حظيت النانوتكنولوجيا بتعظيم كبير على أنها علم المستقبل، اذ بدأت الجزيئات البالغة الصغر تتيح تحقيق ابتكارات تزيل التجاعيد وتقوي علب المرطبات وتنظف الملابس من دون ماء... الى استخدامات متطورة أخرى في الصناعة والطب وغيرهما. لكن دراسات مبكرة تشير أيضاً الى أن بعض هذه الجزيئات، التي فعَّلتها أحدث العلوم الهندسية، يمكن أن تسبب السرطان.
البروفسور هاري كروتو الذي نال جائزة نوبل في الكيمياء عام 1996 لاكتشافه جزيء نانو (بالغ الصغر) يدعىBuckminsterfullerence نبه الى ضرورة ''أن ندرك أنه ستكون هناك أخطاء وستكون هناك أخطار. ومن جانب آخر، هناك امكانيـة بأن تكون قيمـة النانوتكنولوجيـا هائلة''. وأضاف: ''بالنسبة إلي، هي علمالقرن الحادي والعشرين".
النانوتكنولوجيا هي علم صنع واستخدام مواد يبلغ عرضها نحو نانومتر، أي جزء من بليون من المتر (أو جزء من مليون من المليمتر). وللمقارنة، يبغ قطر الشعرة البشرية نحو 80,000 نانومتر. ويقول علماء إن العمل بهذه الجزيئات يحمل الأمل ببناء ماكينات صغيرة جداً، ذرة ذرة، تماماً كما يبدأ الكائن الحي بخلية واحدة.
يقول باتريك لين، مدير مجموعة أخلاقيات النانو في جامعة ''بوليتكنيك'' في ولاية كاليفورنيا: ''الأمر المهم هنا هو أننا نروّض الذرات. اننا نحاول تسخير لبنات البناء الأساسية لعالمنا ووضعها في خدمتنا".
حالياً، يستعمل بعض العلماء النانوتكنولوجيا لاضافة جزيئات صغيرة من الفضة، التي تعرف منذ وقت طويل بأنها مضادة للجراثيم، الى شفرات الحلاقة وأوعية الأطعمة والجوارب المقاومة للفطريات. ويستغل آخرون خصائص غير اعتيادية لا تظهر الا على مقياس النانو. ففي المختبر، على سبيل المثال، يمكن تثبيت ذرات كربون عادية في أشكال شبيهة بالأنابيب تدعى nanotubes هي أقوى 100 مرة من الفولاذ وتزن سُدس وزنه فقط. هذا التلاعب يمكن أن يضفي قوة وخفة على مضرب تنس مثلاً.
المشكلة هي أن هذه الجزيئات قد تضر بجسم الانسان، ويقول علماء إن سنوات ستنقضي قبل أن يفهموا تأثيراتها. فهي صغيرة الى حدّ أنها تنسلّ من خلال غشاء خلية دون أن تُلاحظ، لكنها كبيرة كفاية لتنقل مواد دخيلة بين ''جدائل'' الحمض النووي (DNA).
لا توجد دراسات صحية طويلة الأجل حول هذا الموضوع، لكن باحثين شهدوا ظهور سرطان دماغي في أسماك ابتلعت عدداً صغيراً من جزيئات النانو الكربونية. والجرذان التي تنشقت أنابيب نانو كربونية تعرضت لمشاكل رئوية مماثلة لتلك التي يسببها الأسبستوس (الأميانت).
ويرى جون بالبوس، كبير علماء الصحة لدى منظمة Environmental Defence (الدفاع البيئي) في الولايات المتحدة، أن ''لا سبب للاعتقاد بأن جميع هذه المبتكرات ستكون مضرة، لكن يجب أن نكون محترسين بسبب قدرتها على دخول الجسم والوصول الى أعضاء لا تستطيع المواد الكيميائية العادية بلوغها".
التمويل الحكومي لأبحاث النانوتكنولوجيا في الولايات المتحدة تضاعف ثلاث مرات منذ 2001، لكن جماعات بيئية اشتكت من أن الأنظمة لم تواكب هذه الزيادة. يقول إيان اليوميناتو، وهو ناشط صحي وبيئي لدى منظمة ''أصدقاء الأرض'': ''نحن ندعو الحكومة الى استثمار مزيد من المال في أبحاث الصحة والسلامة والبيئة، بحيث يمكننا التأكد من سلامة هذه المنتجات".
وقد أعلنت مديرية الأغذية والأدوية الأميركية في تموز (يوليو) 2007 أن العقاقير ومستحضرات التجميل والمنتجات الأخرى التي تصنع بواسطة النانوتكنولوجيا لا تحتاج الى أنظمة أو بطاقات تعريف خاصة، لعدم وجود أدلة محددة على أنها تسبب أي أخطار رئيسية تتعلق بالسلامة.
لكن بعض الشركات تتخذ خطوات خاصة بها. على سبيل المثال، وافقت شركة ''دوبون'' عام 2007 على نظام طورته مع منظمة الدفاع البيئي، لتقييم ما إذا كانت ستمضي بمشاريع تشتمل على جزيئات النانو. واعتبر مدير المشروع تيري ميدلي أن هذه الخطوة ''ليست بديهية فحسب وإنما هي لمصلحة الشركة أيضاً".