هل فكرت مرة بمئات الحشرات التي تهلك يومياً صدماً بسيارتك؟ المصوّر العلمي الألماني فولكر ستيغر، المتخصص بالتصوير الميكروسكوبي الالكتروني، التقط عينات من هذه الضحايا وصوَّرها وأرسل الى "البيئة والتنمية" نماذج مع هذا المقال الخاص

يا الله! ما هذه المادة الدبقة على سيارتي؟

معظم ضحايا حوادث السير ليست بشراً، بل ليست من الفقاريات. انها حشرات، تحطمها قوة تفوق وزنها ملايين المرات. ومعظمها لا تترك أثراً كبيراً على الزجاج الأمامي أو المصابيح أو الرادياتور. لكن بعض الحشرات تخلف أثراً وتصبح ... تلك المادة الدبقة على سيارتك.

فلماذا لا تنظر اليها عن قرب؟ أو ربما تلقي نظرة أدق بواسطة مجهر (ميكروسكوب) إلكتروني؟

قبل إدخال هذه الكائنات الصغيرة الحجرة الخوائية للمجهر، يجب نزعها عن السيارة بطريقة خاصة. ليس من العملي أن تقشر رفرف سيارتك لكي تتفحص الحشرة الملتصقة عليه، كما لا يمكن أن تكشطها عنه من دون أن تدمر جيفتها الهشة. لذا، أسهل وسيلة للقيام بذلك هي أن تغطي السيارة بأغشية بلاستيكية تلتصق عليها هذه الحشرات التعيسة التي تذهب ضحية حركة السير. بعد ذلك تقصّ القطعة التي التصقت عليها وتدخلها الى المجهر.

الواقع أن الاجراء أكثر تعقيداً من ذلك، لأن العينات التي يتم مسحها في مجهر الكتروني يجب أن تكون موصلة للكهرباء. والحشرات عادة غير موصلة، لذلك طليتُ هذه العينات بالذهب ... طبقة رقيقة جداً رششتها بواسطة بخاخ خاص في حجرة خوائية أخرى داخل المجهر.

والآن، حان الوقت لفحصها ميكروسكوبياً.

المذهل أن غالبية الحشرات المصدومة تبدو مكتملة الى حد بعيد. وغالباً ما تأتيها الضربة في الجزء الأثقل من جسمها، أي البطن، الذي يتهشم ويلتصق بالسيارة. وتبقى القوائم والأجنحة وقرون الاستشعار سليمة في الغالب، وفي وسع اختصاصي بعلم الحشرات أن يحدد النوع الذي تنتسب اليه.

قد يبدو هذا الأمر تافهاً، لكنه يمكن أن يؤدي دوراً في التحريات البوليسية. فثمة حشرات كثيرة تعيش في نظم ايكولوجية محددة جداً، وإذا وجدتها على سيارة فالاحتمال كبير أن تكون السيارة مرت في منطقة تعيش فيها. إن متهماً بارتكاب  بارتكابه جريمة ويدعي أنه لم يكن قرب الشاطئ مثلاً، قد يغير شهادته اذا وجد المحققون على سيارته حشرة تعيش هناك.

في هذه الحال لن يكون الحظ العاثر نصيب الحشرة المصدومة وحدها.