''البيئة والتنمية'' (دبي)
فاز الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بجائزة زايد الدولية للبيئة في دورتها الثالثة، تقديراً ''لدوره القيادي والريادي في توجيه دفة العمل البيئي الدولي نحو الشراكة والتعاون والفعالية''. ومنحت الجائزة الثانية الى 1360 خبيراً عملوا خمس سنوات بجهد مشترك في ''مشروع الألفية لتقييم النظم البيئية''. وذهبت الجائزة الثالثة مناصفة الى أنجيلا كروبر من ترينيداد وتوباغو، وهي صاحبة مبادرات رائدة في فرص الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية في منطقة الكاريبي، والبروفسور إميل سالم أول وزير للبيئة في إندونيسيا.
القيمة النقدية الاجمالية للجائزة مليون دولار، وسوف توزع على الفائزين في احتفال يقام في مركز دبي العالمي للمؤتمرات في 6 شباط (فبراير) .2006 وقال الدكتور محمد أحمد بن فهد، رئيس اللجنة العليا للجائزة: "لقد ورد الينا أكثر من 80 ترشيحاً من القارات الخمس، واجتهدت اللجنة الاستشارية الفنية لتحديد قائمة قصيرة من المرشحين تم رفعها الى هيئة التحكيم الدولية، التي أجرت اختياراً نهائياً رفعته الى سمو راعي الجائزة الفريق أول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات ورئيس الوزراء وحاكم دبي، الذي أعطى موافقته على الفائزين في الفئتين الثانية والثالثة، واختار الفائز في الفئة الأولى من بين ثلاثة مرشحين اقترحتهم هيئة التحكيم الدولية".
وكانت هيئة التحكيم برئاسة الدكتور كلاوس توبفر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وعضوية الوزير حمد عبدالرحمن المدفع وزير الصحة الاماراتي ورئيس مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للبيئة، والدكتور مصطفى كمال طلبه المدير التنفيذي الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ورئيس المركز العالمي للبيئة والتنمية، والدكتور أكيم شتاينر مدير عام الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، والسيدة يولاندا كاكابادسي الرئيسة السابقة للاتحاد ووزيرة البيئة السابقة في الاكوادور والفائزة بجائزة زايد في دورتها الأولى، والسيد ديفيد كنغ رئيس مكتب العلوم والتكنولوجيا في لندن ومستشار الحكومة البريطانية، والسيدة يوريكو كاواغوشي المستشارة الخاصة لرئيس وزراء اليابان.
وقد أكد الدكتور توبفر على أهمية جائزة زايد على الساحة الدولية، مشيداً بالعمل الذي حققته إدارتها، من مؤتمرات وندوات وورش عمل ومطبوعات ونشاطات في التوعية البيئية، وخصوصاً تنظيم المهرجان الثاني لثقافات وحضارات شعوب صحارى العالم، مما جعلها تأخذ مكانة مرموقة على الساحة البيئية الدولية في زمن قصير.
كوفي أنان: قيادة عالمية ريادية
جائزة الفئة الأولى، وقيمتها المادية نصف مليون دولار، تمنح لشخصية أو جهة عالمية ذات بصمات واضحة على السياسة الدولية في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. وقد فاز بها كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، ''الذي استطاع أن يدفع الأجندة البيئية الى السطح لرعاية البيئة وحفظ حقوق الأجيال المختلفة في بيئة سليمة وحياة كريمة، رغم كل الضغوط السياسية والأمنية من الدول الغنية ورغم كل الاهمال وضعف الوعي المستشري في الدول النامية والفقيرة''. وهو يتحملمسؤولية جسيمة تتطلب أفقاً واسعاً وصدراً رحباً ورؤية تعكس التوازن بين الأمم.
وقدرت لجنة الجائزة دأب أنان على اقناع شعوب وحكومات العالم المتقدم والنامي والمنظمات الاقليمية والدولية بأن البيئة تشكل الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة وبأن الأولوية يجب أن تكون لها في كل الخطط والسياسات التنموية، بحيث يحسب الربح والخسارة في رأس المال البيئي مثلما يحسب في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. ونوهت اللجنة بقيادته وريادته في مؤتمر قمة الأرض في جوهانسبورغ عام ،2002 حيث طرح قضايا المياه والطاقة والصحة والزراعة والتنوع البيولوجي. كما طالب في قمة 2005 في نيويورك بتحقيق العدالة والحرية من خلال المسؤولية المشتركة والتنمية المستدامة. وهو الذي اقترح "مشروع الألفية لتقييم النُظُم البيئية".
ورأت هيئة التحكيم الدولية أن هذه الانجازات الكبيرة واهتمام كوفي أنان بالأبعاد البيئية والانسانية للتنمية تنسجم مع الفكر الانمائي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي تحمل الجائزة اسمه.
مشروع تقييم الألفية للنظم البيئية
جائزة الفئة الثانية، وقيمتها المادية 300 ألف دولار، تمنح لشخصية أو جهة تركت بصمات واضحة عالمياً في مجال البحث العلمي والتقنيات العلمية التي ساهمت في دفع العمل البيئي نحو تنمية مستدامة. وقد منحت الى ''مشروع الألفية لتقييم النُظُم البيئية'' (Millennium Ecosystem Assessment) الذي سلط الضوء على الخدمات التي تقدمها النُظم البيئية لتوفير حياة كريمة، من خلال تقييم آثار التغيرات البيئية على حياة الانسان وتحديد القاعدة العلمية للعمل من أجل رعاية البيئة وقاعدة الموارد الطبيعية. وقد أطلق الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان هذه المبادرة عام 2001، لتشمل النظم البيئية التي ما زالت طبيعية مثل الغابات المطيرة، مروراً بتلك التي غيرها الانسان جزئياً، وانتهاء بتلك التي تعتبر من صنع الانسان مثل المدن والمناطق الزراعية والصناعية.
شارك في التقييم 1360 خبيراً من 95 دولة، عملوا لمدة خمس سنوات متواصلة، وراجعته وحررته لجنة من 13 خبيراً قبل عرضه على مجلس ادارة المشروع، الذي يضم ممثلين لكل اتفاقيات البيئة العالمية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات العلمية. بعد ذلك أشرف 65 خبيراً على تضمين ملاحظات الدول المختلفة في التقرير النهائي. وهكذا اعتبر المشروع أكبر جهد عالمي تطوعي في مجال العلوم المتداخلة تحت مظلة واحدة. وقد جاء تمويله جماعياً من الأمم المتحدة والبنك الدولي وبعض الحكومات والمنظمات الاقليمية ومؤسسات القطاع الخاص.
أبرز التقرير الأهمية الاقتصادية لرأس المال الطبيعي الموجود في النظم البيئية، والمعدل الخطير لتدهورها حول العالم، بالاضافة الى الموارد البشرية المهدرة. فعرض الحالة الراهنة للنُظُم البيئية والتغيرات المحتملة فيها وتأثيرها على حياة الانسان. وطرح الخيارات المتوفرة لتحسين حالتها وتعزيز الخدمات التي تقدمها. وحدد مفاصل الغموض الرئيسية التي تعرقل اتخاذ القرارات السياسية والادارية لصالح النظم البيئية. وطور مناهج ووسائل للبحث تساعد الدول والمجتمعات المحلية على التقييم الصحيح لما لديها من قواعد بيانات.
وتمنت اللجنة العليا لجائزة زايد الدولية للبيئة "أن توظف الجائزة لنشر هذا الانجاز الهام والاستفادة منه على نطاق العالم، وتشجيع المزيد من التقييم والتحليل لعلاقة النظم البيئية بمستوى معيشة الانسان على كوكب الأرض".
كروبر: مبادرات رائدة في الكاريبي
سالم: رجل البيئة الأول في إندونيسيا
جائزة الفئة الثالثة، وقيمتها المادية 200 ألف دولار، تمنح لشخصية أو جهة معروفة عالمياً لمساهمتها في تغيير الاتجاهات والفكر في مجال العمل الطوعي، والتنسيق بين القطاع الخاص والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في التوفيق بين التنمية الاقتصادية والبيئة. وقد منحت مشاركة بين السيدة أنجيلا كروبر من جزيرة ترينيداد وتوباغو والبروفسور إميل سالم من إندونيسيا.
من خلال مؤسسة كروبر الخيرية التي تعمل أساساً في مجال السلام والتنمية المستدامة، دفعت أنجيلا كروبر بالكثير من المبادرات الرائدة على المستوى الوطني وعلى مستوى إقليم الكاريبي، في مجالات السياسات العامة والتربية والتوعية البيئية وتحقيق العدالة الاجتماعية، خصوصاً في فرص استغلال الموارد الطبيعية. وهي عضو المجلس التنفيذي للمركز الدولي لدراسات التنمية، وعضو اللجنة الاستشارية لمرفق البيئة العالمي (GEF)، وعضو المجموعة الاستشارية للبنك الدولي في مجال الغابات، وعضو اللجنة الدولية للغابات والتنمية المستدامة، ورئيسة مجلس ادارة المركز الدولي لأبحاث الغابات. كما أنها عضو مستقل في برلمان دولة ترينيداد وتوباغو.
وفي مجال المنظمات الدولية، ساهمت السيدة كروبر في إنشاء سكرتارية الاتفاقية العالمية حول التنوع البيولوجي وكانت أول أمين تنفيذي لها. وكرئيس لمجلس الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، طورت الخطة الاستراتيجية للاتحاد. وكمستشار رئيسي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي (UNDP) دفعته نحو ادخال الاعتبارات البيئية في كل برامج التنمية على نطاق العالم.
ولكل هذا، اعتبرتها هيئة التحكيم الدولية "نموذجاً يُحتذى في خدمة قضايا البيئة والتنمية وتحقيق انجازات بيئية تنعكس ايجاباً على المجتمع محلياً واقليمياً ودولياً".
أما البروفسور إميل سالم، فقد اعتبرته هيئة التحكيم الدولية ''رجل البيئة الأول في إندونيسيا وصاحب أغلب المبادرات التي أدت الى دمج الاعتبارات البيئية في خطط التنمية''. وهو شغل العديد من المناصب القيادية، فكان وزير الدولة للتطوير الاداري، ونائب رئيس مجلس التخطيط الوطني، ثم وزيراً للمواصلات، فوزيراً للاتصالات والسياحة، ووزير الدولة للتنمية والبيئة، ووزير الدولة للسكان والبيئة. وخلال هذه المناصب كانت البيئة دائماً من أولوياته. كما لعب دوراً هاماً في التأثير على القيادات الاندونيسية كأستاذ في مجال الاقتصاد والدراسات الانمائية في جامعة إندونيسيا وكلية القادة والأركان التابعة للقوات المسلحة. ودفع بالكثير من السياسات البيئية الى واجهة الاهتمام من خلال عضويته في مجلس الشعب منذ 1966.
ولم تكن جهود البروفسور سالم محصورة في إندونيسيا، فقد كان رئيساً لمجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الفترة 1985 ـ 1987 ورئيساً مناوباً للجنة الدولية للبيئة والتنمية (1984 ـ 1987) التي أصدرت تقرير ''مستقبلنا المشترك''، أول وثيقة رسمية للأمم المتحدة تتحدث عن مفهوم التنمية المستدامة. وبعد ذلك ترأس اللجنة التحضيرية لمؤتمر قمة جوهانسبورغحيث ساعدت خبرته الديبلوماسية في توجيه المفاوضات الدولية نحو نتائج مفيدة. كما عينه البنك الدولي لقيادة اللجنة التي قامت بتقييم الصناعات الاستخلاصية من وجهة نظر المستفيدين منها والمتأثرين بها، وخرجت بتقرير شامل حدد مشكلات هذه الصناعات وأفضل السبل للتعامل معها. وهو عمل عضواً في مجلس ادارة المعهد الدولي للبيئة والتنمية، ومعهد استوكهولم للبيئة، ومجلس صحة البيئة في منظمة الصحة العالمية، والمجلس الاستشاري الأعلى للتنمية المستدامة في الأمم المتحدة.