Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
فتيحة الشرع (الجزائر) كوارث الجزائر  
حزيران (يونيو) 2008 / عدد 123
 مع تهاطل أولى قطرات الغيث تعود إلى ذاكرة الجزائري صور برك الماء والوحل في كل مكان. طرق مقطوعة وخدمات ممنوعة وأيد مرفوعة إلى السماء.
ما زالت تطفو على السطح صورة تعود الى الأسابيع الأخيرة من تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، حين بلغت حصيلة ضحايا الأمطار في العاصمة اثني عشر قتيلاً وعشرات الجرحى، وانهارت مبان قديمة، كما انهارت مبان حديثة فضحت لغة الغش التي يتعامل بها المقاولون. ففي حي القصبة العتيق الذي يعود الى العهد العثماني، أدى تأخر أشغال الترميم إلى سقوط جدران بعض المباني عند انهيال الأمطار، فقضى معظم السكان ليلهم في العراء والبرد، فيما وجدت قلة محظوظة ملاذاً داخل المدارس.
واذا عدنا إلى شهر أيار (مايو) 2003، لوجدنا أعتم الصور التي صنعها زلزال ولاية بومرداس التي تبعد 60 كيلومتراً شمال شرق العاصمة. بلغت قوة الزلزال 6,8 درجات على سلم ريختر، وكانت الحصيلة 2300 قتيل و130,000 نسمة بلا مأوى وخسائر قدرت بمئة مليون دولار. آنذاك أيضاً فضحت الكارثة هشاشة النسيج العمراني وغياب التخطيط في مجال إدارة الكوارث والمخاطر الكبرى.
 
المُعطى الجديد
أرشيف الجزائر يثبت أنها عانت كثيراً من الزلازل والفيضانات والانزلاقات الأرضية والعواصف والجفاف والأوبئة. لكن حالياً، تُعتبر الظواهر الهيدرولوجية-المناخية، خاصة الفيضانات والتصحر، من أهم الأخطار الطبيعية المحدقة بالبلاد. وتتعرض مساحات شاسعة للتصحر، ثم يأتي بشكل عرضي ومحدود كل من الجفاف وموجات السخونة والصقيع والرياح الشديدة السرعة في المناطق الغربية الداخلية وحرائق الغابات، باستثناء تلك التي ميزت صيف 2007. وسيلعب التغير المناخي العالمي دوراً كبيراً في حدوث المزيد من هذه الكوارث، خصوصاً الجفاف والتصحر، في حين يمثل تفشي بعض الأوبئة الناجمة عن تدهور البيئة، وغزو الحشرات كالجراد، أهم الظواهر البيولوجية التي تجتاح البلاد من حين الى آخر.
وتشير تقارير وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة الى أن نسبة 62,6 في المئة من السكان تعيش في المدن الساحلية الكبرى، المعرضة لوقوع ظاهرتين طبيعيتين أو أكثر كالزلازل والفيضانات، بما في ذلك العاصمة وجوارها، ومدن أخرى معرضة للانزلاقات الأرضية مثل قسنطينة في الشرق. وستقفز هذه النسبة إلى 69,3 في المئة سنة .2015 وتساهم هذه المناطق في الناتج المحلي الإجمالي بنسب لا بأس بها. كما تم تنفيذ العديد من الاستثمارات في المدن الكبرى، مثل وهران وسكيكدة، من دون مراعاة خطر الكوارث.
تشهد الجزائر مرحلة من التحضر السريع والنمو السكاني وتنامي المنشآت الهندسية الحساسةوتشييد المدن وفق نماذج حديثة من الأبنية وتركز السكان في مناطق معرضة لحدوث الكوارث. وقد باتت هذه مسألة اهتمام متنامية لدى السلطات، باعتبار أن التوسع العمراني والصناعي يساهم في ارتفاع الخسائر البشرية والأضرار الاقتصادية في حال وقوع كوارث مستقبلية.
ما مر بالجزائر من كوارث ومخاطر يوحي، حسبما ذكر لنا الدكتور جيلالي بن نوار من كلية الهندسة المدنية في جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، ان الكوارث لا تزال تشكل عائقاً في سبيل التنمية. وقد قدم البنك الدولي أرقاماً حول تحليل المخاطر في العالم، وورد في تقريره أن نسبة التعرض للخسائر الاقتصادية في الجزائر من جراء حدوث كوارث تقدر بنحو 48,3 في المئة من الناتج المحلي، نتيجة الثغرات الموجودة في التشريعات والأطر المؤسسية ونظم تحديد الأخطار وإدارة المعارف، وكذلك قصور الاستجابة عقب وقوع الكوارث.
وعلى رغم كل ما تملكه الجزائرمن تشريعات، إلا أن قدرتها على الحد من الكوارث وإدارة الأخطار الرئيسية تبقى محدودة جداً، بسبب التركيز المستمر على الاستجابة بعد حدوث طارئ بدلاً من التركيز على تقدير الأخطار مسبقاً.
 
جدلية الخطاب السياسي والواقع
وزارة الداخلية هي المكلفة بإدارة الكوارث والحد من المخاطر الكبرى، وذلك من خلال المديرية العامة للحماية المدنية. ويُذكر في هذا السياق أن الحكومة سنت مجموعة قوانين، منها قانون الحد من الأخطار الرئيسية في إطار التنمية المستدامة لعام 2004. وقد استدعى هذا القانون إنشاء ما يسمى التفويض الوطني من الأخطار الرئيسية، الذي تتمثل مهماته الأساسية في تقديم النصح وتقييم الأخطار وتنسيق الأفعال الهادفة إلى الحد من آثار الظواهر الطبيعية على اقتصاد الجزائر وعلى سلامة السكان والممتلكات.
في هذا الإطار، تم وضع خطط وقائية على المستويين الوطني والمحلي، منها: خطط الوقاية من حرائق الغابات التي بدت واضحة خلال صيف 2007 حين اشتدت الحرائق بصورة لم يعرف لها مثيل، والخطة الوطنية ضد التصحر، والخطة الوطنية لمكافحة الجراد، وخطة الطوارئ الوطنية ضد تلوث مياه البحر، وخطط وقائية وتدخلية لمناطق المنشآت الاقتصادية والصناعية كتلك الموجودة في سكيكدة وأرزيو وحاسي مسعود، لاحتوائها على منشآت الغاز والبترول على مستوى الموانئ أو بالقرب من المجمعات السكنية. كما حدّثت الحكومة السياسة الوطنية وبرامج الإجراءات والأطر القانونية والتشريعية ذات الصلة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحد من من أخطار الكوارث ليس جزءاً من منهاج النظام التعليمي في الجزائر. ولا يتناول الإعلام ملف الوقاية والاستعداد إلا في المناسبات، أي عند إصدار نشرة خاصة من مركز الزلازل أو مركز الأرصاد الجوية، كما ورد في بحث الدكتور عبدالحكيم عيادي من مركز الزلازل في بوزريعة.
ومما لا شك فيه أن قدرة المجتمعات المحلية على تنفيذ أفعال وأنشطة مسبقة لضمان سلامتها أثناء الكوارث تعتمد على مدى توفر البيانات المتعلقة بالحد من الكوارث. لكن الملاحظ في الجزائر عجز المراكز الإحصائية الوطنية للكوارث عن تغطية الأخطار بشكل منهجي. ولا تملك الجزائر حتى الآن هيئة رسمية تضم القطاعات المختلفة مهمتها تنفيذ إجراءات استباقية ووقائية أمام أي تحد واضح ناجم عن كارثة ما. كما أن هنالك إدراكاً محدوداً بشأن أفضل الممارسات لدى عامة الناس، وكذلك لدى المؤسسات والشبكات المهنية العاملة في قضايا الحد من الكوارث والتي تؤمّن وصول إمدادات الغوث والإنقاذ والإعانة وبقية المساعدات، كالهلال الأحمر.
حالياً، تطالب مجموعة من الخبراء والباحثين، سواء في الجامعات كجامعة باب الزوار أو في المراكز ذات الصلة بالكوارث والمخاطر الكبرى كمركز بوزريعة في العاصمة، بإنشاء هيئة وطنية رسمية تابعة لرئاسة الجمهورية يكون دورها التأكيد على أن جميع المؤسسات المعنية والإجراءات والموارد تأخذ موقعها الصحيح بشكل مسبق لحدوث الكارثة، بهدف التقليل من حجم الخسائر وتأمين المساعدة الآنية للضحايا.
إن إدماج أهداف الحد من خطر الكوارث في استراتيجيات التنمية الوطنية هو إجراء ضروري ولازم. ولقد أتاح الإتحاد الافريقي ومبادرته ''الشراكة الجديدة من أجل التنمية في افريقيا ـ نيباد'' فرصة لتشجيع تعديل استراتيجية الحد من الكوارث بما يتناسب مع قدرات كل بلد.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.