Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
المنامة، نيروبي ـ ''البيئة والتنمية'' الأولويات العربية: المياه، التصــــحر، السواحل، المدن، الأمن  
شباط (فبراير) 2007 / عدد 107
 شح المياه، والتصحر، وتدهور المناطق الساحلية والبحرية، وادارة البيئة المدينية، والأمن والسلام، هي المحاور الرئيسية لدراسة الوضع البيئي في منطقة غرب آسيا، التي يعمل عليها حالياً خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتعاون مع هيئات إقليمية. وعند الانتهاء من جمع المواد وتحليلها، ستنشر في تقرير ''توقعات البيئة العالمية'' الرابع في نهاية السنة الحالية.
 
''البيئة والتنمية'' تابعت عمل الخبراء واللجان، وأعدت عرضاً لأبرز المعلومات والأفكار المطروحة للبحث.
 
الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي في بلدان المشرق العربي واليمن، اذ تساهم بنحو 30 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي كمعدل وسطي وتشغّل أكثر من 40 في المئة من قوة العمل. أما في بلدان مجلس التعاون الخليجي، فيشكل النفط نحو 40 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي و70 في المئة من الدخل الحكومي.
ان اعتماد بلدان غرب آسيا الشديد على الموارد الطبيعية جعلها معرضة كثيراً لصدمات اقتصادية وتقلبات في الأسعار العالمية، مع ما يسببه ذلك من مضاعفات بالغة الأثر على النمو والعمالة والاستقرار الاقتصادي وعلى البيئة. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك انخفاض اسعار النفط في ثمانينات القرن العشرين، ما أدخل المنطقة في عقد من عدم الاستقرار الماكرو ـ اقتصادي تميز بازدياد الديون وارتفاع معدلات البطالة واختلالات حادة في ميزان المدفوعات.
ومع الاصلاحات الاقتصادية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات والانتعاش الموقت لأسواق النفط، شهدت المنطقة شيئاً من الاستقرار الاقتصادي خلال التسعينات، انعكس في تراجع معدلات التضخم وانخفاض العجوزات العامة والخارجية وزيادة ملحوظة في الاستثمارات، لكن كانت هناك آثار محدودة تعرض لها النمو الاقتصادي. وأدت الزيادات السكانية الى تآكل الانجازات الاقتصادية مع حلول عام 2000. وابتداء من العام 2002 ونتيجة الزيادات الحادة في أسعار النفط، انتعش النمو بشكل ملحوظ، خصوصاً في بلدان مجلس التعاون الخليجي، التي شهدت تدفقات رأسمالية كبيرة وارتفاعاً في مستويات الاستثمارات. كما أن التطورات الأخيرة، مثل الاتفاقيات والشراكات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يتوقع أن تساهم في النمو والتطور الاقتصاديين في المنطقة.
مع هذه التطورات الايجابية، بلغت معدلات النمو السكاني قرابة 3 في المئة (لكنها تتراجع) وارتفعت معدلات البطالة أعلى من 20 في المئة، وزادت معدلات التوسع الحضري على 60 في المئة. وسوف تستمر الضغوط الديموغرافية في التسبب بمشكلة تنموية جوهرية وتبقى تحدياً رئيسياً في المستقبل. كما أن القلاقل السياسية وتمزق الاقتصادين العراقي والفلسطيني، وما رافق ذلك من اضطرابات وانخفاضات حادة في النمو، تشكل تحديات أخرى.
وعلى رغم أن المنطقة حققت تقدماً ملحوظاً نحو بلوغ الأهداف الانمائية للألفية في الصحة والتعليم وتمكين المرأة خلال السنوات العشرين الماضية، فان نحو 36 مليون شخص فوق سن الـ 18 ما زالوا أميين، بما في ذلك 21,6 مليون امرأة. ويواصل الفقر ارتفاعه في المنطقة منذ الثمانينات، حيث تراوح معدلاته من نحو صفر في الكويت الى 42 في المئة في اليمن. وقد تبلغ بلدان مجلس التعاون الخليجي الأهداف الانمائية للألفية مع حلول سنة 2015، لكن ذلك مشكوك فيه بالنسبة الى بلدان المشرق واليمن، وغير ممكن بالنسبة الى العراق وفلسطين.
الأولويات البيئية الرئيسية الخمس في المنطقة هي شح المياه ونوعيتها، تدهور الأراضي والتصحر، تدهور النظم الايكولوجية الساحلية والبحرية، ادارة المناطق الحضرية، والسلم والأمن.
شح المياه ونوعيتها
غرب آسيا من المناطق الأكثر شحاً بالمياه في العالم. فبين عامي 1985 و2005، انخفض مجموع المياه العذبة المتوافرة للفرد من 1700 متر مكعب الى 907 أمتار مكعبة في السنة. وبناء على زيادات سكانية متوقعة، ينتظر أن تنخفض الى 420 متراً مكعباً مع حلول سنة 2050.
وبما أن أكثر من 60 في المئة من المياه السطحية تنبع من خارج المنطقة، فان مسألة الموارد المائية المشتركة هي محدد رئيسي للاستقرار. والبلدان التي تجري فيها أنهار مشتركة لم توقع اتفاقيات حول تقاسمها وادارتها بشكل منصف. ويؤدي الاستغلال المفرط للمياه الجوفية واستمرار تدهور نوعية المياه السطحية والجوفية المحدودة، نتيجة مياه الصرف الصناعية والمنزلية والزراعية، الى تفاقم شح المياه كما يؤثر على صحة الناس والنظم الايكولوجية.
لقد تصاعد الاستهلاك المائي المنزلي من 7,8 بلايين متر مكعب عام 1990 الى نحو 11 بليون متر مكعب عام 2000 (زيادة بنسبة 40 في المئة)، وهذا اتجاه يتوقع أن يستمر. والتوسع الحضري السريع، خصوصاً في بلدان المشرق واليمن، يتحدى جهود تلبية الطلبات المتزايدة على المياه المنزلية في ظل ندرة المخصصات الحكومية. وعلى رغم أن معظم السكان يحصلون على مياه شفة نظيفة وخدمات صحية، فان هذه الخدمات ليست موثوقة دائماً، خصوصاً في المناطق المنخفضة الدخل. ويشكل نقص المياه المنزلية مشكلة في مدن رئيسية مثل صنعاء وعمّان ودمشق.
وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، يفسر النمو السكاني والتوسع الحضري السريعان وارتفاع الاستهلاك الفردي للمياه الزيادة الراهنة المنذرة بالخطر في الطلب على المياه في المدن. وإذ يراوح معدل الاستهلاك بين 300 ليتر و750 ليتراً للفرد في اليوم، فان هذه البلدان تعتبر الأكثر استهلاكاً في العالم. ومن الأسباب الرئيسية غياب الادارة الصحيحة للطلب وآليات تحديد الأسعار. وقد ركزت السياسات الحكومية على الجانب الامدادي لانتاج المياه من المكامن الجوفية او محطات التحلية. أما تعرفات المياه فهي منخفضة عموماً، إذ لا تزيد على 10 في المئة من الكلفة، مع عدم توفير أي حوافز للمستهلكين كي يقتصدوا في الاستهلاك.
وعلى رغم ارتفاع الطلب في المدن، فان القطاع الزراعي يستأثر بأكثر من 80 في المئة من مجموع المياه المستعملة في بلدان الخليج. وخلال العقود القليلة الماضية، أدت السياسات الاقتصادية التي أولت أفضلية للاكتفاء الذاتي الغذائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية الى جعل تطوير الزراعة المروية وتوسيعها أولوية. وازداد الاستهلاك الزراعي للمياه من نحو 73,5 بليون متر مكعب عام 1990 الى أكثر من 90 بليون متر مكعب عام ،2000 ما سبب ضغوطاً هائلة على الموارد المائية المحدودة في المنطقة. وعلى رغم أن بلداناً كثيرة تخلت مؤخراً عن هذه السياسات، يتوقع أن يزداد الاستهلاك الزراعي للمياه وأن تسوء مشكلات توزيع المياه بين القطاعات الزراعية والمنزلية والصناعية.
أما في المشرق، فتشكل الآثار الصحية الناتجة عن سوء نوعية المياه هماً رئيسياً. وأهم الأسباب استعمال المياه المبتذلة المنزلية غير المعالجة في الري، ورداءة الخدمات الصحية، وسوء ادارة النفايات. وقد أدى الاستغلال الجائر للمياه الجوفية الى جفاف كثير من الينابيع الطبيعية، ما تسبب في دمار الموائل المجاورة فضلاً عن خسارة قيمتها التاريخية والثقافية. ومثال على ذلك جفاف معظم الينابيع الدهرية في واحة تدمر  حيث نشأت مملكة زنوبيا.
في السنوات القليلة الماضية، تحولت بلدان كثيرة الى أساليب أكثر تكاملاً لادارة المياه وحمايتها. وتتركز الاصلاحات على اللامركزية والخصخصة وادارة الطلب والكفاءة الاقتصادية والاستدامة البيئية. لكن القدرات المؤسساتية القائمة قاصرة عن تنفيذ كثير من هذه الاستراتيجيات وتحتاج الى تحسين.
تدهور الأراضي وتصحرها
تشكل الأراضي الجافة 64 في المئة من منطقة غرب آسيا التي تبلغ مساحتها نحو 4 ملايين كيلومتر مربع، وهي ذات تربة كلسية ومعرضة للانجراف والتدهور. ولا يزرع إلا 8,23 في المئة من الأرض، ومع ذلك كانت تاريخياً تمد السكان بمحاصيل وفيرة مع حدّ أدنى من الضرر البيئي. لكن خلال السنوات العشرين الماضية، أدى تضاعف عدد السكان الى ازدياد الطلب على موارد الأراضي. وترافق ذلك مع الاستعمال المكثف لتقنيات غير ملائمة وسوء تنظيم موارد الممتلكات العامة وسياسات زراعية غير فعالة وتنمية حضرية سريعة غير مخططة. وأدت هذه الضغوط الى تغيرات واسعة الانتشار في استخدامات الأراضي والى تدهور التربة والتصحر. وتشكل التعرية التي تحدثها الرياح، والملوحة، والانجراف الذي تسببه المياه، تهديدات رئيسية، فيما يشكل تغدّق التربة بالماء وتقشرها وقطع الأشجار مشاكل ثانوية. في أوائل العام ،2000 كانت الأراضي قد تدهورت بنسبة 79 في المئة، 97,8 في المئة منها تسببت بها نشاطات بشرية.
وأدى توسع المناطق المزروعة والمروية، والاستخدام المكثف للآلات والتكنولوجيا الحديثة ومبيدات الأعشاب والآفات والأسمدة الكيميائية، والتوسع في استثمار البيوت المحمية والاستزراع المائي، الى زيادة كبيرة في الانتاج الزراعي. وازدادت الأراضي المروية من 4,1 ملايين هكتار عام 1985 الى 7,3 ملايين هكتار عام .2002 ولكن على رغم الزيادات في انتاج الغذاء استمر العجز التجاري في التنامي. وأدى سوء الادارة والاستعمال غير الرشيد لمياه الري الى ازدياد ملوحة التربة وقلويتها، ما يؤثر على نحو 22 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة. وتتوقع خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة تأثيرات التملح.
تحتل المراعي نحو 52 في المئة من مجمل مساحة الأراضي. وتتغير قدرتها على التحمل سنوياً وفق توزع الأمطار ومعدلات هطولها. وتقديرات الانتاج السنوي للعلف الحيواني الجاف منخفضة، تراوح بين 47 كيلوغراماً للهكتار في الأردن و1000 كيلوغرام للهكتار في لبنان، ما يظهر فجوة كبيرة في توافر العلف، رغم أنه لم يحصل تغير جوهري في الوحدات الحيوانية منذ عام 1987 (14,61 مليون). الرعي المكثف والمبكر وزراعة الأراضي الرعوية والنشاطات الترفيهية خفضت كثيراً التنوع النباتي والحيواني وكثافته، وزادت انجراف التربة وزحف الكثبان الرملية على الأراضي الزراعية. ففي الفترة 1985 ـ ،1993 مثلاً، ازدادت الأراضي التي غطتها الرمال بنحو 37,500 هكتار في منطقة البشري في سورية، وتضاعفت تقريباً مساحة الحقول الكثبانية خلال 15 شهراً شمال الجبيل في شرق المملكة العربية السعودية. وبين 1998 و،2001 أدى الرعي الجائر وجمع حطب الوقود الى خفض انتاجية المراعي بنسبة 20 في المئة في الأردن و70 في المئة في سورية.
تحتل الغابات في غرب آسيا 4,7 ملايين هكتار وتشكل أقل من 0,1 في المئة من مجمل المساحة الحرجية في العالم، وهي تتأثر بالحرائق وقطع الأشجار والرعي والزراعة والتوسع الحضري. خلال السنوات العشرين الماضية، انخفضت مساحة الغابات في اليمن بنسبة 17 في المئة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة بنسبة 50 في المئة، بينما زادت برامج التشجير مجمل المساحة الحرجية في الامارات بنسبة 32 في المئة وبنسبة 20 في المئة في الأردن. التحديات والعوائق الرئيسية التي تواجه الادارة المستدامة للغابات هي ضعف المؤسسات وعدم تطبيق القوانين، وسوء ممارسات استغلال الأراضي، والظروف المناخية القاسية ومحدودية المياه، ونقص الفنيين وخدمات التدريب الزراعي، وشحة التمويل، والسياسات الفاشلة.
تُبذل في المنطقة جهود لا يستهان بها لتحسين الأراضي المتدهورة، مثل اعتماد تقنيات الري والزراعة المقتصدة بالمياه، واعادة تأهيل الأراضي الرعوية، وزيادة المساحة الخاضعة للحماية، ومشاريع التحريج. لكن هذه الجهود لا تغطي إلا 2,8 في المئة من الأراضي المتدهورة في شبه الجزيرة العربية و13,6 في المئة في المشرق العربي. ولم تدرك حكومات المنطقة إلا مؤخراً الأهمية الايكولوجية للغابات، وهي تقوم حالياً بالمحافطة على النظم الايكولوجية للغابات وتنوعها البيولوجي، خصوصاً بتحويلها الى محميات وبترويج السياحة البيئية. وأتاح تجميع المياه في أحواض كبيرة في سورية والأردن والعراق موائل جديدة للأنواع المقيمة والمهاجرة، وخصوصاً الطيور. وحقق مشروع ''جنة عدن مجدداً ''2004 تقدماً كبيراً في إحياء أهوار العراق، والمحافظة على أنواع القمح المحلي في الأردن وسورية.
السواحل والبحار
عانت المناطق الساحلية والبحرية من النمو السريع للمدن والمنتجعات والمشارع الترفيهية. وأدت أعمال التجريف لتنفيذ مشاريع التطوير الحضري والمواصلات الى تغييرات واسعة في السواحل. وفي أوائل تسعينات القرن العشرين، كانت بعض دول الخليج طورت 40 في المئة من خطوطها الساحلية. في البحرين مثلاً، ازدادت المنطقة الساحلية بنحو 40 كيلومتراً مربعاً في أقل من 20 سنة. ومنذ عام ،2001 تم إلقاء أكثر من 100 مليون متر مكعب من الصخور والرمال في البحر لاقامة جزر النخل على شاطئ امارة دبي لزيادة الخط الساحلي 120 كيلومتراً. وتم استعمال أكثر من 200 مليون متر مكعب من الرسوبيات المجروفة في مدينة الجبيل الصناعية في السعودية، واستهلك الجسر البحري الذي يربط بين البحرين والسعودية ويبلغ طوله 25 كيلومتراً نحو 60 مليون متر مكعب من الطين والرمال المجروفة.
وتشكل الصناعة والزراعة والانتاج الحيواني وتصنيع المواد الغذائية والمرطبات المصادر الرئيسية لأحمال الكربون العضوي والمركبات المستنزفة للأوكسيجين في المياه الساحلية للدول الثماني الأعضاء في المنظمة الاقليمية لحماية البيئة البحرية ROPME تأثيرات على الثروة السمكية أحدثت مشاريع التنمية الساحلية ضغوطاً كبيرة على مصائد الأسماك. وتعتبر الملوثات ودرجات الحرارة المرتفعة والميكروبات والسموم العضوية مسؤولة عن نفوق الأسماك في الخليج من عام 1986 الى عام 2001، مما انعكس خسائر اقتصادية لا يستهان بها تكبدتها الصناعة السمكية والصيادون المحليون. واضافة الى ذلك، أدى النمو السكاني الى انخفاض حصة الفرد من كميات الأسماك التي تصاد سنوياً، ما يهدد الأمن الغذائي. وفي منطقة ''روبمي'' أكثر من 120,000 صياد سمك. وخلال السنوات العشر الماضية، بقي حصاد الأسماك في بلدان المشرق بحدود 5000 الى 10,000 طن في السنة، فيما ازدادت الكمية التي تصاد سنوياً في اليمن من نحو 80,000 الى 140,000 طن. وثمة أنظمة لمصائد الأسماك، لكنها تحتاج الى تطبيق، خصوصاً في منطقة ''روبمي''.
أشجار المنغروف (القرم أو الشورى) مهددة، خصوصاً بسبب نشاطات ردم البحر التي دمرتها، حيث لم يبق إلا 13,000 هكتار في الخليج. ويتوقع أن تتسبب صناعة استزراع الروبيان الناشئة والمتنامية في البحر الأحمر بأضرار كبيرة لما تبقى من المنغروف. وقد مورست في السنوات الخمس الأخيرة نشاطات كثيرة في البحر الأحمر لحماية هذه الأشجار، كجزء من برامج الحفاظ على الموائل والتنوع البيولوجي وخطط العمل الاقليمية. وفي عام 2006، وافقت البلدان الأعضاء في ''روبمي'' على انشاء مركز اقليمي للمعلومات البيئية في عُمان سيقوم بجمع معلومات عن أشجار المنغروف.
أدخلت بلدان عربية مؤخراً أنظمة تقتضي إجراء تقييم للأثر البيئي قبل القيام بأي نشاطات ساحلية أو بحرية، واعتمدت خططاً متكاملة لادارة المناطق الساحلية. لكن التحدي يبقى في التنفيذ. واضافة الى ذلك، في غرب آسيا أكثر من 30 محمية بحرية، وتم توقيع 18 اتفاقية اقليمية ودولية تتعلق بالبيئات الساحلية والبحرية.
ادارة البيئة الحضرية
حصل توسع حضري مكثف في غرب آسيا خلال العقدين الماضيين، ما أدى الى تمدد مفرط في البنية التحتية وكان له أثر كبير وانما متفاوت على الموارد البيئية والطبيعية. وتسبب النمو السكاني الطبيعي، والهجرة والنزوح من الأرياف في بلدان المشرق، والتحولات الاقتصادية، والعولمة، وازدياد اعداد العمال المستقدمين الى بلدان مجلس التعاون الخليجي، في ارتفاع الطلب على المياه والطاقة والى تحديات تتعلق بادارة النفايات وتدهور نوعية هواء المدن والبيئة.
توسعت أحياء البؤس والمناطق العشوائية، خصوصاً حول المدن الكبرى في المشرق. وخلال العقد الأخير، تضاعف تقريباً عدد الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع بائسة في اليمن، وازدادوا بنحو 15 في المئة في الأردن و25 في المئة في سورية و30 في المئة في لبنان.
وفي فلسطين والعراق، ساهمت النزاعات المسلحة في ازدياد سكان أحياء البؤس ومخيمات اللاجئين. وفي عام 2005، كان هناك أكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان ونحو 427 ألفاً في سورية وقرابة 1,870,000 في الأردن، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة كان هناك نحو 1,650,000 لاجئ مسجل، أي قرابة ثلث مجمل عدد السكان الفلسطينيين. وأثناء حروب الخليج الثلاث، أدت العقوبات الاقتصادية الصارمة على العراق والنزاعات المتواصلة الى تدمير البيئة، وسببت نقصاً حاداً في المساكن قدر بنحو 1,4 مليون وحدة سكنية في وسط العراق وجنوبه، في حين يعيش في الشمال شخص من كل ثلاثة في مساكن أو أحياء دون المستوى المقبول. وفي عام 2003، كان 32 في المئة من سكان المدن العراقية يعيشون تحت خط الفقر أو قربه، وعدد كبير في مخيمات اللاجئين على الحدود مع سورية وإيران. وقد أدت أوضاع مشابهة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان الى ارتفاع مستويات الفقر في المدن. وفي عام 1997، كان 27 في المئة من سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر، وهبط 67 في المئة من سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت هذا الخط عام 2004.
أدى التوسع الحضري السريع وسوء ادارة النفايات والتغيرات في أسلوب الحياة الى ازدياد النفايات. ويبلغ معدل توليد النفايات الصلبة في بلدان مجلس التعاون الخليجي 1,2 كيلوغرام للفرد في اليوم، بالمقارنة مع نحو 0,63 كيلوغرام في بلدان المشرق. وعدم قدرة النظم الحالية لادارة النفايات على معالجة الوضع أفرز مشاكل صحية بشرية وبيئية جوهرية. كما أن وجود المطامر وحرق النفايات وانتشار القوارض والروائح الكريهة خفض قيمة الممتلكات العقارية في المناطق السكنية المجاورة.
قطاع الطاقة، الذي تهيمن عليه مرافق النفط والغاز الضخمة ومحطات الكهرباء، هو محرك رئيسي للتنمية الاقتصادية والتدهور البيئي في آن. وتحتوي المنطقة على نحو 52 في المئة من احتياطات النفط العالمية و25,4 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي، وتنتج 23 في المئة من النفط العالمي و8,7 في المئة من الغاز العالمي، وهي حصة يتوقع أن تزداد. ويتباين الاستهلاك الفردي للطاقة كثيراً بين البلدان المنتجة للنفط والبلدان غير المنتجة له.
ولقطاع الطاقة تأثيرات سلبية على الهواء والماء والأرض والموارد البحرية، كما يساهم في تغير المناخ العالمي. وقد ازداد معدل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من 5,84 الى 7,38 أطنان للفرد بين عامي 1987 و2000، علماً أن المعدل العالمي 3,9 أطنان. واضافة الى التوسع الصناعي واستعمال الوقود الأحفوري، فإن هذه الزيادة كانت أيضاً نتيجة ازدياد عدد السيارات وسوء ادارة المواصلات ودعم أسعار الوقود والطاقة وعدم كفاءة النقل العمومي وقِدم السيارات، خصوصاً في بلدان المشرق.
وتشكل محطات توليد الطاقة، ومعامل انتاج البتروكيماويات والألومنيوم والأسمدة، والمركبات الآلية، المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في بلدان مجلس التعاون الخليجي. ووفاءً بمواصفات الأسواق العالمية، تعهدت مصافي النفط في الكويت والسعودية والبحرين والامارات بخفض المحتوى الكبريتي للمنتجات البترولية. كما تحقق انخفاض في حرق الغاز واطلاق هيدروكربونات أخرى من الآبار.
ويؤثر تلوث الهواء تأثيراً كبيراً على صحة الانسان. ففي الأردن، مثلاً، يقدر أن أكثر من 600 شخص يموتون قبل الأوان كل سنة نتيجة تلوث هواء المدن، وتضيع سنوياً 10,000 سنة عمر عجزاً ومرضاً.
كانت استجابة الحكومات لهذه التحديات متباينة وبعيدة عن المستوى الوافي. وللحد من النمو في أحياء البؤس، تؤمن بلدان مجلس التعاون الخليجي مساكن لجميع المواطنين. وقد وضع بعضها قوانين ومقاييس للاقتصاد بالطاقة في المباني والأجهزة المنزلية. وتُبذل في بلدان أخرى جهود لابتكار برامج متكاملة لادارة النفايات ولمراقبة تلوث الهواء ووضع قوانين له. واعتمدت جميع بلدان مجلس التعاون الخليجي ولبنان وسورية وفلسطين البنزين الخالي من الرصاص.
لقد انخفضت الانبعاثات الرصاصية السنوية في لبنان من 696 طناً عام 1993 الى 395 طناً عام 1999 نتيجة استخدام البنزين الخالي من الرصاص واستعمال المحولات الحفازة. ويبلغ معدل تركيزات الرصاص في مواقع تتم مراقبتها في المدن 1,86 ميكروغرام في المتر المكعب، بينما يبلغ في الضواحي 0,147 ميكروغرام. وهذه المستويات تزيد كثيراً عما في بلدان فرضت حظراً تدريجياً على استخدام  البنزين المحتوي على رصاص. وتقدر كلفة التلوث بالرصاص في لبنان بين 28 و40 مليون دولار في السنة، أي 0,17 الى 0,24 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وهي ترتبط أساساً باعاقة النمو العصبي للأطفال.
سياسات التحول الى الغاز الطبيعي استجابة أخرى لتخفيف الملوثات الهوائية وانبعاثات غازات الدفيئة. والتكامل الاقليمي المقرر لمشاريع الغاز، مثل خط أنابيب الغاز الطبيعي في مشروع الدلفين المتوقع أن ينقل عام 2005 أكثر من 80 مليون متر مكعب من الغاز القطري الى الامارات، سوف يحسن توافر الطاقة والكفاءة الاقتصادية ونوعية البيئة. وبالمثل، عمدت بعض البلدان الى تطوير وتعزيز موارد طاقوية متجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وقد افتتحت أول محطة لطاقة الرياح في شبه الجزيرة العربية عام  2004 على جزيرة صير بني ياس في امارة ابوظبي بكلفة 2,5 مليون دولار، وسوف تولد 850 كيلوواط من الكهرباء لتشغيل محطة لتحلية مياه البحر. واذا تبين أن التحلية بواسطة طاقة الرياح غير مكلفة، فيمكن اعتمادها في منطقة مجلس التعاون الخليجي.
السلام والأمن والبيئة
الأنشطة العسكرية المتواصلة في أنحاء منطقة غرب آسيا أطاحت برفاه الانسان وتسببت بتدهور الموارد الطبيعية والموائل الايكولوجية. وفي حين كانت التأثيرات حادة في مناطق واسعة من النظم الايكولوجية الأرضية والبحرية في شبه الجزيرة العربية والمشرق، تبقى البيانات الموثوقة نادرة باستثناء مواقع قليلة، ما يجعل التقييم صعباً على المدى البعيد.
تسببت حرب الخليج في 1990 ـ 1991 بأضرار بيئية جسيمة، خصوصاً في العراق والكويت والسعودية، وتم توثيقها في تقارير ''توقعات البيئة العالمية'' السابقة وتقارير أخرى. وبعد انقضاء 15 سنة، ما زالت آثار الضرر تظهر بوضوح على النظام الايكولوجي. وقد تدهور الوضع أكثر خلال الغزو الأخير للعراق، اذ تسبب انشاء التحصينات العسكرية وزرع الألغام الأرضية وازالتها وانتقال الآليات العسكرية والجنود بتشويه جسيم للنظم الايكولوجية والمناطق المحمية في الكويت والعراق. وفي الصحراء، سرّعت هذه الأنشطة انجراف التربة وزادت من حركة الرمال ومن حدوث عواصف ترابية ورملية.
وازداد القلق حيال استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفد في حربي 1991 و2003. كما أدى انتشار الملوثات، بما في ذلك مواد مشعة، الى تلويث أكثر من 300 موقع في العراق. وفي بغداد نحو 800 موقع خطر، غالبيتها تتعلق بذخائر. وأظهر تقييم مفصل لخمس مناطق صناعية رئيسية تهديدات خطيرة لصحة الانسان وللبيئة، ودعا الى اتخاذ اجراء عاجل لاحتواء المواد الخطرة.
وفي الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان، حدث تلوث نفطي واسع على طول الشاطئ بعد قصف خزانات الوقود التابعة لمحطة توليد الطاقة في الجية جنوب بيروت في منتصف تموز (يوليو) 2006. وقد وصف بيئيون التلوث بأنه أسوأ كارثة بيئية في تاريخ لبنان، مع ما له من اخطار اضافية تهدد صحة الانسان نتيجة تلوث الهواء والمياه.
وفي الأراضي الفلسطينية، تسبب الأثر المتراكم لعقود من الاحتلال والاهمال بمشاكل بيئية جدية، بما في ذلك تدهور الموارد المائية الشحيحة والتلوث الناتج عن النفايات الصلبة والسائلة. والفلسطينيون الرازحون تحت الاحتلال محرومون من حق ادارة مواردهم المائية ويحصلون على حصة ماء للفرد تقل أربع مرات عما يحصل عليه الاسرائيليون. وفوق ذلك، تستغل اسرائيل المزيد من الموارد المائية الجوفية المشتركة في قطاع غزة والضفة الغربية، ما يمثل تحدياً للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن بناء الجدار الفاصل فاقم المشاكل الانسانية والبيئية هناك، وهو تطلب تجريف الأراضي وتدمير المحاصيل الزراعية واقتلاع الأشجار، ما أدى الى تغيير المعالم الطبيعية للأراضي والتصريف الطبيعي لمياه الأمطار وتجزئة النظم والممرات الايكولوجية، كما فرَّق عائلات فلسطينية وأعاق وصولها الى أراضيها الزراعية وآبارها المائية.
ومن نتائج الحروب في المنطقة انقطاع الخدمات الصحية وتعميق الفقر وتدمير المؤسسات والعجز عن تطبيق القوانين البيئية، اضافة الى النتائج المتعلقة بصحة الانسان. فمن بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات في محافظة بغداد، 7 من كل 10 عانوا من اسهال بين عامي 1996 و2000 بسبب ندرة المياه النظيفة ورداءة مرافق الصرف الصحي وعدم جمع النفايات.
مسألة المهجرين والنازحين داخلياً في غرب آسيا لا مغالاة في توكيدها. فالحروب المتتالية زادت أعدادهم الى ما يقدر بأربعة ملايين أو أكثر. وهم يعيشون في أوضاع اجتماعية واقتصادية مزرية، حيث كثافة سكانية عالية وبنية تحتية بيئية غير وافية، ما يزيد الضغط على البيئات الهشة. وتساهم كثافة السكان في مخيمات اللاجئين بقطاع غزة في استنزاف مخزونات المياه الجوفية، ما يؤدي الى تسرب المياه المالحة اليها فتصبح غير صالحة للري. وأثناء الأعمال العدائية التي سادت الحدود الاسرائيلية اللبنانية عام 2006، اضطر نحو مليون شخص الى النزوح موقتاً من منازلهم في لبنان، ما أثار مخاوف جدية حول وضعهم المعيشي.
ألحقت الحروب اضراراً بالغة بالبنى التحتية. وتسبب قصف أهداف عسكرية ومدنية في العراق ولبنان الى تغيير معالم المدن والأرياف. وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، دمرت قوات الاحتلال جزءاً كبيراً من مخيم اللاجئين في جنين. كما أن الأعمال العدائية في أيار (مايو) الماضي ألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية الاقتصادية في قطاع غزة، ما فاقم المشكلات الاقتصادية القائمة.
وتستمر الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في اعاقة الوصول الى الموارد الطبيعية، ما يهدد مصادر رزق المجتمعات المحلية ويعرقل جهود اعادة البناء. وقد تم زرع نحو 150 ألف لغم أرضي عشوائياً في لبنان بين عامي 1975 و1990. وأشار تقييم أولي أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة لما بعد النزاع الأخير في لبنان الى تحديد قرابة 100 ألف قنبلة عنقودية غير منفجرة، وهذا رقم يتوقع أن يرتفع. وهناك احتمال بأن يؤدي تفجير الذخائر غير المنفجرة الى اطلاق ملوثات في الهواء والتربة. وفي العراق، راوح مجمل عدد الذخائر الافرادية غير المنفجرة بين 10 آلاف و40 ألفاً.
ان الكلفة البيئية الخفية والطويلة الأجل في المنطقة هائلة ولا يمكن تقديرها بسهولة. ومنذ حرب الخليج، تم ادخال آلية لمعالجة المطالبات البيئية الناتجة عن الحروب والمنازعات. وقدمت البلدان المجاورة للعراق مطالبات بيئية للحصول على تعويضات من العراق من خلال لجنة التعويض التابعة للأمم المتحدة. وتضمنت الاستجابة الميدانية للأضرار البيئية للحرب تقييم الأضرار ونزع الألغام وتنظيف المواقع المستهدفة واعادة تأهيلها.
لقد حققت منطقة غرب آسيا خطوات نحو تعزيز الحكمية البيئية منذ صدور تقرير برونتلاند. وتم اعداد استراتيجيات بيئية وخطط عمل وطنية، ويقوم بعض البلدان باعداد استراتيجيات تنمية مستدامة. لكن رؤية لجنة برونتلاند لم تتحقق حتى الآن، وهذا يعود أساساً الى تردد حكومات المنطقة في تنفيذ عملية متكاملة لصنع القرارات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. فهي ما زالت تتصور وتنفذ بشكل روتيني برامج تنمية اقتصادية على أسس قطاعية، من دون أن تأخذ في الاعتبار أسبابها وسياقاتها وملابساتها البيئية والاجتماعية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.