Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
بيئة العالم على مشارف 2008   
كانون الأول (ديسمبر) 2007 / عدد 117
 بعد عشرين سنة على إصدار اللجنة العالمية للبيئة والتنمية (لجنة برونتلاند) تقريرها الرائد ''مستقبلنا المشترك''، يفصّل تقرير ''توقعات البيئة العالمية'' الرابع (GEO-4)، الصادر حديثاً عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، التغيرات التي حدثت منذ 1987، مقيّماً الحالة الراهنة للغلاف الجوي والأرض والمياه والتنوع الأحيائي، ومحدداً أولويات العمل.
تغير العالم بصورة جذرية منذ 1987، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. ازداد السكان بنسبة 34 في المئة، وازدادت التجارة نحو ثلاثة أضعاف، وارتفع دخل الفرد نحو 40 في المئة. لكن التغير ليس متكافئاً. فسداد الديون مثلاً لا يزال يشكل كابحاً كبيراً للتنمية. وينفق البلد المتوسط في أفريقيا جنوب الصحراء على سداد الديون ثلاثة أضعاف ما ينفقه على تقديم الخدمات الأساسية لشعبه.
بيئة العالم تغيرت أيضاً إلى حد كبير. ومن أهم ''محركات'' تغيرها الازدياد السكاني، والنشاط الاقتصادي، والتقدم العلمي والتكنولوجي. ومع اشتداد هذه العوامل، فإنها تمارس ضغوطاً جديدة على البيئة قد تكون لها آثار ضخمة على رفاهية البشر وصحتهم. ويسبب التعرض لمخاطر البيئة نحو ربع مجموع الأمراض، ويساهم في علل الجهاز التنفسي، وبعض أنواع السرطان، والأمراض المنقولة، ويؤثر على التغذية.
الغلاف الجوي: تقدم مرقّع
يشير تقرير ''توقعات البيئة العالمية الرابع'' إلى ''نتائج باهرة'' تحققت في الجهود المبذولة لتنظيف الأجواء خلال السنوات العشرين الماضية. لكن التقدم كان ''مرقعاً''، ويقدر أن ما يربو على مليوني نسمة حول العالم يموتون سنوياً قبل الأوان من تلوث الهواء داخل المباني وخارجها.
التلوث بالأوزون الأرضي آخذ في الزيادة عبر النصف الشمالي للكرة الأرضية، مما يؤثر على صحة الإنسان وغلاله، بما في ذلك المحاصيل الأساسية في بعض البلدان النامية. وتمثل الأمطار الحمضية تهديداً في أجزاء من آسيا، علماً انها خفت في أوروبا وأميركا الشمالية في ''واحدة من قصص النجاح في العقود الأخيرة''.
وعلى رغم النجاح ''المثير للإعجاب'' في الإلغاء التدريجي للمواد المستنفدة للأوزون، فإن ''الثقب'' فوق المنطقة القطبية الشمالية أكبر الآن منه في أي وقت مضى، مما يسمح بوصول أكبر للأشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تدمر صحة الانسان والنباتات والكائنات البحرية وتقلل إنتاج الغذاء. وتتمثل مشكلة خطيرة في التجارة غير القانونية بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون، خصوصاً المستخدمة في أجهزة التكييف والثلاجات.
تغير المناخ سيؤثر على ملايين أكثر من الناس، نتيجة الاحتباس الحراري الناجم عن تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. ومنذ 1987، ارتفعت الانبعاثات العالمية السنوية من ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري بنحو الثلث. وهذه الزيادة ترفع درجة حموضة مياه المحيطات وتهدد المرجان والرخويات. وتبين العينات الجوفية الاسطوانية من الجليد الدهري أن مستويات ثاني أوكسيد الكربون والميثان باتت تزيد كثيراً عن مدى تباينها الطبيعي عبر 500 ألف سنة مضت. لقد دخل مناخ الأرض حالة لم يعرفها في عصور ما قبل التاريخ الحديث.
هناك الآن دليل ''جلي ولا لبس فيه'' على آثار تغير المناخ، واتفاق على أن الأنشطة البشرية كانت حاسمة في حدوث هذا التغير. فقد ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بنحو 0,74 درجة مئوية منذ العام  .1906 وتتوقع زيادة أخرى خلال هذا القرن تتراوح بين 1,8 و4 درجات مئوية. وقد يحصل ارتفاع أكبر نتيجة التغذية الاسترجاعية، مثل ذوبان الأرض الدائمة التجمد وازدياد بخار الماء. ويعتقد بعض العلماء أن زيادة بمقدار درجتين مئويتين في متوسط الحرارة العالمية هي العتبة التي بعدها يصبح الأذى كبيراً ولا يمكن إصلاحه. والمرجح أن يفاقم ارتفاع درجات الحرارة أوبئة مثل الإسهال والملاريا، ويقلل إنتاج الغذاء العالمي.
وقد يدوم بعض غازات الدفيئة في الغلاف الجوي 50 ألف سنة. وسيؤدي ارتفاع مستويات البحار، الناجم عن تمدد المياه وذوبان الجليد، إلى غرق سواحل وجزر ونزوح سكانها. ويعيش ما يربو على 60 في المئة من سكان العالم في نطاق 100 كيلومتر من الساحل، وسيتعين على ملايين منهم الانتقــال إلى أمـاكن أخـرى. ويقـدر تقـرير GEO-4 أن يصل عدد سكان السواحل بحلول سنة 2025 إلى 6 بلايين نسمة.
ولا يزال العالم المتقدم المستخدم الرئيسي للوقود الأحفوري من حيث نصيب الفرد. وفي حين انخفض استخدام الطاقة لكـل وحـدة من الـثروة بمتـوسط 1,3 في المئة سنوياً منذ تقرير برونتلاند، فقد فاق النمو الاقتصادي هذا التحسن بفـارق كبير، مع ما رافقه من زيـادة ضخمـة في المتطلبات الطـاقويـة. وشهد الطيران زيادة 80 في المئة في الكيلومترات المقطوعة بين 1990 و2003، في حين ارتفع الشحن البحري من 4 بلايين طن عام 1990 إلى 7,1 بلايين طن عام .2005 وكلا القطاعين يخلقان طلباً ضخماً ومتزايداً على الطاقة، والخطوات الجذرية وحدها هي التي ستقلل الانبعاثات من انتاج الطاقة والنقل واستخدام الأرض.
سيتطلب التصدي لتغير المناخ إرادة وقيادة سياسية، ومشاركة قوية من جميع المعنيين، وقد بات التكيف مع التغيرات المتوقعة ''أولوية عالمية''. ومع ذلك، يلاحظ التقرير أن هناك ''افتقاراً للإحساس بالعجلة والإلحاح'' في معالجة انبعاثات غازات الدفيئة التي هي من صنع الإنسان، واستجابة ''غير كافية على نحو يدعو للأسى''. وقد رفضت عدة بلدان تعد مصادر كبيرة للانبعاثات التصديق على برتوكول كيوتو الذي ينصّ على تخفيضها.
الأراضي: استخدام غير مستدام
الازدياد السكاني والنمو الاقتصادي والأسواق العالمية تغيّر استخدام الأرض بمعدل غير مسبوق. وقد تراخى التوسع في الأراضي الزراعية منذ 1987، لكن كثافة استخدام الأرض ''زادت بصورة مثيرة'' بحسب تقرير GEO-4. وكان الفلاح المتوسط ينتج آنئذ طناً واحداً، فبات ينتج 1,4 طن. والهكتار من الأرض الزراعية الذي كان حينذاك ينتج في المتوسط 1,8 طن، ينتج الآن 2,5 طن.
ويتسبب الاستخدام غير المستدام للأراضي في تدهورها، وهو تهديد يماثل في خطورته تغير المناخ ونقص التنوع الأحيائي. كما يؤثر على رفاهية البشر، من خلال التلوث وتآكل التربة واستنفاد المغذيات وندرة المياه والتملح والاخلال بالدورات الأحيائية. ويعاني الفقراء على نحو غير متوازن من آثار هذا التدهور، خاصة في الأراضي الجافة التي تعيل نحو بليوني نسمة. وتدمير التربة يطلق الكربون العضوي: فقد سببت تغيرات استخدام الأراضي نحو ثلث زيادة ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي خلال الأعوام الـ150 الماضية. ويعني نقص المغذيات إضعاف إنتاجية التربة، ويتهدد الأمن الغذائي.
ويتخذ التلوث الكيميائي أشكالاً عدة، ومن المرجح ازدياده. فالمبيدات والاسمدة هي من ضمن أكثر من 50 ألف مادة كيميائية مستخدمة تجارياً، تضاف إليها سنوياً مئات أخرى. ومن المقدر أن يزيد الإنتاج الكيميائي العالمي بنسبة 85 في المئة خلال السنوات العشرين المقبلة. ويعتمد الأمن الغذائي لثلثي البشر على الأسمدة، خاصة النيتروجينية. لكن الجريان السطحي لهذه المغذيات من المزارع يسبب تكاثر الطحالب، ويؤثر أحياناً على نظم إيكولوجية بأسرها، مثلما يحدث في خليج المكسيك وبحر البلطيق، من خلال نقص الأوكسيجين في المياه الذي يخلف ما بات يدعى ''مناطق ميتة''.
ثلث أوروبا الواقعة على حوض البحر المتوسط عرضة للتصحر، وكذلك 85 في المئة من المراعي في الولايات المتحدة. التدهور يزيد الفقر، والعكس صحيح. وتتعثر بلدان المناطق الجافة في مقاييس التنمية البشرية. فعلى سبيل المثال، يزيد معدل وفيات الأطفال الرضع فيها (54 في الألف) بنسبة 23 في المئة عنه في البلدان النامية الأخرى، ويبلغ 10 أضعاف نظيره في البلدان الصناعية. وتقوض ندرة المياه التنمية والصحة والنظم الإيكولوجية.
ويستهلك الري ما بين 70-80 في المئة من المياه المستمدة من الأنهار والمصادر الجوفية، لكن تحقيق هدف الألفية الإنمائية المتعلق بمحو الجوع سيعني مضاعفة إنتاج الغذاء بحلول سنة 2050، وبالتالي مضاعفة استخدام المياه في إنتاج المحاصيل. وبات واحد من كل عشرة من أنهار العالم الكبيرة لا يصل إلى البحر ردحاً من السنة بسبب الطلب على الري في أعلى مجراه.
ويزداد التنافس على الأرض. ويعني ازدياد السكان واستمرار التحول من استهلاك الحبوب إلى استهلاك اللحوم أن الطلب على الغذاء سيزيد ما بين 2,5 و3,5 أضعاف على الطلب الحالي. ومع ذلك، فقد بلغ نصيب الفرد من إنتاج الحبوب العالمي ذروته في الثمانينات وتناقص ببطء منذئذ. ويبدو أن الطرق الحالية في زراعة الأغذية بلغت حدودها القصوى، وأن الغلال وصلت إلى ذروتها.  وتشمل الاتجاهات المحتملة حدوث فشل متزامن في إنتاج المحاصيل في أقاليم مختلفة، وربما انقلاب حوض الأمازون من مرحلته الرطبة الحالية إلى مرحلة جافة، مع ما لذلك من تداعيات في مناطق أخرى أيضاً.
ومن أهم الحلول المطروحة لمعالجة هذه التحديات اعتماد الزراعة الدقيقة المتقنة، واستخدام الأرض لأغراض متعددة، والهندسة الوراثية للمحاصيل بما في ذلك التكنولوجيا الجديدة في الانتقاء، مثلاً لإنتاج نباتات تقاوم الآفات وتتحمل مبيدات الأعشاب (يقدر أن الحشرات تستهلك نحو 14 في المئة من الإنتاج الزراعي العالمي). لكن المحاصيل المعدلة وراثياً لا تزال موضوع جدل، والتلقيح المختلط يعني أنه في وقت ما لن تبقى محاصيل غير محوّرة وراثياً.
وتتواصل الحضرنة بلا هوادة. فسنة 2007 هي الأولى في التاريخ الإنساني حيث يعيش معظم الناس في المدن.
المياه: شح وتلوث
إن تغير المناخ، والافراط في استغلال المياه والنظم الأيكولوجية المائية، واستمرار الصيد البحري الجائر، تؤثر كلها على موارد العالم المائية. والمحيطات هي المنظم الرئيسي للمناخ، وتستوعب كميات ضخمة من غازات الدفيئة. لكن التغيرات التي تتعرض لها تؤثر على درجات الحرارة والجليد في القطب الشمالي، حيث ترتفع الحرارة أكثر 2,5 مرة من المتوسط العالمي. ويحدث تغير في ملوحة المحيطات، وهطول الأمطار والثلوج، والطقس المتطرف بما في ذلك الجفاف والفيضانات والأعاصير.
وقد لوحظت فترات جفاف أقسى وأطول في منطقة البحر المتوسط وجنوب أفريقيا وأجزاء من جنوب آسيا. وعزي تناقص سقوط الأمطار في منطقة الساحل الأفريقي إلى التغيرات في درجات حرارة سطح المحيط. ومنذ عقود، يذوب الغطاء الجليدي لجزيرة غرينلاند أسرع من تكون الجليد الجديد، وتذوب الأرض الدائمة التجمد على نحو أسرع، وتتجمد أنهار المنطقة القطبية الشمالية فترات أقصر في الشتاء.
وتنخفض موارد المياه العذبة المتوافرة، فبحلول 2025 سيعيش 1,8 بليون نسمة في بلدان تعاني شحاً مطلقاً في المياه. وحينذاك يتوقع أن ترتفع مسحوبات المياه بنسبة 50 في المئة في البلدان النامية و18 في المئة في العالم المتقدم.
وتتسبب الأنشطة الانسانية أيضاً في انخفاض نوعية المياه، التي تلوثها الجراثيم والمغذيات المفرطة. ويتصاعد القلق بشأن الآثار المحتملة للمنتجات الصيدلانية، مثل مسكنات الآلام والمضادات الحيوية، على النظم الايكولوجية المائية. وفي البلدان النامية، يموت سنوياً ثلاثة ملايين شخص من الأمراض التي تنقلها المياه، معظمهم دون الخامسة من عمرهم. ويفتقر نحو 2,6 بليون نسمة لمرافق الصرف الصحي الملائمة. وعلى النطاق العالمي، لا تزال المياه الملوثة أكبر سبب مفرد للمرض والموت.
وتزداد صعوبة الحد من الترسبات ومبيدات الآفات ومثبطات الغدد الصم في المجمعات المائية. وقد انخفضت أعداد فقاريات المياه العذبة بمتوسط 50 في المئة من 1987 إلى 2003، أي أسرع كثيراً من تناقص الأنواع البرية والبحرية. وتشمل التدابير المقترحة للعلاج الإدارة المتكاملة لموارد المياه، وإصلاح النظم الايكولوجية، و''أسواق مستجمعات المياه''، حيث يدفع مستخدمو المياه في أدنى المجرى لمالكي الأراضي في أعلاه مقابل الحفاظ على نوعية المياه أو كميتها.
تشكيلة الحياة: عصر الانقراض
التنوع الأحيائي لا يوفر الغذاء والألياف والأدوية فحسب، بل يقدم أيضاً خدمات حيوية، من البكتيريا والميكروبات التي تحول النفايات إلى منتجات مفيدة وتنقي الملوثات من الهواء والمياه، إلى الحشرات التي تلقح النباتات، والشعاب المرجانية وغابات المنغروف التي تحمي السواحل، مثلما يثبت الغطاء النباتي التربة ويحمي من الانهيالات الأرضية.
لكن التغيرات الحالية في التنوع الأحيائي هي الأسرع في التاريخ الإنساني، والخسائر الناجمة عنها تحد من خيارات التنمية. ان نحو 60 في المئة من خدمات النظم الايكولوجية التي جرى تقييمها متدهور أو يستخدم على نحو غير قابل للاستدامة. وتنقرض الأنواع بمعدل أسرع 100 مرة من المعدل المبين في السجل الأحفوري، بسبب تغير المناخ، وفقدان الموائل، والإفراط في استغلال الموارد، والتلوث، وانتشار الأنواع  الدخيلة الغازية. ومن بين مجموعات الفقاريات الرئيسية التي جرى تقييمها، يهدد الانقراض 30 في المئة من البرمائيات و23 في المئة من الثدييات و12 في المئة من الطيور. ويعتقد أن التجارة بلحوم حيوانات الأدغال في حوض الكونغو مثلاً تبلغ ستة أمثال المعدل القابل للاستدامة. الأعداد في الحياة البرية آخذة في التناقص، والتنوع الجيني ينخفض. ويحذر تقرير ''توقعات البيئة العالمية'' الرابع من أن سادس عملية انقراض كبرى تحصل الآن، وهي ليست ناجمة هذه المرة عن كوارث طبيعية، بل عن نمو أعداد البشر وأنماط الاستهلاك.
ويتم الإبقاء على كمية المحصول السمكي البحري بالصيد على مسافة أبعد كثيراً من الشاطئ وعلى مستويات أعمق، مما يدمر بعض الأنواع على نحو سريع. ومن المتوقع أن يزيد الطلب على الأسماك بنحو 1,5 في المئة سنوياً خلال العقد المقبل لسد احتياجات السكان المتزايدين. وقد أدت سياسات الدعم الحكومي إلى زيادة قدرة الصيد بنسبة 250 في المئة عما يلزم الإنتاج المستدام للمحيطات. وتضاعف استغلال الأساطيل الروسية والآسيوية والأوروبية لأسماك غرب أفريقيا ستة أمثال من الستينات حتى التسعينات، في حين لا تتجاوز رسوم الترخيص المدفوعة للبلدان المعنية 7,5 في المئة من قيمة أسماكها. وبسبب هذا الاستغلال المفرط، الذي يؤثر على موارد الرزق المحلي، يهاجر كثيرون من الصيادين الحرفيين في غرب أفريقيا إلى بعض الأقاليم التي تستغل مواردهم.
ويمثل اقتحام أنواع دخيلة وغريبة مشكلة متنامية. على سبيل المثال، قناديل البحر المشطيّة، التي أدخلتها عرضاً عام 1982 سفن آتية من ساحل الأطلسي الأميركي، اجتاحت النظام الايكولوجي في البحر الأسود بكامله، ودمرت 26 من مصائد الأسماك التجارية بحلول عام 1992.
وتعتمد الزراعة في كل مكان على التنوع الأحيائي، لكنها هي أيضاً أكبر محرك للتآكل الجيني وفقدان الأنواع وتغيير الموائل الطبيعية، خصوصاً في الغابات الاستوائية.  وبحلول سنة 2030، من المتوقع أن تحتاج البلدان النامية إلى 120 مليون هكتار أخرى لتغذية سكانها. ولمواجهة الطلب العالمي المتزايد على الغذاء، يقتضي الأمر إما الزراعة الكثيفة الرأسية (استخدام مزيد من المدخلات مثل الكيماويات والطاقة والمياه والسلالات والمحاصيل الأكفأ) وإما زراعة مزيد من الأراضي. وفي أي من الحالتين يعاني التنوع الأحيائي.
وقد يهدد فقدان التنوع الجيني الأمن الغذائي. ذلك أن 14 نوعاً من الحيوانات تمثل 90 في المئة من انتاج الماشية، ويهيمن 30 محصولاً على الزراعة العالمية، مما يوفر 90 في المئة من السعرات الحرارية لسكان العالم. كما أن الطلب على الطاقة، الذي يتوقع أن ينمو بنسبة 53 في المئة على الأقل بحلول سنة 2030 عامل أساسي في التعجيل بفقد التنوع الأحيائي، الذي يؤثر بدوره على صحة الإنسان بتغيير أنماط الأمراض والتعرض لتفشي الأوبئة. وتتبدى علامة على إنقاذ التنوع الاحيائي في الزيادة المطردة للمناطق المحمية. ولكن لتحقيق منافعها، ينبغي إدارتها بصورة فعالة. وستتطلب الحماية - لكل الأنواع وليس فقط ''للحيوانات الضخمة ذات الكاريزما'' مثل النمور والأفيال - عمليات صون متزايدة خارج المناطق المحمية.
ومع ضياع التنوع الأحيائي، يضيع التنوع الثقافي بسرعة، وللأسباب نفسها أساساً. ان أكثر من نصف لغات العالم البالغ عددها نحو 6000 لغة معرضة للانقراض، ويعتقد البعض أن 90 في المئة من اللغات قد لا يبقى حتى نهاية هذا القرن. وتنزع مناطق الثقافات المتمايزة، مثل أميركا الوسطى وجبال الأنديز وغرب أفريقيا وجبال هملايا وجنوب آسيا والمحيط الهادئ، إلى أن تكون غنية بالتنوع الأحيائي. ولن تتباطأ هذه الخسارة حقاً الا عندما يدرج المجتمع قيم التنوع الأحيائي في نظم السوق، ويجعل التكاليف البيئية جزءاً من الأسعار، ويلغي الدعم المقدم للطاقة والزراعة ومصائد الأسماك، ويجري التقييم السليم للموارد الأحيائية.
خيارات العمل
تتراوح سلسلة المشاكل البيئية من قضايا تتوافر لها حلول مجربة إلى قضايا لا يزال يبزغ فهمها وحلولها. وبالنسبة الى بعض المشاكل الثابتة، قد يكون الدمار أمراً لا يمكن إصلاحه، وقد يؤدي الفشل في معالجتها الى طمس المكاسب التي تحققت في التصدي لتحديات أبسط، بل يمكن أن يهدد بقاء الإنسانية نفسها.
لقد تركزت استجابات السياسة البيئية على تخفيف الضغوط أو مواجهة الآثار. وينتقل التركيز حالياً إلى طرق تغيير القوى المحركة التي تخلق الضغوط، بما في ذلك النمو السكاني والنمو الاقتصادي، واستهلاك الموارد، والقيم الاجتماعية. ان تغيير هذه القوى المحركة يؤثر عادة على المصالح المكتسبة لمجموعات قوية قادرة على التأثير في عملية اتخاذ القرارات السياسية. وتتطلب معالجة المشاكل الأكثر ثباتاً نقل البيئة من هامش عملية اتخاذ القرارات إلى قلبها. ومن شأن التغييرات الهيكلية في المنظمات الحكومية والدولية، وإعطاء الأولوية للتنمية في خطط القطاعات، والأخذ أكثر بنهج كلي في تخطيط التنمية، أن تلعب دوراً هاماً. كما أن تحسين الرصد والمراقبة أمر مطلوب، بل ملح لتعزيز الفهم العلمي للحدود القصوى المحتملة التي لا يمكن بعدها ضمان إصلاح الوضع.   وهناك حاجة الى القيام بحملات تثقيف وتوعية ببيئة أفضل، وإلى اشراك أكبر لجميع الشرائح المعنية.
العمل الحازم الآن سيكون أقل كلفة من انتظار حلول أفضل مستقبلاً، خاصة بالنسبة لتغير المناخ.
كادر
التوقعات البيئية من منظور إقليمي
هذا أول تقرير لتوقعات البيئة العالمية تؤكد فيه الأقاليم السبعة جميعها على الآثار المحتملة لتغير المناخ. وللحد من هذه الآثار، اقترح الاتحاد الأوروبي ألا تزيد درجة الحرارة العالمية في المتوسط أكثر من درجتين مئويتين عما كان قائماً قبل عصر الصناعة. ويعني هذا ضمناً تخفيضات في انبعاثات غازات الدفيئة تبلغ 60-80 في المئة بحلول سنة 2050 في البلدان المتقدمة، وتخفيضات كبيرة في البلدان النامية إذا قبلت الالتزام بتخفيض الانبعاثات.
ولتدهور الأراضي الأولوية في معظم الأقاليم. ويمثل التصحر خطراً خاصاً في أفريقيا، حيث انخفض نصيب الفرد من انتاج الغذاء بنسبة 12 في المئة منذ 1981. ويتفاقم تدهور الأرض من جراء الجفاف وتغير المناخ، ويؤثر على الأنهار والغابات.
وتشمل الأولويات في آسيا والمحيط الهادئ نوعية الهواء في المدن، والضغط على المياه العذبة، وتدهور النظم الايكولوجية، واستعمال الأراضي الزراعية، وزيادة النفايات. وقد حققت مياه الشرب تقدماً مرموقاً في العقد الماضي، لكن النقل والاتجار غير المشروع في النفايات الالكترونية والخطرة يمثل تحدياً جديداً يؤثر على الصحة والبيئة.
ويؤدي ارتفاع الدخل وزيادة أعداد الأسر في أوروبا إلى انتاج واستهلاك غير قابلين للاستدامة، وزيادة استخدام الطاقة، وسوء نوعية الهواء في المدن، ومشاكل النقل. وتتمثل الأولويات الأخرى في فقدان التنوع الأحيائي، وتغير استخدام الأراضي، والضغط على المياه العذبة، وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي مما ساعد على استعادة الفحم لأهميته.
وتتمثل الأولويات بالنسبة إلى أميركا اللاتينية والكاريبي في النمو الحضري، والتنوع الأحيائي، وتدمير السواحل، والتلوث البحري، والمعاناة من تغير المناخ. بيد أن المناطق المحمية تغطي حالياً 10,5 في المئة من الأراضي. وتساعد برامج الادارة المتكاملة في إنقاص معدلات تعرية الغابات في الأمازون. وتشهد أميركا الشمالية تحركات للتصدي لتغير المناخ، الذي يرتبط به استهلاك الطاقة والتمدد الحضري والضغط على المياه العذبة. لكن المكاسب في مجال زيادة كفاءة استخدام الطاقة تبدو هزيلة أمام استعمال سيارات أكبر واعتماد معايير منخفضة لكفاءة الوقود وزيادة أعداد المركبات والمسافات المرتحلة.
والأولويات بالنسبة إلى غرب آسيا هي الضغوط على المياه العذبة، وتدهور الأراضي والنظم الايكولوجية الساحلية والبحرية، والإدارة الحضرية، والأمن والسلم. والأمراض التي تنقلها المياه مصدر قلق في بعض المناطق، إلى جانب تقاسم موارد المياه الدولية.
المنطقتان القطبيتان تعانيان بشكل خاص من آثار تغير المناخ العالمي. فالمنطقة الشمالية ترتفع درجة حرارتها أسرع مرتين من المتوسط العالمي. ويتعرض الأمن الغذائي وصحة السكان الأصليين للخطر من جراء زيادة الزئبق والملوثات العضوية الثابتة في البيئة القطبية. ومن المتوقع أن تستغرق طبقة الأوزون، وهي الأكثر ترققاً في المناطق القطبية، أكثر من نصف قرن لتستعيد عافيتها.
وقد تكبدت بعض الأقاليم المتقدمة ''ديوناً ايكولوجية'' بفعل أنماطها الاستهلاكية، وحققت ''تقدما'' بيئياً على حساب أقاليم أخرى بمجرد تصدير الإنتاج وآثاره معه. ونصيب الفرد من انبعاثات غازات الدفيئة مثال واضح. ولا يزال نموذج التنمية ''الشمالي'' سائداً، وهناك قدر كبير جداً من الأدلة على التنمية التي تتم على حساب البيئة، وعلامات قليلة على صون البيئة من أجل التنمية. لكن المفهوم الثاني هو الذي يحتاج إلى ترسيخه في العالم النامي، على أن يرافقه تباطؤ الاستهلاك في العالم المتقدم. والحقيقة المشتركة بين كل الأقاليم هي ''ان سكان العالم بلغوا مرحلة تتجاوز فيها الموارد المطلوبة لاعاشتهم ما هو متوافر... وموطئ قدم البشرية (أو البصمة البيئية)، أي الطلب على البيئة، هو 21,9 هكتاراً للشخص، في حين أن القدرة الأحيائية للأرض هي في المتوسط 15,7 هكتاراً للشخص فقط. والفوارق بين البصمات البيئية شاسعة على المستوى الاقليمي''.
يذكر تقرير ''توقعات البيئة العالمية'' ببيان لجنة برونتلاند القائل بأن العالم لا يواجه أزمات عالمية منفصلة، فالأزمة البيئية وأزمة التنمية وأزمة الطاقة كلها أزمة واحدة. العالم آخذ في الانكماش، وتقل المصادر المتاحة للاقتسام. فنصيب الفرد من الأرض يبلغ نحو ربع ما كان قبل قرن، ومن المتوقع أن ينخفض الى خمس مستواه الذي كان في 1900 بحلول سنة 2050. وينمو الاستهلاك أسرع من عدد السكان، لكنه غير متكافئ، فإجمالي الدخل السنوي لنحو بليون نسمة في أغنى البلدان يزيد 15 ضعفاً على دخل 2,3 بليون نسمة في أفقر البلدان. ويتدهور 60 في المئة من خدمات النظم الايكولوجية أو يجري استخدامه على نحو غير قابل للاستدامة. وتدهور الأرض يجعل مواجهة تأثير الطقس المتطرف أكثر صعوبة. وقد ساهم تدهور البيئة في انهيار مجتمعات قديمة مثل مجتمعات ما بين النهرين (أهوار العراق). ونطاق التغيرات الحالية أكبر كثيراً.
المياه مصدر توتر والحروب تستنزف التنمية
أضواء بيئية على غرب آسيا
خطا اقليم غرب آسيا خطوات كبيرة في مجال حوكمة البيئة منذ تقرير برونتلاند الصادر عام 1987، بما في ذلك إنشاء مؤسسات بيئية، ووضع تنظيمات واستراتيجيات بيئية وإنمائية مستدامة، والانضمام الى الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف. لكن الازدياد السكاني والتنمية السريعة والنزاعات العسكرية زادت التحديات والضغوط على الموارد الطبيعية.
يشمل إقليم غرب آسيا كلاً من شبه الجزيرة العربية التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي واليمن، والمشرق الذي يضم العراق والأردن وسورية ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة. ومعظمه أراض جافة، والماء أثمن موارده.
القضايا البيئية الأساسية في المنطقة هي ندرة المياه العذبة، وتدهور الأراضي والنظم الساحلية، والادارة الحضرية، والسلم والأمن. وتعتبر الأمراض التي تنقلها المياه وتقاسم موارد المياه المشتركة مدعاة للقلق.
اتجاهات اقتصادية اجتماعية
على رغم التقدم الملحوظ صوب تحقيق أهداف الألفية الإنمائية للصحة والتعليم وتمكين المرأة خلال السنوات العشرين الأخيرة، يشير تقرير ''توقعات البيئة العالمية'' الرابع الى أن 32 في المئة من إجمالي السكان الذين يزيد عمرهم على 18 سنة (نحو 36 مليون نسمة) ما زالوا أميين. وازداد الفقر منذ ثمانينات القرن الماضي بمعدلات تتراوح بين صفر تقريباً في الكويت و42 في المئة في اليمن. وتزيد معدلات البطالة على 20 في المئة.
وتساهم الزراعة بما معدله 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النشاط الاقتصادي الرئيسي في المشرق وفي اليمن، وتستخدم أكثر من 40 في المئة من القوى العاملة. والنفط هو مصدر الدخل الرئيسي في بلدان مجلس التعاون الخليجي، ويمثل 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و70 في المئة من الإيرادات الحكومية.
ويبقى التحدي الرئيسي للحكومات أن تدمج البيئة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ويمكن لبلدان مجلس التعاون الخليجي أن تحقق أهداف الألفية الإنمائية بحلول سنة 2015، لكن من المشكوك فيه أن يقدر المشرق واليمن على ذلك، ومن المستحيل ان تحقق العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة هذه الأهداف.
المياه العذبة :توتر وشح وإهدار
غرب آسيا من أكثر مناطق العالم توتراً في ما يتعلق بالمياه. فبين 1985 و2005 نقص نصيب الفرد من المياه العذبة المتوافرة من 1700 إلى 907 أمتار مكعبة سنوياً، وسينخفض إلى 420 متراً مكعباً في السنة بحلول سنة 2050. ويعتمد المشرق أساساً على المياه السطحية وبدرجة أقل على المياه الجوفية، في حين يعتمد شبه الجزيرة العربية أساساً على المياه الجوفية وعلى تحلية مياه البحر. وكلتا المنطقتين تستخدمان مياه الصرف المعالجة بصورة متزايدة. وينبع ما يزيد على 60 في المئة من المياه السطحية من خارج الإقليم، وتعتبر موارد المياه المشتركة محدِّداً أساسياً للاستقرار.
يستأثر القطاع الزراعي بأكثر من 80 في المئة من إجمالي المياه المستخدمة. والآثار الصحية لسوء نوعية المياه مصدر قلق كبير في المشرق. ومن المسببات الأساسية لتلوث المياه الري بمياه الصرف المنزلية غير المعالجة، وسوء الصرف الصحي، وعدم كفاية إدارة النفايات. كما أن تلوث المياه الجوفية بالنترات الزراعية مصدر خطير لأمراض الأطفال.
وعلى رغم ندرة المياه في بلدان مجلس التعاون الخليجي، فإن نصيب الفرد في استهلاكها هو من أعلى المستويات في العالم. والأسباب الرئيسية لذلك غياب الإدارة السليمة للطلب وعدم وجود آليات لتحديد السعر وحوافز للاقتصاد في المياه. وقد تسبب الاستغلال المفرط للمياه الجوفية في نضوب كثير من الينابيع، وهذا ما حصل لمعظم الينابيع التاريخية في واحة تدمر في سورية.
وقد تحرك معظم البلدان مؤخراً باتجاه ادارة حمائية ومتكاملة للمياه. وتركز إصلاحات سياسة المياه على تحقيق اللامركزية، والخصخصة، وإدارة الطلب، والاقتصاد وكفاءة الاستخدام، وتحسين الأحكام المؤسسية والقانونية والمشاركة العامة.
تدهور الأراضي والتصحر
نحو 64 في المئة من مساحة غرب آسيا التي تبلغ 4 ملايين كيلومتر مربع هي أراض جافة ومعرضة للتدهور، وتتم زراعة نحو 8 في المئة منها. تاريخياً، كانت الأرض تزود السكان بغذاء وافر، بيد أنه خلال السنوات العشرين الماضية، ازداد سكان المنطقة بنسبة 75 في المئة. واقترن هذا بالاستخدام الكثيف للتكنولوجيا غير الملائمة، وسوء تنظيم موارد الملكية المشتركة، والسياسات الزراعية غير الفعالة، والتنمية الحضرية السريعة غير المخططة، ما أحدث تغيرات واسعة النطاق في استخدام الأراضي وتسبب بتدهورها وبالتصحر في معظم بلدان الإقليم.
ويعتبر انجراف التربة بفعل الرياح والمياه، وتملّحها، وما يترتب على ذلك من تشبعها بالمياه وتدهور خصوبتها وتقشر أديمها، الأخطار الأساسية التي تهدد إنتاجية الأرض وتفاقم آثار التصحر في المنطقة. ومع بداية القرن الحالي كان 79 في المئة من الأراضي قد تدهور، وتسبب البشر في 98 في المئة من هذا التدهور.
التنوع الأحيائي آخذ في التناقص في مراعي المنطقة، وتدهور الغابات آخذ في الانتشار. وتشغل الغابات 1،34 في المئة (5,1 مليون هكتار) من مساحة الإقليم الإجمالية، ما يقل عن 0,1 في المئة من إجمالي مساحة الغابات في العالم. وقد وضعت بلدان كثيرة خطط عمل قومية لمكافحة التصحر، لكن تجاهل العلاقة التفاعلية بين تدهور الأرض والفقر يسفر عن سياسات غير فعالة وغير ملائمة. وتبذل جهود لتحسين الأراضي المتدهورة، لكنها لا تشمل إلا 2,8 في المئة من الأراضي في شبه الجزيرة العربية و13,6 في المئة من أراضي المشرق. وقد زاد اجمالي مساحة الأراضي المحمية بشكل ملحوظ من 1990 إلى 1995، لكنه ظل على ما هو منذئذ. ومن التدابير المميزة اعادة إحياء أهوار العراق والحفاظ على سلالات القمح المحلية في الأردن وسورية.
الردم والتلوث يستنزفان البيئة البحرية
المناطق الساحلية والبحرية في غرب آسيا تتهددها التنمية الساحلية السريعة للمدن، وردم البحر، واقامة المنتجعات والمشاريع السياحية والترفيهية والسكنية، والصناعة، والتلوث النفطي، والملوثات الكيميائية، وتحلية المياه، وتصريف الكائنات الدقيقة، والإفراط في صيد الأسماك. وقد أدت عمليات جرف القاع إلى تغيير الحدود الساحلية بصورة كبيرة، كما دمرت البنية البحرية وأثرت على التنوع البيولوجي في أماكن كثيرة. على سبيل المثال، تم استخدام ما يربو على 200 مليون متر مكعب من الرواسب البحرية المجروفة لإنشاء مدينة الجبيل الصناعية في السعودية، و60 مليون متر مكعب من الطمي والرمل المجروفين لاقامة الجسر الذي يربط البحرين بالسعودية، وأكثر من 100 مليون متر مكعب من الصخور والرمال لإنشاء جزر النخيل في الإمارات.
انسكابات البترول والملوثات الكيميائية تهديد كبير للبيئة البحرية. ويعتبر تدهور الشعاب المرجانية وانخفاض مستوى مياه البحر الميت... قضيتين خطيرتين.
وبدأ مؤخراً تقييم الآثار البيئية للمشاريع واعتماد خطط للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية. ويضم غرب آسيا أكثر من 30 محمية بحرية، وقد وقعت بلدانه على 18 اتفاقية إقليمية ودولية تتعلق بالبيئة الساحلية والبحرية.
حضرنة مكثفة
تبلغ نسبة سكان الحضر في غرب آسيا 42 في المئة. وقد شهد الاقليم حضرنة مكثفة في العقدين المنصرمين، مما أسفر عن ارتفاع الطلب على المياه والطاقة، وازدياد تحديات إدارة النفايات، وتدهور نوعية الهواء، وتوسع مساحة الأحياء العشوائية، خاصة في بلدان المشرق.
ويتراوح نصيب الفرد من النفايات الصلبة في بلدان منظمة التعاون الخليجي بين 0,73 كيلوغرام و1,4 كيلوغرام للشخص يومياً، في مقابل معدل يتراوح بين 0,61 كيلوغرام و0,86 كيلوغرام للشخص يومياً في المشرق. ويتسبب سوء إدارة النفايات الحضرية في مشاكل صحية وبيئية ضخمة.
وقد تباينت ردود أفعال الحكومات في غرب آسيا تجاه هذه التحديات، وكانت غير وافية حتى الآن. كما أن التقصير وعدم الكفاءة في جمع البيانات يجعل تقييم الآثار الكلية للحضرنة أمراً صعباً.
استهلاك الطاقة من أعلى المعدلات العالمية
قطاع الطاقة محرك أولي للتنمية الاقتصادية ولتدهور البيئة في آن. وتنتج المنطقة نحو 23 في المئة من النفط العالمي ونحو 8,7 في المئة من الغاز الطبيعي العالمي. ويتباين استهلاك الفرد من الطاقة تبايناً كبيراً بين البلدان المنتجة للنفط والبلدان غير المنتجة له. وقد ازداد نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من 6 إلى 7,2 أطنان بين 1990 و2003.
ووضعت بعض البلدان قوانين ومعايير لكفاءة استخدام الطاقة في المباني، وسنت تشريعات وبدأت برصد تلوث الهواء. ولكن يبقى استهلاك الطاقة في بلدان الخليج، مثلاً، من أعلى المعدلات العالمية.
الحروب والبيئة
بعد 17 عاماً من التدمير البيئي الخطير للنظم الايكولوجية في حرب الخليج (1990 - 1991)، خصوصاً في العراق والكويت والسعودية، لا تزال الدلائل واضحة على آثار النزاع، وازداد الوضع سوءاً إبان غزو العراق في .2003 لقد سبب بناء التحصينات العسكرية، ونشر الألغام وإزالتها، وحركة المركبات والقوات العسكرية، اضطراباً شديداً في البيئة. وسرع ذلك تآكل التربة في الصحراء وارتبط بالعواصف الترابية والرملية. والقلق مستمر من جراء استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفد في العراق في كلتا الحربين. ولا تزال القذائف والألغام البرية التي لم تنفجر تودي بأرواح المدنيين بعد سنوات طويلة.
وفي لبنان، تم زرع نحو 150 ألف لغم بري بصورة عشوائية بين 1975 و1990. وخلف العدوان الاسرائيلي صيف 2006 نحو مليون قنبلة عنقودية غير منفجرة، وأحدث تلوثاً ساحلياً شاسعاً وصفه الخبراء بأنه أسوأ كارثة إيكولوجية في تاريخ لبنان.
وتركت عقود من الاحتلال والإهمال الأراضي الفلسطينية المحتلة تعاني طائفة من المشاكل البيئية، بما في ذلك تدهور موارد المياه القليلة والتلوث بالنفايات الصلبة والسائلة. وفي غزة، ساهمت كثافة السكان في استنزاف خزانات المياه الجوفية، فاقتحمتها المياه المالحة.
ومن عواقب حروب المنطقة أيضاً اختلال الخدمات الصحية، وتعميق الفقر، وتدمير المؤسسات، والعجز عن تطبيق القوانين البيئية. ولا شك في أن ازدياد معدل الوفيات لأسباب لا تتعلق بالعنف في العراق عامي 2005 و2006 يعكس تدهور الخدمات الصحية وتفاقم الأخطار البيئية.

وزادت الحروب عدد اللاجئين والنازحين داخلياً في غرب آسيا إلى نحو أربعة ملايين نسمة.

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.