المسؤولية البيئية لقطاع الأعمال، والانتاج الأنظف، يشكّلان جزءاً من المفهوم الواسع للمسؤولية الاجتماعية. ويمكن وصف المسؤولية البيئية على أنها واجب الشركات في وضع قيود على الانعكاسات البيئية لعملياتها ومنتجاتها ومصانعها وتجهيزاتها، وتخفيف النفايات والانبعاثات، ورفع مستوى الكفاءة الانتاجية واستهلاك الموارد، والحد من الممارسات التي قد تؤثر سلباً على حياة الأجيال المقبلة.
لقد بدأ عدد متزايد من الشركات باكتشاف القيمة الفعلية والتنافسية للمبادرات البيئية، في مجالات مثل الحد من التلوّث وكفاءة استخدام الطاقة والعمارة البيئية وإدارة التوزيع والانتاج الأنظف. وما دفع إلى هذا زيادة الطلب على الشفافية من المستثمرين، ومطالبة المستهلكين بنوعية بيئية أفضل.
في تموز (يوليو) الماضي، تعهد رؤساء مجالس ادارة 153 شركة عالمية كبرى بالعمل لمكافحة تغيـر المناخ، ودعوا حكوماتهم للاتفـاق سريعاً علـى اجراءات لتخفيض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وأخذ قرارات حكيمة لما بعد سنة 2012، موعد انتهاء بروتوكول كيوتو. جاء هذا التعهد وهذه الدعوة خلال ''قمة قادة الميثاق العالمي'' UN Global Compact Leaders Summit التي عقدتها الأمم المتحدة في جنيف. وقد ألزم قادة الأعمال هؤلاء شركاتهم بـ''اتخاذ اجراءات عملية لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة، وخفض العبء الكربوني للمنتجات والخدمات وعمليات التصنيع، ووضع أهداف طوعية للقيام بذلك، والابلاغ علانية عن تحقيق هذه الأهداف سنوياً''.
تعليقاً على القمة، قال بيورن ستيغسون رئيس مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة (WBCSD) الذي يضم أكبر 200 شركة في العالم والذي شارك في تنظيم القمة: ''نحن نملك خيارات واقعية للحلول، تشمل تكنولوجيات يمكنها خلق اقتصاد أكثر كفاءة في استهلاك الموارد والتخلص من النفايات في المصدر، مثل احتجاز الكربون وتخزينه''. وأضاف: ''إننا نملك أيضاً الأدوات لتنفيذ هذه الحلول''، مشيراً الى الأنظمة، ومعايير الكفاءة الخاصة بالمنتجات والعمليات، والضرائب والرسوم التي تؤثر في أسعار الموارد والبضائع والخدمات، ''التي تقتضي جميعاً اجراءات من قادة الأعمال والمواطنين على حد سواء''.
وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، أصدرت مؤسسة EIRIS المتخصصة بأبحاث الاستثمارات الأخلاقية والمستدامة تقريراً بعنوان ''الأعمال المسؤولة: استجابة الشركات العالمية للتحديات البيئية والاجتماعية والحكمية''. وشملت الأبحاث المكثفة نحو ألفي شركة في أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا وأوستراليا ونيوزيلندا. وأظهرت أن الشركات في أميركا الشمالية متأخرة عن زميلاتها الأوروبية في جميع المجالات التي تناولها البحث، ويعود ذلك الى الأنظمة المتشددة في الاتحاد الأوروبي، وارتفاع مستوى الضغط من المستثمرين والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني على الشركات لتبني ممارسات بيئية مستدامة. وكان الأداء قوياً في اليابان نتيجة تبني معايير الايزو 14001 لنظم الادارة البيئية على نطاق واسع، بتأييد ودعم قويين من الحكومة سعياً الى طمأنة الزبائن وتجنب خسارة قطاعات التصدير في وجه شركات عالمية تلتزم هذه المعايير.
أظهر التقرير أن قلق الجمهور حيال التدهور البيئي ازداد في السنوات الأخيرة، خصوصاً نتيجة تنامي وعيه لتغير المناخ. وتبين أن لدى 57 في المئة من الشركات سياسات بيئية علنية. وقد نفذ 58 في المئة منها أنظمة للادارة البيئية، لكن نسبة أصغر (29%) أعدت تقارير عن أدائها البيئي.
الشركات الكبرى أكثر إقبالاً على معالجة تأثيراتها البيئية بحسب التقرير. فقد تبنت 56 في المئة من الشركات المدرجة في مؤشر FTSE للعالم المتقدم سياسة بيئية تستوفي المعيار الأساسي على الأقل. كما طورت أكثر من 90 في المئة من الشركات ذات الأثر البيئي الكبير في أوروبا واليابان سياسات أساسية أو متقدمة لادارة التأثيرات البيئية، بالمقارنة مع 75 في المئة في اوستراليا ونيوزيلندا و67 في المئة في الولايات المتحدة و15 في المئة في آسيا باستثناء اليابان.
الأداء البيئي هو الأقوى في الشركات الأوروبية واليابانية، لكن الاداء في الولايات المتحدة وآسيا (باستثناء اليابان) لا يبعث على الاطمئنان وفق التقرير. وأظهرت 7 في المئة من الشركات الشديدة الأثر البيئي في آسيا (باستثناء اليابان) و18 في المئة في الولايات المتحدة تحسناً في الأداء البيئي بالمقارنة مع أكثر من 50 في المئة في اليابان وعدد من البلدان الأوروبية.
رعاية البيئة تعزز الأرباح
لقد بات قادة الأعمال حول العالم يدركون أن التزام شركاتهم ببرامج للمسؤولية البيئية يؤثر ايجاباً على أعمالها وسيساعد في تحقيق أهدافها الاستراتيجية ويمكن أن يعزز أرباحها. وطورت شركات كثيرة برامج لتحسين أدائها البيئي، ضمنتها أهدافاً تعهدت تحقيقها خلال مدّة محددة.
على سبيل المثال، تصنع شركة سفينسكا سيلولوزا السويدية منتجات مختلفة، من الصحون الورقية والمناشف الصحية والمحارم الى الأغلفة والورق. وهي أكبر مالك للغابات الخاصة في أوروبا، التي تدار جميعاً وفق مواصفات المجلس العالمي لرعاية الغابات (FSC)، وكل الخشب الذي يورّد الى مصانعها لانتاج الورق يجب أن يستوفي معايير المجلس. والتزمت الشركة باستعمال نسبة عالية من الألياف المعاد تدويرها في المحارم الورقية التي تنتجها. ولديها سياسات واضحة حول تجنب القطع غير المشروع للأشجار، وأخرى لملوثات المياه. وهي تستبدل مشتقات النفط والفحم ببعض أنواع الوقود المحايدة كربونياً، مثل مخلفات الخشب والوقود الحيوي. وتعيد تدوير نسبة عالية من نفاياتها.
وتملك شركة كينغفيشر البريطانية سلسلة متاجر كبرى للأثاث ومستلزمات المنازل، ولها أهداف طموحة لخفض نفاياتها الى الصفر. وأكثر من 70 في المئة من الخشب الذي تستخدمه يأتي من غابات مرخصة من المجلس العالمي لرعاية الغابات. وتعمل هذه الشركة، التي تعتبر أكبر تاجر للأخشاب في أوروبا، بالتنسيق مع الصندوق العالمي لحماية الطبيعة وصندوق الغابات الاستوائية، لتحديد مصادر الأخشاب. وتعتمد سياسة متقدمة حيال المواد الكيميائية، وتفرض على جميع الشركات التابعة لها أن تكون لديها خطة عمل قيد التنفيذ سنة 2008 لتحديد المنتجات المحتوية على مواد كيميائية معينة، والبحث مع المورّدين في إمكانات ازالتها أو استبدالها.
شركة فيستاس الدنماركية هي الأولى عالمياً في صناعة التوربينات الهوائية. وقد ركبت أكثر من 30 ألف توربينة حول العالم تولد الكهرباء من طاقة الرياح، ونظمها المتطورة صالحة لاعادة التدوير 80 في المئة. كما تحصل الشركة نفسها على 68 في المئة من احتياجاتها الطاقوية الخاصة من مصادر متجددة. وتولد التوربينات خلال ستة الى ثمانية أشهر مكافئ الطاقة اللازم لصنعها ونقلها وتفكيكها، ما يجعلها محايدة كربونياً ضمن ذلك الاطار الزمني.
وعلى رغم ما تعرضت له شركة بريتيش بتروليوم من هجمات وانتقادات بسبب التسربات النفطية وانفجار مصفاة النفط في مدينة تكساس، تتميز هذه الشركة النفطية بممارسات خضراء أكسبتها مركزاً مرموقاً في مجال المسؤولية البيئية للشركات. وكان هدفها الأول الذي وضعته عام 1997 خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 10 في المئة مع حلول سنة 2010 عما كانت عام 1990، وقد حققت هذا الهدف عام 2001. وفي عام 2005، أطلقت BP حملة الطاقة البديلة لتوفير حلول قليلة الكربون لتوليد الطاقة. وفي 2006 أطلقت مبادرة الوقود الحيوي لوسائل النقل.
10 شركات رائدة مناخياً وبيئياً
استعرضت مجلة Fortune الأميركية مؤخراً أداء مئات الشركات العالمية من ناحية تخفيض الانبعاثات الكربونية وكفاءة استخدام الموارد وتقليص ''بصمتها'' البيئية. واستعانت في استطلاعها بخبراء ومستشارين وناشطين بيئيين حول العالم. هنا موجز عن أداء 10 شركات أطلقت عليها ''فورتشن'' صفة الريادة الخضراء.
هوندا: تكنولوجيا الوقود البديل. فيما يتذمر صانعو سيارات آخرون، ''تستمتع'' هوندا بمعالجة قضيتي الاقتصاد بالوقود وتخفيف الانبعاثات. وهي تركز حالياً على تكنولوجيتين للوقود البديل، هما محرك CIVIC GX العامل بالغاز الطبيعي وخلية وقود الهيدروجين FCX. وتعتزم أن تحل مشكلة تركَها صناع السيارات الآخرون لشركات النفط، وهي اقامة بنية تحتية للهيدروجين. والحل الذي تقدمه هو محطات منزلية للتزود بالوقود توفر التدفئة والكهرباء للمنزل والهيدروجين للسيارة العاملة بخلايا الوقود. وفي المدى البعيد، تريد هوندا أن تكون الصانع الأنظف والأكثر كفاءة في العالم، وقد تعهدت بأن تخفض انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون من مصانعها وسياراتها بنسبة 5 في المئة بين عامي 2005 و2010، اضافة الى الـ5 في المئة التي حققتها بين 2000 و2005.
(تأسست هوندا عام 1945، عائداتها 84 بليون دولار، لديها 145 ألف موظف، مقرها في اليابان).
كونتيننتال: طائرات أكثر اقتصاداً بالوقود وأقل انبعاثات. أدخلت الخطوط الجوية البريطانية ''حاسباً لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون'' في موقعها على شبكة الانترنت، ليتمكن المسافرون من موازنة الانبعاثات الناجمة عن سفراتهم. وزودت شركة لوفتهانزا الألمانية طائرات Airbus A340 بمختبر متنقل لرصد الغازات والمركبات المنبعثة. لكن شركة كونتيننتال الأميركية ذهبت أبعد من الجميع لتخضير عملياتها. فاضافة الى انفاق أكثر من 16 بليون دولار خلال السنين العشر الماضية لاحلال طائرات أكثر كفاءة في اسطولها، ركبت أجنحة صغيرة مقتصدة بالوقود تخفض الانبعاثات بنسبة تصل الى 5 في المئة، على غالبية طائراتها من طراز بوينغ 737 و757، وخفضت انبعاث اوكسيدات النيتروجين من المعدات الأرضية في قاعدتها بمطار هيوستن بأكثر من 75 في المئة منذ عام 2000. ويعمل خبراؤها البيئيون الـ13 بدوام كامل مع صانعي المحركات، ويصممون المحطات الخضراء، ويتتبعون يومياً الانبعاثات الكربونية واعادة تدوير المواد الكيميائية. وكل النفايات الناتجة من المقر الرئيسي للشركة تفرز لاحقاً لاستراد المواد الصالحة لاعادة التدوير.
(تأسست كونتيننتال عام 1934، عائداتها 13 بليون دولار، لديها 44 ألف موظف، مقرها في الولايات المتحدة).
سنكور: قياس الأثر البيئي لكل مشروع. العثور على الذهب الأسود عمل قذر، خصوصاً اذا كان مدفوناً في رمال قطرانية. لكن سنكور الكندية متفوقة في كيفية تأدية المهمة. وقد أهلتها جهودها البيئية والاجتماعية لعضوية مؤشر داو جونز للاستدامة ومؤشر FTSE4 Good البريطاني المعادل له. وفي مسح لـ23 شركة نفط عالمية أجرته مؤسسة جانتزي الاستشارية الكندية عام 2006، أطلقت على سنكور صفة الأداء المتفوق، منوهة ببرامجها الخاصة بالبيئة وادارة غازات الدفيئة. فهي قلصت انبعاثات غازات الدفيئة وثاني اوكسيد الكبريت وأوكسيدات النيتروجين واستهلاك الطاقة بنسبة 25 في المئة منذ عام 1990. وسنكور عنصر فاعل في مبادرة لتطوير تقنيات احتجاز الكربون. وفيما تأمل مضاعفة انتاجها بحلول سنة 2012، فان ادارتها للمياه متطورة الى حد أنها لا تتوقع سحب أي مياه اضافية من نهر أتاباسكا في اقليم ألبرتا الكندي.
(تأسست سنكور عام 1917، عائداتها 13,6 بليون دولار، لديها 5500 موظف، مقرها في كندا).
تسكو: خفض استهلاك الطاقة وتقليل النفايات وحفز الزبائن على السلوك الأخضر. مخازن تشغلها طاقة الرياح، اعادة تدوير وفق أحدث التكنولوجيات، شاحنات تعمل بالديزل الحيوي (البيوديزل)، هذا مما تفعله سلسلة تسكو للمتاجر الكبرى. وقد تعهدت خفض معدل استهلاك الطاقة في مبانيها الى النصف بحلول سنة 2010، والآن تقول إنها ستحقق ذلك سنة .2008 وهي تنقل بضائعها في قطارات حديثة تطلق ضوضاء وتلوثاً أقل من المعتاد، تغني عن الشاحنات، مستبعدة ألوف الأطنان من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون. وفي مبادرة رائدة في قطاع المتاجر الكبرى، سوف تقدر تسكو ''النفقات الكربونية'' لكل صنف من منتجاتها.وهي قررت منح مديريها مكافآت لتحقيق أهداف خفض الطاقة والنفايات. كما أنها تشجع زبائنها ليكونوا من ''الخضر'' من خلال منح نقاط يمكن استبدالها بسلع للذين يجلبون معهم أكياس تسوق.
(تأسست تسكو عام 1919، عائداتها 71 بليون دولار، لديها 380 ألف موظف، مقرها في بريطانيا).
ألكان: استثمار في التصنيع النظيف. عندما اشترت ألكان الكندية منافستها الفرنسية بيشيني عام 2003، اعتمدت هذه الشركة المصنعة للالومنيوم تكنولوجيا صهر متفوقة عالمياً. وباندفاعة جسورة لرصد الانبعاثات، استطاعت خفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة بنسبة 25 في المئة منذ 1990، فيما ازداد انتاجها 40 في المئة. وهدف ألكان الجديد تركيب نظام للعمليات يزيد كفاءة الطاقة 20 في المئة. وهي تبني أول مصنع بهذه المواصفات في كيبيك.
(تأسست ألكان عام 1902، عائداتها 23,6 بليون دولار، لديها 68 ألف موظف، مقرها في كندا).
PG&E: استراتيجية الكفاءة والطاقات المتجددة. لعبت شركة الكهرباء PG&E دوراً كبيراً السنة الماضية في سنّ ضوابط إلزامية لغازات الدفيئة في ولاية كاليفورنيا، وهي تضغط حالياً لاصدار تشريع فدرالي يعتمد في الولايات المتحدة بأسرها. تولد هذه الشركة 56 في المئة من الطاقة الكهربائية من مصادر لا تنفث غازات دفيئة. وتدعم أصحاب المنازل الذين يشترون أدوات مقتصدة بالطاقة بهبات قيمتها 75 دولاراً. وتجري اختبارات على تشكيلة من البدائل الطاقوية. وتسعى للحصول على ترخيص لتطوير مشاريع تولد الكهرباء من طاقة الأمواج قبالة ساحل المحيط الهادئ. وهي متفائلة بالتكنولوجيا الحرارية الشمسية. ولديها مشروع تجريبي في وادي سان جواكين بولاية كاليفورنيا حيث يتم تحويل روث البقر الى كهرباء. وتتوقع ادارتها مستقبلاً واعداً لسيارات هجينة (هايبريد) تتزود بالكهرباء من الشبكة العامة أثناء الليل وتعيد تغذيتها في النهار عندما يرتفع الطلب على الكهرباء.
(تأسست PG&E عام1852، عائداتها 12,5 بليون دولار، لديها 20 ألف موظف، مقرها في الولايات المتحدة).
جونسون: ثلاثة أجيال من الرعاية البيئية. في العام 1935، قبل أن تصبح الاستدامة هماً للشركات بوقت طويل، قاد هـ. ف. جونسون بعثة استكشاف الى البرازيل بحثاً عن مصدر مستدام للشمع، هو نخيل الكرنوبا، لأول منتج لشركته Johnson Wax. وقد واصل حفيده ورئيس مجلس الادارة الحالي فيسك جونسون ذلك الميراث في الشركة التي تملكها العائلة وتصنع سلعاً مثل ويندكس وبلدج ورايد وأكياس زيبلوك. وأشهر ابتكاراتها نظام Greenlist (اللائحة الخضراء) التصنيفي الذي يقيم أثر آلاف المواد الأولية التي تستخدمها على الصحة البشرية والبيئية. وباستخدام هذا النظام، استبعدت الشركة 800 ألف كيلوغرام من المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) من ويندكس، و1,8 مليون كيلوغرام من كلوريد بوليفينيليدين (PVDC) من أغلفة ساران البلاستيكية التي باتت الآن خالية منه. وهي تخفض اعتمادها على الطاقة المنتجة من حرق الفحم، وقامت مؤخراً ببناء محطة توليد خاصة بها تعمل بالغاز الطبيعي والميثان الذي ينقل اليها بالأنابيب من مطمر نفايات مجاور. يقول غلين بريكت المسؤول في ''كونزرفيشن إنترناشونال'': ''أعتقد أن فيسك جونسون هو أكثر رئيس مجلس ادارة التزاماً بالبيئة على الصعيد الشخصي ممن التقيتهم''.
(تأسست جونسون عام 1886، عائداتها 7 بلايين دولار، لديها 12 ألف موظف، مقرها في الولايات المتحدة).
غولدمان ساكس: سياسة جريئة لتغير المناخ تحصد استثمارات كبيرة. عندما أعلن مصرف غولدمان ساكس اعتماد سياسة بيئية متشددة عام 2005، قال منتقدون ان رئيس مجلس الادارة هانك بولسون كان يفرض ''مزاجه الأخضر''. ويبدو أن هذا ليس صحيحاً، لأن المصرف أصبح أكثر رفقاً بالأرض منذ غادره بولسون، اذ يؤدي كثيراً من ''الأعمال الخضراء''. استثمار غولدمان ساكس 1,5 بليون دولار في الايثانول السلولوزي وطاقة الرياح والطاقة الشمسية أنتج ربحاً. وهو بنى جسوراً مع هيئات بيئية ملتزمة، فباتت شركات كبرى تلجأ اليه بهدف تقديم عروض للفوز بمشاريع تشترط الاستدامة.
(تأسس المصرف عام 1869، عائداته 70 بليون دولار، لديه 24 ألف موظف، مقره في الولايات المتحدة).
سويس ري: أدوات مالية للتعامل مع أخطار تغير المناخ. ''المنتج'' الرئيسي لشركة Swiss Re هو تأمين شركات التأمين، لذلك لا مداخن في عملياتها. ولا يعرف عن شركات اعادة التأمين السويسرية أنها جريئة. ومع ذلك، اتخذت سويس ري موقفاً مبكراً من تغير المناخ، محذرة منذ 1994 من ارتفاع الخسائر الناتجة عن العواصف وكوارث أخرى متعلقة بالطقس. واضافة الى ذلك، ابتدعت خدمات تأمين تعتمد على الطقس لتطويق هذه الأخطار. وبامكان الزبائن المراهنة على موجات الحر والبرد في المستقبل، مع حقوق خيارات لفترات زمنية ودرجات حرارة محددة. وهكذا يستطيع مزارع في الهند مثلاً أن يشتري وثيقة تأمين من شركة تأمين محلية تغطي خسارته في حال انحباس الأمطار الموسمية العادية أو في حال غرق حقوله بمياه الفيضانات. وكانت سويس ري من الداعمين الأوائل لـ''بورصة المناخ'' في شيكاغو، وهي مركز هام ناشئ لمقايضة الانبعاثات الكربونية.
(تأسست سويس ري عام 1863، عائداتها 24 بليون دولار، لديها 10,500 موظف، مقرها في سويسرا).
هيوليت ـ باكارد: رائدة صناعة الكومبيوتر في الحساسية الايكولوجية. مع تحول الحياة العصرية الى النظم الرقمية، يزداد الأثر البيئي لأجهزة الكومبيوتر والمنتجات الالكترونية الأخرى. وقد بذلت شركة هيوليت ـ باكارد (HP) جهداً كبيراً لتخفيف ذلك الأثر. فهي تمتلك محطات ضخمة لاعادة تدوير النفايات الالكترونية، حيث أجهزة التقطيع العملاقة تحول نحو 1,8 مليون كيلوغرام من حطام أجهزة الكومبيوتر كل شهر الى حبيبات صغيرة، تمهيداً لاستخلاص الفولاذ والبلاستيك والمواد الكيميائية السامة مثل الزئبق وحتى بعض المعادن الثمينة. وهي تسترد أي قطعة من منتجاتها، وماكيناتها قابلة لاعادة التدوير. وقد تعهدت بخفض استهلاك الطاقة 20 في المئة بحلول سنة .2010 وهي تدقق في عمليات كبار مورديها، وتقريرها حول ''المواطنية العالمية'' يشكل نموذجاً لمساءلة بيئية مفصلة.
(تأسست هيوليت ـ باكارد عام 1939، عائداتها 92 بليون دولار، لديها 156 ألف موظف، مركزها في الولايات المتحدة).
كادر
النقل السريع: نموذجان في الريادة البيئية
لنظرة تفصيلية الى برامج المسؤولية البيئية للشركات، نعرض في ما يأتي برنامجين لشركتين عالميتين
رائدتين في خدمات البريد والشحن السريعين، هما: TNT ومركزها أمستردام، وأرامكس المسجلة في دبي والعاملة من مكاتب رئيسية في العاصمة الأردنية عمّان. وأرامكس أول شركة في مجال النقل مركزها
في العالم العربي تعتمد برنامجاً بيئياً متكاملاً.
TNT: سرعة بلا انبعاثات
تقدم شركة TNT خدمات البريد والنقل السريعين حول العالم. مقرها الرئيسي في هولندا، وتشمل إرسالياتها أكثر من 200 بلد. لديها 157,000 موظف، وبلغت عائداتها عام 2006 نحو 14 بليون دولار.
أطلقت TNT برنامج Planet Me الذي تطمح من خلاله أن تصبح أول شركة لخدمات البريد والشحن السريعين لا تحدث أي انبعاثات كمحصلة نهائية. فصناعة النقل تولد خُمس انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون في العالم. وتساهم TNT في هذا المجموع، اذ تشغل أسطولاً من نحو 17600 شاحنة وسيارة نقل و44 طائرة. ويعمل موظفوها الـ157 ألفاً في مكاتب ومستودعات تحتاج الى طاقة لبنائها وصيانتها وتدفئتها وتبريدها وانارتها وتشغيل أجهزتها.
Code Orange برنامج إلزامي يشمل كل مجال في عمل الشركة، جاعلاً حماية البيئة في صلب استراتيجيتها وثقافتها.
الشحن الجوي: في العام 2006، تم توليد 51 في المئة من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون الناتجة عن الشركة من طائراتها الـ.44 وتخطط الشركة لتخفيف الانبعاثات بتحسين كفاءة الوقود في اسطولها الجوي والأرضي، والتعاون مع صناعة الطائرات في تطوير تكنولوجيات مقتصدة بالوقود ومصادر بديلة للطاقة.
أبنية خضراء: الطاقة المستهلكة في أبنية الشركة تنتج 21 في المئة من انبعاثاتها. وقد التزمت TNT خفض استهلاك الطاقة في أبنيتها القائمة، وجعل الأبنية التي تشيد في المستقبل خالية من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون، أو ''ايجابية كربونياً'' حيث أمكن، أي تنتج كمية من الطاقة الخضراء أكبر مما تحتاجه عملياتها. كما تعتزم بناء مكاتب ومستودعات بلا انبعاثات، بدءاً بمشاريع تجريبية في هولندا وايطاليا والسويد.
رحلات العمل: تعتزم TNT استبدال الاجتماعات الوجاهية باجتماعات فيديو حيث أمكن. وفي هذا السبيل، سوف تركب 60 نظاماً من هذا النوع حول العالم مع نهاية 2007، لخفض رحلات العمل الجوية بنسبة 20 في المئة، وبالتالي تقليص الانبعاثات وخفض نفقات السفر بنحو 3,2 مليون يورو (4,5 مليون دولار) سنوياً.
سيارات الشركة: في العام 2006، بلغت انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون من سيارات الشركة البالغ عددها 6100 سيارة نحو 43,500 طن. وتلتزم الشركة خفضها 6 في المئة سنة 2011. وسوف تنفذ ''سياسة جماعية لكفاءة الوقود وانبعاثات السيارات''، تضمن أن تفي جميع سيارات الشركة بمقاييس كفاءة الوقود، وأن يقدم سائقوها تقارير عن استهلاك الوقود والمسافات المقطوعة، وأن تقدم للموظفين منحة تحفيزية لمرة واحدة مقدارها 3000 يورو (4250 دولاراً) لاختيار سيارات تقل انبعاثاتها عن 120 غراماً بالكيلومتر.
سيارات التشغيل: تملك TNT نحو 17600 شاحنة وسيارة للنقل والتسليم تساهم بنحو 28 في المئة من انبعاثاتها من ثاني اوكسيد الكربون. ومن التزاماتها ألا تشتري إلا السيارات التي تفي بأرقى المقاييس البيئية، وتزويد الأسطول الحالي بأجهزة مخفضة للانبعاثات، وتقليل المسافات وتجنب قيادة الشاحنات وهي فارغة، وتنفيذ مشاريع تجريبية لأنواع بديلة من الوقود.
أرامكس: نقل ''أخضر'' لمدن مستدامة
تسعى شركة أرامكس لتعزيز مكانتها ''كخامس مزود عالمي للنقل السريع والخدمات اللوجستية بحلول سنة 2010". وفي الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، أطلقت تقريرها الأول للتنمية المستدامة عام 2006، وهو من أوائل تقارير أداء الشركات في العالم العربي.
يقول فادي غندور المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أرامكس التي تتخذ في الأردن مقرها الرئيسي: ''التنمية المستدامة ستغير الطريقة التي نفكر بها بشأن عملنا. فهي ستؤدي الى وضع أنواع جديدة من الخدمات وايجاد سبل جديدة للتعاون. كما أنها ستجدد الاحترام لمكانتنا في العالم والالتزام العميق بالحفاظ على البيئة من خلال الابتكارات التنموية المستدامة. كل هذا سوف يعود بالفائدة على مساهمينا وشركائنا على حد سواء''.
تتضمن استراتيجية أرامكس تحقيق ''حياد كربوني'' في عملها من أجل تخفيف مخاطر تغير المناخ. وتستهدف خفض انبعاثاتها الحالية بنسبة 80 في المئة على المدى المتوسط. وقد تعهدت أن تكون جميع عملياتها بحلول سنة 2009 خاضعة للتدقيق وقادرة على حيازة شهادة المنظمة العالمية للمقاييس ''ايزو ''14000 في نظم الادارة البيئية.
رسمت أرامكس هدفاً بخفض استهلاك الوقود لكل شحنة بنسبة 5 في المئة سنة 2007 وصولاً الى 20 في المئة بنهاية 2009، وخفض الانبعاثات لكل شحنة بنسبة 15 في المئة سنة 2007 وصولاً الى 50 في المئة بنهاية 2009. وسوف تحول محطتين على الأقل الى استعمال الوقود الخالي من الرصاص، على أن يشمل ذلك جميع محطاتها سنة 2009. كما ستخفض فترات قيادة السيارات والشاحنات هذه السنة بنسبة 5 في المئة، وصولاً الى 10 في المئة سنة 2009. وهي قادرة على تقصير فترات النقل واستهلاك الوقود من خلال خفض مزيد من العمليات في ساعات الذروة.
وتزمع أرامكس تحويل أسطولها الى سيارات منخفضة الانبعاثات وأخرى تعمل بوقود بديل تصدر انبعاثات تقارب الصفر. وتهدف هذه السنة الى رفع كفاءة 33 في المئة من أسطولها، على أن يرتقي 50 في المئة منه المرتبة ''يورو''4 للانبعاثات الأوروبية الحالية، أو أعلى، مع نهاية 2009. وقد اشترت هذه السنة سيارتين هايبريد تعملان على الوقود والكهرباء، وصولاً الى اقتناء 10 سيارات من هذا النوع كحد أدنى بنهاية 2009.
الماء محدود في كثير من الأماكن التي تعمل فيها أرامكس. وهي تعتزم الحد من تأثير عملياتها على هذا المورد الثمين. ومن ضمن استراتيجيتها خفض استهلاك المياه بنسبة 5 في المئة هذه السنة، وتقليل المواد الكيميائية التي تنتهي في مياه الصرف الناتجة عن غسل سياراتها باستخدام منظف صديق للبيئة.
وبدأت أرامكس هذه السنة اعادة استعمال بعض أكياس البلاستيك، على أن تتعزز هذه الخطوة في المستقبل. وبتطبيق نظام للتواقيع الالكترونية، ستخفض استهلاك ورق المراسلات بنسبة 70 في المئة بحلول سنة 2008.
وسيكون في وسع زبائن أرامكس الحصول على خدمة لا تصدر عنها انبعاثات كربونية، من خلال معادلة انبعاثات غازات الدفيئة التي تنتج عن العملية. وهذا يمكنها من استثمار عائد خدماتها في التحول الى أسطول أخضر.
وتطمح أرامكس الى المساهمة في حل مشكلة ازدحام السير وتلوث الهواء والضجيج في المدن. ومثال على ذلك، استخدامها في مدينة دبي خطاً بحرياً لنقل شحناتها، وبذلك لا تساهم في الأزمة المرورية الخانقة في وسط المدينة. وتعتزم المشاركة في جهود مدن مثل القاهرة نحو تصميم مدن أكثر استدامة، مع ضمان استمرار وسرعة تدفق البضائع والخدمات ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وهي قررت إدخال ابتكار واحد على الأقل في خدماتها سنة 2007، من شأنه دعم تنمية ''المدن المستدامة''.