Friday 21 Feb 2025 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد المجيد بوشنفى كيف يُمكن قراءة التوجُّه العربي الأخضر؟ | 16/02/2025
إن المتتبع للشأن البيئي والمناخي في العالم العربي سيلاحظ انتعاش المبادرات الخضراء لدى أغلب الدول العربية: فهل هذا التوجُّه الاخضر، توجُّه استراتيجي يدخل ضمن التخطيطات العمومية العربية، أم أنه توجه لكسب مصداقية عالمية، وعقد شراكات خضراء مع الدول المتقدمة، والاستفادة من صناديق التمويلات المناخية؟ أم أنه توجُّه دبلوماسي، لإسكات الأصوات البيئية التي أصبحت ضاغطة عالمياً، وتؤثر في قرارات الدول، خاصة بعد صعود التيارات السياسية الخضراء إلى دفة الحكم في بعض الدول الأوروبية؟
 
إذا تأملنا الخريطة البيئية في الوطن العربي، فأول ملاحظة يمكن تسجيلها أن جلّ الدول العربية منخرطة في الاتفاقيات الدولية البيئية، وتتوفر على تخمة من القوانين البيئية، التي تبقى حبراً على ورق. كما أن التعاطي مع القضايا البيئية والمناخية يختلف مستواه من دولة إلى أخرى.
 
في دول شمال إفريقيا، يحتل المغرب الصدارة في ترجمة التزاماته الدولية على أرض الواقع، كما تضمّن دستور 2011 بشكل واضح الحق في بيئة صحية وسليمة. بالإضافة ‘لى مشروع مركب نور للطاقات المتجددة، والذي يعتبر حسب الخبراء في مجال الاستدامة ثورة خضراء وقفزة نوعية ستسمح للمغرب بتحقيق اكتفاءه الذاتي الطاقي، وتقنية نظيفة يمكن استخدامها في قطاعات عديدة، كالفلاحة والصناعة والتعمير وغيرها، ما سيؤدي إلى محاربة التلوُّث ومكافحة التغيُّر المناخي، والحفاظ على صحة السكان، والحدّ من ارتفاع تكاليف فاتورة الكهرباء.
 
ويحتل المغرب المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول المرشحة لأن تصبح منتجة رئيسية للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، وذلك وفق تصنيف الوكالة الدولية للطاقات المتجددة (آيرينا).
 
وتوقّع تقرير الوكالة، الذي حمل عنوان "الجغرافيا السياسية لتحوُّل الطاقة... عامِل الهيدروجين"، أن يغطي الهيدروجين المتوقع إنتاجه انطلاقاً من المغرب نحو 12 في المئة من استخدام الطاقة العالمي. هذا الطموح تعززه الإمكانات الواعدة التي يزخر بها المغرب في مجال الطاقة المتجددة، وسط توقعات بألا تقتصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل ستفتح الباب أمام تصدير الطاقة إلى الأسواق الأوروبية.
 
وتبقى المبادرات الجزائرية والتونسية الخضراء متواضعة وضعيفة، رغم ما يُعلن على مستوى الخطاب الرسمي من مشاريع خضراء. فخصوصية الجزائر الاقتصادية تجعلها مناوئة لأي فِعل أو تحرك بيئي جاد، فهي دولة منتجة للنفط والغاز اللذين يشكّلان قلب اقتصادها النابض، ومحرّكين لدواليب الدولة وقطاعاتها الأساسية. ولقد صنّفت دراسة أميركية نُشرت عام 2011 مجمّع "سونطراك" من بين أكبر 20 مؤسسة صناعية مسببة للتلوُّث في العالم. وسبق لوزارة البيئة والطاقات المتجددة الجزائرية أن كشفت عن وجود 6 آلاف وحدة صناعية مصنّفة ضمن مؤسسات "الملوّث المحتمل" للبيئة وللوديان.
 
من جهتها تؤكد اللجنة الوطنية للصيد البحري منذ سنوات أن عشرات الأنواع من الأسماك ذات الاستهلاك الواسع مهددة بالانقراض نتيجة تلوُّث مياه البحر بفضلات السُفن والمصانع، محذرةً من أن "استمرار الوضع الحالي سيحوّل السواحل الجزائرية بعد 50 سنة قادمة إلى "بحرٍ ميت"، ما يشكل تهديداً حقيقياً للتنوُّع البيئي في الجزائر.
 
وتحتّل تونس المرتبة الثالثة إفريقياً والمرتبة 71 عالمياً في التلوُّث البيئي، وِفق مؤشر "الأداء البيئي" الذي كشف عنه تقرير "الحقوق البيئية والتنموية" الصادر عن "إئتلاف إرثنا"، الذي أكّد أن تونس تواجه مشاكل بيئية خطيرة.
 
وأضاف التقرير أن دستور 2014 يقرّ بالتزام الدولة بالعمل من أجل سلامة المناخ، ومكافحة التلوُّث البيئي، وبالعديد من الحقوق المتعلقة "بالبيئة والتنمية المستدامة". غير أن هذا الحق، حسب التقرير، يخضع للعديد من الانتهاكات والتجاوزات، كما أن القوانين لم يتم ملاءمتها مع الدستور والاتفاقيات الدولية الموقع عليها، حسب المصدر ذاته.
 
أما الدول العربية المنتجة للنفط والغاز، فتواجهها أسئلة جوهرية: هل تواصِل إنتاج النفط والغاز، أم تحافظ على البيئة؟ هل يمكن أن تواصل رخاءها وتكافح تغيُّر المناخ في الوقت نفسه؟ أم أنّ ما يوفّره النفط والغاز من رفاه اقتصادي واستقرار اجتماعي سيكون مهدداً في حال تراجع إنتاجهما، خاصة إذا علمنا أنها تمتلك أكثر من57 في المئة من الاحتياطي العالمي للنفط الخام، كما تمتلك أكثر من 26 في المئة من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي، حسب إحصاءات منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوبك"؟
 
وقد أعلنت دول عربية عدة، في مقدمتها السعودية والإمارات، عن اعتماد استراتيجية لمكافحة تغيُّر المناخ بتخفيف الانبعاثات الكربونية عبر مزيج من الاجراءات، بحيث لا تنحصر بتقليل الاعتماد على النفط والغاز.
 
والمبادرة السعودية الخضراء من أهم المبادرات التي تعرفها دول الشرق الأوسط، نتيجة لتصوّرها، وأهدافها المتكاملة. ففي 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، أعلن ولي العهد محمد بن سلمان عن حزمة أولى تزيد على 60 برنامجاً ومشروعاً، من شأنها المساهمة في تحقيق الأهداف الشاملة للمبادرة. وتصل استثمارات هذه الحزمة إلى أكثر من 700 بليون ريال سعودي.
 
فقراءتنا بشكل متأني لأوراق المبادرة السعودية الخضراء، سنقف على فهمها للظرفية الدولية المناخية، وما تطرحه من تحديات عالمية.
 
فالانخراط البيئي السعودي المستدام، يتجلى في السعي للوصول إلى الحياد الصفري بحلول سنة 2060. وقد أعلنت السعودية رفع مساهماتها لخفض الانبعاثات الكربونية من 130 مليون طن إلى 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030. وزيادة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة لتصل إلى 50 في المئة في العام ذاته. فضلاً عن التحوُّل إلى مصدّر عالمي رئيسي للهيدروجين الأزرق والأخضر بحلول عام 2035.
 
وتضمّنت المبادرة الايكولوجية السعودية، زرع 10 بلايين شجرة في جميع أنحاء السعودية، والعمل على حماية المناطق البرية والبحرية من خلال رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المئة من إجمالي المساحات البرية والبحرية.
 
وجاءت الإجراءات المناخية التي اتخذتها السعودية لرسم مستقبل أخضر امتداداً لرؤية 2030، وحمايةً للبيئة والمناخ في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
 
ويناقش تقرير جديد صادر عن البنك الدولي بعنوان "تقوية المعرفة بالروابط بين المياه والطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي" التحديات التي تواجه دول المجلس لضمان الاستدامة طويلة الأجل لاستخدام موارد المياه والطاقة الثمينة لديها.
 
وأضاف التقرير أنه للانتقال نحو اقتصادٍ منخفض الانبعاثات الكربونية، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تسريع وتيرة اعتماد مصادر الطاقة المتجددة. وهنا يأتي، حسب المصدر ذاته، فصل إنتاج الماء عن استهلاك الوقود الأحفوري كأحد أهم الأهداف، حيث تعمل وِفق التقرير السعودية على تحقيق هذا الهدف من خلال شروعها في إنشاء أكبر محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية في العالم، مما يسمح بالاحتفاظ بالوقود الهيدروكربوني للتصدير، والتخفيف من المخاطر المرتبطة بالأسعار، وتحقيق المستهدفات، وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
 
ورغم التشكيك والانتقادات الغربية للمشاريع العربية الخضراء، فعلى الدول العربية، خاصة تلك المُنتجة للنفط والغاز، أن تتعامل معها بحذر شديد، لأنه غالباً ما يحكمها منطق ابتزازي، كما يريد الغرب من خلالها التملُّص من مسؤوليته التاريخية، في ما يعرفه العالم من تلوُّث وتغيُّر مناخي منذ الثورة الصناعية إلى اليوم.
 
وما ينبغي الإنتباه إليه أنّ المشاريع الايكولوجية العربية، يجب أن تضع دوماً في حسبانها المصلحة الوطنية، كما ينبغي ألا تؤطر ذاتها في زاوية مكافحة التغيُّر المناخي فقط، بل عليها أن تندرج في إطار التنمية المستدامة، والسعي إلى تحقيق أهدافها، لأن في ذلك حفاظاً على الثروات الطبيعية، وتحقيقاً لشروط سوسيو- اقتصادية وبيئية تضع في صلب إنشغالاتها الحفاظ على كرامة الإنسان العربي.
 
 
عبد المجيد بوشنفى، رئيس الجمعية المغربية للإعلام البيئي والمناخ
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.