تجوب طرقات العالم حالياً أكثر من بليون سيارة. وقد أُطلقت المبادرة العالمية للاقتصاد بالوقود (GFEI) مشروعاً لتخفيض استهلاك الوقود في السيارات بنسبة 50٪ بحلول سنة 2050، وتعمل هذه المبادرة على تطوير البيانات والتحاليل بشأن الاقتصاد بالوقود في أنحاء العالم، ومراقبة الاتجاهات والتقدم الحاصل، وتقييم إمكانات التحسين. وتتعاون مع الحكومات على تطوير سياسات تشجع تدابير الاقتصاد بالوقود في السيارات التي تُنتج أو تباع في بلدانها، كما تنسق مع شركات صنع السيارات في هذا الخصوص. وتدعم مبادرات التوعية الاقليمية لتزويد المستهلكين وصانعي القرار بالمعلومات التي يحتاجونها لاتخاذ خيارات صائبة.
تشارك في هذه المبادرة، التي تأسست عام 2009، أربع منظمات هي: الاتحاد الدولي للسيارات، ووكالة الطاقة الدولية، ومنتدى النقل الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة
يمكن تحسين معدل الاقتصاد بالوقود في الأسطول العالمي للسيارات الخفيفة بنسبة 50 في المئة على الأقل مع حلول سنة 2050، بالمقارنة مع مستويات العام 2005. هذه هي «مبادرة 50:50» التي تسعى «المبادرة العالمية للاقتصاد بالوقود» إلى تنفيذها.
حتى لو تضاعفت المسافات التي ستجتازها السيارات سنة 2050، فان تحسينات الكفاءة بهذه النسبة في أنحاء العالم سوف تحصر انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من السيارات عند المستويات الحالية. ويقدر أن يؤدي ذلك بحلول سنة 2025 إلى تجنب أكثر من بليون طن من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، وأكثر من بليوني طن سنوياً بحلول سنة 2050، بالمقارنة مع الوضع القائم. كما ستنخفض بشكل كبير ملوثات إضافية تضر بالبيئة وتساهم في تغير المناخ، بما فيها الكربون الأسود.
هذا قد يوفر أكثر من 6 بلايين برميل من النفط سنوياً بحلول سنة 2050، قيمتها 600 بليون دولار على أساس سعر 100 دولار للبرميل. كما ستكون الفوائد كبيرة بالنسبة إلى نوعية الهواء المحلي في البلدان التي تشهد توسعاً مُدنياً سريعاً.
ويمكن تحقيق مستويات التحسن هذه باستخدام تكنولوجيات متوافرة مقتصدة بالوقود ومنخفضة الكلفة.
تكنولوجيات متقدمة
التكنولوجيات المطلوبة لتحسين كفاءة السيارات الجديدة 30 في المئة بحلول 2020 و50 في المئة بحلول 2030، وتحسين كفاءة أسطول السيارات العالمي 50 في المئة بحلول 2050، تشتمل بشكل أساسي على تغيير محركات الاحتراق الداخلي التقليدية ونظم نقل الحركة، إضافة الى تخفيض الوزن وتحسين الانسياب الهوائي (الديناميكا). ولتحقيق تحسن بنسبة 50 في المئة بحلول 2030، فان الاجراء الإضافي الرئيسي الذي يجب اتخاذه هو تهجين كامل لعدد أكبر من السيارات، وقد يشمل ذلك تكنولوجيات شحن بطاريات السيارات الهجينة (هايبريد) من مأخذ تيار عادي.
وتشهد تكنولوجيات السيارات تغيرات سريعة. وقد تبرز تكنولوجيات أقل كلفة بكثير خلال السنوات المقبلة، ما يزيد الكفاءة ويخفض التكاليف.
السيارات الكهربائية المزودة ببطاريات، والسيارات الهجينة التي تُشحن بطارياتها من مأخذ تيار عادي، وربما سيارات خلايا الوقود الهيدروجيني، يتوقع أن تتوافر في الأسواق بشكل متزايد في المدى القريب الى المتوسط، نظراً للتحسينات التي أدخلت عليها مؤخراً، خصوصاً على البطاريات. لكن هذه التكنولوجيات المتقدمة ليست ضرورية لتحقيق كفاءة الـ50 في المئة المطلوبة، غير أنها تؤدي الى تخفيضات أكثر في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وإلى توفير أكبر في استهلاك النفط اذا حققت رواجاً كبيراًفي الأسواق. وهذا يعتمد أيضاً على تأمين كهرباء منخفضة الكربون.
دور الحكومات والشركات
بالنسبة إلى كثيرين، يمكن تعويض معظم الكلفة المترتبة على تكنولوجيا تحسين كفاءة الاستهلاك في السيارات من خلال الوقود الذي يتم توفيره في السنوات القليلة الأولى من قيادة سيارة جديدة، خصوصاً بأسعار النفط العالية. لكن عدم استقرار أسعار النفط، التي قد تنخفض مثلما ترتفع، يخلق أخطاراً قد تثني كثيراً من المستهلكين الراغبين في شراء سيارة عن دفع علاوة خاصة بالكفاءة، وتثني شركات صنع السيارات عن الاستثمار في طرازات ذات كفاءة عالية في استهلاك الوقود خوفاً من العجز عن بيعها.
ولكن في إمكان الحكومات وشركائها العمل على مواجهة هذه الأخطار وتسهيل إدخال تكنولوجيات كفوءة في استهلاك الوقود ومنخفضة الكلفة. وذلك عن طريق توفير المعلومات المتعلقة باستهلاك الوقود وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وإتاحتها للمستهلكين.
على سبيل المثال، قد تكون بعض اختبارات كفاءة الوقود مضللة لأنها لا تعكس بدقة معدل الاقتصاد بالوقود أثناء الاستعمال.
كما تستطيع الحكومات وشركاؤها وضع مقاييس تنظيمية لاستهلاك الوقود أو انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، تزيل الغموض حول مقدار الاستثمار المجدي في كفاءة الوقود. كما تستطيع تحديد ضرائب السيارات وفق انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون أو الاقتصاد بالوقود، لتشجيع المستهلكين على تفضيل الكفاءة المحسنة. وبامكانها أن توفر حوافز وتضع أنظمة لمكونات السيارات التي لا تشملها النظم الحالية لاختبار السيارات.
وتقع على الحكومات أيضاً مسؤولية التقليل من تكاليف التدخل. ومثال على ذلك إبقاء التمييز بين ضرائب السيارات بسيطاً ومماثلاً في جميع الأسواق الاقليمية.
وفي إمكان الشركات الصانعة أن تدعم التحول الى سيارات أكثر كفاءة بالوقود، من خلال التزامها أهداف مبادرة 50:50 والعمل على إنتاج سيارات تستهلك وقوداً أقل 50 في المئة مما تستهلك حالياً. وعليها أن تنسق مع الحكومات لضمان اعتماد مقاييس تنظيمية فعالة، وإدخال اعتبارات الأسواق الدولية في تصميم الحوافز الضريبية الوطنية ونظم البطاقات البيانية الخاصة بكفاءة استهلاك الوقود. وجدير أيضاً أن تركز شركات مختلفة على قطاعات مختلفة من الأسواق.
وإضافة إلى تحسينات تكنولوجية في السيارات الجديدة، يمكن إدخال المزيد من التحسينات القليلة الكلفة على الأسطول العالمي للسيارات، ما يؤثر في الكفاءة الفعلية على الطرق. وتشمل هذه التحسينات برامج لترويج منتجات كفوءة لما بعد شراء السيارة، مثل إطارات التبديل، وأسلوب القيادة الكفوءة بالوقود، وتحسين إدارة حركة السير والسرعة، وصيانة السيارات، وإدارة التجول في المدن بشكل أفضل.
ختاماً، استخدم عدد من البلدان أنظمة أو حوافز لتعزيز الاقتصاد الوقودي للسيارات المستعملة المستوردة، وتخفيض عدد السيارات الملوِّثة بشكل كبير. وتحسن هذه الإجراءات كفاءة أساطيل السيارات، خصوصاً في العالم النامي. وهي تمثل تكلمة مهمة للإجراءات التكنولوجية الخاصة بالسيارات الجديدة.
مشروع النقل القليل الكربون في الهند
الهند حالياً رابع أكبر منتج لغازات الدفيئة في العالم. ومع أنها ثاني أكبر بلد في عدد السكان، فان انبعاثات الفرد فيها أقل من نصف المعدل العالمي. ويعتبر قطاع النقل ثاني أكبر مساهم في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الهند، كما يتسبب في ازدحام الطرق وتلوث الهواء والضجيج والحوادث. وكان عبء هذه التأثيرات كبيراً جداً في المناطق المدينية. يسعى مشروع تعزيز النقل المنخفض الكربون في الهند، الذي تدعمه المبادرة العالمية للاقتصاد بالوقود، إلى دعم جهود الحكومة في تحقيق ثلاثة أهداف.
الأول، وضع وتنفيذ خطة عمل على المستوى الوطني لخدمات النقل المستدام، مع تقييم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من قطاع النقل حتى سنة 2050، وتحديد الحاجات التكنولوجية والأبحاث اللازمة والتمويل وسبل التعاون الدولي، وتوصيات سياسية لتحقيق هذا النظام.
الهدف الثاني للمشروع وضع خطط للنقل المنخفض الكربون لأربع مدن، مع تحديد البنى التحتية والتكنولوجيات المؤدية إلى تخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ.
أما الهدف الثالث فهو إقامة شبكة للتنسيق وتبادل المعلومات من خلال موقع إلكتروني للمشروع.