أقدم وأعمق بحيرات العالم، وملاذ أكثر من ألف نوع من النباتات والحيوانات المتوطنة، يهددها اليوم خط أنابيب نفط نجح التحرك الشعبي في إبعاد مساره
عماد فرحات
تعيش فيها فقمة المياه العذبة الوحيدة في العالم، ويحوطها نظام من المناطق المحمية الزاخرة بقيم جمالية وطبيعية. انها بحيرة بايكال الروسية، الأقدم والأعمق في العالم. تقع جنوب شرق سيبيريا، ويبلغ عمرها نحو 25 مليون سنة. عمقها 1620 متراً، تمتد بطول 636 كيلومتراً، ويبلغ متوسط عرضها 48 كيلومتراً، ومساحتها 31,5 ألف كيلومتر مربع. وهي تحوي أكثر من 20 في المئة من المياه العذبة غير المتجمدة في العالم. وتؤوي أكثر من ألف نوع من النباتات والحيوانات المتوطنة التي لا تعيش إلا في كنفها.
أدرجت بحيرة بايكال عام 1996 على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. وفي كل سنة يستمتع مئات ألوف السياح الروس والأجانب بجمال "لؤلؤة روسيا" الفريدة. ويعتمد ألوف السكان المحليين على الثروات الطبيعية التي تزخر بها البحيرة لكسب رزقهم.
يناضل أنصار الحفاظ على الطبيعة منذ سنوات لحماية البحيرة من الملوثات التي تسببها مشاريع التنمية الصناعية. واليوم يهددها بشكل خاص مشروع خط أنابيب نفط هائل، يمتد 4200 كيلومتر من شرق سيبيريا الى المحيط الهادىء، وتبلغ طاقته المقررة 80 مليون طن من النفط الخام سنوياً، مخصصة لأسواق في آسيا وأهمها اليابان. وهذا أضخم مشروع اتحادي في تاريخ روسيا، ويتوقع أن يكلف بين 11 و17 مليار دولار. واذا نفذ وفقاً للتصميم الأساسي، فسوف يمر على بعد أقل من كيلومتر من شاطىء البحيرة الشمالي، عابراً 130 مجرى مائياً تصب فيها.
لكن مسار خط الأنابيب هذا مهدد بالزلازل وانزلاقات التربة والانهيارات الصخرية وتدفق الوحول التي تحدث تكراراً، مما يزيد احتمالات حدوث تسربات نفطية، علماً أن تسرباً من هذا النوع يمكن أن يصل الى البحيرة خلال 20 دقيقة. وهذا من شأنه أن يدمر النظم البيئية الفريدة للبحيرة ويقوض معيشة السكان المحليين، وخصوصاً شعوب إنفك وبوريات وتوفولار الفطرية. كما أنه يعرض للخطر نظماً إيكولوجية هشة في أقصى الشرق الروسي، بما في ذلك المحمية البحرية الوحيدة وآخر ما تبقى من نمور الأمور الطليقة في العالم وعددها 35 فقط.
في تطور جديد، إثر انتفاضات وتظاهرات شعبية عارمة مناهضة لخطة المشروع، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أيار (مايو) 2006 وجوب نقل مسار خط الأنابيب بحيث يمر بعيداً 40 كيلومتراً عن الشاطىء الشمالي للبحيرة. ولئن اعتبر هذا نصراً مبيناً للتحرك البيئي الشعبي، يرى خبراء أن إبعاد خط الأنابيب عن البحيرة هذه المسافة لا يجنبه المرور عبر المستجمعات المائية ومئات الأنهار والجداول التي تغذيها.
|