دلافين زهرية اللون تتلوى برشاقة عبر النهر السريع الجريان، وزنابق بعرض مترين تجثم على صفحة المياه كصواني طعام واسعة تنتظر أن تحط عليها فراشات زرق ضخمة.
كنت في رحلة لأربعة أيام في نهر الأمازون على متن السفينة السياحية الفخمة M/V Aqua التي تتسع لأربعة وعشرين مسافراً، عائمة في أحضان طبيعة متفردة. فكل شيء هنا أكبر حجماً وأشد تألقاً وأكثر اخضراراً... ويحف به شيء من الخطر.
بدأت الرحلة عندما أسدل الليل ستارته السوداء على بلدة نوتا في البيرو، وهي نقطة الانطلاق. تحرك مركبنا الصغير في نهر مارانون، أحد روافد الأمازون، وعبر بنا مسافة في الظلام وصولاً الى السفينة السياحية. كنا عند أحد منابع النظام الايكولوجي الأكثر تنوعاً في العالم، والذي يؤوي أنواعاً من الأسماك أكثر مما في المحيط الأطلسي بكامله. وغابة المطر المهيمنة تشكل مصدراً لنصف الأدوية في العالم.
نزهاتنا القصيرة خارج السفينة، مرتين في اليوم، كانت حافلة بالمسرات والمفاجآت. فقد تسلقنا منحدرات طينية شاهقة، ومشينا الى قرى صغيرة. وفي وقت متأخر من إحدى الأمسيات، أخذنا نفتش عن تماسيح الكيمن السود، وقد أرشدتنا إليها عيونها البراقة الحمراء. وشاهدنا القردة السنجابية وهي تقفز بين أعالي الأشجار لمسافات تصل الى سبعة أمتار. وعلى نقيضها، كان حيوان ثديي يدعى ''الكسلان'' (sloth) يتحرك ببطء متدلياً من أحد الأغصان. وزعم دليلنا دانييل فاسكيز، الذي ترعرع في غابة الأمازون المطيرة، أن هذا الحيوان الكسول يرقد على الأغصان بانتظار نمو البراعم.
داخل محمية باسايا ساميريا الواسعة النطاق، لم نلمح حيوانات في البداية. لكن فيما نحن نسبح في بحيرة ياناياكو هناك، ظهرت زعنفة الى اليمين، وأخرى الى اليسار، وإذا بنا محاطون بعائلة من الدلافين الزهرية اللعوبة. وفي وقت لاحق، رحنا نصطاد أسماك البيرانا الضارية.
وفي رحلة استكشافية، أخبرنا فاسكيز أن قومه يؤمنون بأن لكل شجرة روحاً، حتى الفسيلة الصغيرة. ودلنا على اللحاء الذي يشفي من مرض الملاريا، والكرمة التي تشفي من حصى الكلية، ونبتة مخلب الهر التي تكافح السرطان. وعبر عن خشيته من زوال الغابات.
مؤسس ''رحلات أكوا الاستكشافية'' فرنسيسكو غالي زوغارو قال إن شركته هي أكثر من مؤسسة تجارية، إذ تسعى الى حماية غابة الأمازون من الزوال والتدمير. وأضاف: ''إذا أثبتنا أن لحوض الأمازون قيمة حقيقية كمصدر سياحي، فان هذا سيولد اهتماماً بحمايته''. لكنه نبه الى ضرورة التزام قواعد السياحة المسؤولة التي لا تترك أثراً سلبياً على البيئة، مشيراً الى أن على متن السفينة ''أكوا'' محطة لمعالجة مياه الصرف سعتها 7000 ليتر من أجل عدم تلويث النهر.
|