Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
فادي عبود محرقة البيئة  
حزيران (يونيو) 2007 / عدد 111
يعتقد البعض ان التعاطي مع الشأن البيئي في لبنان بعيد عن التجاذبات السياسية ويعتمد على العلم المجرد، ويالتالي يعتمد الحلول البيئية المتعارف عليها والمدققة والتي يتم اعتمادها في اوروبا وأميركا. ولكن الظاهر أن هذا الاعتقاد خاطئ، وأن وزارة البيئة، مثل غيرها من الوزارات، حولت همها الأساسي لنصب الحواجز، خاصة باتجاه القطاع الصناعي. أما الحلول البيئية العلمية فليس واضحاً من المسؤول عنها.
بالنسبة الى عمليات التدوير، نحن نرى أن غالبية بلدان العالم الغربي تعتمد اعفاءات ضريبية وهبات لتشجيع الصناعة من جهة، وتعتمد ضرائب مباشرة خاصة على عمليات الطمر لتشجيع الفرز واعادة التصنيع من جهة أخرى. هذه اجراءات واضحة وناجحة أين نحن منها.
التلوث البيئي موضوع آخر لم نفهم التسلسل المنطقي والعلمي المعتمد في لبنان بالنسبة اليه، ولم نفهم قرارات الحكومة السابقة والحالية حوله. فأوروبا تتجه أكثر فأكثر لاستعمال محركات السيارات الحديثة العاملة على المازوت "الأخضر" EN590 أو حتى مزيج من هذا المازوت والزيوت النباتية، والتي تعتمد محركات Euro4 تعتبر أقل تلويثاً من محركات البنزين، خصوصاً ان السيارات العاملة على المازوت تستهلك أقل بنحو 35 في المئة من السيارات نفسها العاملة على البنزين. وهذه لا تعمل أبداً على المازوت الصناعي، لذا لا خوف من استعماله أو استعمال المازوت المهرب على هذه السيارات. فهل سبب منعها بيئي أم ضريبي؟
والأسوأ من ذلك أن وزارة البيئة لم تتحرك قط للسماح باستيراد السيارات الهجينة (هايبريد) الممنوع استيرادها الى لبنان، لأن هناك قانوناً يمنع استيراد سيارات تعمل بمحركين، وهذه السيارات تعمل على البنزين والكهرباء وتقطع أكثر من 400 كيلومتر بكل صفيحة بنزين. هذه ممنوع استيرادها الى لبنان!
أما بالنسبة لتحويل النفايات الى طاقة، وهذه تعتبر الآن الطريقة الفضلى للتخلص من النفايات، فالموضوع يتناول القطاع الصناعي مباشرة، كما يتناول الموضوع البيئي وهو من أهم المواضيع في لبنان. وكم كنا نتمنى أن يحول أهل السياسة نقاشاتهم الى تقديم سياسات بيئية ومشاريع تدوير وخلق فرص عمل وسياسات لتخفيض الضرائب ومنع الاحتكارات، كما تعمل التكتلات السياسية في العالم.
بتسليط الأضواء على موضوع تحويل النفايات الى طاقة، ربما نفتح باب الحوار حول موضوع المحارق. وجدير بالذكر هنا أن الدانمارك، هذه الدولة الأوروبية المعروفة باحترام البيئة، تدوّر 32 في المئة من نفاياتها لانتاج طاقة تؤمن التدفئة لنحو 360,000 منزل والكهرباء لنحو 430,000 منزل من خلال مصانع لتسخين المياه وإنتاج الكهرباء. وتبنى المدارس والمنازل خصيصاً حول ما يسمى مصانع Energy From Waste (EFM) أي طاقة من النفايات. أما نحن في لبنان فلا نجد نطاقاً بلدياً واحداً يقبل بالبحث في موضوع المحارق، لأن أحداً لم يكلف نفسه عناء التمحيص العلمي حول هذا الموضوع.
الدانمارك ليست وحيدة في هذا المجال، فالسويد والنمسا وسويسرا وألمانيا وبريطانيا وبلدان أوروبية أخرى تعتمد على مصانع EFW، وهذه تناقض نظرية بعض نشطاء البيئة بأن الحرق مشكلة وأنه طريقة لا تعتمد المعايير البيئية. وهذه النظرية معتمدة في لبنان، رغم عدم صحتها. وفي الواقع، لم يتم البحث بمشاريع كهذه منذ أكثر من 20 سنة، خاصة بعد مشكلة محرقة برج حمود، فأصبحت فكرة المحرقة "وسخة"، ولا أحد يريد "توسيخ" يديه بهذا الموضوع.
ان الأساليب المتبعة في عمليات تحويل النفايات الى طاقة تخضع لشروط بيئية قاسية، وللرقابة، وتعتبر الأفضل بيئياً للتخلص من النفايات، وحتماً أفضل من الطمر. الحرق المباشر هو أحد الأساليب المتبعة، والأسلوب الآخر هو التغويز (gasification) حيث تحرق النفايات ولكن من خلال ضبط كمية الهواء المستعمل، أو بطريقة الحل الحراري (pyrolysis) عندما توضع النفايات في خزانات مفرّغة من الهواء وتسخن الى حين تحللها، وعندئذ ينتج عنها غاز طبيعي. وكل هذه الأساليب أصبحت معروفة وتستعمل لانتاج الكهرباء في العالم.
أما في بلدنا التعيس، فلا وقت للبيئة. وانشغال الأحزاب بالمهرجانات السياسية بدلاً من المهرجانات المطلبية لا يعطيها الوقت الكافي للتقدم بأي مشاريع بيئية. الحكم مشغول والمعارضة مشغولة بكل شيء ما عدا المحافظة على ما تبقى من الشعب اللبناني على هذه الأرض. وزارة البيئة اللبنانية ليست وزارة "سيادية"، وهذه كلمة يحبها اللبنانيون. كذلك وزارة الصناعة. ولكن في كل العالم تعتبر الصناعة أساس السيادة، وتسمى الدول الصناعية دولاً سيادية. أما في لبنان فوزارة الصناعة ووزارة البيئة تعتبران جائزتي ترضية!
رسالة بسيطة لكل التكتلات: ربما تربحون رأياً عاماً أكثر من خلال سياسة بيئية انتاجية واضحة، خاصة أن لا خلاف حول أهمية المحافظة على البيئة في لبنان. وهنا بعض الأفكار التي نطلب من أهل السياسة تبنيها:
- تحفيز ضرائبي لكل من يركب سخانات شمسية أو تدفئة على "مضخات الحرارة" (heat pumps) التي تعتمد على حرارة الارض، ويعزل البناء بالطرق العلمية.
- السماح باستيراد السيارات الهايبريد، بل أيضاً اعفاؤها من الرسوم الجمركية وتخفيض رسوم التسجيل.
- تكليف ضرائب على طمر النفايات، لاجبار شركات جمع النفايات على فرزها وتأمينها للمصانع بأسعار تشجيعية.
- تكليف المواطن ضريبة جمع نفايات في حال عدم وضعها في مستوعبات الفرز التي يجب تأمينها لكل نوع من النفايات على حدة، وإطلاق حملة إعلامية ذكية مكثفة عن أهمية الفرز.
- اعطاء حوافز ضريبية لمصانع التدوير.
- اعطاء حوافز ضريبية لانتاج الكهرباء من مصادر متجددة، ومنها الشمس والرياح والأمواج وحرق النفايات، وتحرير قطاع انتاج الكهرباء كلياً.
- فرض رسوم ميكانيك على أساس "صداقة" المركبة الآلية للبيئة، ترتفع على السيارات الملوثة وتنخفض على السيارات الأقل تلويثاً.
نكتفي بهذه النقاط وننتظر من يتبناها.
فادي عبود رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين. 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
فادي عبود محرقة البيئة
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.