Sunday 01 Sep 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
اليس في بلاد العجائب
هذه مساحة حرّة مفتوحة لتعليقات بيئية بين الهزل والجد
 
عبد الهادي النجار يا محتالي العرب اتحدوا | 12/03/2014
لفتني قبل أيام خبر نشره موقع "ذي أونيون" (www.theonion.com) عن قيام مجموعة من الأشخاص بتأسيس منظمة إنسانية جديدة أسموها "أطباء غير مجازين" تسعى إلى تقديم خدمات طبّية دون المستوى للاجئين في جميع مناطق الصراع في العالم. وقد ناشدت هذه المنظمة الجهات والأفراد بتوفير الدعم لها، سواء من خلال تزويدها بالأدوية بغض النظر عن صلاحيتها أو بمنحها الكتب والأفلام الطبية لتعزيز معارف منتسبيها الذين لا يفقهون بالطب شيئاً.
 
من سبق له الاطلاع على الأخبار التي ينشرها الموقع الساخر "ذي أونيون" يدرك أن هذا الخبر مفبرك ولا صحة له. أما من لم يسمع باسم هذا الموقع من قبل فقد يتقبل خبراً كهذا مع شعور خفي بأن للعرب يداً في تأسيس هذه المنظمة.
 
تُرى لو فتّشنا بين القنوات الفضائية العربية التي زادت عن 1300 قناة - في عيون الحسّاد - فكم قناة سنجد بينها تروّج للطب البديل وعلاجات الأمراض المستعصية وغير المستعصية؟ ألا يستحق هذا الكم الهائل من معالجي أمراض الإيدز والسرطان والكبد الوبائي والعقم وألزهايمر والتوحّد منظّمة تجمعهم وتوحّد جهودهم لما فيه خير البشرية؟
 
لو بحثنا في وسائل الإعلام العربية عن دورات تدريبية تنظّمها كبرى المؤسسات الرسمية والخاصة في العلوم الزائفة، مثل هندسة النفس البشرية والبرمجة اللغوية العصبية وإطلاق المارد الذي في داخلك - أتظن نفسك مصباح علاء الدين؟ - ألا نجد أنفسنا مقصّرين في إنشاء نقابات تجمع العدد الهائل من متبعي هذه الدورات والمتكسّبين منها؟
 
لو دقّقنا في بعض الاختراعات العجائبية التي يتم الترويج لها، كابتكار مصادر للطاقة لا تنضب أو طرائق غير مسبوقة في معالجة التلوث، والتي - يا للمؤامرة الدنيئة! - لا تجد طريقها إلى واقع التنفيذ، ألا يستحق مبدعوها جمعية تلمّ شملهم وترعى معجزاتهم؟
 
يروي الكاتب الدنماركي هانز كريستيان أندرسن قصّةً من التراث الإسباني عن إمبراطور جعل غاية همّه ارتداء الملابس الجميلة، حتى بلغ به الأمر أن يطوف بين شعبه فقط ليستعرض لباسه أمامهم من دون النظر في حاجاتهم وهمومهم. وفي أحد الأيام جاءه محتالان ادعيا أنهما من مهرة النسّاجين وأن الثياب التي يحيكانها هي من الغرابة والتميّز بحيث لا يراها الأحمق أو من يحتل منصباً دون كفاءة.
 
أغدق الإمبراطور على هذين المحتالين لينجزا له ثوباً يكون فخراً لشعبه أمام الشعوب الأخرى. وبالفعل دار نول النسّاجين، ثم اشتغلت مقصاتهم في الهواء وتحرّكت إبرهم بخيطان غير موجودة تجمع أطراف الثوب الوهمي. أما مستشارو الإمبراطور وحاشيته فقد كانوا يكيلون المديح والثناء لهذا الثوب، وكلّ همهم الحفاظ على مناصبهم وامتيازاتهم، إلى درجة جعلت الإمبراطور يجاريهم في ذلك مخافة أن يوصم بالحمق، حتى أنه منح النسّاجين "وسام فارس النسيج" على إبداعهم.
 
وفي اليوم الموعود، خرج الإمبراطور في الناس يستعرض ثوبه الجديد الذي "لا يراه الحمقى". وبالرغم من غرابة منظر الإمبراطور عارياً، فقد تمالك الناس أنفسهم، حيث ظنّ كل واحد فيهم أن المشكلة في عقله لا في لباس الإمبراطور، باستثناء طفل صغير صرخ بأعلى صوته أن الإمبراطور لا يلبس شيئاً.
 
جرت بين الناس همهمة تشكك في لباس الإمبراطور وبلغت أسماعه. فسرت في أوصاله مشاعر غامضة مخيفة، إذ كان يدرك أن ما يقولونه هو عين الحقيقة. رغم ذلك قال الإمبراطور في نفسه إن ليس بالإمكان التراجع الآن، ومن الأفضل المضي في التمثيل حتى النهاية. فأخذ نفساً عميقاً ورفع رأسه أعلى من ذي قبل متباهياً بما لا يرتديه.
 
محترفو العلوم الزائفة وحملة الشهادات الوهمية ومدعّو الاختراع في العالم العربي هم أولئك النسّاجون المحتالون الذين نرفع رؤوسنا بما "لم ينجزوه" ونباهي بهم سائر شعوب الأرض. هم لكثرتهم يستحقون منظمات تجمعهم وتوحّد جهودهم. فبفضلهم تمضي قاطرة التنمية العربية بلا هوادة، وتحت لواء علومهم المظفّرة نحقق طموحاتنا ونبلغ أمانينا.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.