عظاءات وسلاحف عملاقة، وطيور لا تطير، وفقم ذات فراء، وشعاب مرجانية عجيبة الألوان، كائنات معرضة للخطر بفعل الاحترار العالمي الذي بدأت عواقبه تظهر في هذه الجزر الثمينة عالمياً في المحيط الهادئ
عماد فرحات
الكائنات البريـة الفريدة فـي جزر غالاباغوس الشهيرة فـي المحيط الهـادئ يتهددها تغير المناخ بشكل خطير. والحاجة ملحّة الـى استراتيجيات لمنـع إلحاق أضرار يتعـذر إصلاحها بهـذا الموقـع التراثي العالمي. وقـد أعلنت منظمـة Conservation international إثر ورشة عمل نظمتها هناك في نيسان (أبريل) الماضي، حول تأثير الاحترار العالمي على التنوع البيولوجي في هذه الجزر، أن حيواناتها ونباتاتها تواجه تهديدات كبيرة من أمراض وأنواع دخيلة غازية، وانخفاض في مصادر الغذاء الرئيسية، وأضرار تلحق بالموائل الساحلية نتيجة سخونة المحيطات وارتفاع مستويات البحار. ونبهت الورشة: ''إذا أردنا أن يبقى التنوع البيولوجي الفريد في جزر غالاباغوس للأجيال المقبلة، علينا أن نساعده على التكيف مع تغير المناخ".
جزر غالاباغوس، التابعة للاكوادور، تبعد 970 كيلومتراً عن ساحل أميركا الجنوبية على خط الاستواء. وهي جزر بركانية تحوي تشكيلة واسعة من الأنواع المتوطنة التي لا يوجد لها مثيل في أي مكان آخر من العالم. وقد اشتهرت عالمياً منذ قصدها عالم الطبيعة البريطاني تشارلز داروين وطوّر نظرية النشوء والتطور في القرن التاسع عشر، بعد دراسة الحياة الحيوانية الفريدة في هذه الجزر المنعزلة التي احتفظت بنقائها وعذريتها.
ومن الأنواع الأكثر تعرضاً للخطر فقمة غالاباغوس ذات الفراء، إذ يتهددها انخفاض متوقع في عدد الأسماك التي تعتبر مصدر غذائها الرئيسي، وازدياد خطر الأمراض.
أما بطاريق غالاباغوس، فاقترح العلماء المشاركون في ورشة العمل بناء "شقق سكنية"لها لاعادة تأمين ظروف التعشيش التي تفضلها، وتوفير الظل والحماية من المفترسات التي تم إدخالها الى مناطق قريبة من مواقع تعشيشها المعتادة التي تتضرر نتيجة تآكل الشواطئ والفيضانات.
والشعاب المرجانية مهددة بارتفاع درجة حرارة المحيط وحموضته، ما يضعف بنيتها ويتسبب في ابيضاضها. وتجبر سخونة المياه مزيداً من الأسماك الاستوائية على النزوح الى الجزء الشمالي من الجزر.
الايغوانا البحرية عظاءة ضخمة متوطنة في غالاباغوس، وهي سريعة التأثر، وقد تواجه مستويات نفوق عالية مع تداعيات تغير المناخ. أما طائر الغاق العاجز عن الطيران فتتهدده فيضانات تغرق أعشاشه، إضافة الى تقلبات بيئية أخرى.
وقد يواجه سكان الجزر انخفاضاً في المخزونات السمكية التجارية نتيجة تغيرات في تيارات المحيط، في حين أن الضرر الذي يلحق بالكائنات النباتية والحيوانية الفريدة سيقلل من جاذبية الجزر للسياح، ما قد يؤدي بدوره الى تراجع الحماية التي يوفرها السكان المحليون للتنوع البيولوجي إذ يصبح أقل أهمية لهم كمصدر للدخل.
وهناك أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا قد تصبح أكثر انتشاراً مع ازدياد عدد سكان الجزر، خصوصاً إذا نشأت ظروف تدعم الأنواع الغازية الناقلة للأمراض.
الخبراء المشاركون في ورشة العمل قدموا بدايات خطة لمساعدة سكان الجزر على التكيف. ومن التوصيات الرئيسية إقامة نظم مراقبة للانذار المبكر بالتغيرات المناخية، وحماية النظم الايكولوجية المعرضة للخطر ومنها الشعاب المرجانية، وتحسين إدارة مصائد الأسماك في المنطقة بما في ذلك أعالي البحار المحيطة، والتخلص من الأنواع الغازية ومكافحة وصولها الى الجزر.
ويتعين على سكان الجزر أيضاً أن يتكيفوا مع التغيرات المناخية. لذلك تعهدت منظمة ''كونسرفيشن إنترناشونال'' بمساعدتهم على تنويع مصادر الدخل فلا تقتصر على صيد الأسماك، وتوفير التعليم لهم وتعزيز اعتدادهم بتراثهم الطبيعي الفريد عالمياً، وتأمين الرعاية الصحية والماء النظيف، والتشجيـع على ممارسات مستدامة في السياحة والبناء والنقل والمشاريع الانمائية الأخرى.