Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
وحيد مفضل الشعاب المرجانية في بحار العالم  
أيار (مايو) 2009 / عدد 134
 صدر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي تقرير ''حالة الشعاب المرجانية في العالم'' Status of Coral Reefs of the World 2008  وهو التقرير الخامس في سلسلة بدأت في الصدور عام 1998، بمعدل مرة كل سنتين، باستثناء إصدار 2006 الذي احتجب لأسباب تقنية وعلمية. وتأتي أهمية هذا التقرير الصادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية Global Coral Reef Monitoring Network من كونه أحدث تقرير دولي عن حالة هذه الشعاب والمرجع الشامل الوحيد للتعرف على وضعها الراهن ونوعية المخاطر المحيقة بها في نحو 17 منطقة بحرية إقليمية تضم ما يقرب من 100 دولة، من بينها 13 دولة عربية مشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي وخليج عمان.
ومن أبرز ما جاء في التقرير، الذي أشرف على تحريره العالم الأوسترالي كليف ويلكنسون، بمشاركة أكثر من 372 عالماً ومتخصصاً من 96 دولة، إشارته الى أن 19 في المئة أي ما يقرب من خُمس مساحة الشعاب المرجانية على مستوى العالم قد فقدت بالكامل، نتيجة الضغوط البشرية والطبيعية المتزايدة، فضلاً عن إمكان اختفاء 35 في المئة أخرى خلال السنوات الأربعين المقبلة إذا استمرت هذه الضغوط بالوتيرة نفسها.
يقسم التقرير جملة المخاطر والضغوط التي تهدد الشعاب المرجانية الى ثلاث مجموعات رئيسية: الأولى تتضمن التهديدات الناتجة عن تغيرات عالمية في المناخ أو بعض الأنظمة البيئية البحرية، وأبرزها تفشي ظاهرة ابيضاض الشعاب (coral bleaching) وزيادة حموضة المحيطات (ocean acidification) وانتشار الأمراض والكائنات الدخيلة وضواري الشعاب بصورة وبائية. وتضم المجموعة الثانية المخاطر التي تتعلق بضغوط الأنشطة البشرية والممارسات السلبية، مثل التلوث البحري وردم السواحل والصيد الجائر. أما المجموعة الثالثة فتضم المخاطر الناتجة عن افتقاد الوعي البيئي بأهمية الشعاب وضعف الارادة السياسية اللازمة لحمايتها، وخصوصاً الزيادة السكانية وارتفاع نسبة الفقر والممارسات الخاطئة المترتبة على ذلك، وكذلك افتقار الادارات الساحلية والدول المعنية الى الرغبة السياسية والامكانات والكوادر المدربة لحماية ثروتها المرجانية.
التغير المناخي المدمِّرالشعاب المرجانية كائنات رقيقة وحساسة للغاية، تتطلب بيئة معيشية محددة ومواصفات ايكولوجية مستقرة وثابتة نوعاً ما، خاصة بالنسبة الى درجة حرارة الوسط المائي والاضاءة. لذا فان أي تغير في ظروف تلك البيئة يمكن أن يؤدي الى تعريض قطاعات كبيرة من هذا الموئل للتدمير الكامل. من هذا المنطلق، يتوقع أن تكون الشعاب المرجانية من أولى الأنظمة البيئية البحرية تعرضاً للتدمير وأكثرها تأثراً بتداعيات الاحتباس الحراري المسبب للتغير المناخي.
وتتمثل أبرز التداعيات المتوقعة، بحسب ما ذكر التقرير، في تنامي ظاهرة ابيضاض الشعاب كنتيجة لارتفاع درجة حرارة المياه السطحية، فضلاً عن زيادة حموضة البحار والمحيطات بسبب ذوبان نسب متزايدة من ثاني أوكسيد الكربون الموجود بالجو في مياه البحار والمحيطات. كما يتوقع ازدياد معدل هبوب العواصف والأعاصير البحرية، وارتفاع مستوى سطح البحر، ما يشكل تهديداً حقيقياً لكثير من المناطق الساحلية بما عليها من موائل وكائنات.
الابيضاض ظاهرة مدمرة للشعاب المرجانية الصلبة، تنتج غالباً من ارتفاع درجة حرارة الوسط المائي فوق المعدلات المحتملة. فهذا يؤدي الى هجرة الكائنات الطحلبية المتكافلة مع المرجانيات، والتي تضفي عليها ألواناً زاهية وتمدها بالطاقة والغذاء، من الهياكل المرجانية الصلبة. فتتحول المرجانيات الى مجرد حجارة مصمتة، لا حياة فيها ولا جمال. وقد شهد العالم تنامي هذه الظاهرة خلال العقد الماضي، حيث ضربت البحار والمحيطات موجات من الابيضاض، أبرزها عام 1998 أدت الى فناء ما يقرب من 16 في المئة من مساحة الشعاب الضحلة على مستوى العالم، وموجة أخرى عام 2002. لكن هذه الظاهرة مرشحة لمعاودة الظهور بشكل أكثر توحشاً وبمعدلات أكثر تسارعاً في المستقبل بسبب الاحتباس الحراري.
وتشكل زيادة حموضة البحار والمحيطات تهديداً حقيقياً آخر للشعاب. فازدياد نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجو يؤدي الى ذوبان كميات إضافية منه في مياه البحار والمحيطات، فترتفع حموضتها نتيجة تكون حمض الكربونيك. كما سيؤدي في المقابل الى نقصان نسبة أيونات الكربونات في تلك المياه، ما يعني ضعف نمو المرجانيات الصلبة وعدم قدرتها على بناء هياكلها الجيرية المكونة أساساً من كربونات الكلسيوم، وهو أمر من شأنه تقلص مساحة الشعاب المرجانية الممتدة عبر سواحل العالم وبالتالي تقلص حجم الخدمات والموارد التي يقدمها هذا الموئل الكريم.
 
حالة الشعاب في البحار العربية
يوضح التقرير أن الشعاب المرجانية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن تتمتع عموماً بحالة صحية جيدة وبكثافة مرتفعة، حيث تصل نسبة الغطاء المرجاني، سواء من المرجانيات الرخوة أو الصلبة، الى أكثر من 50 في المئة. هذا علـى رغـم تعرض بعض المناطق لموجات محدودة مـن الابيضاض، وهجمات نجم البحر ذي التاج الشوكي (crown-of-thorns starfish). ومـن الجـوانـب المضيئـة التي ذكرها التقرير أيضاً تعافي مناطق كثيرة، خصوصاً في السعودية والسودان واليمن، من آثار موجات الابيضاض التي حصلت عام 1998. كما أشار الى زيادة الجهود والمبادرات الإقليمية والمحلية الهادفة الى حماية الشعاب المرجانية وإدارة السواحل والثروات البحرية، بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة.
ومن أبرز النقاط السلبية بشأن شعاب البحر الأحمر، وجود بعض الدلائل على مسؤولية التغير المناخي عن تدهورها في بعض المناطق. كما تتعرض مساحات كبيرة من الشعاب بالقرب من المدن والمراكز الصناعية الساحلية، خصوصاً في مصر والسعودية واليمن، للتدهور والتدمير بسبب أعمال التجريف والردم والتلوث البحري الناتج عن صرف المخلفات الصناعية ومياه المجارير وغيرها بالقرب من السواحل. وأشار التقرير الى تأثر بعض مناطق الشعاب المرجانية وتعرضها للتدمير عام 2007 بسبب عدد من الأحداث الطبيعية المفاجئة، كما حدث بالقرب من سواحل مصر والسودان والأردن نتيجة انخفاض مستوى المياه وتعرضها لمستويات جَزْر متدنية للغاية، وبالقرب من جزيرة روكي في جنوب القطاع المصري من البحر الأحمر نتيجة تعرضها لموجة مفاجئة من ابيضاض الشعاب، وما نتج عن الانفجار البركاني العارض في جزيرة جبل الطاير اليمنية الذي تسبب في تدمير بعض الشعاب حول الجزيرة.
وفي الخليج العربي وخليج عُمان، أشار التقرير أيضاً الى نقاط ايجابية وأخرى سلبية. فقد تعافت نسبة، وإن محدودة، من الشعاب التي تعرضت لإعصار غونو في صيف 2007، وتحسن بعضها بدرجة كبيرة. كما ازدادت المبادرات والجهود الرامية لحماية شعاب المنطقة بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، ولا سيما في الامارات وقطر وايران. وازدادت درجة التنوع الأحيائي والغطاء المرجاني، خصوصاً قرب جزر هلول في قطر وياسات ودلما في الامارات.
وفي مقابل ذلك، أشار التقرير بشكل واضح الى التأثير السلبي لعمليات التنمية الساحلية والمشاريع السياحية والعمرانية الجارية على امتداد سواحل الامارات وقطر والبحرين، بما تتضمن من ردم وحفر للسواحل، ومسؤولية ذلك عن تدهور مساحات شاسعة من الشعاب المرجانية القريبة منها. كما لفت الى الدمار الواسع الذي أحدثه إعصار غونو في صيف 2007، وتسببه في اختفاء قطاعات كبيرة من الشعاب المرجانية، خصوصاً في خليج عدن.
الدكتور وحيد محمد مفضل باحث في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد في الاسكندرية، مصر.
كادر
توصيات جديدة قديمة
تضمن تقرير ''حالة الشعاب المرجانية في العالم 2008" توصيات مهمة، وإن كان بعضها ذكر سابقاً ونادت به هيئات وتقارير علمية عديدة. ومن أبرزها:
- اتخاذ السبل العاجلة من أجل وقف آثار التغير المناخي وبالتالي إنقاذ الشعاب المرجانية من أخطار تداعياته المحتملة.
- تحسين مستوى الادارة الساحلية، وإنشاء مزيد من المحميات البحرية، على أساس أنهما السبيل الأمثل لإعادة تأهيل الموائل البيولوجية المنهكة وإنقاذها.
- العمل على تضمين شعاب مرجانية جديدة داخل حدود المحميات البحريةالقائمة، خصوصاً في البلدان النامية التي تفتقر الى الوعي البيئي وسبل الادارة الساحلية الرشيدة.
- إعطاء موئل الشعاب المرجانية فرصة للاستشفاء وإعادة التأهيل، من خلال منع استنزافه ورفع الضغوط البشرية الواقعة عليه.
أما في ما يتعلق بالمنطقة العربية والبحار المترامية فيها، فقد تضمن التقرير عدداً آخر من التوصيات، وإن لم يأتِ بعضها كذلك بأي جديد. ومن أبرزها:
- وضع خطة عمل تنفيذية خاصة بحماية الشعاب المرجانية في كل دولة أو إقليم، مع إدخال خطط العمل القائمة الى حيز التنفيذ، وتدبير الدعم المادي والعلمي اللازمين لتفعيلها.
- تشديد الجهود المشتركة والبيئية من أجل تحقيق إدارة ساحلية رشيدة، خصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من الدول العربية التي تشرف سواحلها وحدودها البحرية على مساحات ممتدة من الشعاب المرجانية والموائل الأخرى.
- العمل على زيادة الوعي البيئي بين العامة، عن طريقالمنشورات والتعاون مع وسائل الاعلام، وتنظيم ندوات وورش عمل دورية للتوعية والاعلام العلمي.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.