Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
راغدة حداد (مونبلييه، فرنسا) طاقات متجددة لحياة عصرية مستدامة  
كانون الثاني (يناير) 2008 / عدد 118
 هل هناك أحلى من حمّام دافئ بعد يوم عمل؟
نعم، حمام دافئ مجاناً.
على سطح بيتنا في بيروت جهاز لتسخين الماء على الطاقة الشمسية، ركّبناه عام 1983، ومذذاك نتمتع بالمياه المسخنة مجاناً ثمانية أشهر في السنة على الأقل، مع إمكانية رفده بالكهرباء لتسخين الماء في الأيام الماطرة. هذا الجهاز رد تكاليفه خلال أربع سنوات وفراً في فاتورة الكهرباء، فتسخين الماء مستنزف أساسي للطاقة المنزلية.
تكنولوجيا التسخين الشمسي تطورت كثيراً خلال السنوات الـ25 الماضية. ولعل خبرتي الشخصية بجهازنا ''القديم''، الذي لا يزال يؤدي وظيفته على أكمل وجه، أتاحت لي أن أقدِّر بحق ما شاهدته في معرض ENERGAIA الدولي للطاقات المتجددة، الذي استضافته مدينة مونبلييه في جنوب فرنسا من 6 الى 8 كانون الأول (ديسمبر). وهو كان فرصة جيدة للاطلاع على أحدث ما أنتجته تكنولوجيات هذا القطاع من أجهزة وابتكارات وحلول لمشاكل الطاقة.
أكثر من 200 شركة ومؤسسة من 13 بلداً عرضت أجهزة وتقنيات وخدمات أنتجتها أبحاثها التطويرية. هناك اطلع عليها صانعو السياسات الطاقوية ومسؤولو مشاريع التطوير العقاري والمهندسون وغيرهم من المحترفين المعنيين، فضلاً عن الباحثين والطلاب، الذين أمّوا المعرض من 63 بلداً وبلغ عددهم نحو 19 ألف زائر.
تكنولوجيات الطاقة الشمسية تنوعت بين حرارية وضوئية. فعرضت خزانات وسخانات ماء للمنازل والمشاريع العامة، وأنظمة لتسخين برك السباحة بالطاقة الشمسية. وحفلت المنصات بتشكيلة واسعة من الأنظمة الفوتوفولطية لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية مع إمكانية ربطها بالشبكة العامة، بما في ذلك أغشية فوتوفولطية لسطوح المباني، ونظم لاضاءة الشوارع بالطاقة الشمسية. وحضرت شركات متخصصة بتصنيع قطع الأجهزة الشمسية كالخزانات واللاقطات وزجاج اللاقطات، ومختبرات لتطوير استخدامات الطاقة الشمسية في الانارة والتدفئة والتبريد وإنتاج الهيدروجين من الماء وغير ذلك.
طاقة الرياح كانت لها حصة كبيرة أيضاً. فقد شاركت في المعرض شركات عالمية متخصصة بتصميم التوربينات وتصنيعها، من التوربينة الصغيرة التي تنتج نحو 100 كيلوواط الى التوربينة الصناعية العملاقة التي تولد نحو 2,5 ميغاواط والملائمة لمزارع الرياح في البر والبحر. كما عرضت خدمات مختلفة في هذا القطاع، من تحليل أداء الرياح وملاءمتها لانتاج الطاقة الى تنفيذ المشروع وادارة الموقع والوصل بالشبكة العامة.
وباعتبار الخشب مصدراً متجدداً للطاقة في أوروبا، حيث يزدهر قطاع إقامة غابات تستغل بطريقة مستدامة، عرضت مدافئ ومراجل حديثة التصميم تؤمن إحراقاً فعالاً للحطب، وتجهيزات لنشر الخشب وتقطيعه، وخدمات صيانة الحدائق والغابات واستغلال مخلفاتها في التدفئة وإنتاج الطاقة. وقد فاخرت إحدى الشركات بصنع حبيبات وقود من نشارة الخشب، بلا مضافات كيميائية، ذات قيمة حرارية (كالورية) عالية ورطوبة منخفضة، تباع بالجملة أو في أكياس وزنها 15 كيلوغراماً للمدافئ والمراجل.
وكانت منصات لشركات تصنع خلايا الوقود لانتاج طاقة وحرارة صديقتين للبيئة بأداء كهربائي عال وصامت، ما يجعلها ممتازة لسكان المدن. كما عرضت تكنولوجيات الطاقة المائية واستغلال حرارة جوف الأرض والوقود العضوي وطاقة الكتلة الحيوية، خصوصاً إنتاج الطاقة من حرق النفايات واستغلال غاز الميثان المنبعث من المكبات.
وشاركت مصارف ومؤسسات تروج أسهم شركات ومشاريع للطاقة المتجددة، وتقدم قروضاً ميسرة الى رجال أعمال لاستخدام طاقة من مصادر متجددة في شركاتهم، وهيئات حكومية وغير حكومية تقدم الدعم والمشورة لمشاريع محلية لاستغلال طاقة الشمس والرياح والمياه والكتلة الحيوية وغيرها.
وعرضت عقود تأمين على أنظمة الطاقة المتجددة يستفيد منها الصناعيون وشركات الهندسة وأرباب مشاريع التطوير العقاري والأفراد الراغبون في تركيب هذه الأنظمة. ويشمل التأمين الخسائر الناجمة عن ضعف الأداء بسبب عدم ملاءمة الموقع أو طريقة التركيب، علماً ان شركات التأمين هذه تساعد الزبون في دراسة وتصميم الطريقة الأنسب لتركيب نظام الطاقة المتجددة.
بيوت هامدة كفوءة طاقوياً
رافق معرض ENERGAIA مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة اشتمل على عشرات الجلسات المتخصصة التي عقدت في قاعات مختلفة. وقد نظمت برنامجه لجنة علمية دولية ضمت خبراء من بلدان متقدمة ونامية، برئاسة ستيفان بوفاري كبير خبراء الطاقة في الوكالة الفرنسية لادارة البيئة والطاقة ADEME.
ركزت جلسات اليوم الأول على كفاءة الطاقة في المباني وإدماج تكنولوجيات الطاقة المتجددة في قطاع البناء. فقدم قسم التكنولوجيا والصناعة والاقتصاد في برنامج الأمم المتحدة للبيئة ''مبادرة البناء المستدام'' كنموذج دولي للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتعميم الممارسات الفضلى في البناء.
وتم عرض مبادئ ''البيت الهامد'' Passivehaus وهو معيار للبناء السكني الكفوء طاقوياً يعد بتقليص استهلاك الطاقة حتى 90 في المئة عما في المساكن العادية، ويهدف الى تشييد بناء ذي مناخ داخلي مريح يحتاج الى تدفئة وتبريد ضئيلين. وهذا يتحقق عن طريق عزل حراري جيد وضبط لتسرب الهواء، وتهوئة ميكانيكية، واسترداد الحرارة. وتستخدم في هذه البيوت وسائل ''هامدة'' للتدفئة وتسخين الماء، مثل التسخين الشمسي. وقد بدأ إنشاء البيوت الهامدة في ألمانيا عام 1991، ومذذاك تم بناء أكثر من 6000 بيت في أنحاء أوروبا. وفي سويسرا، حيث بدأت الفكرة تنتشر مؤخراً، وضع لها معيار مماثل يدعى Minergie.
وتمت مناقشة مقاربة Effinergie الفرنسية للفعالية الطاقوية، التي تتوخى إنشاء أبنية منخفضة الاستهلاك الطاقوي في التدفئة والتبريد والتهوئة وتسخين الماء والاضاءة، وتأهيل الأبنية القائمة لتصبح مقتصدة بالطاقة. والهدف الوصول الى استهلاك بمعدل 50 كيلوواط للمتر المربع في السنة، مع أخذ مناخات الأقاليم في الاعتبار.
ونوقش مفهوم ''العامل ''4 (Factor Four) وهو دليل معياري لاتخاذ القرارات المناسبة والممارسات الفضلى لزيادة انتاجية الموارد أربعة أضعاف، وذلك عن طريق مضاعفة الربح من جهة وتقليص استهلاك الموارد الى النصف من جهة أخرى. مثال على ذلك: اذا أردت تحسين أداء أنبوب، قوِّمه ووسِّع قطره، فتقل الطاقة المطلوبة لضخ السائل عبره الى النصف. ومن الأمثلة الأخرى على ''العامل ''4 السيارات العالية الكفاءة باقتصاد الوقود، والمنازل القليلة الاستهلاك.
وكانت جلسة حول قانون الاتحاد الأوروبي الخاص بالطاقة الذي ينص على انتاج 20 في المئة من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول سنة .2020 وقدمت أوراق عمل حول ''خريطة طريق'' الصناعيين الأوروبيين في هذا المجال، من تنمية قطاع طاقة الرياح، الى استغلال الكتلة الحيوية كعنصر أساسي في تحقيق الهدف الأوروبي، الى استخدامات الطاقة الشمسية وحرارة جوف الأرض للتدفئة والتبريد وتوليد الكهرباء، الى مشاريع فردية لتوليد الطاقة من مصادر متجددة وبيعها للشبكة العامة.
ريادة مغربية
ركزت جلسات اليوم الثاني على خبرات الدول الأورومتوسطية في تطبيقات الطاقة المتجددة. فقدمت أوراق عن مشاريع ناجحة في اقامة مزارع شمس ومزارع رياح لانتاج الطاقة. وتميزت تجربة مدينة برشلونة الاسبانية التي التزمت تجهيز أبنيتها بالأنظمة الشمسية، وإمكانية نسخ هذه التجربة الناجحة في مدن أخرى. وعقدت طاولات مستديرة حول سبل تمويل ادارة الطاقة والمصادر المتجددة في شرق وجنوب حوض المتوسط، بما في ذلك مشاريع وبرامج يمولها الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وعرضت أوراق عمل من بلدان عربية متوسطية، بينها لبنان ومصر وتونس والمغرب. وقدم فادي قمير مدير عام وزارة الطاقة والموارد المائية في لبنان، وسعيد شهاب رئيس الجمعية اللبنانية لادارة الطاقة والبيئة، التجربة اللبنانية في إدماج الكفاءة الطاقوية ومصادر الطاقة المتجددة في قطاع البناء. كما قدم منير بحري، رئيس دائرة الاستخدام الرشيد للطاقة في تونس، تجربة بلاده في هذا المجال.
وشرحت أمل حدوش، مديرة مركز تنمية الطاقات المتجددة في المغرب، استراتيجية بلادها لادارة الطلب على الطاقة وتعزيز الطاقات المتجددة.
والمغرب رائد عربياً في استغلال طاقة الرياح، اذ أقيمت مزرعتان كبيرتان للتوربينات الهوائية في تطوان وطنجة تنتجان الكهرباء، مما ساهم الى حد كبير في الحد من قطع الأشجار الذي أدى الى تصحر مساحات كبيرة، علماً أن المغرب يستورد نحو 95 في المئة من متطلباته الطاقوية. وتتضمن الاستراتيجية المغربية النهوض بصناعة محلية لتجهيزات طاقة الشمس والرياح. وقد اعتبر المغرب ضيفاً مميزاً للمؤتمر والمعرض، وتم منحه ''جائزة الابداع'' في مجال الطاقة المتجددة.
اختتم المؤتمر بتوقيع شرعة جديدة لاتحاد الأقاليم الأوروبية ARE حول الطاقة المتجددة. ويضم الاتحاد أكثر من 250 اقليماً في 32 بلداً أوروبياً، وهو الناطق السياسي باسمها يدافع عن مصالحها ويوثق التعاون بينها.
وأعلن مدير المعرض غي حداد أن ENERGAIA المقبل سيعقد من 10 الى 12 كانون الأول (ديسمبر) 2008 في مركز مونبلييه للمعارض.
قبيل وصول الطائرة التي أقلتني الى بيروت، عبرَتْ فوق جزيرة قبرص التي تلمع سطوح مبانيها باللاقطات الشمسية. تذكرت جهازنا الذي سخن الماء بالتأكيد، حتى في ذلك اليوم من كانون الأول (ديسمبر). لماذا لا تلمع سطوح لبنان؟ بل سطوح العرب كلها؟
كادر
بيت الطبيعة: إقتصادي وصحي وبيئي... وجميل
كل من زار معرض Energaïa قصد جناحاً مميزاً جسَّد منزلاً ''عادياً'' بأثاثه وغرفه حتى الحمام والمرآب، لكنه من نوع آخر. الفواصل الداخلية مصنوعة من الكرتون المعاد تدويره، وكذلك الطاولات والمقاعد. الجدران مطلية بدهان بيولوجي وبشمع النحل. الشتول المنزلية طبيعية، ومغلفات الأضواء مصنوعة من الورق المقوّى المعاد تدويره. هذا بعضٌ من منزل يحترم الطبيعة باستخدام متناغم للأدوات التقليدية والتكنولوجيا المتقدمة في آن.
هنا اجتمع الابداع والهندسة والبيئة والصحة وعلم النفس، لتشكل معاً أفضل تجسيد للمسكن الطبيعي. فمن مواد البناء الصحية والاقتصادية والملائمة، الى إدارة الطاقة والموارد، مروراً بمواد التصميم الهندسي الداخلي، وصولاً الى الحديقة الخارجية. كلها تفاصيل تهم ليس فقط المحترفين في مجال التقنيات المستدامة، إنما أيضاً الجمهور الذي يهتم بالسكن الصحي ويكترث لحماية البيئة بأقل كلفة ممكنة.
الملاءمة البيئية والاقتصادية في ''بيت الطبيعة'' شملت ايضاً إدارة الطاقة والمياه، إذ جُهّز بكل التقنيات اللازمة لأقل استهلاك وأفضل نتيجة. المياه تسخن على الطاقة الشمسية، وثمة عازل مقوّى داخل الجدران للحفاظ على دفء المنزل مما يخفض استهلاك أجهزة التدفئة. التجهيزات الكهربائية صديقة للبيئة، والتصميم المعماري ملائم لأجدى وأقل إضاءة ممكنة مع استعمال أضواء اقتصادية. إمدادات المياه مقتصدة في الاستهلاك، وثمة تدابير متنوعة تعطي أفضل خدمة بأقل مصروف ممكن.
قد يعتقد البعض أن الحصول على بيت كهذا بحاجة لثروة طائلة. لكن بناءه سيبدأ في فرنسا سنة 2008 الحالية. وسيكلف بناء منزل بمساحة 127 متراً مربعاً 182,700 يورو، في مقابل 163,700 يورو في المتوسط ثمن منزل عادي بالمساحة ذاتها. أما إذا احتسبنا التوفير الإقتصادي الذي يؤمنه على المدى الطويل، بالاضافة الى مواده المستدامة، فنستنتج أنه أرخص بكثير، مع تأثير محدود على البيئة.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
يان ـ غوستاف ستراندينيس العلاقة بين الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبيئة
القاهرة ـ ''البيئة والتنمية'' الوزراء العرب: المناخ يتغيّر... فلنستعد!
اليستر دويل (أوسلو) جُزُر ذائبة
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.