سيستمر الطلب على الطاقة في النمو بمعدل 7 في المئة في المنطقة العربية، حتى مع التركيز على زيادة كفاءة استخدام الكهرباء والسعي إلى تخفيض كثافة الطاقة. وذلك لمواكبة نمو الاقتصاد.
يمكننا أن ندخل في نقاش حول دقة الأرقام. لكن أبحاثاً كثيرة تؤكد أن مليوني وظيفة جديدة على الأقل استُحدثت في العالم بين العامين 2004 و2010 تتعلق مباشرة بانتشار الطاقة المتجددة ونموها على نطاق واسع. وتم بالفعل خلق أكثر من مليون وظيفة في قطاع الوحدات الفوتوفولطية الشمسية خلال السنوات الست المذكورة، مع بدء انتشار الطاقة المتجددة على نطاق واسع في بعض البلدان مثل ألمانيا وإسبانيا.
بالنسبة إلى كثافة الوظائف، فان عدد السنوات الوظيفية في مقابل قدرة الوحدات الفوتوفولطية الشمسية بالجيغاواط ساعة هو أكثف بثمانية أضعاف من توليد الكهرباء بواسطة الغاز. والكهرباء المولدة بحرق النفايات أكثف وظيفياً بنحو سبعة أضعاف، وكهرباء الرياح أكثف وظيفياً بنحو ضعفين. وبالنسبة الى حفظ القيمة الاقتصادية، في محطة للطاقة الشمسية المركزة (CSP) مثلاً، استطعنا أن نحفظ للبلد ستة أضعاف المبلغ الذي ننفقه محلياً على محطة طاقة تعمل بالغاز. لذلك، لا مجال للشك في أن الطاقة المتجددة توفر امكانات هائلة لدفع الاقتصاد قدماً إلى الأمام.
والواقع أننا إذ نزيد قدرتنا التوليدية في المنطقة لتتماشى مع الطلب، من 90 جيغاواط اليوم الى أكثر من 200 جيغاواط، وإذ نضيف إلى هذا المزيج طاقة متجددة من 30 إلى 40 في المئة أي ما بين 60 و80 جيغاواط خلال العقدين المقبلين، فهذا يكفي لإرساء قاعدة صناعية جديدة للطاقة المتجددة. لدينا القدرة البشرية، ولدينا رأس المال، ولدينا البنية الصناعية الأساسية، وبهذا يبنى الاقتصاد.
تطور أكواباور محطة «نور 1» للطاقة الشمسية المركزة في منطقة ورزازات في المغرب. وهذا مشروع كبير يُستثمر فيه بليون دولار، وقد نص العطاء على «محتوى محلي» بنسبة 30 في المئة على الأقل. وعند إعداد العرض، وجدنا أن زيادة المحتوى المحلي الى الحد الأقصى الممكن لن يحتاج إلى علاوة، لذا قدمنا عرضنا الذي نص على محتوى محلي يزيد على 40 في المئة. نحن الآن في مرحلة الانشاء، ويذهلنا مستوى البنية التحتية الصناعية الموجودة في المغرب. في هذه المحطة الأولى، نرى أننا سنتمكن من استخدام مواد وقدرات محلية تزيد على 50 في المئة. المكونات التي لم نتوقع صنعها في المغرب سوف تصنع الآن في المغرب، ليس فقط لأننا نستطيـع هـذا ـ فورشـة التصنيع موجودة، ومغطس الغلفنة الذي نحتاجه موجـود وهـو يؤدي مهمات أخرى، وهكـذا ـ بل لأن الكلفة ستكون أقل من كلفة الاستيراد.
يمكن اقتراح الطاقة النظيفة كبديل قابل للتطبيق في بلدان تفتقر إلى مرافق الطاقة والمياه لأن الطاقة المتجددة هي اليوم الحل الأفضل والأكثر تنافسية من ناحية الكلفة في هذه المنطقة من العالم. فخلال النهار، وهو الوقت التي يمكننا خلاله توليد الطاقة الشمسية، تكون هناك حاجة إلى كمية إضافية من الكهرباء لتشغيل حمل إضافي لمكيفات الهواء ولسد انخفاض إنتاج محطات الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري.
لنأخذ مثالاً واحداً: في الأردن، تبلغ كلفة توليد الكهرباء في أوقات الذروة باستعمال الوقود الأحفوري 22 سنتاً (0.22 دولار أميركي) لكل كيلوواط ساعة وفق سعر الوقود حالياً (السعر الذي أرسي به مشروع الطاقة المستقل IPP4 الأخير). الأردن ليس منتجاً للنفط، بل يشتري الوقود من السوق بالسعر الحالي، وهذا السعر البالغ 22 سنتاً لكل كيلوواط ساعة سوف يرتفع إذا ارتفع سعر الوقود. أما بالسعر الحالي للطاقة الشمسية، فيمكننا توفير كمية الكهرباء ذاتها بسعر 15 سنتاً لكل كيلوواط ساعة. هذا يعني بثلثي السعر. تجدر الاشارة أيضاً الى أن سعر الـ 15 سنتاً لن يرتفع على الاطلاق، لأن أحداً لا يفرض سعراً على الشمس. والواقع أننا كلما اشترينا مزيداً من الطاقة المتجددة فسوف يهبط هذا السعر خلال السنوات المقبلة مع تحسن التكنولوجيا وانخفاض كلفة الطاقة المتجددة.
هناك ما بين 20 و40 في المئة من الطاقة التي تستهلك في المنطقة يمكن أن تكون أكثر تنافسية في حال إنتاجها من مصادر متجددة حالياً. ومع ازدياد الطلب على الطاقة بنسبة 7 في المئة، يجب أن نستمر في بناء محطات جديدة، وما يجب أن نفعله هو الشروع في بناء محطات طاقة متجددة بأسرع ما يمكن.
بادي بادمناثان هو الرئيس والمدير التنفيذي لـ"أكواباور". راجع المقابلة معه في عدد كانون الثاني (يناير) 204 من مجلة "البيئة والتنمية".
|