Friday 19 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
علي النعيمي دور التكنولوجيا في تخفيف تغير المناخ  
شباط (فبراير) 2009 / عدد 131
 إننا في زمن عصيب، نحاول خلاله رسم طريقة عملية لنواجه على نحو متزامن تحديات تغير المناخ والامدادت الطاقوية الملائمة والتنمية الاقتصادية المستدامة. ونحن نؤمن بقوة بأن التكنولوجيا ستكون المفتاح لمساعدتنا في مواجهة هذه التحديات.
بالعودة الى التاريخ، نجد أن التكنولوجيا أدت دوراً محورياً في تحسين معيشة الجنس البشري طوال قرون. فهي جلبت لنا القطار والسيارة والطائرة والكومبيوتر والانترنت، مما يقلص المسافات بين البلدان والحضارات. وفي مجال البيئة، ساعدت التكنولوجيا في تخفيض انبعاثات العوادم من السيارات الحديثة بنسبة تزيد على 90 في المئة منذ اختراع السيارة.
التكنولوجيا يجب أن تُعطى أيضاً مكانها الصحيح في ايجاد حلول قيّمة لتحديات تغير المناخ. وفي الحقيقة، أعتقد جازماً أنه في ما يتعلق بتكنولوجيات تخفيف تغير المناخ، لم يحقق العالم إنجازاً يذكر، وأن البحث والتنمية والابتكار في هذا المجال تحتاج الى عناية أكبر بكثير مما تحظى به الآن. وتشمل قائمة ما يمكننا فعله، على سبيل المثال لا الحصر، وسائل متعددة لتعزيز كفاءة استعمال الطاقة في تشكيلة من التطبيقات، وأنواعاً أنظف تليق بالمستقبل من الوقود التقليدي وغير التقليدي، ووسائل متعددة لاحتجاز الكربون وعزله، فضلاً عن تكنولوجيات ثورية كثيرة لم تلح في الأفق بعد.
الاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة حددت التعاون الدولي في تطوير التكنولوجيا وفي نقلها كعنصرين رئيسيين في تحقيق تخفيض هام ومستدام لانبعاثات غازات الدفيئة، وفي التكيف مع تغير المناخ وتأثيراته السلبية. كما أن خطة عمل بالي، التي أقرّت عام 2007 في مؤتمر الأطراف الثالث عشر، اعترفت بأن التكنولوجيا هي إحدى لبنات البناء الرئيسية الأربع للاتفاقية التعاونية الطويلة الأجل التي سوف يتم إقرارها في كوبنهاغن مع نهاية سنة 2009.
أكرر الحاجة الى الاعتراف بالمبادئ التي رسختها اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، خصوصاً مبدأ المسؤوليات المشتركة ـ وإنما التفاضلية ـ بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية. وقد ورد في الاتفاقية أيضاً أن مدى تنفيذ الأطراف من البلدان النامية لالتزامها بالاتفاقية سوف يعتمد على تنفيذ الأطراف من البلدان المتقدمة التزاماتها بالاتفاقية في ما يتعلق بالموارد المالية ونقل التكنولوجيا.
نحن قلقون بشأن نقص التقدم العلمي في نقل التكنولوجيا من البلدان المتقدمة الى البلدان النامية، على رغم عدد من الدراسات التي أنجزت لتحديد معوقات هذا النقل. وتشمل هذه المعوقات الحصول على تمويل للتكنولوجيا هو حالياً محدود. وهناك أيضاً قضايا بناء القدرات ونقل المعارف والخبرة والتجهيزات، فضلاً عن خلق الظروف الممكِّنة. وبالتأكيد، هناك أيضاً عوائق مثل حقوق الملكية الفكرية وسواها. لكني لا أرى سبباً يمنع تذليلها من خلال ارادة سياسية وافية.
المملكة العربية السعودية تشدد على الحاجة الى هيئة مؤسساتية جديدة بموجب مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ، لمعالجة جميع القضايا المتعلقة بأبحاث التكنولوجيا وتنميتها ونقلها وتعميمها وبناء القدرات حيالها. وقد اقترحت مجموعة الـ77 والصين في وقت سابق إقامة هيئة تنفيذية للتكنولوجيا. وترى المملكة العربية السعودية أن هذا الاقتراح يستحق تفكيراً جدياً وسريعاً.
 
نحو استخدام أنظف للوقود الأحفوري
أما بخصوص الامدادات الطاقوية التي تعمل كمدخل حاسم الى نمو اقتصادي عالمي، جنباً الى جنب مع قضية الاحترار العالمي الهامة، فهناك نقطتان رئيسيتان تستحقان اهتماماً دائماً. أولاً، على المدى البعيد، نجد أن الطلب على الطاقة ينمو باطراد في أجزاء مختلفة من العالم. ثانياً، للمساعدة في تلبية هذا الطلب المتزايد، يمثل الوقود الأحفوري المصدر الرئيسي للطاقة، الموجود بوفرة في أنحاء العالم. والواقع أن غالبية التوقعات تشير الى أن الوقود الأحفوري سيستمر في تلبية معظم الاحتياجات الطاقوية في العالم خلال المستقبل المنظور.
في الوقت ذاته، ثمة مجموعة من القضايا التكنولوجية والاقتصادية تمنع مصادر الطاقة البديلة من اضافة مساهمات سريعة وكافية الى حقيبة الطاقة العالمية، ولا يتوقع حل هذه القضايا في المدى القصير الى المتوسط. في هذه الحالة، يبدو أنه من الضروري لحماية البيئة بشكل أفضل العمل على الاستعمال الأنظف والأكثر كفاءة للوقود الأحفوري الذي سوف نواصل الاعتماد عليه، فيما نقوم في الوقت ذاته بتطوير بدائل. وتبعاً لذلك، فان الدعوات الى التخلص الفوري من الوقود الأحفوري كوسيلة للتصدي لتغير مناخي محتمل لا تشكل حلاً عملياً لقضية الاحترار العالمي.
نعتقد أن تشكيلة واسعة من التكنولوجيات الحالية والمستقبلية قد تسمح بأن يواصل الوقود الأحفوري تلبية حاجات المجتمعات الى تنمية مستدامة، وأن يحصل ذلك بطريقة أنظف. والأمثلة على هذه التكنولوجيات المتاحة تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، المحركات التقليدية المتطورة والأكثر كفاءة من ناحية الاستدامة، وتكنولوجيات احتجاز الكربون وتخزينه. خطة العمل هذه سوف تساهم في حماية المناخ العالمي، فيما تخفض في الوقت ذاته العبء عن الاقتصاد العالمي وعن الدول التي تعتمد على تصدير الوقود الأحفوري، إضافة الى الدول التي تستعمل الوقود الأحفوري المحلي لتطوير اقتصاداتها. وهذا ما ندعوه حلاً لمصلحة كلا الطرفين.
أرى أن من الضروري ترويج استعمال بدائل تكنولوجية متطورة متنوعة، خصوصاً وفق آلية التنمية النظيفة، لاظهار جدّيتنا في التصدي لتغير المناخ. وفي الوقت ذاته، فان جعل مجموعة البدائل التكنولوجية التخفيفية جزءاً من آلية التنمية النظيفة سوف يعطي مزيداً من الزخم لتطويرها.
حتى الآن، أشرتُ الى ثلاثة جوانب تكنولوجية لتغير المناخ: الأبحاث والتطوير والابتكار للتكنولوجيات ذات العلاقة، ونقل التكنولوجيا، ومعوقات نقل التكنولوجيا واستخدامها العملي. والجانب الرابع الذي له أهمية مماثلة يتعلق بالتعاون الدولي في هذه المجالات على المستويين السياسي والعملي. وبهذا الخصوص، فان البحث والتطوير بشكل تعاوني، مع إشراك البلدان النامية، يساعد في بناء قدرتها التكنولوجية. وهذا بدوره سيروج الاستعمال الأوسع لتكنولوجيات الحد من غازات الدفيئة في البلدان النامية، إضافة الى المساعدة عموماً في تطورها الاقتصادي.
 
مشاريع سعودية لادارة الكربون
المملكة العربية السعودية ملزمة بتأدية دورها في تخفيف تغير المناخ ودعم البحث والتطوير التكنولوجيين، ولها في ذلك مجموعة من المبادرات. ففي قمة أوبك التي عقدت في الرياض عام 2007، تعهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمبلغ ثلاثمئة مليون دولار لدعم البحث والتطوير في ميدان الطاقة والبيئة. وأعقب ذلك تأسيس مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية كأحد مؤسسات البحوث الطاقوية والبيئية البارزة في العالم. وسوف يركز المركز على التطورات الحالية، ويتوقع التغيرات المستقبلية في مجال الطاقة والميادين البيئية ذات العلاقة، ويعزز تقدم التكنولوجيات البيئية، في المملكة العربية السعودية وفي أنحاء العالم.
لا مغالاة في التأكيد على الحاجة الى نقل التكنولوجيات المتقدمة. لكننا أيضاً نعمل بنشاط على عدد من المشاريع، سواء بأنفسنا أو بشكل تعاوني، لتعزيز تطوير تكنولوجيات ادارة الكربون. وتجري شركة النفط الوطنية ''أرامكو السعودية'' أبحاثاً واختبارات على أشكال وقود مستقبلية، سوف تساعد في تلبية متطلبات التصاميم المتقدمة لمحركات الاحتراق الداخلي، مما يؤدي الى انتاج سيارات أنظف وأكثر كفاءة في المستقبل.
ولدينا أيضاً مشروع تجريبي في مراحل التخطيط لاستخدام ثاني أوكسيد الكربون في الاستخلاص المعزّز للنفط، كطريقة يمكن تطبيقها في حقولنا النفطية. هذه الحقول ما زالت في مراحل مبكرة من النضوب ولا تحتاج الى تقنيات استخلاص معززة. كما لا يمكننا تبرير هذه التكنولوجيات المكلفة اقتصادياً. ومع ذلك، نعتزم مباشرة المشروع التجريبي والأبحاث المتعلقة به للمساعدة في تعزيز الجهود العالمية الهادفة الى احتجاز الكربون وعزله.
وعلاوة على ذلك، نحن لا نقصر جهودنا البيئية على ما وُهبنا من موارد بترولية كبيرة. فكما أنعم الله على المملكة بجيولوجيا بترولية مؤاتية كثيراً، لدينا أيضاً ميزة تنافسية واضحة تتمثل بالامتدادات الصحراوية المكشوفة الفسيحة ووفرة أشعة الشمس، وهذه أوضاع مثالية لترويج الطاقة الشمسية. إن مؤسساتنا البحثية الأكاديمية تولي اهتماماً خاصاً لمصدر الطاقة النظيف هذا، لاستعماله مستقبلاً في المملكة وربما استغلال امكانات تصديره على المدى البعيد.
وتقوم المملكة العربية السعودية حالياً بتطوير مؤسسة أبحاث رائدة عالمياً على ساحلها الغربي، هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا. هذه المؤسسة المبرزة تبنى بهدف تعزيز المنجزات الفكرية وخلق ثروة من خلال الابداع. وسوف تكون أبحاث الطاقة الشمسية جزءاً رئيسياً من محفظة أبحاث الجامعة.
الى ذلك، سوف نتعاون مع مراكز ومؤسسات بحوث السياسة والبيئة والتكنولوجيا الرائدة في أنحاء العالم، بهدف تعزيز الاستعمال المسؤول بيئياً للهيدروكربونات والمساهمة في الجهود العالمية لحماية البيئة.
المملكة العربية السعودية هي أيضاً عضو فعال في منتدى قيادة عزل الكربون (FLS).وفي أوائل 2008، أقمنا ورشة عمل حول ادارة الكربون تحت مظلة المنتدى، حضرها عدد كبير من الأعضاء، وخضنا مناقشات عميقة جداً. كما لا يسعني إلا أن أنوه بالجهود المتعلقة بالطاقة والبيئة التي يقوم بها منتدى شركات النفط الوطنية، الذي يضم في عضويته شركات النفط الوطنية في المملكة العربية السعودية وبلدان أخرى.
علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، ألقى هذه الكلمة في مؤتمر بيجينغ الرفيع المستوى حول تغير المناخ. وقد تولت ''البيئة والتنمية'' ترجمتها الى العربية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.