دخلت تونس في مطلع 2008 منطقـة التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي. وهذا وضع صناعتها واقتصادها أمام محك المنافسة في الأسواق الخارجية التي باتت تفرض معايير ومواصفات دقيقة، بما فيها شروط الجودة البيئية.
استعداداً لمواجهة هذه التحديات، ضاعفت الأجهزة البيئية في تونس جهودها في اتجاه تعريف المؤسسات الصناعية بأهمية الإنخراط في منظومات التأهيل البيئي والدخول في مسار اكتساب المواصفات البيئية، وذلك بالتعاون مع الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة ووزارتي الصناعة والطاقة. وفي أواخر 2006 تم إبرام اتفاقية تحالف ثلاثي بين وزارتي البيئة والصناعة ومنظمة الأعراف، لتقوية قدرة المؤسسات على اكتساب المواصفات البيئية والتأهل وفق المعايير والضوابط الدولية في مختلف الصناعات.
كان اللقاء التقييمي الذي انعقد في شباط (فبراير) 2008 مناسبة لتقييم مدى تجسيم هذه الاتفاقية، والتأكيد على الفرصة السانحة للمؤسسات التي لم تنخرط بعد في سياق التأهيل البيئي للإستفادة من الحوافز والآليات المتوفرة، وتعزيز حظوظ تموقعها في الأسواق الدولية والمحلية بعد زوال الحواجز الجمركية. وأكد اللقاء على أهمية ترسيخ المشاركة والتكامل بين القطاعين الخاص والعام في المجال البيئي، بعد تجارب متراكمة انطلقت منذ توقيع الإعلان الوطني للإنتاج الصناعي النظيف عـام 1999. فقد تم تنفيذ عدد من المشاريع النموذجية، على غرار مشروع تأهيل 100 مؤسسة في قطاعات المواد الكيميائية والجلود والأحذية والصناعات الغذائية، ومشروع إيزو ـ إيماس، ومشروع العلامة البيئية. كما تم إنتاج مجموعة من الأدلة القطاعية والدليل البيئي للباعث الصناعي ومطبوعة حول التأهيل البيئي.
وتنطلق خلال سنة 2008 عمليات تشخيصية بيئية مجانية لجرد مؤشرات التلوث وحفز المؤسسات الصناعية الوطنية على التأهيل البيئي والاستجابة للمواصفات الدنيا المطلوبة.
وتمثل منظومة التصرف البيئي المربح وسيلة لتمكين المؤسسات الصغرى والمتوسطة من التحكم في تكاليف الإنتاج على مستوى استهلاك الماء والطاقة. وتشهد السنة الحالية انخراط عدد كبير من المؤسسات الصناعية في إرساء هذه المنظومة. وسيتم خلال السنة المقبلة توسيع المشروع النموذجي للتصرف المستديم ليشمل خمس مناطق صناعية جديدة.
وقد أُقرت إلزامية إجراء دراسات الأثر البيئي للمشاريع منذ عام 1992. وشكل صندوق مقاومة التلوث المحدث عام 1994 آلية مالية للتعاون والشراكة بين القطاعين الخاص والعام. وهو أتاح تمويل أكثر من 420 مشروعاً للانتاج الأنظف ومكافحة التلوث وجمع النفايات واعادة تدويرها، بقيمة استثمارات بلغ مجموعها 128 مليون دينار (108 ملايين دولار).
وشهدت سنة 2007 عناية خاصة بنوعية الهواء في الوسطين الحضري والصناعي، وذلك عبر دعم الجانب القانوني وتركيز الشبكة الوطنية لمراقبة نوعية الهواء.
وانطلاقاً من هذه السنة، يتيح مطمر النفايات الخاصة في جرادو بولاية زغوان، الذي أنجز عام 2007، التصرف بنحو 90 ألف طن من النفايات الصناعية، ما يمثل نحو 60 في المئة من مجموع النفايات الصناعية الوطنية. وبغاية تعزيز منظومة التطهير الصناعي، سيتم خلال المخطط التنموي الراهن (2007 ـ 2011) إنجاز ما لا يقل عن 6 محطات خاصة بالأقطاب الصناعية الكبرى.
كادر
صندوق مقاومة التلوث
في إطار الجهود الرامية الى القضاء على بؤر التلوث في تونس، الناجمة خصوصاً عن إفرازات المصانع، تم انشاء ''صندوق مقاومة التلوث'' لمساندة الجهات المعنية الراغبة في تعديل طريقة الإنتاج والتكيف مع متطلبات حماية البيئة. ويمثل الصندوق آلية مالية لمساعدة المؤسسات في تمويل مشاريعها الرامية إلى حماية البيئة من أشكال التلوث (إنجاز محطات معالجة المياه الصناعية، تركيز تجهيزات لمعالجة التلوث الهوائي...)، وإقامة وحدات لتجميع النفايات ومعالجتها واعادة تدويرها، واستخدام تقنيات نظيفة.
وتأتي إعانة الصندوق في شكل منحة لا تتجاوز 20 في المئة من كلفة استثمار مقاومة التلوث المصادق عليه، وتصرف على ثلاثة أقساط طبقاً لمعاينة ميدانية من الوكالة الوطنية لحماية المحيط. كما يمكن للمؤسسات المتمتعة بإعانة الصندوق الحصول على القرض البنكي الميسّر FOCRED الذي يسدد على مدى 10 سنوات مع إمهال ثلاث سنوات، واحتساب فائدة في حدود 4,25 في المئة. كما يمكنها الحصول على إعفاءات جمركية وضريبية على تجهيزات مقاومة التلوث ومعالجة النفايات.
وبلغ عدد المنتفعين بامتيازات الصندوق حتى نهاية 2007 نحو 450 مؤسسة صناعية حصلت على منح بقيمة إجمالية بلغت 27,5 مليون دينار (الدينار التونسي يعادل 0,85 دولار أميركي)، وهذا يعني استثماراً إجمالياً في مقاومة التلوث بحدود 128 مليون دينار. وبلغ عدد المنتفعين بالقروض الميسرة 205 مؤسسات، وبلغت قيمتها الاجمالية 36,5 مليون دينار.
وتقوم الوكالة الوطنية لحماية المحيط بمتابعة دورية لحسن استغلال تجهيزات مقاومة التلوث المتمتعة بامتيازات الصندوق، مع تنظيم زيارات ميدانية للمؤسسات المعنية بعد انقضاء فترة ثلاث سنوات على غلق ملفاتها.