زوار أرخبيل سفالبارد النروجي يستطيعون مشاهدة أيائل الرنة والفقم والدببة. وهذه كلها في خطر، فالاحتباس الحراري يحدث في المنطقة القطبية أسرع مرتين مما في بقية العالم. ذلك لأن المياه والأراضي الأكثر ظلمة، عندما تتعرض للجليد والثلوج الذائبة، تمتص مزيداً من الحرارة وتسرّع عملية الذوبان.

تعتبر السلطات المحلية ان هذه الزيارات تلحق بالبيئة ضرراً أقل مما تسببه رحلات سياحية روسية على كاسحات جليد نووية، أو رحلات القفز بالمظلات فوق القطب الشمالي. ويقول رون برغستروم، وهو خبير بيئي في مكتب حاكم الأرخبيل، ان ''هذا من النظم البيئية القليلة الباقية في العالم حيث الدب القطبي هو المفترس الأول''، مضيفاً: ''قد يكون أرخبيل سفالبارد أفضل مكان لرؤية التغيير وأسهل مكان يمكن بلوغه في أعالي المحيط المتجمد الشمالي''.

لقد تراجعت المجالد في أجزاء من الأرخبيل الذي تديره النروج ويعتبر أكبر قفر في أوروبا. وعثر في صيف 2007 على جزر لم تكن معروفة من قبل بعد تقلص إحدى المجالد.

السناتوران الأميركيان هيلاري كلينتون وجون ماكين، المتنافسان على الرئاسة الأميركية، زارا الأرخبيل عام 2004. ومنذ ذلك الحين يزوره رؤساء حكومات وسياسيون من اوروبا الشمالية، وسياح وطلاب جامعيون وباحثون في الشؤون القطبية. وقد أمضى السياح، وكثير منهم على سفن سياحية، ما مجموعه 70,000 ليلة في الجزر العام الماضي، بعد ان كانت هذه الزيارات شبه معدومة قبل 20 عاماً. ويلاحظ برغستروم ان هؤلاء السياح أثرياء، لذلك قد يكونون مؤثرين عند عودتهم الى بلادهم.

وزيرة البيئة النروجية هيلين بيورنوي اعتبرت أن ''أرخبيل سفالبارد مكان هام للتلاقي، فأنت ترى بوضوح ذوبان الجليد والصعوبات التي تعانيها الدببة القطبية والطيور من الاحتباس الحراري والملوثات البيئية''.

وتطلب النروج مزيداً من العمل الدولي لمكافحة الاحتباس الحراري. وقد حددت في نيسان (أبريل) 2007 هدفاً وطنياً هو الأشد صرامة في العالم: أن تصبح ''محايدة كربونياً'' بحلول سنة 2050، حيث لا انبعاثات صافية لغازات الدفيئة التي تأتي بصورة مباشرة من حرق الوقود الاحفوري. وتحمل مساعي اقناع السياسيين بانتهاج سياسة خضراء أملاً كبيراً بالنسبة الى بلدة مثل لونغييربين، التي يبلغ عدد سكانها 1800 نسمة وقد بنيت حول منجم فحم، حيث تبلغ الحرارة في أوائل أيار (مايو) نحو 5 درجات مئوية تحت الصفر حتى مع شمس منتصف الليل. وتنفث محطة للطاقة تعمل على الفحم دخاناً رمادياً من مدخنة عالية في الأجواء القطبية النقية فوق أرخبيل سفالبارد الذي تغطي جزره مساحة 83 ألف كيلومتر مربع. ويحاول الأرخبيل التخلص من ملوثاته بخطة لدفن انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون من محطة الطاقة بحلول سنة 2025.

منازل زرقاء وحمراء وصفراء تربض في واد بين القمم المكللة بالثلوج. وتقدم في مطعم محلي أطباق فريدة بينها لحوم الفقم والحيتان. ويتم تنبيه الزائرين الى أن أحد متسلقي الجبال قضى بين براثن دب قطبي عام 1995 على منحدر جبل فوق القرية. وتحذر لافتات على الطريق من خطر الدببة القطبية في الأرخبيل بكامله.

التحقت مجموعة من الطلاب الهولنديين والبريطانيين والايرلنديين بكلية متخصصة بتغير المناخ في بلدة لونغييربين، تديرها شركة Ben & Jerry's لصنع الآيس كريم. هناك يتزودون بالمعارف المتعلقة بتغير المناخ، ويتدربون على اطلاق حملات بيئية جماهيرية بعد عودتهم الى بلادهم. الطالب البريطاني روب بيل، مثلاً، يطالب شركات الهواتف الخليوية بصنع أجهزة شحن تنطفئ عندما يمتلئ الهاتف: ''إذا فصل الجميع أجهزة شحن هواتفهم عن التيار، فهذا يكفي لتزويد 33,000 منزل بالطاقة طوال سنة''.

وقالت آن ليفلانغ انها ستحاول اقناع الطلاب في هولندا بالتحول الى مرشات الاستحمام (الدشات) المقتصدة بالمياه. أما ليسلي باتلر من ايرلندا فسيعمل مستشاراً لمساعدة الشركات الصغيرة كي تصبح صديقة للبيئة.

ولا تجد وزيرة البيئة بيورنوي تناقضاً بين إظهار تأثيرات الاحتباس الحراري في المنطقة القطبية الشمالية وتنقيبات شركات نفط، مثل ''ستاتويل'' التي تسيطر عليها الحكومة النروجية، للعثور على اكتشافات نفطية جديدة مع تراجع الجليد البحري. قالت: ''من المهم للنروج أن تساهم في تطوير تكنولوجيات للنفط والغاز، وتكون في الوقت ذاته صادقة إزاء المشاكل التي يسببها انتاجنا''. والنروج هي خامس مصدّر للنفط في العالم.