Friday 29 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
حسّان التليلي الإعلام البيئي في تونس  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 / عدد 104
 إذا كانت المشاكل البيئية المطروحة اليوم في تونس لا تختلف عموماً عن تلك التي تواجهها غالبية منطقة المتوسط الجنوبية والمنطقة العربية، فإنه يمكن القول إن أهم تلك المشاكل هي ندرة المياه وتلوثها، وظاهرتا التصحر وانجراف الأتربة الزراعية بسبب مياه الأمطار الغزيرة في بعض مناطق الشمال والوسط، وكذلك تلوث الهواء والتربة ومياه البحر في بعض المناطق الساحلية التي تؤوي أنشطة صناعية كيميائية.
ويبدو واضحاً منذ وصول الرئيس زين العابدين بن علي إلى السلطة عام 1987 أن الاهتمام الرسمي بالبيئة والحفاظ عليها أصبحا يندرجان في إطار أولويات المبادئ العامة التي تقوم عليها السياسات التنموية في البلاد. بل إن تونس كانت ضمن البلدان العربية السباقة في مجال إنشاء وزارات خاصة بالبيئة. ومما يدل على ذلك ـ من حيث أبعاد الموضوع الرمزية على الأقل ـ أن في كل المدن المتوسطة والكبرى في تونس شوارع رئيسية يسمى كل واحد منها "شارع البيئة". وتحرص البلديات على أن يكون فيها حيز كبير للخضرة والاخضرار ومكبات للنفايات. وتنتهي غالبية هذه الشوارع بحديقة عامة.
البيئة ووسائل الإعلام
ليس في تونس حتى الآن وسائل إعلام مكتوبة ومسموعة ومرئية وإلكترونية متخصصة في مجال الإعلام البيئي. ومع ذلك فإن المادة الإعلامية المتصلة بالقضايا البيئية تطرح نفسها بانتظام على الصحف والمجلات والإذاعات المحلية والوطنية وقنوات التلفزيون العامة والخاصة. وصحيح أنه ليس ثمة في المؤسسات الإعلامية التونسية أقسام خاصة بالمسائل البيئية. ولذلك فإن الأقسام السياسية والاقتصادية أو تلك التي تهتم بمتابعة الشؤون المحلية هي التي تتولى عادة معالجة هذه المسائل، انطلاقاً أساساً من تعليمات رئيس الدولة إلى وزرائه أو من خلال الزيارات الميدانية التي يقوم بها هو أو الوزراء إلى مناطق البلاد لتدشين مشاريع لها علاقة بالبيئة والتنمية. كما تشكل المؤتمرات واللقاءات الإقليمية أو الدولية التي تعقد في تونس حول المسائل المتصلة بالبيئة والتنمية محطات أساسية ينشط من خلالها الإعلام البيئي الموجه للعامة.
هناك إجمالاً شكلان رئيسيان من أشكال الإعلام البيئي في تونس، يقوم أحدهما على تقديم المعلومة ويركز الآخر على الجوانب المتعلقة بالشروح التي تراد من ورائها التوعية. وبقدر ما يحظى الجانب الأول باهتمام الصحافة المكتوبة، تركز القنوات الإذاعية والتلفزيونية بشكل خاص على التوعية، وتقدم مادتها في شكل تطلق عليه تسمية "الومضة"، وهي ترجمة لكلمة spot.
من أهم البرامج الإذاعية المندرجة في هذا الإطار واحد عنوانه "الدكتور حكيم"، يتضمن نصائح تقدم في دقيقة أو أقل حول أسس التربية الغذائية السليمة، تصاغ بشكل مبسط وبلغة هي خليط بين الفصحى والعامية التونسية. ويبث البرنامج عدة مرات في اليوم عبر الإذاعة الوطنية. وقد مضت عليه حتى الآن أكثر من ثلاثة عقود، وأصبح العامة والخاصة يعرفونه جيداً ويتخذون من شخصية "الدكتور حكيم" مرجعاً في ما يخص الأكل السليم أو غير السليم، خصوصاً بعد أن اتضح في السنوات العشر الأخيرة أن مشكلة البدانة المفرطة تجاوزت حدود الراشدين وأصبحت تطال أيضاً أطفال المدارس الابتدائية والثانوية.
أما "الومضات" التلفزيونية فإنها تركز بشكل خاص على القضايا التي أشرنا إليها في البداية، وبشكل خاص ندرة المياه وضرورة ترشيد استخدامها من قبل المستهلكين والمزارعين والحيلولة دون تلوثها. وفي هذه "الومضات" أيضاً اهتمام متزايد بحوادث الطرقات وحوادث الشغل والصحة عموماً.
صياغة المادة البيئية الإعلامية
المواد العلمية التي تستخدم لإعداد مضامين "الومضات" البيئية الإذاعية والتلفزيونية يصوغها عموماً خبراء يعملون في المؤسسات التابعة لوزارات البيئة والزراعة والموارد المائية والصيد البحري والصحة، ومن أهمها المعهد الوطني للتغذية والديوان الوطني للتطهير والوكالة الوطنية لحماية المحيط. (تعني كلمة "المحيط" هنا البيئة) والوكالة الوطنية لحماية السواحل ومركز تونس الدولي للتكنولوجيا البيئية والوكالة الوطنية للطاقات المتجددة.
وقد دأبت هذه المؤسسات، منذ إنشائها، على مد وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والمدارس الثانوية بالكراسات والكتيبات التي تعدها حول القضايا البيئية التي تهتم بها، وتضطلع بالتالي بدور هام في تزويد الإعلاميين والمربين بالمعلومة العلمية البيئية. بل إن الجمعيات الأهلية التي تعنى بالبيئة في البلاد، والتي ازداد عددها في السنوات العشرين الأخيرة، تعتمد هي الأخرى على المادة التي تصوغها المؤسسات الرسمية المهتمة بالبيئة في ما يخص الجهود التي تقوم بها لتوعية الجمهور الواسع بضرورة الحفاظ عل البيئة. والحقيقة أن هذه الجهود لا تزال متواضعة جداً لأسباب كثيرة، من بينها ضعف إمكاناتها المادية والبشرية.
وفيما تبدو جهود المنظمات الأهلية البيئية محدودة حتى الآن في نشر الثقافة البيئية لدى الجمهور، يلاحظ اهتمام لدى بعض مؤسسات التعليم العالي بإعداد كوادر متخصصة في صياغة المعلومة العلمية البيئية وتبسيطها ونشرها. ومن هذه المؤسسات معهد الصحافة وعلوم الأخبار الذي أضاف في السنوات الأخيرة إلى قائمة الديبلومات التي يمنحها خريجيه شهادة "الماجستير المهني في الاتصال البيئي". ولوحظ أن الإعلام البيئي يحظى باهتمام طلبة هذا المعهد، لا سيما من خلال رسائل ختم الدروس الجامعية التي يعدونها. وتجلى هذا الاهتمام بشكل واضح خلال الأعوام العشرة الماضية عبر رسائل كثيرة، منها تلك التي تحمل العناوين التالية:
- مفهوم البيئة لدى المشاهدين الشبان من خلال الومضات التلفزيونية البيئية
- الاتصال البيئي في تونس من خلال البرامج الوطنية للتوعية والتربية البيئية
- الإرشاد الفلاحي: قراءة في الومضات التلفزية
- قراءة نقدية في الومضات المتلفزة حول السلامة المهنية
- الاتصال الجمعياتي في مجال البيئة: جمعية حماية البيئة والطبيعة في صفاقس نموذجاً
- الاتصال البيئي من خلال وزارة البيئة والتهيئة الترابية
- الومضات التلفزية للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات وتأثيرها في الجمهور
- الإعلام والتربية والاتصال في مجال البيئة: الوكالة الوطنية لحماية المحيط نموذجاً
- البرامج الصحية بالإذاعة الجهوية بصفاقس
- التربية الغذائية في تونس: برنامج الدكتور حكيم أنموذجاً ـ دراسة في وقع الرسالة على الجمهور
لا بد من الإشارة أخيراً إلى أن الشركات المتخصصة في صياغة الإعلانات التجارية، والمعروفة في بلدان المغرب العربي باسم "شركات الإشهار"، تركز كثيراً في عملها على الجوانب البيئية، وبخاصة تلك التي تتعلق بالاعتبارات ذات الصلة بالجودة والأمن الغذائي الصحي. وتلقى هذه الإعلانات أصداء واسعة لدى مختلف شرائح المجتمع التونسي لعدة أسباب، منها إقبال المستهلكين على متابعة الإعلان التجاري الذي يروّج للمنتجات الغذائية، واعتماد صائغي المادة الإعلانية على الطرافة والفكاهة لإيصال رسائلهم. وهو أسلوب مستمد من الإعلانات التجارية الأوروبية التي يطلع عليها التونسيون عبر قنوات التلفزيون الأوروبية الملتقطة في البلاد، وأهمها القنوات الفرنسية والإيطالية، التي تسهم إلى حد كبير في تنمية ثقافة الجمهور التونسي البيئية من خلال البرامج البيئية التي تقدمها.
مجمل القول إن هناك اهتماماً متزايداً بالمادة البيئية وبالثقافة البيئية في تونس من قبل السلطات الرسمية ووسائل الإعلام، رغم عدم وجود مؤسسات إعلامية متخصصة في هذا القطاع وعدم وجود هياكل خاصة به داخل كل مؤسسة إعلامية. وإذا كان الإعلام المكتوب يركز على تقديم المعلومة البيئية، فإن وسائل الإعلام السمعية البصرية تولي التوعية أهمية خاصة. ويعزى اهتمام الجمهور الواسع بالثقافة البيئية إلى عدة أسباب، منها تفاعله مع الإعلانات التجارية التي تتخذ من البيئة أرضية تصوغ عليها مادتها، وتفاعله أيضاً مع القنوات التلفزيونية الإيطالية والفرنسية التي تتطرق بانتظام إلى القضايا البيئية المطروحة في المنطقة الأوروبية ومناطق العالم الأخرى، منها المنطقة العربية.
حسّان التليلي صحافي تونسي متخصص في شؤون البيئة والزراعة، وهو مقيم في باريس حيث يعد ويقدم برنامج "بيتنا العالم" الأسبوعي في راديو "مونت كارلو".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
أبوظبي ـ "البيئة والتنمية" الطاقة المستدامة في المناطق القاحلة
جنيف ـ''البيئة والتنمية'' بيئـات صحيـة... بيئــات قاتلة
"البيئة والتنمية" (واشنطن) حقن آبار النفط بغاز الكربون
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.