عقدة الألقاب من العادات السيئة في المنطقة العربية. وهي أخذت تجد طريقها الى المجتمع البيئي. فكأن البعض يعتقدون أن لا أهمية للشخص اذا لم يسبق اسمه لقب، مهما كان نوعه.
فالمتمول الذي جمع ثروته من استيراد الأسمدة أو البطاطا، لا يجد فخراً كافياً في أنه رجل عصامي بدأ من وظيفة متواضعة وحقق نجاحاً باهراً في التجارة. لهذا فهو يصر على تذييل اسمه بلقب "الاختصاصي"، بالطبع في قضايا البيئة، التي كادت أن تصبح شغل الذي لا شغل له.
وقد قضينا وقتاً طويلاً لحل لغز حرف "ك" الذي يستخدمه أحد العاملين اللطفاء في مجال البيئة قبل اسمه. حتى أن بعض الأصدقاء الذين سألناهم المساعدة وصلوا في خيالهم الجامح الى أماكن خاصة وحساسة، قبل أن نكتشف أخيراً أن اللقب المقصود هو "الكيميائي".
أما عن لقب "الخبير البيئي" فحدّث ولا حرج. فهو قد يبدأ بشاعر ملهم ولا ينتهي بتاجر عقارات. وقد يكون الاثنان ومن بينهما من المبدعين والناجحين في مجالاتهم، غير أنه يتعذر في غالب الأحيان تحديد مضمون خبرتهم البيئية. وتحفل شاشات التلفزيون بكثير من هؤلاء، الذين يتبرعون بآرائهم في جميع القضايا المحلية والدولية. إذا فاضت المياه في شوارع بيروت، فللخبير رأي بيئي، واذا اشتد الحر في الصين أو بارت مواسم البطاطا في روسيا أو ضرب زلزال اليابان، فللخبير نفسه رأيه أيضاً. وعبثاً يحاول البعض إفهامه أن البيئة مجموعة اختصاصات من الصعب جمعها في فرد عبقري واحد.
آن الأوان للتخلص من "لعنة الألقاب" والتحول الى العمل الجدي لرعاية البيئة. وهذا يتطلب اختصاصاً حقيقياً والتزاماً.
|