمعفّنة" ولا "الموسّخة". بل نجد كل إمرأة تعمل جاهدة لتحصل على لقب "حادكة"، أي التي تعتني بمنزلها إعتناءً تاماً، بما في ذلك تنظيف "عتبة" المنزل، وتحثّ إبنتها على القيام بالشيء نفسه إذا لم تكن موجودة، لأن ذلك يرسم في مخيلة المجتمع صورة إيجابية عن صاحبة البيت وبناتها.
وتشكّل المرأة القلب النابض في المناطق القروية، فهي كل شيء: تحطّب، تنظّف البيت، تطهو، تجلب الماء، حاضرة في الحقل الفلاحي بجانب زوجها، اكتسبت مع الممارسة دراية تامة بالتربة، التنوُّع النباتي، أهمية الماء والغابات.
رغم انتقال المجتمع المغربي من العائلة الممتدة إلى الأسرة النووية، والتحاق المرأة في المجال الحضري بالعمل، وكثرت مسؤوليتها، فهي مع ذلك ترى في بيتها عالمها الخاص. وجرت العادة أن تقوم في آخر الأسبوع بمراجعة إيكولوجية لبيتها، فهي تهتم بتنظيف كل أركانه، إما بمساعدة خادمة أو بمساعدة إبنتها أو لوحدها.
وقبل حلول الأعياد الدينية (عيدي الفطر والأضحى) بأيام، تقوم كل النساء المغربيات بما يسمّى "التخمال"، بحيث يُقبِلن على غسل الأواني، ونفض الأسرّة والأغطية، وتنظيف الغرف والمطبخ ووسط المنزل.
وأشار بعض الأطباء إلى أن تقنية الطهي النظيف لدى المرأة المغربية، وطريقة الطبخ لديها وحرصها على طهي الطعام جيداً على النار، ينقذ أفراد أسرتها من أمراض خطيرة.
هذا الوعي البيئي، الذي تمتلكه المرأة وتمارسه في بيتها، يقتضي من المؤسسات الرسمية والمدنية المهتمة بالقضايا البيئية، العمل على تطويره ليمارس خارج المنزل، وهذا لن يتحقق إلا إذا أشركت المرأة في تدبير الشأن البيئي والمناخي، لتشكّل عنصراً أساسياً في مسار التنمية المستدامة.
عبد المجيد بوشنفى، رئيس الجمعية المغربية للإعلام البيئي والمناخ
|