تحديات كثيرة واجهتنا هذا العام، بدءاً من التغير المناخي وأزمة الطاقة وصولاً الى الركود الاقتصادي الذي عمّ أنحاء العالم. من الواضح أن هذه الأزمات مترابطة في ما بينها، بحيث لا يسعنا التفكير في حل واحدة منها من دون أن تتأثر الأخرى. هل نحن إذاً في مواجهة أزمة عالمية تهددنا بمخاطر لم يسبق لها مثيل.
لعل أبرز الدراسات في هذا الإطار تقرير ستيرن، الذي يحذرنا من كسلنا في اتخاذ المبادرات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة، مما قد ينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي بشكل عام. علينا إذاً أن نتحرك. وثمة الكثير من السياسيين والعلماء والمفكرين والصناعيين الذين يمتلكون الرؤية الصحيحة حول كيفية الخروج من هذه الأزمة.
"فيليبس" تحرص على التفكير بشكل ايجابي. فعلى رغم حصول الأزمة، إلا أنها ترى فيها فرصة كبيرة للتغيير والمضي الى الأمام. فعلى غرار مبادرتها في استبدال المصابيح المتوهجة التقليدية والمستهلكة للطاقة في منازلنا، تتاح لنا اليوم فرصة التحول الى الإضاءة الموفرة للطاقة في مدننا والمباني غير السكنية، مما يساهم في الحد من الانبعاثات ومن استهلاك الطاقة.
إن التحول الى "الإنارة الخضراء"، المتعارف عليها بـ "الإضاءة الموفرة للطاقة"، يشكل فرصة مثالية مربحة على ثلاثة أصعدة:
· تكاليف منخفضة وإنارة أفضل من حيث الجودة.
· حماية البيئة من التلوث بفضل انحسار الانبعاثات السامة والترشيد في استهلاك الطاقة.
· فوائد اقتصادية بحيث تنخفض التكاليف وتتصاعد المنافسة.
إذاً ما هي الأهمية التي تكتسبها الإضاءة في هذا الإطار؟ تشكل الإضاءة 19 في المئة من الاستهلاك العالمي للكهرباء و22 في المئة في الشرق الأوسط وحده. هذه النسبة العالية تشكل بدورها فرصة كبيرة للحد من استهلاك الطاقة وتخفيض فواتير الكهرباء. ولعل أهم ما في ذلك أننا قادرون على التحول الى الإضاءة الموفرة للطاقة لنقطف ثمارها فوراً.
في 7 كانون الأول (ديسمبر) 2006، دعت "فيليبس" الى التوقف عن استخدام المصابيح المتوهجة التقليدية المستهلكة للطاقة، وهي دعوة تطال 25 في المئة من استهلاكنا للطاقة في المنازل. بدأت هذه الدعوة تلقى صداها في أنحاء مختلفة من العالم، وتم التجاوب معها الى حد كبير خلال أقل من عشر سنين.
وتسعى "فيليبس" لإطلاق حملة مماثلة في الأول من أيلول (سبتمبر) 2010 في دول مجلس التعاون الخليجي، بحيث تتوقف عن استخدام المصابيح المتوهجة التقليدية المستهلكة للطاقة بقوة 100 واط، تتبعها مصابيح 75 واط سنة 2012، ومصابيح 60 واط سنة 2014، ومصابيح 40 و25 و15 واط سنة 2016.
بهذه الخطة تساهم "فيليبس" في الحد من استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون من خلال التحول الى الإضاءة الموفرة للطاقة. وستتاح للمستهلكين فرصة توفير أموالهم من دون التنازل عن الجودة والتصاميم الجميلة. وإذا بادر المستهلكون في دول مجلس التعاون الخليجي الى التحول الى الإضاءة الموفرة للطاقة، فسيتم توفير 400 مليون دولار أميركي، وستنحسر نسبة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بمعدل 5,1 ميغاطن سنوياً.
إن خطوة "فيليبس" في التوقف عن استخدام المصابيح المستهلكة للطاقة ليست سوى إحدى المبادرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بهدف تعزيز الوعي حول ضرورة حماية البيئة وموارد الطاقة لدى المساهمين، كالمجالس التعليمية والبلديات والمؤسسات غير الحكومية وأصحاب المشاريع العقارية وشركات الخدمات. وتشتمل غالبية المبادرات الأخرى على برنامج خاص للتوعية في المدارس يحمل اسم "المعرفة: مشاركة ومبادرة"، وهو موجه الى طلاب المرحلتين الابتدائية والثانوية في دولة الإمارات، يسلط الضوء على فوائد الإضاءة الموفرة للطاقة وأهميتها للمحافظة على البيئة. أما برنامج عضوية المستثمر في مجموعة دبي للجودة، فهو يهدف الى تطوير ورش عمل خاصة لمصممي الإنارة والمستشارين والمستهلكين لتوعيتهم على أساليب توفير الطاقة، كما تم التعاون مع دائرة السياحة في دبي لتطوير حملات توعية خاصة بالفنادق حول أهمية التحول الى الإنارة الخضراء الموفرة للطاقة.
وتأمل "فيليبس" في أن تشكل هذه المبادرات التي حققت نتائج ايجابية مصدر إلهام للمؤسسات العاملة في قطاع الطاقة. ومما لا شك فيه أن ثمة فرصة كبيرة لتحقيق تقدم ملحوظ في هذا الإطار إذا تم التركيز على المباني غير السكنية. ففي حين تستهلك المدن 70 في المئة من موارد الطاقة العالمية، تبلغ نسبة استهلاك المباني 40 في المئة من إجمالي الطاقة العالمي. وفي ما يتعلق بالكهرباء على وجه التحديد، تستهلك المباني العامة والتجارية 60 في المئة من الإجمالي العالمي للطاقة، أما إنارة الطرق فتستهلك 15 في المئة.
إن استخدام الإضاءة الموفرة للطاقة في المباني غير السكنية يساهم في توفير 91 بليون دولار على مستوى العالم، وفي الوقت نفسه يخفض نسبة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بمعدل 330 مليون طن.
بمجرد اختيارك للإضاءة الموفرة للطاقة في مدينتك أو شركتك أو مصنعك أو مدرستك، ستستفيد الى أقصى حد من الإنارة الطبيعية التي تمنحها أشعة الشمس، ويمكنك بذلك المساهمة في حماية بيئتنا ومواردنا. علينا أن نبادر الى بناء مشاريع تعتمد على الإضاءة الموفرة للطاقة. لكن التحدي الحقيقي يبقى في المباني القائمة، التي إن لم تخضع للتجديد ولم يلحقها هذا التحول فستحول دون 99 في المئة من فرصة تحقيق نتائج ايجابية.