أطلقت الامارات العربية المتحدة في تشرين الأول (اكتوبر) 2007 مبادرة لقياس بصمتها البيئية. وتستهل المرحلة الأولى بجمع البيانات حول مواردها وأنماط الاستهلاك في مختلف القطاعات، مثل الطاقة والتجارة وصيد الأسماك والزراعة والمياه والتخطيط الحضري. وسيتم تحليل البيانات للحصول على البصمة البيئية للدولة.
وزارة البيئة والمياه، ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، وجمعية الامارات للحياة الفطرية ـ الصندوق العالمي لصون الطبيعة، والشبكة العالمية للبصمة البيئية، هي الشركاء الأربعة في إطلاق المبادرة وتنفيذها. وقد اعتبر وزير البيئة والمياه الدكتور محمد سعيد الكندي أن المبادرة من الأدوات المهمة في قياس معدلات استنزاف الأفراد للموارد الطبيعية، وإتاحة نتائج القياس للمسؤولين وصناع القرار لوضع السياسات والخطط الكفيلة بضمان الاستخدام الكفوء لهذه الموارد. وأشار الى أن النهضة الشاملة في الامارات خلال السنوات الأخيرة أثرت على مختلف أوجه الحياة فيها وشكلت ضغوطاً على الموارد الطبيعية، خاصة المياه والطاقة، وبات ترشيد استهلاك هذه الموارد من القضايا ذات الأولوية في سياستها الوطنية. وقال: ''إن مبادرة البصمة البيئية وسيلة مهمة في بناء قواعد بيانات متطورة توفر معلومات حديثة وموثوقاً بها، وهو أمر سيحقق أيضاً مستوى عالياً من الشفافية بين الجهات الرسمية والجمهور''.
أما ماجد المنصوري، أمين عام هيئة البيئة ـ أبوظبي ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، فأشار الى أن جمع البيانات يعتبر من المهام الشاقة التي تتطلب التعاون الكامل بين جميع الأفراد والمؤسسات، ''ويضاعف من هذه التحديات تعدد الجهات المختصة في كل إمارة ووجود العديد من الدوائر والادارات الحكومية ذات الصلة التي نحتاج الى تعاونها معنا لانجاز هذا المشروع''.
وأكد محمد الجودر، المنسق العام لمبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، على أهمية استخدام البصمة البيئية كأداة لتوعية الناس بأنماط الاستهلاك وتوافر المصادر، وأنها ستدفع باتجاه وضع خطط ومعايير يتم على أساسها التخفيف من الأثر السلبي لسلوكيات الانسان على البيئة.
وتعتبر البصمة البيئية مؤشراً لعامل الاستدامة يعمل على قياس استخدام المواد الطبيعية من قبل سكان الدولة. ووفقاً لما أظهره تقرير Living Planet لعام 2006، الصادر عن الصندوق العالمي لصون الطبيعة بالتعاون مع الشبكة العالمية للبصمة البيئية، جاءت ''بصمة الامارات'' في أعلى مرتبة عالمية. لكن مراجعة بيانات الموارد التي جمعت عند حساب هذه البصمة أشارت الى وجود فجوة بين السجلات العالمية والبيانات الواقعية للمؤسسات المحلية.
والبصمة البيئية أداة تستخدم مبادئ حسابية لقياس الموارد التي يتم استهلاكها ومتطلبات استيعاب المخلفات لمجموعة بشرية معينة أو اقتصاد معين من خلال مساحة مقارنة منتجة من الأرض. وهي تقيس الاستهلاك وتقارنه مع قدرة كوكب الأرض على إعادة توليد الموارد، ويتم قياس هذا الاستهلاك من خلال وحدة الأرض ذات الانتاج الأحيائي والتي تسمى ''هكتاراً عالمياً''.
وفقاً لما جاء في التقرير المبني على بيانات العام 2003، فإن البصمة البيئية لدولة الامارات العربية المتحدة هي 11,9 هكتاراً عالمياً للفرد الواحد. وكانت الطاقة أكبر عناصر هذه البصمة اذ بلغت 9,06 هكتارات عالمية للفرد (76,1% من مجمل البصمة البيئية). وبلغت نسبة الغذاء واللباس والأخشاب 2,75 هكتار عالمي (23,1%)، والأرض المبنية 0,07 هكتار عالمي للفرد (0,6%).
ولكن انطلاقاً من موقع الامارات الجغرافي وحالة الموارد الموجودة والخصوصية الديموغرافية، فإن هنالك افتراضاً مسبقاً أنها ذات بصمة بيئية أعلى بالمقارنة مع دول في مختلف أنحاء العالم. ومثل هذه النظرة ناجمة عن كون معظم المنتجات المستهلكة مستوردة، ما يؤدي الى اضافة المزيد من ثاني أوكسيد الكربون لما يتعلق بالمواصلات، وهو ما يدخل أيضاً في حساب البصمة البيئية. والغابات الطبيعية التي تمتص ثاني أوكسيد الكربون غير وفيرة في دولة الامارات، كما أن مساحة البحار فيها محدودة مما يحد من قابلية التخلص من هذه الانبعاثات، وهو الأمر الذي يزيد من معدل بصمة الطاقة.
ثم ان مساحة الأرض المنتجة صغيرة جداً، في حين أن معدل الاستهلاك للفرد عال، الأمر الذي يشير الى أن الامارات مستورد كبير لدعم الاستهلاك. كما أن معدل الاستهلاك عال إذا ما قورن بعدد سكانها، الأمر الذي يرفع البصمة البيئية للفرد.
ولتسهيل هذا الجهد الوطني الضخم في جمع المعلومات وتصحيح البيانات المتوافرة، حدد الشركاء في مبادرة الامارات عدداً من كبار المساهمين فيها، يمثلون وزارات ودوائر حكومية وجميع الغرف التجارية والبلديات وقطاع الصناعة والمؤسسات الأكاديمية والبحثية وهيئات المياه والطاقة الكهربائية ودوائر الجمارك وسلطات المناطق الحرة والبنك المركزي والمؤسسات غير الحكومية والمنظمات البيئية الأهلية والرسمية. وفي حال إكمال إحصاء البصمة وتحليلها، ستقوم المبادرة بتقديم التوصيات الخاصة بانتهاج سياسة في مجالين: استخدام الموارد الطبيعية وإدارة البيانات.