وجد المشاركون في استطلاع بيئي أجرته مجلة ''البيئة والتنمية'' وجريدة ''الأهرام'' في مصر أن غالبية المشاركين تضع في طليعة القضايا البيئية: تلوث الهواء، والأخطار الصحية للمبيدات والأسمدة الكيميائية، وتلوث المواد الغذائية، والنفايات، وتلوث نهر النيل. أما أهم أسباب التدهور البيئي فكانت وفق المشاركين في الاستطلاع: ضعف أجهزة حماية البيئة وعدم الالتزام بالتشريعات، وضعف برامج التوعية.
الاستطلاع البيئي في مصر نظمته مجلة ''البيئة والتنمية'' بالتعاون مع جريدة ''الأهرام''، وذلك عن طريق إستبيان تم نشره في ''الأهرام'' و''البيئة والتنمية'' بين نهاية سنة 2005 وبداية سنة 2006. وخلال الأسبوع الأول من نشر الاستبيان وردت 2267 إستمارة تم تفريغها ومعالجة بياناتها إحصائياً بواسطة المركز العربي للبحوث والاستشارات، عضو مؤسسة ''غالوب'' العالمية. وكان هذا جزءاً من استطلاع شمل 18 بلداً عربياً، وأعد التقرير الاقليمي بنتائجه الدكتور مصطفى كمال طلبه ونجيب صعب، ونشر في عدد تموز (يوليو) 2006 من "البيئة والتنمية".
العينة المصرية التي تمت دراستها هي في غالبها من قراء جريدة ''الأهرام'' ومجلة ''البيئة والتنمية''. ومعظم العينة (73٪) من المقيمين في المدن، ونحو 13٪ من المقيمين في ضواحي المدن، اما الـ 14٪ الباقية فهي من المقيمين في المناطق الريفية.
وتتضمن العينة نحو 74٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 21 و50 سنة، و22٪ ممن تزيد أعمارهم عن 50 سنة، و4٪ ممن تقل أعمارهم عن 20 سنة. والعينة تكونتمن 77٪ من الذكور و23٪ من الإناث. أما بالنسبة لمستوى التعليم فكان نحو 81٪ من العينة من الحاصلين على شهادات جامعية، والباقي من الحاصلين على شهادات من مستويات أقل. ومعظم العينة من ذوي الدخل المتوسط (60٪) والدخل فوق المتوسط (33٪).
لذا تجدر الاشارة أولاً، وقبل استعراض النتائج، الى ان العينة تمثل في معظمها شريحة من القراء من ذوي المؤهلات العالية نسبياً، ولا تمثل كل الرأي العام، حيث انها تتضمن 7٪ فقط من منخفضي الدخل، و7٪ فقط من ذوي التعليم الابتدائي، وبالطبع لم تضم أياً ممن لا يعرفون القراءة والكتابة، وكذلك الذين لا يقرأون الصحف اليومية او المجلات.
ولكن هذه العينة تمثل، بالتأكيد، شريحة واسعة من الناس المتعلمين الموزعين على فئات متنوعة، وبشكل خاص من حيث العمر والجنس ومكان السكن وطبيعة العمل.
حالة البيئة
يرى نحو 55٪ من المشاركين الذين يعيشون في المدن أن اوضاع البيئة حيث يعيشون قد تدهورت خلال الاعوام العشرة الماضية، في حين يرى نحو 32٪ منهم انها قد تحسنت. كذلك يرى نحو 47٪ من الذين يعيشون في الضواحي، و45٪ ممن يعيشون في المناطق الريفية أن أوضاع البيئة في أماكن اقامتهم قد تدهورت. وبصورة عامة يمكن القول ان 53٪ من المشاركين يشعرون ان الأوضاع البيئية المحلية قد تدهورت خلال العقد الماضي.
ويكاد الشعور نفسه ينطبق لدى القراء بالنسبة لحالة البيئة في مصر ككل. ففي المتوسط يرى نحو 56٪ ان الأوضاع البيئية في مصر قد تدهورت خلال العقد الماضي، في حين يرى 34٪ انها قد تحسنت، ونحو 10٪ انها ظلت كما هي من دون تغيير. وتتشابه هذه النتائج مع الدول العربية الأخرى، حيث كان المعدل المتوسط: 60٪ أسوأ، 30٪ أحسن، 10٪ لا تغيير.
أهم القضايا البيئية
يكاد يكون هناك توافق تام في الآراء أن أهم عشر قضايا بيئية يراها المشاركون المصريون في الاستطلاع هي كالتالي:
(1)تلوث الهواء (حوالى 94٪ من القراء يرون انها مشكلة كبيرة)
(2) الأخطار الصحية للمبيدات والأسمدة الكيميائية (91%)
(3) تلوث المواد الغذائية (86%)
(4) المخلفات الصلبة ـ القمامة (83%)
(5) تلوث نهر النيل والترع (83%)
(6) النفايات الخطرة (81%)
(7) ضعف الوعي البيئي (79%)
(8) تلوث مياه الشرب ونقصها (74%)
(9) التلوث من الصناعة (27%)
(10) اختناقات المرور (69%)
ولا يختلف القراء المقيمون في المدن، أو ضواحيها، أو في المناطق الريفية، بالنسبة الى القضايا الثلاث الأولى: تلوث الهواء، الأخطار الصحية للمبيدات والأسمدة، وتلوث المواد الغذائية.
ولكن يرى سكان الضواحي ان ضعف الوعي البيئي يأتي في المرتبة الرابعة، ويرى سكان الريف ان المخلفات الخطرة تحتل المرتبة الرابعة بدلاً من السادسة.
وتلقى مشكلات اختناقات المرور والضوضاء والتلوث الصناعي إهتماماً أكبر لدى القراء المقيمين في المدن عن اقرانهم المقيمين في الضواحي أو في المناطق الريفية، في حين تشغل قضايا ميـاه الشرب والصـرف الصحـي بال سكان الريف أكثر من سكان المدن وضواحيها. وهذا الاتجاه يتفق مع الواقع العلمي: فالمدن تراكمت فيها قضايا المرور والضوضاء والتلوث الصناعي مع الزيادة السكانية وتنوع الأنشطـة الإنمائية خلال الأعوام العشرة الماضية. ولم تقابل هذا إجراءات فعالة لكبح جماح التلوث والتدهور البيئي.
أما مشكلات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي في المناطق الريفية، فلم يطرأ عليها تغيير كبير خلال العقد الماضي، وهي تراكمت خاصة في المناطق الريفية النائية.
أسباب التدهور البيئي
ترى غالبية المشاركين، سواء أكانوا من سكان المدن أو ضواحيها أو المناطق الريفية، ان أهم خمسة أسباب وراء التدهور البيئي في مصر خـلال السنوات العشر الماضية هي التالية:
(1) ضعف اجهزة حمـاية البيئـة،
(2) عدم الالتزام بتطبيقالتشريعات البيئية،
(3) ضعف برامج التوعية البيئية،
(4) ضعف الانفاق العام الحكومي على حماية البيئة،
(5) سوء الحوكمة البيئية (ادارة شؤون البيئة).
ومقارنة مع نتائج الاستطلاع في الدول العربية الأخرى، وضع المشاركون في غالبية الدول قضية عدم الالتزام بالتشريعات البيئية في طليعة أسباب التدهور البيئي، يليها ضعف برامج التوعية ثم سوء إدارة شؤون البيئة.
مصادر المعلومات البيئية
تعتبر الصحف اليومية والتلفزيون أهم مصادر المعلومات البيئية بالنسبة للغالبية العظمى من المشاركين سواء أكانوا مقيمين في المدن أو ضواحيها أو في المناطق الريفية. وتأتي الإنترنت في المرتبة الثالثة بالنسبة للمقيمين في المدن وضواحيها، في حين أنها تأتي في المرتبة الخامسة بالنسبة لسكان الريف. ومن الاتجاهات الهامة التي أظهرتها النتائج انتشار استخدام المقيمين في المناطق الريفية للمجلات المتخصصة والكتب والراديو كمصادر للمعلومات البيئية، مقارنة باقرانهم المقيمين في المدن وضواحيها. وقد يكون أحد أسباب ذلك هو ان القراء المقيمين في الريف قد تكون لديهم فسحة أكبر من الوقت للقراءة مما يعكس الزيادة في قراءة الكتب والمجلات.
الإستعداد للعمل البيئي
ترى الغالبية العظمى من المشاركين في مصر (98٪) انه يجب ان تبذل الحكومة جهوداً أكبر للحد من التلوث والتدهور البيئي. وتبدي غالبية القراء من سكان المدن (95٪) استعداداً للالتزام بتطبيق التشريعات البيئية، ولكن هذه النسبة تتناقص الى 94٪ في الضواحي والى 91٪ في المناطق الريفية. أما بالنسبة للمشاركة في حملات التوعية البيئية فتزداد الرغبة من القراء في المدن (85٪) الى الضواحي (86٪) ثم الى المناطق الريفية (88٪). وفي المتوسط ابدى 75٪ من القراء سواء أكانوا من المدن أو ضواحيها أو المناطق الريفية استعدادهم للعمل التطوعي في الجمعيات الأهلية المعنية بحماية البيئة. وهناك استعداد بين 57٪ فقط من القراء لدفع تبرعات لحماية البيئة، وتنخفض هذه النسبة الى 56٪ من المستعدين لدفع ضرائب إضافية لحماية البيئة. وأقل المستعدين لدفع التبرعات او الضرائب الإضافية هم من سكان المناطق الريفية.
الدكتور عصام الحناوي، الأستاذ في المعهد القومي للبحوث والمستشار البيئي الدولي، قام بتحليل النتائج.