يعتبر المركز الوطني لبحوث الطيور التابع لهيئة البيئة في أبوظبي أحد المراكز المتميزة في المنطقة في مجال حماية الطيور، وقد ساهم بوضع استراتيجية للحفاظ على الحبارى والصقور.
برنامج إكثار الحبارى في المركز لا يهدف فقط الى إيجاد بدائل لصيد الصقارين ووقف عمليات التهريب، بل يعمل أيضاً على دعم الأعداد البرية من خلال رفدها بمجموعات تم إكثارها في الأسر. وعلى رغم عدم رصد مؤشرات حتى الآن تؤكد هجرة طيور الحبارى التي تم إطلاقها في الامارات الى خارجها، إلا أن عمليات الاطلاق هي تجارب لدراسة جدوى البرنامج ونسبة نجاحه وإمكانية توطين طيور الحبارى في الامارات ضمن محميات مغلقة.
يقول ماجد المنصوري، أمين عام هيئة البيئة، إن المركز كان وما زال نصير محبي رياضة الصيد بالصقور، ''فهدفه منذ تأسيسه هو الحفاظ على هذه الرياضة وما تمثله من قيم عريقة لم تكن يوماً وبالاً أو عدواً للبيئة. لقد تعلمنا من هذه الرياضة احترام الطبيعة وفهمها وترويض وحوشها وصيد كنوزها بمقدار، وما نقوم به الآن ما هو إلا محاولة للعودة الى تلك القيم الأصيلة بعد أن كاد الصيد الجائر يفقدنا تلك الرياضة وهذه القيم''.
إطلاق تجريبي
بدأ إطلاق أول مجموعة من طيور الحبارى المتكاثرة في الأسر في الامارات عام 2004. وللمشروع ثلاثة أهداف رئيسية. الأول، فهم التحديات التي تواجه عملية إطلاق الحبارى التي تم إكثارها في الأسر، مع إجراء دراسات لسلوكها لمعرفة مدى تكيفها والظروف المناخية القاسية. والثاني، جمع البيانات العلمية عن جدوى إطلاق أعداد من الحبارى في الامارات. والثالث، إعداد مجموعة للاستيطان في الامارات لأغراض الصيد وكبدائل من الأعداد التي أخذت من البرية في شبه الجزيرة العربية ودول وسط آسيا.
من مجموع نحو 200 حبارى تم إطلاقها منذ بدء المشروع، بقي نحو 50 طائراً في منطقة الإطلاق ولم تهاجر من الامارات. وفي العام 2007 سجلت أول عملية تعشيش ناجحة للطيور التي تم إطلاقها، قامت بها ثلاث إناث من المجموعة التي أطلقت عام 2005. فقس البيض في عشين وخرجت منه أربعة فراخ، بينما هجرت الأنثى الثالثة عشها مما اضطر العاملين الى نقل البيض الى المركز الوطني لبحوث الطيور، حيث فقس فرخان سينضمان الى المجموعات التي سيتم إطلاقها مستقبلاً في البرية.
حقائق عن الحبارى
تعمر طيور الحبارى لأكثر من 15 عاماً. وتحتاج الذكور الى عامين على الأقل حتى مرحلة البلوغ، وتكون قادرة كلياً على التزاوج في السنة الرابعة. وتصبح بعض الإناث قادرة على وضع البيض في السنة الأولى من عمرها، وفي السنة الثانية تصبح غالبيتها بيّاضة. وتضع الإناث في البرية ما بين بيضتين و5 بيضات، تقوم بحضانتها لمدة 23 يوماً حتى تفقس. وتصبح صغار الحبارى قادرة على الطيران لمسافات قصيرة بعد شهرين من فقسها، وتكون جاهزة كلياً للهجرة والطيران مسافات طويلة في عمر ستة أشهر.
تهاجر الحبارى خلال فصل الشتاء من وسط آسيا الى جنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية، وتعود شمالاً مع انقضاء الشتاء. وهي تقطع مسافة 4000 الى 7000 كيلومتر من مناطق تكاثرها الطبيعية الى حيث تقضي فصل الشتاء، مجتازة ما بين 80 و220 كيلومتراً في اليوم الواحد. وهي تفضل الطيران في وضح النهار، ويتبع بعضها مسار هجرة لا يحيد عنه لسنوات متتالية.
تتغذى الحبارى على النباتات والحشرات والقوارض الصغيرة. ريشها رملي مبقع يساعدها على التخفي، وهي تنفشه لتكبير حجمها في وضعية تسمى ''تكوبر'' بهدف إخافة الأعداء. وحين يقترب حيوان مفترس من العش، تقوم الأنثى بتمثيل حركة الجناح المكسور لإيهامه بأنها ضعيفة، فيتجه نحوها غير متنبه للفراخ، وبعد ذلك تفر هاربة. وتتميز طيور الحبارى بالحذر الشديد وبالنظر الحاد. وهي تستخدم برازها اللزج في الدفاع عن نفسها، فتقذفه على مفترسها ـ وخاصة الصقر ـ لتصيبه بالعمى ثم تنتف ريشه.
كادر
الحُبارى تتكاثر في محطة ميسور بالمغرب
يعمل مركز الامارات لتنمية الحياة الفطرية على زيادة أعداد الحبارى في الطبيعة، من خلال إكثارها في الأسر في منشآته بمنطقة ميسور في شمال المغرب، تمهيداً لاطلاقها في البرية. وقد ارتفع إنتاج المركز من 429 طائراً عام 2000 الى 3866 طائراً عام 2006، وصولاً الى 8146 طائراً عام 2007. ووضعت محطة ميسور هدفاً طموحاً بإنتاج 5000 طائر سنوياً بحلول 2008. وقد تم إنشاء محطة ثانية عام 2005 في منطقة إنجيل بالقرب من ميسور، ستكون قادرة على تفريخ 10 آلاف طائر سنوياً بحلول 2014.
ومن خلال مذكرة التفاهم التي وقعتها الإمارات والجزائر في مجال التعاون والتنسيق لحماية الحبارى وإكثارها، سيتم إنشاء منطقة محمية في ولاية النعامة على الحدود المغربية لتكون منطقة إطلاق للحبارى التي يتم إكثارها في مركز ميسور. وقد ارتفع عدد الطيور التي تم إطلاقها الى البرية من طائرين فقط عام 1998 إلى 5800 طائر عام 2007، وبلغ مجموع الحبارى المطلقة 11284 طائراً منذ بداية المشروع عام 1995.
وقد جعلت طبيعة الحبارى الخجولة إكثارها في الأسر عملاً في غاية الصعوبة. وأثبتت تجارب التلقيح الاصطناعي أنها الطريقة الأكثر نجاحاً في التعامل مع الطيور التي تربى في الأسر.
وأشار أمين عام المجلس التنفيذي لهيئة البيئة في أبوظبي وعضو مجلس إدارة نادي صقاري الإمارات محمد أحمد البواردي الى أن إمارة أبوظبي وضعت هدفاً لإنتاج 22 ألف حبارى سنوياً.
ويتتبع الباحثون في مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية، عبر الأقمار الاصطناعية، الحبارى البرية التي تم تزويدها بأجهزة بث صغيرة، بعد الإمساك بها عن طريق الشراك أو الصقور التي تغطى مخالبها ومناقيرها بطريقة لا تسمح لها بإيذائها.