اقترح الباحث الجزائري لوط بوناطيرو استخدام نظام لمقاومة الصواعق من أجل مكافحة فعالة لحرائق الغابات. وهو عبارة عن لاقطات تمنع الصاعقة من السقوط على الأشجار، مما يسبب اندلاع الحرائق خصوصاً في فصل الصيف.
هذا النظام الذي صممه بوناطيرو سيدخل حيز التجربة قريباً داخل ''الحظيرة الوطنية للشريعة'' في ولاية البليدة التي عرفت صيفاً ساخناً عام 2007، حيث التهمت حرائق الغابات مساحات معتبرة وتسببت في نفوق الكثير من الحيوانات البرية وهجرة أعداد أخرى، وعلى رأسها القردة التي تتخذ من جبال شفة والشريعة موئلاً لها.
وفي رأي الباحث الجزائري أن كثيراً من حرائق الغابات ينتج عن الصواعق، مما يستوجب وضع نظام مكافحة للحيلولة دون فقدان أراض شاسعة نتيجة ظاهرتي البرق والتقلبات المناخية. وقال: ''حان الأوان للخروج من المعتقدات البالية التي ترجع حرائق الغابات فقط الى رمي أعقاب السجائر أو ترك بقايا الحطب المشتعل. هل يعقل أن يحدث هذا في قلب الغابات الكثيفة والأحراج المتشابكة؟''
موقع الجزائر على حوض البحر المتوسط يميز مناخها بالجفاف والحرارة صيفاً، خصوصاً في شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس). وهذا يساهم في اندلاع حرائق الغابات وانتشارها بسرعة، خصوصاً مع هبوب الرياح الجافة، فتخلف خسائر مادية كبيرة وأحياناً خسائر بشرية.
وقد التهمت حرائق الغابات عام 2007 نحو 48 ألف هكتار. وكانت تلك السنة الأكثر كارثية، إذ تم احصاء 2026 بؤرة حريق على مستوى البلاد بحسب الحصيلة التي قدمتها المديرية العامة للغابات في العاصمة، التي أكدت أن غالبية الحرائق تجاوزت الامكانات المسخرة للمكافحة. وأشارت الى وجود 479 دورية متنقلة تضم في مجملها 2064 عنصراً مكلفاً بالتدخلات الأولية، وكل دورية مسؤولة عن 9800 هكتار، في حين أن المعيار المتفق عليه هو بين 5000 و6000 هكتار للدورية الواحدة.
وتجدر الاشارة هنا الى أن 89 في المئة من الحرائق المسجلة تبقى أسبابها غير محددة ضمن محاضر مديرية الغابات والحماية المدنية.
وقد وضعت المديرية لسنة 2008 مخططاً للحرائق تم ارساله الى المحافظات عبر مختلف الولايات، خصوصاً تلك التي تشهد كوارث في الغابات. وشكلت لجان ولائية لتنسيق جهود الوقاية والتدخل. كما شكلت لجنة وطنية لحماية الغابات من قبل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، تشمل ممثلين من 12 وزارة وهيئة وطنية معنية بالغابات.
تشجير وأخطار تهدد الغابات
يبلغ مجمل مساحة غابات الجزائر نحو 4,7 ملايين هكتار، معظمها في الشمال. أما في الجنوب والهضاب العليا داخل البلاد فهي عبارة عن أشجار متفرقة. وتزداد كثافة الغابات في شرق البلاد. وتتنوع أشجارها من الصنوبر الحلبي والصنوبر البحري الى الأرز والسنديان والفلين. ويعيش الأيل البربري بأعداد معتبرة في غابات الشمال الشرقي، وفي الجنوب تعيش أنواع من الغزلان الأفريقية وكذلك الأروي والفهد.
وللغابة في الجزائر من الأهمية الايكولوجية ما يتجاوز الأهمية الاقتصادية المتمثلة في انتاج الخشب. فهي تحافظ على التربة من الانجراف في مناطق كثيرة حيث التهاطل غزير، كالمنطقة الشرقية، وتساهم في تنقية الهواء والترفيه خصوصاً في المدن الكبرى. ومع ذلك تبقى دون المعيار المطلوب للتوازن الايكولوجي الذي ينص على ضرورة توفير 20 في المئة من المساحة الاجمالية للبلاد في شكل غابات وأماكن مشجرة، بينما الجزائر لديها فقط 11 في المئة.
وقد وضع مخطط وطني للتشجير يمتد على 20 سنة ابتداء من العام 2000، ضمن توجه الحكومة نحو ترقيه الزراعة الجبلية ومكافحة التصحر وحماية الموارد الطبيعية. ويقول المهندس محمد خليفة، الخبير في مكافحة التصحر والتنمية الريفية، إنه منذ الاستقلال عام 1962 حتى نهاية 2005 تم غرس 1,35 مليون هكتار، منها 194 ألف هكتار منذ انطلاق المخطط الوطني للتشجير، مما يعكس حجم المجهود المسخر لانجاح هذا المسعى.
ويحمل هذا المخطط جملة أهداف يمكن حصرها في ثلاثة محاور: الايكولوجي، وأهم نقطة فيه رفع نسبة التشجير من 11 الى 13 في المئة من المساحة، وبالتالي ضمان المحافظة وعلى التنوع النباتي والحيواني وتطويره فضلاً عن امتصاص غاز الكربون. والاقتصادي، وغايته حماية نحو 2,8 مليون هكتار من الأراضي الجبلية، و3 ملايين هكتار من الأراضي السهبية، و30 حوض تغذية للسدود، وانتاج الخشب والفلين. والاجتماعي، بايجاد 510 آلاف فرصة عمل بمعدل 25,500 فرصة سنوياً.
وتعاني مناطق كثيرة وخصوصاً الشمالية من الأمراض والطفيليات، وأشدها الدودة الجرارة التي تستهدف الصنوبر الحلبي. وهناك 100 ألف هكتار مصاب، وقد توسعت عملية المعالجة منذ 2004 بتدعيم وسائل المكافحة بالرش بالطائرات، إلا أنها تبقى محدودة مقارنة بحجم الضرر.
من جهة أخرى، تتعرض مساحات أخرى للسطو باقامة أبنية من دون رخص، يستغل أصحابها النفوذ أو غياب جرد دقيق للأراضي الغابية، مما يطرح مشكل الملكية بقوة. وتحاول السلطات تسيير هذا الملف من خلال تشكيل المحافظات الولائية والشرطة الحرجية لوقف التجاوزات التي تهدد حدود الغابات.
كادر
أرقام من المخطط الوطني للتشجير
12 مليون هكتار من الأراضي تدهورت بسبب الانجراف المائي.
20 مليون هكتار من الأراضي تدهورت بسبب الانجراف المائي.
1,245,000 هكتار هي المساحة المزمع تشجيرها على امتداد عشرين سنة.
75,000 هكتـار مخصصة لغرس شجـر الفلين.
250,000 هكتار مخصصة للتشجير الموجه للانتاج.
62,000 هكتار هي المساحة المراد تهيئتها لحماية أحواض تغذية السدود في المناطق الجبلية.
333,260 هكتار موجهة لمكافحة التصحر.
25,640 هكتار للتجميل والترفيه.