Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
إبراهيم عبدالجليل ديبلوماسية الإيثانول  
نيسان (أبريل) 2007 / عدد 109
 منذ نشأة "أوبك" عام 1960 كمنظمة تعمل لحماية مصالح الدول المنتجة والمصدرة للبترول، سعت الدول الصناعية الأكبر استهلاكاً للبترول إلى العمل على التصدي لسياسات "أوبك" وتهميش دورها في السوق العالمية من خلال مجموعة كبيرة من السياسات، كان من أهمها تنويع مصادر الطاقة وتطوير بدائلها من أجل تقليل الاعتماد على البترول المستورد. وعلى مدار السنين نجحت تلك السياسات في الحد من التأثير الأحادي لـ "أوبك" في سوق الطاقة العالمية، بل أصبحت تلك السوق في بعض الأحيان سوقًا يتحكم فيها المستهلكون. والآن، بعد مرور ما يقرب من خمسين عاماً على إنشاء "أوبك" يذهب الرئيس الأميركي بصفته المستهلك الأكبر للبترول إلى دول أميركا اللاتينية حيث معقل صناعة الإيثانول الحيوي في البرازيل، في محاولة لخلق تجمع جديد للدول المنتجة لهذا الوقود الواعد.
وقد بدأت حكاية البرازيل مع الإيثانول منذ أوائل الثمانينات، حينما استخدم كوقود للسيارات بعد خلطه بالغازولين بنسب مختلفة نتيجة التطور التكنولوجي في صناعة المحركات.  ومن بين كل عشر سيارات تسير الآن في شوارع البرازيل، تعمل ثماني سيارات بوقود الإيثانول، حتى أن النسبة بلغت نحو 62 في المئة من جملة مبيعات السيارات الجديدة عام 2005. ولقد تطورت تكنولوجيا إنتاج الإيثانول الحيوي من قصب السكر في البرازيل حتى بلغت نحو 4.5 بلايين غالون سنوياً، مما أدى إلى خفض كلفة إنتاجه.
أما في الولايات المتحدة، التي تستهلك سنوياً نحو 140 بليون غالون من الغازولين المستورد معظمه من الخارج، فلقد بدأ إنتاج الإيثانول من الذرة خاصة في ولايات الوسط الغربي المعروفة باسم "حزام الذرة".  وشجعت الحكومة الأميركية هذا الاتجاه ومنحت دعماً لإنتاج الإيثانول بواقع 51 سنتاً لكل غالون، مما تسبب في زيادة الطلب على الذرة وارتفاع أسعارها. وفي الولايات المتحدة حالياً 113 مصنعاً لإنتاج الإيثانول من الذرة، وهناك 78 مصنعاً آخر تحت الإنشاء، تستهلك نحو 20 في المئة من جملة محصول الذرة الأميركية لإنتاج نحو 5 بلايين غالون إيثانول في 18 ولاية أميركية تأتي في مقدمتها ولاية أيوا. ولحماية هذه الصناعة، فرضت الحكومة الأميركية أيضاً ضريبة تعادل نحو 54 سنتاً عن كل غالون مستورد من الخارج. ومن المعروف أن البرازيل هي الدولة الوحيدة المصدرة للإيثانول الى الولايات المتحدة، وهذهالحماية تشكل عائقاً أمام صادرات الإيثانول البرازيلية. بالإضافة الى ذلك، فقد وضع قانون الطاقة الأميركي الصادر عام 2005 هدفاً لإنتاج 7.5 بلايين غالون إيثانول بحلول عام 2012 في محاولة لتطوير تلك التقنية ونشر استخدامها.
أثارت تلك السياسة جدلاً واسعاً حول جدوى استخدام الذرة لصناعة الوقود بدلاً من صناعة المواد الغذائية، اذ ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن وبقية المنتجات الغذائية التي تدخل الذرة ضمن مكوناتها. وقد شهدت المكسيك مؤخراً، وكذلك الصين، بعض التظاهرات الغاضبة من هذه السياسات التي تتجاهل الفجوة الغذائية التي لا يزال يعاني منها فقراء العالم والتي لا تراعي احتياجات هؤلاء الفقراء من الغذاء. وللتصدي لمشكلة استخدام المحاصيل الزراعية الغذائية مثل قصب السكر والذرة في إنتاج الوقود، تنصبّ جهود البحث والتطوير حالياً على إنتاج هذا الوقود من أنواع أخرى من النباتات تزيد فيها نسبة السلولوز، أو من المخلفات الزراعية مثل قش الأرز التي تسبب مشاكل بيئية في العديد من دول العالم.
ويدور حالياً جدل شديد حول الفوائد الاقتصادية والبيئية لصناعة الإيثانول الحيوي، التي ما زالت تعتمد على الدعم والحماية من الحكومة الأميركية. فمن دون ذلك الدعم وتلك الحماية، وفي غيبة ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمية، تصبح الجدوى الاقتصادية لهذه الصناعة محل شك كبير. كما يجادل البعض أن الآثار البيئية لصناعة الإيثانول الحيوي تحتاج الى مراجعة، حيث تستهلك كميات كبيرة من الطاقة في عمليات التصنيع والنقل والتوزيع، علاوة على استخدام مزيد من الأسمدة والمبيدات لدى التوسع في إنتاج الذرة.
ويرى معارضو تلك السياسة أن 5 أو حتى 10 بلايين غالون من الإيثانول الحيوي قد تكون خطوة على الطريق، إلا أنها لن تحل مشكلة إدمان الاقتصاد الأميركي للبترول. كما أن التعاون مع البرازيل في خلق سوق عالمية موازية لسوق البترول قد يتطلب أولاً إزالة الحواجز التجارية كافة، خصوصاً الضرائب المفروضة على واردات الإيثانول، وهو ما يرفضه الكونغرس الأميركي الذي مدد فترة تنفيذ تلك الضرائب حتى سنة 2009. وتلك خطوة يرى البرازيليون أن على أميركا أن تقوم بها إذا كانت تسعى فعلاً الى لخلق تسعى لخلق سوق حرة عالمية لتجارة الإيثانول.
ومعروف أن استخدام الإيثانول الحيوي بدأ أصلاً في الولايات المتحدة، كإضافة لتحسين الرقم الأوكتاني للغازولين بدلاً من الرصاص الذي حظر استخدامه نظراً لمخاطره على الصحة، وكذلك بدلاً من مادة MTBE التي حظر استخدامها أيضاً مؤخراً نظراً لتأثيراتها البيئية الضارة على المياه الجوفية. وتدريجياً، تم التوسع في خلطه مع الغازولين حينما تطورت صناعة المحركات التي سمحت باستخدامه بنسب كبيرة قد تصل إلى 85 في المئة مخلوطاً بالغازولين. وهناك حالياً نحو 1000 محطة تبيع هذا النوع من الوقود في الولايات المتحدة.
من أهم المزايا البيئية لاستخدام هذه النوع من الوقود الحيوي أنه سوف يقلل كثيراً من الملوثات الناتجة عن الاحتراق، خصوصاً ثاني أوكسيد الكبريت، مساهماً بذلك في حل مشاكل تلوث الهواء في المناطق الحضرية المزدحمة. كما أنه يحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، أحد غازات الاحتباس الحراري والمتهم الرئيسي في حدوث مشكلة تغير المناخ نتيجة ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية. هذا فضلاً عن إنتاجه من مصادر متجددة غير قابلة للنضوب، مما يؤهله ليصبح واحداً من خيارات الطاقة المستديمة التي يسعى العالم كله الى التحول لاستخدامها.
بالعودة إلى زيارة جورج بوش الأخيرة لدول أمريكا اللاتينية، التي بدأها بزيارة البرازيل في محاولة لإيجاد تجمع للدولة المنتجة للإيثانول قد يكون موازياً لتجمع "أوبك"، يرى البعض أنها إحدى الإستراتيجيات التي وعد بها الرئيس الأميركي لتقليل اعتماد بلاده على بترول الشرق الأوسط الذي تعصف به النزاعات والاضطرابات، وكذلك على بترول فنزويلا حيث الرئيس هوغو شافيز الذي يتزعم حملة ضد سياسات الهيمنة الأميركية في العالم وفي أميركا الجنوبية.
فهل تكون زيارة بوش الى البرازيل أول خطوة نحو علاج أميركا من إدمان البترول ... عن طريق إدمان الكحول؟
البروفسور ابراهيم عبدالجليل مدير برنامج الادارة البيئية بجامعة الخليج العربي في المنامة، البحرين.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.