اذا استهلك جميع سكان العالم بمعدل البلدان العالية الدخل، فان كوكب الأرض يمكنه أن يعول بشكل مستدام 1,8 مليار نسمة فقط، وليس مجموع سكانه الذي يبلغ حالياً 6,5 مليارات
المؤشرات الاقتصادية في ارتفاع. ففي عام 2005 بلغ الناتج العالمي الاجمالي رقماً قياسياً هو 59,6 تريليون دولار (التريليون 1000 مليار)، وسجل انتاج السيارات رقماً قياسياً هو 45,6 مليون سيارة، وبيع نحو 816 مليون هاتف خليوي، وفاق عدد مستخدمي شبكة الانترنت المليار في انحاء العالم. هذا بعض ما أورده تقرير "المؤشرات الحيوية 2006 ـ 2007" الصادر مؤخراً عن معهد "وورلد واتش" في واشنطن. تشير هذه الاتجاهات الى مستويات لا سابق لها في الحركة التجارية والاستهلاك، يقابلها تراجع بيئي في عالم يسيّره الوقود الأحفوري.
النتائج التي توصل اليها التقرير بُنيت على نتائج "تقييم الألفية للنظم الايكولوجية" الصادر عام 2005 عن الأمم المتحدة، والذي يشير الى أن تدهور النظم الطبيعية للأرض سببه نشاط بشري.
يقول إريك أسادوريان مدير مشروع "المؤشرات الحيوية 2006 ـ 2007": "إن قطاع الأعمال، كالعادة، يلحق أضراراً بالنظم الايكولوجية للأرض والناس الذين يعتمدون عليها. واذا استهلك الجميع بمعدل البلدان العالية الدخل، فان كوكب الأرض يمكنه أن يعول بشكل مستدام 1,8 مليار نسمة فقط، وليس مجموع سكانه الذي يبلغ حالياً 6،5 مليارات. ومع ذلك، فلا يتوقع أن يتقلص عدد سكان العالم، بل أن يزداد الى 8,9 مليارات بحلول سنة 2050".
الغذاء والطاقة وتغير المناخ
للسنة الثانية على التوالي، أنتج العالم أكثر من ملياري طن من الحبوب عام 2005، ما يزيد عما في أي عام آخر في التاريخ. ومنذ 1997، هبط حصاد صيد الأسماك بنسبة 13 في المئة، ومع ذلك يواصل الانتاج السمكي الاجمالي نموه (132,5 مليون طن عام 2003) مدعوماً بصناعة مزارع الأسماك المتنامية. وبلغت الصادرات العالمية للمبيدات رقماً قياسياً مقداره 15,9 مليار دولار عام 2004. وارتفع استعمالها بحدة في أنحاء العالم، من 0,49 كيلوغرام لكل هكتار عام 1961 الى كيلوغرامين لكل هكتار عام 2004.
قرابة 80 في المئة من طاقة العالم تأتي من النفط والفحم والغاز الطبيعي، وهي أنواع الوقود الأحفوري المساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة التي تعجل حدوث تغير في المناخ. ويستمر حرقها في الازدياد على رغم تصاعد أسعار الطاقة خلال العامين المنصرمين. ففي 2004، قفز استهلاك الفحم 6,3 في المئة، وارتفع استهلاك الغاز الطبيعي 3,3 في المئة. وازداد استهلاك النفط بنسبة 1,3 في المئة عام 2005 فبلغ 3,8 مليارات طن (83,3 مليون برميل في اليوم).
معدلات النمو هذه تبدو "مقزَّمة" أمام معدلات نمو الطاقة المتجددة. فقد قفز الانتاج العالمي لطاقة الرياح 24 في المئة عام 2005، وللطاقة الفوتوفولطية الشمسية 45 في المئة، وللوقود الحيوي 20 في المئة. يقول كريستوفر فلافين رئيس معهد "وورلد واتش": "هذه التطورات مثيرة للإعجاب، وقد تحدث تغيرات بالغة الأثر في أسواق الطاقة العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة. لكن التحول يجب أن يتحرك بوتيرة أسرع لمنع الأزمات الايكولوجية والاقتصادية التي قد تتفاقم مع استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري".
وقد بلغ معدل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي 379,6 جزءاً في المليون حجماً، بزيادة 0,6 في المئة على رقمه القياسي عام 2004. وسجل معدل الحرارة العالمية 14,6 درجة مئوية، ما جعل 2005 أحرَّ عام سجل على سطح الأرض، علماً أن أحرّ خمسة أعوام منذ بدء أعمال التسجيل عام 1880 حدثت جميعاً منذ 1998.
الأضرار الاقتصادية الناتجة عن كوارث متعلقة بأحوال المناخ بلغت عام 2005 رقماً لم يسبق له مثيل مقداره 204 مليارات دولار، أي نحو ضعفي الرقم القياسي السابق لعام 1998 ومقداره 112 مليار دولار. ومن خسائر العام الماضي 125 مليار دولار سببها الاعصار كاترينا.
من جهة أخرى، قفزت القدرة الانتاجية العالمية لطاقة الرياح 24 في المئة عام 2005، لتقارب 60,000 ميغاواط. وقد بلغ نمو القدرة الانتاجية لطاقة الرياح نحو أربعة أضعاف نمو القدرة الانتاجية للطاقة النووية. كما قفزت انتاجية الخلايا الفوتوفولطية عالمياً بنسبة 45 في المئة لتبلغ نحو 1730 ميغاواط، اي ستة أضعاف مستواها عام 2000. وازداد انتاج وقود الايثانول، وهو الوقود الحيوي الطليعي في العالم، بنسبة 19 في المئة فبلغ 36,5 مليار ليتر عام 2005.
اتجاهات اقتصادية
بلغ الاقتصاد العالمي ذروة أخرى اذ سجل ناتجه الاجمالي 59,6 تريليون دولار عام 2005. ومن الأرقام القياسية الجديدة إنتاج 1129 مليون طن من الفولاذ و31,2 مليون طن من الألومنيوم عام 2005 و3402 مليون متر مكعب من الأخشاب الاسطوانية (جذوع الأشجار) عام 2004.
وحقق انتاج المركبات رقماً عالمياً جديداً، إذ تم صنع 64,1 مليون سيارة وشاحنة خفيفة عام 2005. وسجل السفر بالطائرة رقماً قياسياً أيضاً، ففي 2004 قطع 1,9 مليار راكب مسافة 3,4 تريليون كيلومتر، ومع ذلك فإن 5 في المئة فقط من سكان العالم سافروا بالطائرة في حياتهم. وبلغ اجمالي عدد المنتسبين الى مؤسسات تعنى بالتشارك في ركوب السيارات330,000 عام 2005، أي 2,5 ضعف العدد عام 2001. واستعملت هذه المؤسسات 10,570 سيارة. وأفادت دراسات أن التشارك في ركوب سيارة (أو حافلة) يخفض الحاجة الى ما بين 4 و10 سيارات خاصة في أوروبا، وما بين 6 و23 سيارة في شمال أفريقيا.
وازداد الانفاق على الصناعة الاعلامية 2,4 في المئة ليحقق رقماً قياسياً مقداره 570 مليار دولار في ذلك العام. وينفق نصف هذا المبلغ تقريباً في الولايات المتحدة، حيث يذهب 56,6 مليار دولار، مثلاً، لمجرد انتاج وتوزيع 41,5 مليار منشور من الاعلانات البريدية.
وكانت 1800 شركة عاملة في عدة بلدان قدمت عام 2004 "تقارير عن المسؤولية" (corporate responsibility reports) في صعود من الصفر تقريباً أوائل التسعينات. وفيما يعكس ذلك تنامي الشفافية والتزام مزيد من الشركات بالمبادئ الاجتماعية والبيئية، فإن 97,5 في المئة من نحو 70,000 شركة عالمية ما زالت لا تقدّم هذه التقارير.
وشهد عام 2005 انخفاض عدد الحروب والنزاعات المسلحة حول العالم الى 39، وهو الرقم الأدنى منذ الذروة في أوائل التسعينات. لكن النفقات العسكرية العالمية بلغت 1,02 تريليون دولار، وهو الانفاق الأعلى منذ أوائل التسعينات.
اتجاهات بيئية
بالغت البشرية في سحب الرأسمال الطبيعي الذي تعتمد عليه.
تعرية الغابات مسؤولة عن 25 في المئة من الانبعاثات الكربونية السنوية التي يسببها البشر، وقد خسر العالم نحو 1 في المئة من غاباته (36 مليون هكتار) بين عامي 2000 و2005، وحدثت أكبر الخسائر في أفريقيا (3,2%) وأميركا الجنوبية (2,5%). وتدهور النظم الايكولوجية يقوّض الخدمات الحيوية التي توفرها، بما في ذلك توفير المياه العذبة والطعام وتنظيم المناخ ونوعية الهواء. كما يزيد احتمال حدوث تغيرات مدمرة قد يتعذر عكس مسارها، مثل التغيرات المناخية الاقليمية ونشوء أمراض جديدة وتكوّن "مناطق ميتة" منخفضة الأوكسيجين في المياه الساحلية.
ومنذ أواخر 2005، "دُمر بشكل مؤثر" نحو 20 في المئة من الشعاب المرجانية، فيما 50 في المئة مهددة في المدى القصير أو الطويل. كما تم تدمير 20 في المئة من غابات المنغروف (القرم) خلال السنوات الـ 25 الماضية. وتوفر الشعاب المرجانية وغابات المنغروف منطقة عازلة طبيعية تحمي الخطوط الساحلية من كوارث لها علاقة بأحوال الطقس.
وقد تم تصنيف 12 في المئة من جميع أنواع الطيور "مهددة" عام 2005. وتعتبر 3 في المئة من جميع الأنواع النباتية مهددة حالياً بالانقراض.
كادر
الصحة والمجتمع
- ارتفع عدد سكان العالم 74 مليوناً خلال 2005، فبلغ 6،45 مليار نسمة.
- أصيب خمسة ملايين شخص بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) عام 2005، وتوفي 3 ملايين نتيجة أمراض لها علاقة بالإيدز.
- هبطت معدلات وفيات الأطفال الرضع بنسبة 7 في المئة خلال السنوات الخمس الأخيرة، من 61,5 وفاة لكل 1000 ولادة حية خلال الفترة 1995 ـ 2000 الى 57 وفاة خلال الفترة 2000 ـ 2005.
- أكثر من نصف لغات العالم البالغ عددها 7000 في خطر، ويوشك أكثر من 500 لغة على الانقراض.
- نحو مليار شخص من سكان المدن، اي واحد من كل ثلاثة، يعيشون في "أحياء بؤس" حيث لا تتأمن واحدة أو أكثر من ضروريات الحياة الأساسية، وهي: مياه نظيفة، خدمات نظافة صحية، خبز كاف للعيش، مسكن دائم، ملكية أرض مأمونة.
- يفتقر نحو 1,1 مليار شخص الى امدادات مائية محسَّنة، ويُعتقد أن نحو 2,6 مليار يفتقرون الى مرافق صحية محسنة.
- تفتك البدانة المفرطة حالياً بأكثر من 300 مليون شخص، ما يزيد احتمالات تعرضهم للأمراض القلبية الوعائية والسكري والسرطان وعلل أخرى.
كادر
سانتا كروز بين غابات الأمس ومزارع اليوم
تقع مقاطعة سانتا كروز البوليفية في منطقة خصبة غنية بالموارد الطبيعية. في صورة التقطت بالأقمار الاصطناعية عام 1975 بدت هذه المنطقة، التي كانت مغطاة بغابات كثيفة، كامتدادات متواصلة من اللون الأخضر القاتم وصولاً الى نهر ريو غراندي (غوابي).
بحلول العام 1986، بنيت طرق ربطتها بمراكز سكانية أخرى. ونتيجة لذلك نزح كثيرون الى المنطقة. وأدى تنفيذ مشروع "تييراس باها" الزراعي الكبير الى تعرية واسعة للغابات التي كانت تقطع وتحوّل الى مراع ومزارع. وفي العام 2003، كانت غالبية المنطقة قد تحولت الى أراض زراعية، بما في ذلك المنطقة شرق مدينة لا إسبرنزا عبر النهر. والى شمال وغرب مدينة لوس كافيس (أعلى اليسار) تلاحظ شبكة من المربعات التي يتخذ كل منها شكل نجمة. في وسط كل مربع تقيم مجموعة صغيرة من الناس.
الصورتان الفضائيتان من "كوكب واحد، سكان كثيرون: أطلس بيئتنا المتغيرة" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.