تقديراً للجهود الجبارة التي بذلها مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية سليمان الحربش بهدف مساعدة البلدان النامية حول العالم، عيَّنه المجلس الوزاري للصندوق لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، وذلك في اجتماعه التاسع والعشرين في مدينة أصفهان الايرانية في 17 حزيران (يونيو) 2008.
بدأ انخراط الحربش في ميدان التنمية عندما حضر الاجتماع الأول لمؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنميةUNCTAD عام 1968، بصفته مديراً تنفيذياً شاباً في قطاع صناعة النفط. وأكسبته نشاطات لاحقة على مرّ السنين مزيداً من الخبرة في مجالات الطاقة والتنمية وتخفيف حدة الفقر.
وهو اعتبر إعادة تعيينه ''شرفاً كبيراً'' وانعكاساً لثقة المجلس بجهوده. وفـي مقابلة مع النشرة التـي يصدرها الصندوق OFID Newsletter استعرض المدير العام الانجازات التي تحققت خلال ولايته الأولى، قائلاً إنه ينظر بثقة وتفانٍ متجددين الى المهمات المنتظرة. وفي ما يأتي مقتطفات من المقابلة.
في بداية تعيين سليمان الحربش مديراً عاماً لصندوق أوبك للتنمية الدولية، كان التحدي الأول الحاجة الى زيادة تدخل الصندوق وزيادة موارده. وتبعاً لذلك، تم تأسيس مرفق التمويلات المدمَّجة Blend Facility) ومرفق تمويل التجارة (TFF)، اضافة الى الحساب المستقل لهبات العمليات الطارئة.
قال الحربش: ''إن أصعب مشكلة يواجهها العالم هي الأزمتان التوأمان: الفقر الطاقوي وارتفاع أسعار السلع الغذائية''، بما في ذلك الذرة التي يحولها بعض البلدان الى انتاج الوقود الحيوي (بيوفيول). هذه التحولات مضرة بالامدادات الغذائية، خصوصاً احتياجات الفقراء حول العالم. وبالتعاون مع مؤسسة جيدة السمعة، يجري الصندوق بحثاً حول أزمة الغذاء العالمية لتفحص الجانب العلمي من المشكلة وتقديم حلول مناسبة ومستدامة.
ازدياد الطلب على موارد الصندوق
تتكون القاعدة المالية لصندوق أوبك للتنمية الدولية من مساهمات الدول الأعضاء وسداد القروض والاحتياطات، التي تستثمر في مناطق مختلفة من العالم. والطلب على موارد الصندوق يزداد باطراد، والتحدي الرئيسي الذي يواجهه هو الحاجة الى تعزيز موارده ليكون قادراً على تقديم الخدمات الاضافية. والخطط تتقدم جيداً من هذه الناحية. وكان المجلس الوزاري مسانداً جداً، اذ وافق العالم الماضي من حيث المبدأ على أن يبادر الصندوق الى اتخاذ اجراءات، بما في ذلك الاقتراض، لتعزيز موارده.
وأوضح الحربش أن الصندوق يتطلع أيضاً الى مزيد من دعم الدول الأعضاء ''التي تدرك تماماً تفاقم مشكلة ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء''. ويؤمل أن تتمكن هذه الدول من التدخل والمساعدة، بتقديم مساهمات جديدة أو الافادة من اتفاقية الصندوق المرنة من أجل الحصول على مساهمة من دولة عضو أو عدة دول أعضاء.
ويقدم الصندوق مساعدات مالية لنحو 121 بلداً نامياً، غالبيتها من فئة الدخل المنخفض. ومنذ انطلاقته، قدم أكثر من 9,8 بلايين دولار في شكل تمويل مشاريع، وهبات، ومساهمات في موارد منظمات تنموية أخرى.
دعم الدول الأعضاء
الصندوق، الذي بدأ العمل عام 1976، وُلد في القمة الأولى للملوك ورؤساء الدول التي انعقدت عام 1975 في العاصمة الجزائرية. وعبّر ''إعلان الجزائر'' بوضوح عن الدعم الكامل للقادة والتزامهم وعزمهم على القيام بمزيد من العمل مع الدول النامية. وفي القمة الثانية التي استضافها هوغو تشافيز رئيس فنزويلا في كراكاس عام 2000، جدد القادة التزامهم بالصندوق ودعمهم إياه. وشدد ''إعلان كراكاس'' على أن ''الفقر، الباقي معنا، هو أخطر مشكلة بيئية يواجهها العالم".
وجاء تأكيد أكبر على أهمية عمل الصندوق في القمة الثالثة في الرياض عام 2007، التي استضافها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. واختلفت الاستنتاجات التي خلصت اليها القمة عن تلك التي صدرت في القمتين السابقتين. فتماشياً مع الوضع الديناميكي في العالم، احتوى ''إعلان الرياض'' على ثلاثة فصول جديدة حول الطاقة، وتغير المناخ، والطاقة والتنمية المستدامة، التي هي في صلب مهمات الصندوق. وكُرس فصل مستقل في الاعلان للطاقة والتنمية المستدامة، ركز أحد بنوده على الحاجة الى استئصال الفقر الطاقوي. وبدأ الصندوق تنفيذ القرار سريعاً من خلال اقامة ورشة عمل ناجحة بعنوان ''الفقر الطاقوي في افريقيا'' في حزيران (يونيو) الماضي في العاصمة النيجيرية أبوجا. وقد كان الحضور ممتازاً، وافتتح الورشة رئيس البلاد أومارو يارادوا. ونوّه الحربش بأن ''الصندوق يفتخر حقاً بهذا الدعم".
القوة العاملة والشراكات
من المتعارف عليه عالمياً أن التطور المستمر للقوة العاملة هو من أهم الموارد لأي مؤسسة. والذخر الحقيقي للصندوق هو قوته العاملة المكونة من نحو 142 موظفاً من 24 بلداً. قال الحربش: ''لولا هذه القوة العاملة والعمل الجماعي والتعاون ونوعية الناس، لما استطعنا تحقيق الانجاز الذي حققناه''. وأضاف أنه، منذ تولي مهمته كمدير عام، تم توظيف عدد كبير من خريجي الجامعات لضخ ''الدم الطازج''. وأعرب عن ايمانه بأن هذه العوامل الايجابية ''تساعدنا لتنفيذ مهمات الصندوق".
وقد تعاون الصندوق مع مجموعة متنوعة من مؤسسات شريكة في تنفيذ مشاريعه الانمائية في عشرات البلدان النامية حول العالم. ومن هذه المؤسسات مجموعة البنك الدولي، وبنوك التنمية الاقليمية، والوكالات الشقيقة للصندوق، ومؤسسات كثيرة أخرى بما في ذلك منظمات غير حكومية. وفي هذا المجال، قال الحربش إن تعاون الصندوق مع المؤسسات الشقيقة هو ''جزء من النظام ومن برنامجنا ومن ثقافة العمل".