كشَف البنك الدولي في أحدث بحوثه ان تأثيرات تغيُّر المناخ ستدفع 132 مليون شخص إلى براثن الفقر خلال السنوات العشر القادمة ما لم يوضع حد لها، مبدداً بذلك المكاسب الإنمائية التي تحققت بشقّ الأنفس.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الكوارث الطبيعية تتسبب بخسائر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تُقدّر بنحو 18 بليون دولار سنوياً، من خلال الأضرار التي تُلحقها بالبنية التحتية لتوليد الكهرباء والنقل وحدهما، كما تتسبب في اضطرابات أوسع للأُسر والشركات تقدّر تكلفتها بما لا يقل عن 390 بليون دولار سنوياً.
وأضاف البحث ان تغيُّر المناخ يمكن أن يُجبر 216 مليون شخص على الهجرة داخل بلدانهم بحلول سنة 2050، مع ظهور بؤر ساخنة للهجرة الداخلية بحلول سنة 2030، ومن ثم تأخذ في الانتشار والتفاقم بعد ذلك.
ولقد تبيّن من خلال تاريخ الكوارث الطبيعية التي تتعرض لها بلدان شمال أفريقيا أن حالات الجفاف والفيضانات تشكِّل أكثر الأحداث المناخية شيوعاً فيها، وتمثّل تهديداً مباشراً للأرواح وسبل العيش.
وأكدت جميع الدراسات الدولية أن هذه المناطق هي الأكثر ندرة للمياه في العالم، كما أنها تعتمد اعتماداً كبيراً على الزراعة المتأثرة بتغيُّر المناخ. لذا فمن المرجح أن تتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فيها مستقبلاً.
يعاني المغرب من توالي مواسم الجفاف في السنوات الأخيرة. ويتوقع أن يستفحل الأمر في أفق العام 2050 بسبب تراجع الأمطار (11 في المئة) وارتفاع درجات الحرارة (+1,3 درجات)، بحسب تقرير لوزارة الزراعة.
وللجفاف قصة مع المغرب، إذ يُعدّ عام 1935 عام الجفاف والقحط، حيث عانى المغرب في تلك الفترة من انقطاع الهطول المطريّ، فتفشّت الأوبئة الفتاكة في المنطقة خلال تلك الفترة، وانتشر الجوع والعطش حتى أودت هذه الواقعة بحياة الكثير من أهل المنطقة.
وتسببت حالات الجفاف المتكررة في المغرب باندثار عددٍ كبير من الآبار والعيون، وتَراجع موارد المياه السطحية بشكل لافت، مما انعكس سلباً على الاقتصاد الوطني.
إذ تشكل الفلاحة مصدراً أولياً في البناء الاقتصادي للمغرب، فهي تمثّل حسب أرقام رسمية 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتشغّل من 40 إلى 43 في المئة من اليد العاملة. ومع استنزاف عدد من الفرشات المائية، وصعوبة استفادة بعض المناطق من مياه السدود، وكذلك الكوارث الطبيعية، تتضخم أكثر دائرة الخطر التي تحيط بالفلاحة المغربية.
ويرى المتتبعون أن الاجراءات التي ينبغي التركيز عليها تتمثّل في:
أولاً: حماية الماشية عبر توفير الطعام لها بأثمان مناسبة، وإقامة نقط للماء.
ثانياً: حماية المزروعات عبر ضمان سقي الزراعات البورية وتأمين بذور الحبوب.
ثالثاً: ضمان التوازنات داخل العالم القروي بما يمكّن من حماية المجال الفلاحي وخلق فرص الشغل وتدبير الموارد المائية.
رابعاً: إيجاد حل لمشكلة توزيع مياه السدود للتقليل من تداعيات الجفاف.
عبد المجيد بوشنفى، رئيس الجمعية المغربية للإعلام البيئي والمناخ