عدم الالتزام بالتشريعات البيئية، وضعف برامج التوعية البيئية، هما السببان الرئيسيان لتدهور حالة البيئة في الامارات. هذا ما أظهره استطلاع للرأي العام أجرته مجلة ''البيئة والتنمية'' بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة وجامعة الدول العربية.
وضع البيئة
قال 39 في المئة من المشاركين ان وضع البيئة تحسن خلال السنين العشر الماضية، فيما اعتبر 55 في المئة أنه ساء، ورأى 6 في المئة أنه بقي على حاله. واللافت أن نسبة الذين أجابوا أن وضع البيئة قد تحسن في الامارات فاقت المعدل العام لكل البلدان العربية الذي بلغ 33 في المئة، ولم يتجاوز 10 في المئة في بعض الدول. لكن الاتجاه العام في دول الخليج كان نحو التفاؤل، مقارنة بالدول الأخرى في المشرق وشمال افريقيا.
ولوحظ تفاوت كبير في الاجابة وفق مستوى التعليم. ففيما اعتبر 60 في المئة من الجامعيين أن الوضع ساء خلال السنين العشر الأخيرة، شاركهم الرأي 41 في المئة فقط من المستوى الثانوي، و33 في المئة ممن هم دون الثانوي. وهذه النتيجة كانت متطابقة مع المعدل العام للمنطقة العربية كلها، حيث ارتفعت نسبة الذين صنفوا وضع البيئة على أنه أسوأ كلّما ارتفع مستوى التعليم.
مسببات التدهور البيئي
كان على المشاركين اختيار ثلاث من تسع مسائل كأسباب رئيسية لتدهور حالة البيئة في بلدهم. وقد اتفق المشاركون من دولة الامارات مع الاتجاه العام في المنطقة العربية كلها، إذ اختار معظمهم (50 في المئة) عدم الالتزام بالتشريعات البيئية كسبب رئيسي للتدهور البيئي. وتلا هذا ضعف برامج التوعية البيئية (40 في المئة) وضعف أجهزة حماية البيئة (37 في المئة). وتبع هذه ضعف استثمارات القطاع الخاص في حماية البيئة، وضعف الانفاق الحكومي على البيئة، وسوء ادارة الشؤون البيئية، وضعف عمل الجمعيات الأهلية، وضعف التشريعات البيئية والتضارب في القرارات بين الجهات المختلفة.
والملاحظ أن عدم الالتزام بالتشريعات البيئية جاء في الطليعة، بنسبة تجاوزت 50 في المئة، بينما اختار 25 في المئة فقط ضعف التشريعات البيئية نفسها كسبب رئيسي للتدهور. وفي هذا رسالة واضحة من الجمهور: طبقوا القوانين القائمة قبل أن تضعوا قوانين جديدة.
أهم المشاكل البيئية
النسبة الأكبر من المشاركين (86 في المئة) وضعت تلوث الهواء على رأس لائحة المشكلات البيئية المصنفة ''كبرى''، تلاه تلوث المواد الغذائية (81 في المئة)، والأخطار الصحية من المبيدات والأسمدة (80 في المئة) وزحمة السير بالنسبة ذاتها. وجاءت بعدها النفايات الخطرة (79 في المئة). وتبع هذه: ضعف الوعي البيئي والتلوث الصناعي والمياه الصالحة للشرب وتلوث البحار والشواطئ والنفايات البلدية وتلوث الأنهار وسوء استخدام الطاقة والضوضاء والصرف الصحي.
واللافت اختيار المشاركين من الامارات لزحمة السير كمشكلة بيئية ذات أولوية، مما يعبر عن شكوى متفاقمة من الاختناقات المرورية التي بدأت طرقات الدولة تشهدها في السنوات الأخيرة.
ولوحظ أن المشاركين وضعوا في مقدمة اهتماماتهم البيئية القضايا ذات الأثر المباشر على الصحة، أي تلوث الهواء والمواد الغذائية. والمفارقة ان مشكلة المياه العذبة ومياه الشرب جاءت في درجة متأخرة نسبياً، اذ رأى 30 في المئة أنها لا تعتبر مشكلة بيئية أساسية، على الرغم من نضوب المياه الجوفية والاعتماد المتزايد على مياه التحلية. وتفسير هذه الظاهرة قد يكون في أن البعض لم يعتبر المياه مشكلة ما دام يحصل عليها، بغض النظر عن الأسلـوب وندرة الموارد والمخاطر البيئية. وقد يؤشر هذا إلى الحاجة لحملات توعية أكثر حول مشكلة المياه وضرورة الاقتصاد في استهلاكها.
الاستعداد للمشاركة
طلب من المشاركين الاجابة بنعم أو لا عن مدى استعدادهم للمشاركة في خمسة أمور. فاستقطب الاستعداد للمشاركة في حملات التوعية البيئية تأييد 83 في المئة من المشاركين. أما الالتزام بالتشريعات البيئية فحصل على النسبة الأعلى من التأييد، إذ عبر 93 في المئة من المشاركين عن استعدادهم الكامل لتطبيق التشريعات والقوانين البيئية. وعن مدى الاستعداد للمشاركة في العمل التطوّعي للجمعيات الأهلية من أجل حماية البيئة، ردّ 73 في المئة بالايجاب، فيما عبّر 27 في المئة عن عدم رغبة بالمشاركة.
المعارضة الكبرى كانت لدفع رسوم أو ضرائب مخصصة لحماية البيئة، إذ رفضها 47 في المئة من المشاركين، فيما وافق عليها 53 في المئة. أما المفارقة فهي أن نسبة أكبر (66 في المئة) وافقت على دفع تبرعات طوعية لصندوق مخصص لحماية البيئة. وكانت هذه النتيجة متجانسة مع دول الخليج الأخرى، حيث لم يعتد المجتمع بعد على فكرة الضرائب، بينما يساهم الناس في التبرعات الطوعية. أما في دول المشرق والمغرب، فكانت فكرة دفع الضرائب البيئية أكثر قبولاً، إذ وافق عليها مثلاً 82 في المئة في الجزائر و72 في المئة في لبنان.
عمل أكثر أو أقل؟
الغالبية الساحقة من المشاركين في الاستطلاع رأت ان على الحكومة أن تقوم بعمل أكثر مما تقوم به الآن لأجل حماية البيئة. ففي حين أجاب 94 في المئة أن المطلوب هو عمل أكثر، اعتبر أقل من واحد في المئة أن المطلوب هو أقل مما يحصل حالياً، ووجد 5 في المئة أن برامج الادارة البيئية القائمة حالياً كافية ويجب أن تبقى كما هي.
وتتوافق اجابات المقيمين في الامارات العربية المتحدة حول هذا السؤال مع المعدل العام المسجل في المنطقة العربية، حيث اعتبر 95 في المئة أن المطلوب عمل أكثر لحماية البيئة.