النملة يمكنها أن تعض بفمها، وتلسع بجهاز في مؤخرتها فتحقن السم، وقد تسبب صدمة تحسسية. أما عضاتها فلم تسجل حولها تفاعلات جهازية.
ثمة أنواع من النمل، مثل نمل النار والنمل الأسود، تعتبر خطراً صحياً في كثير من بقاع العالم. وهناك ثمانية أنواع تسبب الحساسية. في السعودية، تم تسجيل أول حالة سريرياً لربة منزل من حفر الباطن في الثانية والثلاثين من العمر، كانت تعاني حالة متكررة من التحسس الشديد (anaphylaxis) إثر تعرضها للسعة من النمل الأسود (المجلة الطبية السعودية، العدد 27، 2006).
أخذت عينة من النمل في منزل المريضة الى عالم الحشرات الدكتور محمد الخليفة في جامعة الملك سعود. متبين أنها من نوع Pachycondyla sennaarensis وتسمى محلياً ''سمسوم''، وهي نملة سوداء اللـون، طولـها 4 ـ 5 مليمترات، تبني أعشاشاً (قرى) تحت سطح الأرض في الأماكن المكشوفة المشمسة، الريفية أو المدينية، وتفضل التربة ذات الرطوبة التي تتدفق من الأسفل كما في الحدائق وحافات قنوات الري. وقد تبني بيوتها أسفل الخرسانة المسلحة والصخور وفي ظلال الأشجار. وتظهر أفرادها المجنحة، أي الطور المتكاثر المهاجر، في أوائل الربيع.
عضّ ولسع وحساسية
وصف الباحثون حالة نادرة للنمل الأسود في زائير، حيث يتغذى على البذور في موسم الجفاف، أما في موسم الأمطار فيقتات على الفرائس الحيوانية. وهذه طريقة بارعة في التكيف. ويتغذى النمل الأسود عادة على مصادر الطعام المتاحة كبقايا الفواكه وبقايا الحيوانات ويرقات الحشرات الأخرى، كما يتغذى على الحشرات الصغيرة الميتة أو باستخدام اللسع لاقتناص الحي منها. وينجذب بشدة للمواد السكرية. وتكون بيوته ذات فتحات دائرية بقطر 3 ـ 5 مليمترات. وتضم المملكة مئات العاملات في مقابل ملكة واحدة. هذا النمل معروف بامتلاكه السم كآلة لقتل المفترسين واقتناص الفرائس وكوسيلة للاتصال بمستعمرات النمل الأخرى.
لسعة النمل الأسود مؤلمة جداً، لكنها لا تترك أثراً. وهو ينتشر انتشاراً واسعاً في شبه الجزيرة العربية وأفريقيا. وتعتبر شبه الجزيرة العربية الحد الشمالي لانتشاره، وسجل مؤخراً وجوده في ايران وكوريا وأوستراليا.
في علم الحيوان، يصنف النمل في رتبة غشائيات الأجنحة التي تشمل نحو 100 ألف نوع من الدبابير والنحل والنمل، وقد عرف من النمل 8800 نوع. الكثير من غشائيات الأجنحة لديها غدد سامة وجهاز لسع تستخدمها للصيد والدفاع. وقد تسبب لسعات النمل وعضاته تفاعلات تتراوح بين التحسس الموضعي والطفح الجلدي والاحمرار لعدة أيام والحساسية المفرطة المهددة للحياة مصحوبة بضيق التنفس والحشرجة وانخفاض ضغط الدم. وفي بحث أجري في إيران حول هذا الموضوع، ذكر أن 38 في المئة من الحالات استمر فيها الألم عدة ساعات، بينما تشير دراسة في كوريا الى أن نسبة التحسس البسيط تصل الى 23 في المئة والتحسس الشديد لا يتجاوز 1 في المئة من الحالات. وتعتبر نملة النار Solenopsis مسؤولة عن معظم حالات الحساسية في جنوب الولايات المتحدة. أما في أوستراليا فالنمل القافز ونمل الثور يحتلان المرتبة الأولى. وهناك أجناس أخرى من النمل الأسود تسبب فرط التحسس في الصين واليابان وبقاع أخرى من جنوب شرق آسيا.
انتشار في الجزيرة العربية
في قطر، تم إحصاء 105 حالات لسع من نملة سمسوم خلال عام واحد في مستشفى حمد العام. وذكر أحد الباحثين حالة إجهاض في الامارات متزامنة مع حالة تحسس إثر لسعة نملة سمسوم. وسجلت حالة في نجران على أنها من نملة النار، إلا أنه تبين في ما بعد أنها نملة سمسوم، وحتى الآن لم يثبت وجود نمل النار في السعودية. ويعتقد الباحثون في حالة حفر الباطن أن النمل انتقل مع نقل الآلات الميكانيكية لحرب الخليج الثانية، أو أنها نتيجة هجرة طبيعية لمستعمرات النمل. الأشخاص ذوو التحسس العالي الذين يعيشون في أماكن تنتشر فيها نملة سمسوم يمكنهم اقتناء حقنة إبينفرين يحقنها المريض بنفسه في حالة الطوارئ، وفي الحالات الشديدة قد يكون من الضروري أن يقوم الطبيب بإعطاء ستيرويدات جهازية.
هذا النوع من النمل بحاجة الى تخصص في مكافحة الحشرات، كما أن تشخيص الاصابات يحتاج الى خبرة. ونحن بحاجة الى توعية بخطره، كأن تصدر الجهات الطبية المختصة نشرات وملصقات مبسطة للناس، تتضمن صوراً واضحة ملونة للنمل الأسود ومستعمراته وكيف يميزه المريض والأعراض التي تتبع لسعاته.
أمـا الآفاق الطبية المستقبلية لعلاج لسعات النمـل الأسود، فتركز على طريقة المعـالجة المناعية بالسم (venom immunotherapy) التي يتوقع أن تعتمد على خلاصة أجسام النمل. وهي قيد الدراسات وغير متاحة حالياً. وقد حالت الحدود الجغرافية للأنواع المسببة للتحسس دون تقدم الأبحاث في هذا المجال.
|