Wednesday 04 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
اليس في بلاد العجائب
هذه مساحة حرّة مفتوحة لتعليقات بيئية بين الهزل والجد
 
رجب سعد السيد اعتذار إلى ذيل داروين | 18/02/2016
اختار الفيزيولوجيون اسم "ذيل" (appendix) الذي تجده عادة عنواناً لملحق في نهاية كتاب، وأعطوه لعضو في منظومة الأمعاء البشرية، موقعه عند نهاية جراب فيها يعرف بالأعور، تتوقف عنده الأمعاء الدقيقة لتبدأ الأمعاء الغليظة. إنه يبدو فعلاً كذيل، ويعرفه طلاب الطب ودارسو تشارلز داروين بالزائدة الدودية. واستقر لدى الجميع أنه أثر لعضو ضخم اضمحلَّ شيئاً فشيئاً مع تطور البشر، كانت مهمته مساعدة الإنسان القديم في هضم غذائه النباتي بمحتوياته العالية من السلولوز، وأنه عديم الفائدة، بل هو مصدر خطورة إن طاله التهاب، ولا علاج له إلاَّ استئصاله.
 
غير أن صورة تلك الزائدة الدودية، أو ذيل داروين، تغيرت منذ سنوات قليلة باكتشاف باحثين من جامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية أن لهذا العضو الضئيل قدرة على إنعاش الأمعاء. فهو مستودع آمن لأنواع من بكتيريا الأمعاء، يلجأ إليه الجسم عند إصابة الأمعاء بعدوى بكتيريا وبائية كالكوليرا، فتمدها الزائدة الدودية بشحنات من البكتيريا الوقائية الطيبة، تنتجها الزائدة وتختزنها في صورة طبقة طلائية من تجمعات خلايا هذه البكتيريا. غير أن أغرب ما وجده باحثو ديوك أن الخلايا المناعية الموجودة في الغشاء المخاطي المبطن لجدار الأمعاء والزائدة، والمنوط بها مقاومة الميكروبات والبكتيريا، هي نفسها التي تساعد طبقة التجمعات البكتيرية على أن تتكون.
 
فيا لسوء حظ من اضطرتهم الظروف إلى التخلص من أذيالهم الداروينية! إنهم فقدوا خط دفاع مهماً ضد نوع خطير من البكتيريا الممرضة، هو "كلوستريديام ديفيسايل" الذي يسبب التهابات متكررة مزعجة في الأمعاء. لقد تأكد ما يقول به باحثو ديوك بأبحاث أجراها باحثون آخرون في مركز طبي في مدينة ملبورن الأوسترالية، اكتشفوا من خلالها احتواء بطانة ذيل داروين على فئة جديدة من الخلايا المناعية تدعى الخلايا اللمفاوية الفطرية، ليست لها حاجة الخلايا اللمفاوية الأخرى لأن تُستحث لتهاجم ما يستجد من سلالات البكتيريا والفيروسات، فهي متأهبة دائماً لمواجهة ما قد ينزل إلى الأمعاء مع غذائنا اليومي من مواد مزعجة ومضرة.
 
ولا تخفى علينا أهمية مناعة الأمعاء لصحة أجسامنا. فالأمعاء على اتصال دائم بالعالم الخارجي. وخطوطها المناعية، مع تريليونات الميكروبات المفيدة، هي دفاعاتنا الرئيسية ضد ما يأتينا من البيئة من مأكولات. وهي الأنبوبة التي تستقبل المُدخلات، وتطرد الفضلات، ولا سبيل لأن يصل الغذاء إلى خلايانا إلا بعد أن تمتصه.
 
ومن حسن الطالع أن أوجدَ الجرَّاحون مؤخراً سبلاً بديلة غير اللجوء إلى استئصال الزائدة الدودية إن التهبت، وثبتت فعالية بعض الأدوية من المضادات الحيوية كعلاج لالتهابها.
 
إن ذيل داروين يدعونا أولاً لأن نرد له اعتباره، وأن نعتذر عن تدني نظرتنا إليه منذ ورد في تصورات داروين عن التطور، فهو عضو مؤثر ومهم. وثانياً لأن يستنفد الجراحون كل وسائل العلاج الدوائية قبل الإطاحة به.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.