أنا قرش من نوع "النمر". أنا جائع، وهذه هي حالتي الاعتيادية، فأنا لا أشبع أبداً. معدتي تهضم الطعام بسرعة، وعليَّ طوال الوقت أن أبحث عن شييء آكله. فأنا لا أفعل شيئاً إلاَّ البحث عـن طعام، فإذا وجـدته، أنقضُّ عليه وآكله ولا أترك منه أي فتات، حتى إن كنت انتهيت لتوِّي من وجبة دسمه. إنني لا أضيِّع فرصةً لالتهام أي طعام، لأنني لا أضمن أن تأتي هذه الفرصة مرة ثانية.
وأنا الآن جائع، بل إن الجوع يستبدُّ بي. ماذا أفعل؟ أمامي بعض الاختيارات، وعلــيَّ أن أقرر: هل أذهب إلى المياه القليلة الغور، القريبة من الشاطئ، علَّني أجد هناك بعض الفرائس؟ أم أسرع إلى المياه العميقة؟
ما هذا؟ أصحيح ما أرى؟ إنه قرش نمر، مثلي، منهمك في تقطيـع والتهام وجبة كبيرة، عبارة عن قرش من النوع الرمادي الذي يعيش عند الشعاب المرجانية. القرش المنفرد بهذه الوليمة في مثل حجمي، أي أن قوته تساوي قوتي، وإن يكن أحسن حالاً مني، فقد حصل لتوِّه على نصيب وافر من الطعام. هل أقترب منه معلناً الحرب من أجل ما تبقى أمامه من طعام ، أم أمضي لحال سبيلي سابحاً في اتجاه الشاطئ غير البعيد؟
الجوع يدفعني دفعاً للاقتراب من تلك المائدة. عليَّ الآن أن أقوم بمناورة، فألفّ وأدور دورات سريعة حول موقع ابن عشيرتي الذي يأكل وحده. لا أمل في أن يدعونـي لمشاركته الطعام. وأنا، لو تبادلنا موقعينا، لم أكن لأدعو أحداً. هذا أمر طبيعي في سلوكياتنا نحن الأقراش. كما أن انكبابه على وجبته الدسمة لا يبشِّر بأنه سيترك أي فضلات.
قريبي القرش النمر يلتهـم الآن آخـر لقمة من القرش الرمادي. وهذا آخر أمل لي: أن أنتزع منه بالقوَّة هذه اللقمـة. عليَّ، إذاً أن أستجمع قواي، أو ما تبقى منها، وأغير عليه، فأرهبه، فيفلت الجزء الأخير من ضحيته، فأنقضُّ وأبتلعه. ولكن ما هذا؟ هل قرأ منافسي أفكاري؟ إنه يتوقف عن التهام آخر قطعة من لحم فريسته ويلتفت باتجاهي، ثم يتحرَّك بخفَّة متحاشياً اندفاعتي، وينطلق ورائي.
ما هذه الحيويـة التي حلَّت بجسمي وتجعلني ألوذ بالفرار بالرغم من وهني وجوعي الشديد؟! أخيراً نجحت في الإفلات منه، إذ توقف عن مطاردتي، وفضَّل أن يعود لينهي عشاءه.
عليَّ أن أحمد ربي على نجاتي. فأن أستمر في الحياة جائعاً خير من أن يكون مصيري في معدة قرش شرس من نوع "النمر" لا يكف عن التهام أي شيء يصلح كطعام.
|