عام 940 قبل الميلاد كُلّف الجندي العدَّاء الإغريقي فيديبيديس بنقل رسالة من ميدان المعركة في منطقة ماراثون إلى أثينا. فقطع المسافة عدواً، وما إن وصل ونطق برسالته الشفاهية "لتعمّ الفرحة، فقد تحقق النصر" حتى خرّ ميتاً. وهناك جدل على المسافة التي قطعها، بين طريق جبلية وعرة تمتد 22 ميلاً (36 كيلومتراً) وطريق أسهل وأطول مسافتها نحو 26 ميلاً (42 كيلومتراً).
بعد ذلك بنحو 2400 سنة، اقترح الفرنسي ميشال بريل أن تشتمل الألعاب الأولمبية على سباق الماراثون، ونظم أول سباقاته في دورة لندن عام 1908. وكانت مسافته المقررة 26 ميلاً، ولكن الموقع الجغرافي للاستاد الذي انتهى عنده السباق فرض على اللجنة المنظمة أن تزيد المسافة بمقدار 385 ياردة (352 متراً)، ليتوقف العداؤون المجهدون أمام مقصورة الملكة ألكسندرا.
بطبيعة الحال، لم تكن الملكة تعلم ماذا تعني هذه الياردات الإضافية لعدّاء انتهى من جري مسافة 26 ميلاً. إنه يشعر قرب نهاية السباق كأن أكياساً اسمنتية تكبّل ساقيه، وكأنه يدوس على عشرات الدبابيس الحادة. ولأجل "خاطر" الملكة ألكسندرا، دخلت المسافة الإضافية في حساب المسافة القياسية لسباق الماراثون.
في ذلك الماراثون الأول، تحالفت الظروف الجوية مع مقصورة الملكة ألكسندرا ضد العدّائين. فقد جرى السباق في 24 تموز (يوليو)، وكان يوماً صيفياً لافح الحرارة. فتساقط 29 عدّاء، وأكمل الباقون السباق في حالة إعياء شديد. ولم تتوقف أعاجيب أول ماراثون أولمبي عند هذا الحد، فقد كان أول الداخلين إلى الاستاد هو الإيطالي دوراندو بيتري، صانع الحلوى من جزيرة كابري، وكان مجهداً ومشوشاً وقد نسي تعليمات السباق وهو يدخل منفرداً إلى الاستاد، فاتجه إلى يمين المضمار بدلاً من اليسار. فأسرع إليه المشرفون على السباق، وأشاروا إليه أن يصحح وجهته، فلم يفهم إشاراتهم. فما كان منهم إلا أن غيروا اتجاه جسمه بأيديهم، فاستجاب لتوجيههم مترنحاً، ولم يلبث أن سقط بعد أمتار قليلة. وكانت الجماهير تتابعه مشفقة، تحييه وتشجعه بالتصفيق والهتاف، فارتفعت معنوياته وتحامل واقفاً على ساقيه، ولكنه عاد فخرّ ساقطاً بعد عدة خطوات. لكنه لم يعلن تراجعه، وسقط ثلاث مرات أخرى قبل أن يتخطى خط النهاية، الذي كان بالنسبة إليه كأنه نهاية العالم.
في ذلك الوقت كان الأميركي جون هايز يقترب من خط النهاية، ولمس الخط بعد الإيطالي. وتقدمت البعثة الأولمبية الأميركية باحتجاج إلى إدارة الدورة، باعتبار أن دوراندو المسكين تلقى مساعدات مؤثرة جعلته يحقق المركز الأول. وقبلت الإدارة الاحتجاج، واعتبرت مشاركة دوراندو، رغم كل ما كابده من إجهاد ومشقة، كأنها لم تكن.
لقد خسر الإيطالي دوراندو الميدالية الذهبية، ولكنه كسب تعاطف الجماهير، فهو لم يشارك عمداً في المخالفات التي ارتكبها آخرون. كما أنه نال هدية ثمينة من الملكة ألكسندرا التي أعجبها إصراره على إكمال السباق، فدعته إلى قصرها في اليوم التالي، ومنحته كأساً من الذهب الخالص.
|