الاعلان العربي حول تغيّر المناخ، الذي أصدره وزراء البيئة العرب نهاية عام 2007، وضع للمرة الأولى الاصبع العربي الرسمي على الجرح المناخي، لكنه لم يتحول بعد إلى خطة عمل ذات أهداف محددة.
لقد تبنى الاعلان ما توصلت إليه اللجنة الحكومية الدولية المشتركة لتغيّر المناخ من إجماع علمي حول ارتفاع درجات الحرارة بسبب النشاطات الانسانية، خاصة انبعاثات الوقود الاحفوري. كما أقر أن المنطقة العربية، الواقعة في نطاق المناطق الجافة والقاحلة والتي تمتد على عشرات آلاف الكيلومترات من السواحل، ستكون من الأكثر تعرضاً للتأثيرات المحتملة، بما فيها ارتفاع البحار وازدياد حدة الجفاف والتصحر وشح الموارد المائية وزيادة ملوحة المياه الجوفية وانتشار الأمراض والأوبئة.
وأشار الاعلان إلى آثار تغيّر المناخ على التنمية، من تراجع الانتاج الزراعي وفقدان التنوع البيولوجي وتهديد استثمارات اقتصادية حيوية، وخسارة مواقع جذب سياحي، مثل فقدان الشعاب المرجانية وغرق مواقع سياحية ساحلية وتراجع الغابات. ناهيك عن التداعيات الاجتماعية بسبب انتقال ملايين السكان من المناطق المتأثرة إلى مناطق أخرى، بما في هذا من ضغط على البيئة والموارد.
أكد الوزراء في الاعلان ''العزم على السعي جاهدين'' إلى تحقيق جملة أمور، منها: وضع خطط عمل وطنية واقليمية للتعامل مع قضايا تغيّر المناخ لتقييم تأثيراتها المحتملة ووضع برامج التخفيف والتكيف، اعتماد الوقود الأنظف وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتنويع مصادرها، التوسع في استخدام تقنيات الانتاج الأنظف واعتماد الحوافز الاقتصادية لتشجيع المنتجات الأكثر كفاءة. وفي مجال التكيّف مع تأثيرات تغيّر المناخ، أكد الاعلان على ضرورة توفير البنى التحتية للحد من المخاطر المتوقعة، بما في ذلك كفاءة ادارةالموارد الطبيعية واعتماد نظم الرصد والمراقبة والانذار المبكر، وإنشاء مراكز بحوث ودراسات مناخية.
القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في الكويت مطلع هذا العام اعتمدت ما جاء في الاعلان الوزاري العربي حول التغيّر المناخي، ودعت إلى تعاون الحكومات مع مراكز الأبحاث العلمية والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
نحن أمام إعلان واضح للنيات، يشكل الأساس المتين لخطة عمل تتضمن أهدافاً محددة وفق برنامج زمني. ولم يعد مقبولاً التأجيل في هذا الموضوع، خاصة أن شهوراً قليلة تفصلنا عن اجتماع كوبنهاغن في كانون الأول (ديسمبر) الذي سيحدد الموقف الدولي في مواجهة معضلة تغير المناخ لما بعد بروتوكول كيوتو. وقد أثبت الاجماع العلمي خلال السنوات الأخيرة أن المطلوب يتجاوز كثيراً ما نص عليه كيوتو، الذي تنتهي مفاعيله سنة 2012، بعدما تعثّر تطبيق معظم مندرجاته.
المنتدى العربي للبيئة والتنمية سيساهم في المساعي العربية للتعاطي الجدي مع قضية تغيّر المناخ، من خلال التقرير العلمي الذي يقدّمه في مؤتمره السنوي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. يغطي التقرير، الذي تعمل عليه مجموعة من كبار الباحثين والعلماء، تدابير تخفيف المسببات والتكيّف مع النتائج، ويستعرض آثار تغيّر المناخ على المنطقة العربية وسبل مواجهتها في مجالات: ارتفاع البحار، انتاج الغذاء، المياه العذبة، الصحة، الأنظمة الطبيعية والتنوع الحيوي، الطرقات والعمران والبنى التحتية، السياحة. كما يقترح خطة لمفاوضات ما بعد كيوتو، ويحدد النقاط المطلوب من الدول العربية أخذها في الاعتبار لمواجهة تحديات المتغيرات المناخية.
لقد حان وقت تحويل النيات إلى أفعال.
|