عماد الأطرش (الضفة الغربية)
أرض فلسطين من أفضل الأماكن في العالم لمراقبة هجرة الطيور، بسبب موقعها الجغرافي المتميز بين ثلاث قارات الذي جعلها بمثابة "عنق زجاجة" على مسار تلك الطيور التي تعبر فوقها بكثافة وتشير تقارير محلية الى أن في فلسطين ما يقارب 500 نوع من الطيور، تنتمي الى ما يزيد على 206 أجناس و65 عائلة و21 رتبة. ولكن لا توجد معلومات دقيقة عن هذه الأنواع في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكثر أجناس الطيور شيوعاً الزريقة والدرسة والنورس والأبلق وخطاف البحر والصقور. أما أكثر العائلات انتشاراً فهي الهوازج والشحارير والبط والكواسر. وتشتمل الرتب الممثلة بأكبر عدد من الأنواع على الطيور المغردة (نحو 190 نوعاً) والزقزاقية (85 نوعاً) والوزيات (30 نوعاً). وهناك ما يقارب 170 نوعاً من الطيور المفرخة، منها مئة نوع مقيم.
يعود هذا التنوع الى عدة عوامل، أحدها موقع فلسطين الجغرافي المتوسط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا والبحر المتوسط، مع وجود نهر الأردن في الجهة الشرقية. وثمة عامل مهم آخر هو التنوع الغني لتربتها وطوبوغرافيتها، ومناخها الذي يمكّن الأنواع التي نشأت في مناطق اخرى من ترسيخ نفسها في هذا الشريط الضيق من الأرض الذي يعتبر كعنق زجاجة لهجرة الطيور.
مستوطنة وزائرة ومهاجرة ومشردة
في فلسطين نحو مئة نوع من الطيور المستوطنة التي تتوالد وتربي صغارها وتمضي فترة حياتها في هذه البلاد. منها كبير مثل عقاب الرمم والنسر الأسمر والصقر الذهبي، ومنها صغير الحجم مثل عصفور الشمس الفلسطيني.
وهناك الطيور الزائرة الشتوية التي تصل الى البلاد بين أيلول (سبتمبر) وكانون الأول (ديسمبر) وتغادرها بين شباط (فبراير) وآذار (مارس). تضع هذه الطيور بيضها وتربي صغارها في أوروبا، وتأتي الى فلسطين زائرة شتاء. ويصل عدد أنواع الطيور الزائرة الى نحو مئة، أهمها الزرزور والنورس الأسود الرأس، وقد لوحظ في السنوات الأخيرة أن بعضها تحوّل الى طيور مقيمة.
أما الطيور الصيفية، فتصل بين شباط (فبراير) وأيلول (سبتمبر)، ويأتي معظمها من أفريقيا والقليل من الهند. وهي تصل يافعة وتمكث حتى سن البلوغ، ثم تعود الى مواطنها الأصلية لتبيض وتتكاثر. وهناك نحو 72 طائراً صيفياً، منها الذعرة الصفراء والشقراق الأوروبي والرخمة المصرية.
الطيور المهاجرة "الحقيقية" هي التي تعبر البلاد مرتين سنوياً في طريقها بين أفريقيا وأوروبا ضمن مسار محدد، فتمكث أياماً أو أسابيع لتعاود الرحيل. ويتراوح عددها بين 100 و120 نوعاً، منها اللقلق الأبيض والذعرة البيضاء (أم سكوكع) والكركزان وبعض الجوارح.
وثمة طيور "مشردة" تزور البلاد في فترات غير منتظمة، وهي ليست ذات مسار أو توقيت محدد بل يكون ظهورها واختفاؤها فجأة. ومنها ما يقارب 130 نوعاً، كالأوز الأوروبي والبجع الصاخب الذي يمر فوق سماء غزة.
تكثر الطيور المائية على طول شاطئ البحر المتوسط. وعندما يتجه طائر معين الى الشاطئ فإنه لا يعبر الى عمق اليابسة، بل يستمر في الطيران جنوباً على امتداد الشاطئ أو قد يستقر لبعض الوقت في وادي غزة وشاطئ بحرها بحثاً عن الراحة والاستقرار والطعام، ثم يعود الى موئله أو الى منطقة هجرته الجديدة. وبعض الأنواع، مثل البجع الأبيض الكبير، يعبر سماء قطاع غزة من مصر الى الساحل الفلسطيني، ومن ثم جبال رام الله الغربية في طرق عودته من أفريقيا الى أوروبا.
الجوارح من أكبر عائلات الطيور الموجودة في فلسطين، ولها أهمية بالغة لخدمتها المزارع والبيئة، من خلال قضائها على القوارض والآفات وتنظيف بقايا الحيوانات النافقة أو المقتولة التي تترك في الطبيعة، وخاصة الكبيرة الحجم مثل الكلاب الضالة والدواب والأغنام.
وكانت هناك أنواع مفرخة شائعة، فباتت نادرة جداً بسبب استخدام المبيدات الحشرية لوقاية المزروعات، ومنها الحدأة السوداء وعقاب بونيلي والرخمة المصرية والنسر الأسمر (عقاب الرمم) والعويسق (الباز الأحمر) والصقر الحوام الطويل الساقين. ومن الطيور النادرة شبه المنقرضة في فلسطين النسر ذو الأذن والعقاب المرقط والعقاب الأسود والنسر الملتحي والدريعة (مرزة المستنقعات). وقد أثرت المبيدات الكيميائية مثل كبريتات الثاليوم على الجوارح الشتوية التي نقصت مجتمعاتها كثيراً، واختفى بعضها مثل الباشق لسنوات عدة نتيجة أكلها الحبوب المسممة. ولقد أثر اختفاء الكثير من الطيور الجارحة في المجموعات الحيوانية، ويمكن أن يعزى ازدياد أعداد الشحرور والبلبل وحمامة النخيل (فاختة النخيل) ونقار الخشب السوري وأبو زريق (القيق) الى نقص أعداد مفترسها الرئيسي الباشق.
طائران انقرضا في فلسطين
سجلت النعامة للمرة الأخيرة في فلسطين عام 1914، وكان البدو يستخدمونها في ترحالهم. كما انقرضت بومة السمك البنية منذ بداية القرن العشرين، وكانت تعيش في مناطق طبريا وعلى ضفاف نهر الأردن، وقد سجلها للمرة الأخيرة الأب شميدت والأب غوستاف دلهام اللذان قدما الى فلسطين من ألمانيا لدراسة الحياة البرية، وقاما بامساك معظم أنواع الطيور والحيوانات البرية التي تواجدت في تلك الفترة وتحنيطها وايداعها في بعض المدارس الخاصة في القدس.