Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
باتر وردم المطلوب اقتصاد إنتاجي تنموي قبل أن يصبح أخضر! | 08/04/2014
صدر في الأردن قبل أيام تقرير فريد من نوعه، أعدته لجنة خاصة من كبار الاقتصاديين المستقلين أصحاب السمعة العالية والخبرة المتميزة، يهدف إلى تقييم كل عملية الخصخصة وبيع المؤسسات العامة في الأردن خلال السنوات العشر الماضية لتوضيح معالم النجاح والإخفاق وتحديد الدروس المستفادة.
 
جاء مضمون التقرير أكثر جرأة بكثير مما توقعه معظم الناس من اللجان الرسمية، وخاض في تفاصيل عمليات خصخصة 19 منشأة عامة بقيمة 1,7 بليون دينار أردني (الدينار يعادل 1,4 دولار). واستنتج أن هنالك الكثير من العيوب والنقائص التي شابت معظم عمليات الخصخصة، بينما التزم البعض بالمعايير السليمة. في نهاية الأمر، بلغت عوائد الخصخصة 1,7 بليون دينار، تم استخدام 1,5 بليون منها لسداد الديون، ونحو نصف بليون لمشاريع تنموية معظمها قيد التحقيق حالياً بتهمة الفساد!
 
في وقت متقارب، كانت العاصمة الأردنية تشهد المؤتمر التشاوري العالي المستوى للوزراء والمسؤولين العرب حول التنمية المستدامة، وذلك ضمن الجهود العالمية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتطوير أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015. لم أشارك في المؤتمر الذي اقتصر على مشاركين من المستوى العالي، ولكن بعض الملاحظات من داخل النقاشات أشارت إلى أن معظم السياسيين والبيروقراطيين العرب المشاركين كانوا لا يزالون مشككين في مفهوم الاقتصاد الأخضر ويريدون إعادة تعريفه حسب "الخصوصية العربية"، بدلاً من محاولة اللحاق بالعالم الذي سبقنا في هذا المسار سواء في أوروبا أو أميركا اللاتينية أو فقراء آسيا وأفريقيا.
 
التحول نحو اقتصاد أخضر في العالم العربي مهمة في غاية الصعوبة، لأن المطلوب هو تحول جذري في العقلية التي تصنع القرار الاقتصادي في الدول العربية. هذا التحول المطلوب يتضمن الإرادة للانتقال من مرحلة الاقتصادات الريعية أو الرأسمالية الفاسدة أو اقتصادات الصراع من أجل البقاء التي تسود حالياً في العالم العربي، نحو اقتصادات إنتاجية تنموية تضع الإنسان هدفاً لها. وهذا أمر أساسي قبل تلوين الاقتصاد باللون الأخضر. فكيف يمكن لنا أن نعطي هوية لاقتصاد عشوائي طفيلي انتهازي تغيب عنه الإنتاجية والإبداع؟
هناك اختلافات في تطور النمو الاقتصادي بين الدول النفطية التي اعتمدت اقتصاد Outsourcing في الاستعانة بمهارات خارجية، والاقتصادات المتوسطة النمو التي تجاهد لتحقيق نسبة من العيش الكريم، وصولاً إلى اقتصادات الفقر في دول تعاني من غياب البنية التحتية للاقتصاد. لكن القاسم المشترك الأساسي هو غياب الإنتاجية التنموية في الاقتصادات العربية.
 
واحد من أهم أسباب التزييف لحقيقة تآكل الاقتصادات العربية هو مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، الذي حقق نتائج عالية في معظم الدول العربية في الفترة 2005-2010 حسب تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي، ولكنه أخفى في منظومته الضعيفة وغير الشاملة حقيقة الترهل في الإنتاجية وغياب التنمية السليمة وزيادة التباين في مستويات الدخل بين الأثرياء والفقراء وبين المدن والأرياف. لطالما تغنى رؤساء الحكومات ووزراء التخطيط والاقتصاد في الدول العربية بزيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي، قبل أن تصطدم معظم هذه الدول بواقع الثورات الشعبية التي أسقطت أسطورة التنمية السائدة وأظهرت حقيقة تحالف الطبقات الفاسدة، سواء تحت مسمى السوق الاجتماعي أو الليبرالية أو الاقتصادات الريعية، أو التنمية المستدامة التي كان يساء استخدامها من قبل الكثير من الوزراء والمسؤولين.
 
هل يمتلك المسؤولون والبيروقراطيون العرب الممسكون للقرار الاقتصادي إرادة وجرأة التخلي عن النمط الريعي الفاسد في توزيع الثروات الوطنية، والاستعاضة عنه بنمط إنتاجي يحقق العدالة الاجتماعية، التي تعني بالضرورة مكافحة نهب المال العام وتقليص إعادة تدوير الثروة بين أعضاء طبقة النخبة؟
الاقتصاد الأخضر ليس مجرد إدخال المزيد من الاستثمار في قطاعات الطاقة النظيفة وإدارة المياه والنفايات وتطوير الزراعة المستدامة والأبنية الخضراء وغيرها من الممارسات، بالرغم من كل أهميتها. بل هو يتطلب تغييراً جذرياً في التفكير الاقتصادي، يعتمد على المشاريع الإنتاجية وإطلاق طاقات المبدعين من الشباب وتمكين القطاع الخاص في سياق حماية الموارد الطبيعية واستدامة استخداماتها.
 
بيروقراطيو الاقتصاد الريعي والاستهلاكي ووهم السوق الاجتماعي لن يقودوا العالم العربي نحو اقتصاد أخضر ولا أصفر ولا بنفسجي. وسيصبح الاقتصاد الأخضر مجرد شعار آخر جميل تم تفريغه من مضمونه على أيدي "نخبة" تبتلع الموارد الوطنية من دون أـن تشبع. الحل سيأتي بشكل أساسي من المبادرات الفردية والجماعية والمؤسسية التي تحقق قصص نجاح يمكن تعميمها. والعالم العربي مليء بهذا المخزون الواعد.
 
 
 
 

التعليقات
 
شمس التفاؤل
نفس الراي
شمس التفاؤل
نفس الراي
شمس التفاؤل
نفس الراي
شمس التفاؤل
نفس الراي
شمس التفاؤل
نفس الراي
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.