لا يحظى البيئيون في العالم بالكثير من الصفات الإيجابية في ما يتعلق بقدرتهم على التفاؤل والمرح، وهذا ظلم حقيقي تتعرض له سمعتهم. يُنظر أحيانا إلى حماة البيئة على أنهم عصبيون، غاضبون، سلبيون، ينتقدون ما يحدث في سياق الاقتصاد والتنمية ولا يقدمون حلولاً. وفي الحالات الأفضل يتم وصفهم بأنهم رومانسيون وحالمون وربما مثاليون أكثر من المطلوب، يهتمون بحماية السحالي والطيور أكثر مما يهتمون بالنمو الاقتصادي ومكافحة الفقر. ولا تعتبر الصورة أفضل بكثير في العالم العربي، حيث النشطاء البيئيون قد يملكون جاذبية حقيقية كأصحاب قضية مهمة لدى قطاعات من المجتمع، ولكنهم في معظم الحالات ليسوا من الناس الذين يوثق بهم في تقديم الحلول التنموية.
هذا الظلم الكبير يتحمل البيئيون بعضاً من أسبابه، لأنهم بالفعل يتجاهلون حقيقة وجود آلاف المبادرات والحلول والتجارب الإيجابية التي خلقت واقعاً جديداً وحسنت من ظروف الحياة لمئات الآلاف من الناس، ضمن سياق العمل البيئي الذي يحترم قيم التنمية المستدامة. معظم مطبوعات ورسائل وبرامج التوعية البيئية في العالم العربي إما تنظيرية ووعظية وإما تركز على إشارات الخطر والتحذير. ولكن الوقت حان لتقديم الحلول.
يمكن أن نجد البداية في تقارير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) "الاقتصاد الأخضر" الذي تضمن عدة قصص نجاح وأمثلة على تدابير بيئية صنعت فارقاً إيجابياً في الاقتصاد والتنمية وسبل المعيشة. ولكن ربما نحن بحاجة إلى كتاب يكون بمثابة موسوعة حقيقية تتضمن ألف قصة وقصة عن التجارب الناجحة والمشاريع وحتى القرارات والتشريعات التي حققت نتائج إيجابية. مثل هذه الموسوعة مهمة، إذ يمكن الاستفادة من هذه التجارب وتكرارها في عدة دول أخرى واستخدامها كنماذج لإثبات واقعية الحلول البيئية ونجاعتها. يمكن أيضاً إنشاء موقع إلكتروني يتضمن هذه المبادرات والتجارب، تتم الإضافة عليه بشكل دائم، ولكن مع وجود لجنة ذات خبرة تستطيع التأكيد على أن هذه الحلول تحققت بالفعل وليست مجرد رسائل من الترويج الإعلامي.
في مجالات الطاقة المستدامة والتنوع الحيوي وإدارة المياه والنفايات ومكافحة التصحر وغيرها من القضايا، هنالك الكثير من النجاح في العالم العربي، وهنالك رواد يستحقون الثناء والتقدير سواء من المنظمات غير الحكومية أو القطاع الخاص أو الحكومات. توثيق مثل هذه المبادرات قد يكون من أهم المشاريع التي يمكن تنفيذها في الأشهر القادمة، وخاصة في سياق الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية وتحتاج إلى طاقة من الأمل والإيجابية النابعة من العمل المجتمعي المتعاون بدلاً من عوامل التقسيم والفرقة التي تجتاحنا حالياً.
هل يمكن للمنتدى العربي للبيئة والتنمية أن يأخذ على عاتقه تنفيذ مثل هذه الفكرة في حال الاقتناع بها؟
|