ابتهجوا يا أنصار ريال مدريد! غنوا وارقصوا وامرحوا، فالنادي الملكي سيتسيّد الدوري الإسباني لسنوات طويلة، وكريستيانو رونالدو سيكون النجم الأوحد من دون منازع. أما أنتم يا عشّاق نادي برشلونة، فعليكم البحث عن نجم آخر تصوّبون نحوه سهام النقد، وأقترح أن يكون زلاتان إبراهيموفيتش مهاجم نادي باريس سان جيرمان الفرنسي.
قريباً قد نرى النادي الكاتالوني ينافس على صدارة الدوري الفرنسي مع أندية سانت إيتيان وأولمبيك مرسيليا، ولن نرى تشافي وميسي ونيمار في الليغا الإسباني. وعندها فقط سيعلو صوت المدريديين: "أوليه، أوليه، أوليه!" والفضل يُعزى في جانب منه إلى البيئة والتنمية.
البيئة والتنمية، وليس مجلة "البيئة والتنمية" بطبيعة الحال، أحد مظاهر الخلاف التي تدفع باتجاه انفصال إقليم كاتالونيا عن إسبانيا. فإلى جانب التباينات اللغوية والثقافية والاقتصادية، أدّت السياسات الضريبية القاسية وضعف الاستثمار والتنمية في إقليم كاتالونيا إلى تعميق الخلاف مع الحكومة المركزية في مدريد، إلى درجة جعلت الكاتالونيين يعتقدون أن الحكومة الإسبانية لا تريد أن تكون برشلونة أفضل من مدريد على رغم المساهمة الكبيرة للاقتصاد الكاتالوني في الدخل القومي.
إن الخلل في تحقيق التنمية المتوازنة يساهم إلى حد كبير في تشويه التجانس بين مكونات المجتمع الإسباني ويهدد وحدة ترابه الوطنية. والعبرة هنا أن تحقيق التنمية المستدامة لم يعد في ذاته معياراً لتقدم الشعوب وحفاظها على مواردها الطبيعية للأجيال القادمة، بل أصبحت الحكمة تستدعي أن ننادي بـ "التنمية المستدامة العادلة" التي تكفل ايضاً انسجام المجتمعات المحلية واستقرارها.
من المثير أن التنافر بين الحكومة الإقليمية الكاتالونية والحكومة الوطنية الإسبانية أصبح أرضاً خصبة للمناكفة، وامتدّ إلى قضايا بيئية خلافية كمصارعة الثيران التي تشتهر بها إسبانيا. فبعد أن نجحت المطالبات الشعبية الكاتالونية في دفع البرلمان الإقليمي إلى حظر مصارعة الثيران باعتبارها عملاً غير إنساني ينطوي على تعذيب للحيوان، وأصبح هذا الحظر سارياً اعتباراً من مطلع 2012، قام حزب الشعب الذي يقوده رئيس الوزراء الإسباني بدعم مبادرة شعبية لاعتبار مصارعة الثيران جزءاً من التراث الثقافي الإسباني. وتمكن الحزب من الحصول على تصويت البرلمان الإسباني وموافقته على المبادرة، مما يعني إلغاء الحظر الذي فرضه البرلمان الكاتالوني. إلا أن الحكومة الإقليمية تحدّت قرار البرلمان الوطني وأصرّت على إبقاء الحظر المفروض على مصارعة الثيران.
وقد أصبح هذا الخلاف موضعاً للتندر. إذ يُقال إنه بالقرب من إحدى حلبات مصارعة الثيران في مدريد يوجد مطعم صغير يشتهر بوجبة رئيسية تتكون من لسان الثور الذي يقتله الماتادور (مصارع الثيران) في حلبة المصارعة، حيث يتم تتبيله بعصير الليمون الحامض والثوم، ثم سلقه وقليه مع البندورة (الطماطم) وتقديمه ساخناً لزوار المطعم بشكل مشابه لطبق "لسانات الغنم" المعروف في بلاد الشام.
وقد حدث أن دخل رجل من برشلونة إلى هذا المطعم ورغب بتناول طبق لسان الثور. وبعد قليل من الوقت جاء النادل ومعه الطبق. فدهش البرشلوني وسأله: "ألا ترى أن كمية اللحم في الطبق صغيرة جداً؟ أعتقد أن لسان الثور يجب أن يكون أكبر من ذلك؟" فأجابه النادل بخبث: "ملاحظتك في محلها سيدي. للأسف، يبدو أن الماتادور كان كاتالونيا، فهزمه الثور بسهولة".
ملاحظة ختامية: كاتب هذا المقال لا ناقة له ولا "ثور" في دوري كرة القدم الإسباني أو الفرنسي، وقد استعان بموسوعة ويكيبيديا لمعرفة أسماء بعض اللاعبين والفرق، فاقتضى التنويه.
|