فيما ينصب تفكير العالم على مشاريع ''تحييد الكربون'' للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، تتجه أنظار البيئيين الى الامارات العربية المتحدة، حيث كشفت سلطات أبوظبي عن خطط لانشاء أول مدينة خالية من الكربون والنفايات في العالم.

هذه المدينة الخضراء، المخصصة للطاقة والعلوم والتكنولوجيا الحديثة، ستكون جاهزة سنة 2009. وهي من مشاريع ''مبادرة مصدر'' التي رصدت بلايين الدولارات للأبحاث والتكنولوجيات المتقدمة في ميدان الطاقة والاستدامة، وتنفذها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل. وقال الرئيس التنفيذي للشركة سلطان أحمد الجابر: ''جميع المدن سوف تبنى يوماً بهذه الطريقة''. وستكون المدينة مقر ''معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا'' الذي يجري العمل على انشائه بالتعاون مع معهد مساتشوستس للتكنولوجيا (MIT). وستضم مرافق ومختبرات بحثية عالمية، ومكاتب شركات دولية مختارة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والتنمية المستدامة، وتستثمر في تطوير التكنولوجيات المتقدمة وتسويقها.

هذه المدينة ستسيَّر بالطاقة النظيفة فقط، على رغم أن الامارات من البلدان الرئيسية المصدرة للنفط. وسيتم لهذا الغرض انشاء محطة لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة 150 ألف ميغاواط، تجري دراستها حالياً من قبل شركة ''فيشر'' الألمانية، فضلاً عن محطة أخرى بقدرة 100 ألف ميغاواط.

وستكون المدينة المسوَّرة، التي تبلغ مساحتها ستة كيلومترات مربعة، خالية من السيارات، وتبعد 200 متر كحد أقصى عن أقرب محطة نقل ومنافع عامة. تسير في شوارعها مركبات كهربائية، تتكامل مع نظام ترامواي سريع ومنتظم. وستضفي شبكات المعابر المظللة جواً مريحاً للمشي على رغم المناخ الحار. وستقام في الأراضي المجاورة مزارع رياح وخلايا فوتوفولطية لانتاج الكهرباء بطاقة الرياح والشمس. كما ستقام حقول ومزارع أبحاث تجعل المدينة مكتفية ذاتياً.

إطلاق ''مصدر'' لمشروع مدينة ''صفر كربون'' هذه لقي ترحيب منظمات وهيئات حول العالم. ومن أوائل المهللين سكان ''آشتون هايس'' اول قرية بريطانية تحاول أن تصبح محايدة كربونياً. فقد خفض سكانها البالغ عددهم 1000 نسمة انبعاثاتهم الكربونية 20 في المئة خلال 15 شهراً، بسبل بسيطة مثل تركيب مصابيح مقتصدة بالطاقة والمشي مسافات قصيرة بدل استخدام السيارة وإطفاء الأنوار والأجهزة الكهربائية حين لا يحتاجون اليها. وأعربت تريسي تودهنتر، وهي سيدة من سكان القرية، عن أملها في أن تطلق مبادرة ''مصدر'' نقاشاً مهماً وبنّاء بين سكان الامارات وحول العالم عما يمكن للناس أن يفعلوه على نطاق فردي. وقالت: ''نحن في آشتون هايس أناس عاديون قلقون من الاحتباس الحراري ونريد أن نفعل شيئاً للحد من هذه المشكلة. علينا جميعاً واجب أخـلاقي لنفعل ما بوسعنا'.

أقامت مبادرة «مصدر» الإماراتية شراكة مع شركة «كونرجي» الألمانية لنظم الطاقة الشمسية لإنتاج 40 ميغاواط باستخدام الطاقة الشمسية في غضون سنتين.

الكهرباء المزمع إنتاجها تكفي عشرة آلاف منزل في إمارة أبو ظبي.

وتهدف الشراكة الى جعل «مصدر» أكبر مطور لنظم الطاقة  الشمسية وتركيباتها في المنطقة، والاستفادة من الإمكانات الهائلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

خلال معرض ''سيتي سكيب'' العقاري في أبوظبي في أيار (مايو) الماضي، تم إعلان ''خطة أبوظبي ''2030 للتنظيم المدني التي تجري بلورتها منذ منتصف 2006، على أن تصدر تفاصيلها لاحقاً. وقد كلفت حكومة أبوظبي جهاز الشؤون التنفيذية للامارة استقطاب أفضل الخبراء العاملين في مجال التخطيط الحضري وتنمية المجتمع، لوضع خطة شاملة عن تطور المدينة حتى سنة 2030 بالتنسيق مع دائرة البلديات والجهات المختصة في الامارة.