Tuesday 16 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
منتدى البيئة
 
كاظم المقدادي يونيب: 50 عاما في مسيرة حماية البيئة | 11/05/2022
إنطلقت مسيرة حماية بيئة العالم منذ عقود طويلة، وتنامت تدريجياً، وصمدت، متخطية الكثير من العراقيل والصعوبات، وأثمرت أول طلائع النجاح بإدراك المجتمع الدولي أن البيئة والتنمية إشكاليتان متلازمتان، وخطورة أن تقوم التنمية الأقتصادية على حساب البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية.
 
وتكللت المسيرة بإضعاف المساعي المستميتة لأعداء البيئة ومستغلي الطبيعة الجشعين في حربهم غير العادلة ضد المطالبة بدمج البعد البيئي بخطط وبرامج التنمية الاقتصادية، حيث كشف الواقع والدراسات والأبحاث الدولية عن إستهتار فظ في استنزاف الثروات الطبيعية، وارتفاع مخيف في معدلات التلوث، واختلال خطير للتوازن البيئي، وما ترتب عنه من آثار سلبية جلية خطيرة، بيئية وصحية وإقتصادية واجتماعية وأمنية.
 
والأمر المهم الآخر هو إدراك الدول أن التصدي للمشكلات البيئية القائمة، وغالبيتها مزمنة، لا يمكن النجاح فيه إلا في إطار تعاون دولي وطيد، وانه ليس بمقدور أي دولة، مهما بلغت إمكاناتها، مواجهة المشكلات المذكورة بمفردها.
 
من هذا المنطلق، وصلت المسيرة لعقد "مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة البشرية" في ستوكهولم عاصمة السويد، من 5-16 حزيران (يونيو) 1972، وكان أول مؤتمر للأمم المتحدة على الإطلاق تُذكر فيه كلمة "بيئة"، بل ووضعت في عنوانه.
 
ولعل الأهم أن "مؤتمر ستوكهولم 1972" هو أول مؤتمر عالمي يجعل البيئة قضية رئيسية. وهو خلق ما يسمى بـ"الديبلوماسية البيئية"، في محاولة للتوفيق بين التنمية الاقتصادية والإدارة البيئية وحماية الموارد.
 
كما ويُعدُّ باكورة انخراط الدول المهتمة ببيئتها والحريصة على ثرواتها الطبيعية في عملية التعبئة الجماعية والعمل المشترك، وطنياً ودولياً، وإنتهاج سياسة ثابتة للحفاظ على البيئة، تقوم على تجنيد الطاقات وتكريس الجهود لفائدة تنمية مستدامة تجعل من البيئة ركيزة أساسية، وذلك من خلال إدماج البعد البيئي في مختلف الاستراتيجيات القطاعية والخطط والبرامج التنموية.
 
وعدا عن تمهيده الطريق لإنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) ليكون الضمير البيئي للأمم المتحدة والعالم، وتعيين يوم 5 حزيران (يونيو) من كل عام كيوم عالمي للبيئة، ليكون اليوم الرئيسي للأمم المتحدة لتعزيز الوعي البيئي العالمي، وللعمل من أجل تحسين البيئة وحمايتها، فقد أفضى المؤتمر إلى: تشكيل وزارات بيئة وطنية، وعقد سلسلة من الاتفاقيات العالمية الجديدة اَنذاك لحماية البيئة، والتأسيس لمفهوم "التنمية المستدامة". وقد اعتمد سلسلة من المبادئ للإدارة البيئية السليمة، وصدر عنه إعلان وخطة عمل من أجل البيئة البشرية.
 
تضمن "إعلان ستوكهولم" 26 مبدأً، ووضع القضايا البيئية في مقدمة الاهتمامات الدولية، وشكل بداية الحوار بين الدول الصناعية والدول النامية حول الصلة بين النمو الاقتصادي وتلوث الهواء والماء والمحيطات والآبار ورفاه الناس في جميع أنحاء العالم.
 
وقد تضمنت خطة العمل 3 فئات رئيسية: برنامج التقييم البيئي العالمي (خطة المراقبة)، أنشطة الإدارة البيئية، والتدابير الدولية لدعم أنشطة التقييم والإدارة المنفذة على المستويين المحلي والدولي. وقُسمت هذه الفئات إلى 109 توصيات.
 
وسجلت الفترة اللاحقة للمسيرة تعزيز وتطوير الفكرة الأولية التي أساسها حماية البيئة من التلوث ووضع حدّ لاستنزاف الموارد الطبيعية غير المتجدّدة، للحفاظ على التوازن الطبيعي وضمان استمرار الحياة البشرية. وشهدت المساعي الحثيثة التي قادها "يونيب" كمدافع عن البيئة العالمية تطوير الإطار المؤسّسي للعمل البيئي الدولي، متجسّداً في معاهدات واتفاقات وضعت معايير وقيوداً وأهدافاً والتزامات. وتنامى الاحتفال باليوم العالمي للبيئة (5 حزيران / يونيو) من قبل ملايين الناس في جميع أنحاء العالم، ليصبح على مر السنين أكبر منصة عالمية للتوعية البيئية العامة.
 
بيد أن مسيرة "يونيب" خلال الخمسين عاماً المنصرمة لم تشهد دائماً ثباتاً ورسوخاً في العمل القيادي، وتعرضت المسيرة لحرف البرنامج عن اهدافه الأساسية بعض الأحيان. وشاب عمله الكثير من العراقيل والمعوقات الجدية، ولم تنفذ الكثير من الإلتزامات والتعهدات، وتحول قسم كبير منها إلى مجرد حبر على ورق، نتيجة لتجاهلها، والتملص منها، وحتى تجاوزها، من قبل بعض الدول.
 
في هذا السياق، كتب الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) نجيب صعب، الذي عمل مع البرنامج سابقاً كخبير ومستشار: "لو التزمت الدول بوعودها في السبعينات والثمانينات، لما كانت الحاجة إلى وضع أهداف جديدة في "قمة الأرض" حول "البيئة والتنمية" في ريو عام 1992، ورفدها بأهداف إضافية في قمة "التنمية المستدامة" في جوهانسبورغ عام 2002. والكلام هنا لا ينحصر بالتخلُّف عن تنفيذ الوعود البيئية فقط، بل عن الالتزامات الإنمائية أيضاً". وأوضح صعب: "في الدول الغنية، كان التأخير في وضع حدّ للتنمية المتوحشة طمعاً بمراكمة الثروات، خلال العقود التي تلت وعود ستوكهولم، سبباً في استمرار زيادة معدلات التلوث والانبعاثات الكربونية وهدر الموارد. لكن المشكلة تختلف في الدول الفقيرة، حيث يعود استمرار التدهور البيئي إلى الفساد وضعف الحوكمة، من جهة، وتخلُّف الدول الغنية عن الالتزام بوعودها، من جهة أخرى".
 
وأضاف صعب: "من الطبيعي الربط بين البيئة والتنمية، وهذا ما رسّخته "قمة الأرض" في ريو دي جانيرو عام 1992، إذ إن الموارد الطبيعية تشكّل أدوات التنمية وموادّها الأولية. لكن بعد 50 عاماً على إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة كمدافع عن البيئة العالمية، يحاول البعض استخدام شعار "التنمية المستدامة" لوضع التنمية فوق البيئة، واعتبار حماية البيئة عائقاً. وهذا يتعارض جذريّاً مع مفهوم التنمية المستدامة، إذ لا يمكن أن تكون البرامج الانمائية قابلة للاستمرار إذا تغاضت عن حساب الخسائر البيئية التي لا يمكن تعويضها".
 
وأشار صعب إلى أن أبرز ما حققه يونيب" خلال سنواته الخمسين الماضية هو وضع البيئة على جدول الأعمال الشعبي والحكومي والدولي، وتطوير إطار قانوني من خلال عشرات الاتفاقات والمعاهدات الدولية، من التلوث والنفايات إلى البحار والتصحّر والتنوع البيولوجي وتغيُّر المناخ". وأضاف:" ومع تعدُّد مهمّاته وأجهزته، كان لا بد من تطوير أنظمته وتركيبه الإداري، لكن هذا أدى أحياناً إلى خسارة بعض ما تميَّز به من طهارة ونقاء". واختتم: "أن تفعيل العمل البيئي الدولي بحاجة إلى استعادة الصفات القيادية لموريس سترونغ ومصطفى طُلبَه، لمنع وضع "يونيب" تحت رحمة وكالات التنمية والتمويل الدولية، وتحويله إلى إدارة تابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك".
 
وجهة نظر حيوية وموضوعية، وقد جاءت متزامنة مع الاحتفال باليوم العالمي للبيئة لهذا العام، الذي سيكون شعاره: "لا نملك سوى أرض واحدة"، وهو الشعار ذاته الذي رفعه مؤتمر ستوكهولم عام 1972، ويظل بعد مرور 50 عاماً سارياً، مُعلناً: هذا الكوكب هو موطننا الوحيد، الذي يجب أن تحمي البشرية موارده المحدودة.
 
ما طرحه صعب هو مطلب ملحّ، نأمل أن يجد صداه في "مؤتمر ستوكهولم +50"، الذي تستضيفه السويد بمناسبة الذكرى الخمسين لـ "مؤتمر ستوكهولم"، والذي يؤمل أن يكون اجتماعاً دولياً ضخماً للاحتفال بهذه المناسبة الهامة، وأن يسلط الضوء على الحاجة إلى العيش بشكل مستدام وفي وئام مع الطبيعة، عن طريق إحداث تغييرات تحويلية -من خلال السياسات وخياراتنا- نحو أنماط حياة أنظف وأكثر مراعاةً للبيئة. وأن يعزز أهمية مواصلة العمل البيئي الدولي لتعزيز الديبلوماسية البيئية والمعايير والممارسات البيئية السليمة، ولتسريع تنفيذ تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، إلى جانب تحقيق التعافي المستدام من جائحة كوفيد-19.
 
إلى هذا، أعلن بير بولوند، وزير البيئة والمناخ ونائب رئيس الوزراء السويدي: "بصفتها البلد المضيف الذي يفتخر باستضافة احتفالات يوم البيئة العالمي لعام 2022، ستسلط السويد الضوء على الاهتمامات البيئية الأكثر إلحاحاً، وسنعرض مبادرات بلدنا والجهود العالمية لمعالجة أزمات المناخ والطبيعة. وإننا ندعو المجتمع العالمي في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى المناقشات والاحتفالات في هذه المناسبة الهامة".
 
من جهتها، اعلنت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، أنه "في عام 2022 نأمل أن نرى العالم يتجاوز منحنى الخطر بشأن جائحة كوفيد-19، لكننا نفعل ذلك مع العلم بأننا ما زلنا نواجه الأزمات الكوكبية الثلاث، وهي تغيُّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث". وأضافت: "يذكرنا إعلان ستوكهولم، وموضوع يوم البيئة العالمي الذي يضع الطبيعة والناس في قلب العمل البيئي، بجذور العمل الحاسم لحماية بيئتنا، ويضخ زخماً حيوياً للجهود العالمية لإعادة البناء بشكل أفضل وأكثر مراعاةً للبيئة".
 
نأمل مع كافة حماة البيئة ومحبي الطبيعة أن يوفر "مؤتمر ستوكهولم + 50" فرصة أخرى للمجتمع الدولي لتعزيز التعاون وإظهار الريادة في التحول نحو مجتمع أكثر استدامة، تماشياً مع الإعلان الذي تم اعتماده بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للأمم المتحدة، ومع تقرير "يونيل" الموسوم: "التصالح مع الطبيعة"، الذي صدر في وقت سابق من هذا العام، والداعي إلى تحويل النظم الاجتماعية والاقتصادية بما يؤدي إلى تحسين علاقتنا مع الطبيعة، وفهم قيمتها ووضع هذه القيمة في صميم عملية صنع القرار، إذا أراد المجتمع الدولي أن يفي بوعوده للأجيال المقبلة، والتي تختصر في تأمين عالم يتسنى فيه للجميع أن يزدهروا في كنف السلم والمساواة على كوكب ينعم سكانه بالعيش الكريم والصحة والبيئة السليمة.
 
 
الدكتور كاظم المقدادي، أكاديمي عراقي متقاعد مقيم في السويد
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.