Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
باتر وردم الإعلام والتنمية المستدامة: ما بعد حفلة التقاط الصور | 05/05/2014
أثناء توليه منصب ولي العهد في الأردن قبل عقدين من الزمن، استعد مسؤولون ووزراء لاستقبال الأمير الحسن بن طلال لافتتاح مشروع تنموي زراعي في إحدى المحافظات. صادف آنذاك أن الجو كان ماطراً، ولكن الوزراء كانوا في سياراتهم يرتدون البذلات الغالية والأحذية اللامعة وينتظرون وصول الأمير لإلقاء كلمته في المبنى المغلق والرحيل عائداً إلى عمان.
 
جاء الأمير ومعه مفاجأة، إذ كان يرتدي الزي العسكري وحذاء طويلاً، راغباً في السير إلى موقع المشروع في الوحول وتحت الأمطار الهادرة. اضطر الوزراء والمسؤولون لمسايرته، ومشوا معه طويلاً، وعلقت أحذية بعضهم في الطين واتسخت ملابسهم. بالطبع عادوا إلى العاصمة بعد ذلك ونظفوا ملابسهم واستأنفوا العمل المكتبي الروتيني. وربما لم يأت مسؤول واحد لمتابعة المشروع بعد ذلك.
 
في كل وسائل الإعلام العربية الرسمية، تشكل زيارات المسؤولين للمناطق الريفية لافتتاح المشاريع وتقديم المساعدات مادة خصبة للتغطية الإعلامية والإدعاء بأن التنمية الريفية المستدامة هي في بؤرة الاهتمامات الاقتصادية والسياسية للدولة. الاحتفال الذي يركز على التقاط الصور والكلمات الترحيبية ينتهي بسرعة، ولكن تحقيق التقدم الفعلي في التنمية الريفية المستدامة لن يحدث إلا من خلال العمل الدؤوب والمتواصل، بعد أن تنتهي عملية التقاط الصور وطوال أيام السنة.
 
التنمية الريفية المستدامة قضية معقدة، تخضع للكثير من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، وما ينطبق على منطقة ما قد لا يمكن تعميمه على منطقة أخرى. والجهود التي تبذلها المؤسسات المحلية والدولية في تنفيذ مشاريع التنمية في الريف بحاجة إلى أن تكون دائماً في واجهة الاهتمام الإعلامي، وأن يتم تعميم التجارب الناجحة والمثمرة وتقدير النجاح بلا مبالغة وتقديم النقد البناء لحالات التعثر.
 
في العادة، لا يكون التخطيط الاستراتيجي المركزي مناسباً للتنمية الريفية. فقد تمت تجربة مثل هذه الاستراتيجات كثيراً في الدول العربية من قبل مخططين اقتصاديين وتنمويين رسموا المشاريع من مكاتبهم المغلقة وبلا حوار مع ممثلي المجتمع. وهناك الكثير من الشك أيضاً في مدى نجاح المشاريع الضخمة التي تنفذها الوزارات بميزانيات كبيرة وبقليل من العوائد على الناس، لأن الفئة المستهدفة وهي المجتمعات المحلية لا يتم إشراكها غالباً في التخطيط والتنفيذ لهذه المشاريع.
 
مشاريع التنمية الريفية تستوجب تحديد المتطلبات الرئيسية للمجتمعات المحلية، ودراسة البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية ومدى الاستدامة ومدى الاستفادة وإمكانية التكرار. وقد تمكنت منظمات غير حكومية وخيرية وتعاونية من تأدية دور كبير في التنمية الريفية عند إعطائها الثقة والدعم التقني والمالي المناسبين لتنفيذ مشاريع تنموية رائدة. وبعض من أهم هذه المشاريع قامت به جمعيات نسائية ريفية تضم أعضاء لا يعرفن القراءة ولا الكتابة ولكنهن يملكن الذكاء والتصميم والإرادة.
 
العنصر الأساسي الغائب عن مشاريع التنمية الريفية هو التقييم الذي يحدث أثناء المشروع وبعد انتهائه، ويفترض أن يشكل دروساً مستفادة يمكن استخدامها لتصحيح الأخطاء أو تعظيم حالات النجاح وتكرارها. هذا التقييم أيضاً يجب أن يخرج من دائرة المختصين والمشاركين في المشاريع إلى وسائل الإعلام، لكي يعرف الرأي العام العوامل التي تحقق النجاح والعقبات التي تساهم في إخفاق مثل هذه المشاريع.
 
مسؤولية الإعلام أيضاً مهمة في هذا المجال. فالإعلام التنموي العربي بقي دائماً إعلاماً بروتوكولياً، يهتم بالزيارات والمناسبات والاحتفالات وإطلاق المشاريع، وتلبية دعوات بعض الجهات المانحة لحضور مؤتمرات صحافية وورش عمل تليها وجبات غذاء في فنادق فخمة واستراحات سياحية فارهة. ولكنه لم يهتم كثيراً بتقييم المشاريع التنموية ومتابعتها ومعرفة مدى تأثيرها على المجتمع وتقييم مدى نجاح المؤسسات المختلفة في هذا المجال.
 
لهذا السبب يجب ألا يستغرب المسؤولون غضب المواطنين في المجتمعات الريفية في العالم العربي وعدم ثقتهم بالإدارات الحكومية المركزية. وهذا الغضب كان عنصراً أساسياً في تفجير العديد من الثورات والاحتجاجات في العالم العربي من قبل مواطنين لم يشاهدوا أية آثار للمشاريع التنموية المستدامة بعد حفلات التقاط الصور.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.