Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عنود القبندي (الكويت) غبار الكويت  
تموز-آب (يوليو-اوغسطس) 2009 / عدد 136-137
 تتعرض الكويت لظواهر غبارية خلال 25 في المئة من أيام السنة، مع حدوث 26 عاصفة ترابية كمعدل وسطي. وهذا معدل يفوق بأضعاف المعدل الطبيعي في الدول المجاورة كالبحرين (5,6% من أيام السنة) وقطر (7,1%) والامارات (3,9%).
فبحكم موقعها الجغرافي وظروفها المناخية وطبيعتها الجيولوجية وخصائص تربتها وسمات غطائها النباتي وأنماط استخدام أراضيها، تتعرض الكويت لمختلف أنواع الظواهر الغبارية، من عواصف ترابية وغبار متصاعد وغبار عالق. ومن المعروف انتشار العواصف الترابية في الأقاليم الجافة عندما تتوافر مجموعة من الظروف، كالرياح القوية المستمرة والقادرة على حمل المفتَّتات الصخرية من رمال دقيقة وغرين لمسافات طويلة بسرعة تزيد على 40 كيلومتراً في الساعة، أو تعرض البلاد لفترات من الجفاف تمتد عدة سنوات كما حدث في الكويت في ثمانينات القرن الماضي وفي موسم 2007 ـ 2008.
وتتسبب ملوثات الهواء التي يحملها الغبار في حدوث أعراض كالارهاق والنسيان وآلام الظهر وفقدان الشهية وحكاك الأنف، فضلاً عن أمراض تنتقل عن طريق تنفس هواء محمل بالبكتيريا أو الفيروسات كالزكام والتهاب الحلق والأنفلونزا والسعال الديكي والالتهاب الرئوي والشعبي والدفتيريا، كذلك الدرن (السل) الذي ازداد عدد المصابين به في الكويت الى 300 حالة في العام الواحد. كما ازدادت نسبة المراجعين في أمراض الربو والحساسية 50 في المئة في عموم مستشفيات البلاد، خصوصاً التهابات الجيوب الأنفية والحلق والاختناق التنفسي من أثر الغبار.
 
من أين هذا الغبار؟
هناك مصادر طارئة للغبار تفاقم هذه المشكلة، كهبوب الرياح السطحية على كميات كبيرة من التربة السائبة الناتجة عن عمليات الحفر والمشاريع الاستراتيجية، كما هو الوضع حالياً في مناطق عديدة من صحراء الكويت مثل طريق العبدلي وكبد والصبية. ولكي تتشكل الظواهر الغبارية، تحتاج الرياح إلى تربة طينية أو رملية ناعمة جداً، على أن تكون شديدة الجفاف وعارية من الكساء الخضري. وبنظرة عالمية، نجد أن هذه الظروف تتوافر في عدة أقاليم، كالسهل الفيضي لنهري دجلة والفرات في جنوب العراق الذي يمثل مصدراً رئيسياً للغبار والأتربة التي تهب على الكويت.
وقد تسببت ظروف طبيعية في انتشار الغبار في المنطقة. فثمة أجزاء من سورية ومعظم الأراضي العراقية والكويتية والأجزاء الشمالية الشرقية من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من ايران تقع في منخفض كبير، يمتد في اتجاه شمال ـ غرب الى جنوب ـ شرق لمسافة تزيد على ألف كيلومتر، ويبلغ متوسط عرضه نحو 700 كيلومتر. ويمثل هذا المنخفض ممراً طبيعياً للرياح الشمالية الغربية، اذ انه مفتوح من جانبه الشمالي الغربي، وتنتشر على أرضيته المنخفضة كميات كبيرة من الرواسب المفككة الجافة تشمل الرواسب الفيضية من غرين ورمال دقيقة ورواسب السبخات، التي يسهل حملها بواسطة الرياح العالية السرعة لتشكل موجات غبار تتحرك في الاتجاه الجنوبي الشرقي.
وهناك أسباب بيئية، خصوصاً هبوط مناسيب المياه الجوفية الضحلة الذي صاحب عمليات تجفيف الأهوار منذ تسعينات القرن الماضي، ونتج عنه جفاف الجزء العلوي من التربة الطينية بما عليه من غطاء نباتي، ما جعل عمليات الانجراف الريحي محمَّلة بكميات كبيرة من الغبار. كما أن للأنشطة العسكرية بشقيها التدريبي والقتالي دوراً في تكسير التربة وتفكيكها وتدمير الغطاء النباتي، ومن ثم انتشار الأتربة والرمال في الجو عند هبوب الرياح القوية.
وثمة مصادر طارئة للغبار، إذ تنتج أكوام هائلة من التربة المفككة التي يتم استخراجها من باطن الأرض أثناء أعمال الحفر للمشاريع الإنمائية في صحراء الكويت. وقد تبقى هذه المصادر شهوراً وربما أعواماً في المناطق الصحرواية المكشوفة، ومن أمثلتها طريق الجهراء الصبية وطريق الجهراء العبدلي وطريق كبد.
وتعد الأجزاء الجنوبية من جزيرة بوبيان أحد أهم المصادر الدائمة للغبار في الكويت، خصوصاً في فصل الصيف عندما تجف التربة بسبب هبوط مستويات المياه الجوفية الضحلة. كذلك المنطقة الممتدة بين ''أم نقا'' ورأس الصبية، حيث تتعامد الأودية الجافة مع الاتجاه السائد للرياح مما يساعد على انتقال الرمال والأتربة. وهناك أيضاً الأودية الجافة المواجهة لجال الزور ومنحدراتها الخلفية، خصوصاً تلك الممتدة في اتجاه شمال ـ غرب الى جنوب ـ شرق، والسهل الفيضي لوادي الباطن وروافده الشرقية والغربية.
وتشكل التكوينات الرملية، كالكثبان الهلالية والمسطحات الرملية الزاحفة المنتشرة فوق أرضية المنخفض الأوسط ''الهويملية الوفرة''، ممراً طبيعياً للرمال. وفي منخفض الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي تنقسم هذه التكوينات الى قطاعات هي ''الهويملية أم القواطي'' و''أم القواطي الأطراف'' و''الأطراف غرب برقان'' و''غرب برقان الوفرة'' و''أودية الدبدبة".
وتهب العواصف الغبارية على الكويت بشكلين. الأول هو الشكل الطولي المدبب الذي يمتاز بعرض متوسط يقل عن 150 كيلومتراً ويدل على أن العاصفة ناتجة بفعل رياح عالية السرعة. وهو النمط السائد في العواصف المقبلة من الأهوار، وتكوين الدبدبة على امتداد وادي الباطن في السعودية، وإيران في المنطقة المحصورة بين جبال زاغروس وشط العرب.أما النمط الثاني فهو الشكل العريض، الذي يكون بعرض يفوق 200 كيلومتر، وهذا يدل على أن العاصفة ناشئة بفعل رياح متوسطة السرعة. وهو النمط السائد في العواصف المقبلة من الصحراء الغربية في العراق وسهل الرافدين.
 
قياس كمية الغبار على الكويت
رصد معهد الكويت للأبحاث العلمية توزيع رواسب الغبار المتساقط على الكويت. وتم الرصد من خلال مصيدة الغبار في منطقة الشويخ من عام 1981 الى عام 2007. وقد أظهر تفاوتاً ملحوظاً من عام الى آخر، إلا أن 1984 و1989 كانا بمثابة علامة فارقة، اذ تم تسجيل أكبر كمية من الغبار المتساقط. وفي السنوات الأخيرة كان هناك ارتفاع ملحوظ للغبار خلال الفترة 2004 ـ 2007، وانعكس ذلك على عام 2008، مما ينبئ بارتفاع ملحوظ لمعدل الغبار الطبيعي في السنة الحالية.
ان المعدل الطبيعي لكميات الغبار المتساقط على الكويت هو 55 طناً في الكيلومتر المربع الواحد خلال السنة، مما يعني أن المجموع الكلي لكميات الغبار المتساقط على البلاد بمساحتها الإجمالية يقرب من مليون طن.
وقام المعهد أيضاً بجمع عينات من الغبار المتساقط خلال سنة كاملة من أماكن متفرقة، هي رأس الصبية وجزيرة بوبيان وجزيرة وربة ومحمية صباح الأحمد واللياح والجهراء. وتمت مقارنة كميات الرواسب وخصائصها مع أماكن متفرقة إقليمياً وعالمياً. وأظهرت النتائج تفاوتاً ملحوظاً بين المناطق في كميات الغبار المتساقط، فكان أعلاها في جزيرة بوبيان على المستوى المحلي، في حين سجلت محمية صباح الأحمد أدنى المعدلات. كما تبين احتواء الغبار المتساقط على الكويت على نسبة عالية من الكوارتز بلغت 44 في المئة، والكربونات بنسبة 41 في المئة، مما يجعله الأعلى عالمياً في المساحة السطحية للحبيبات نتيجة وجود تجاويف في حبيبات الكربونات. كما يحتوي غبار الكويت على الطين بكميات كبيرة، خلافاً للغبار الموجود في معظم دول العالم حيث يحتوي على كوارتز بنسب عالية مع نسبة قليلة من الكربونات.
تنفق الكويت الملايين سنوياً لمكافحة الرمال المتراكمة على المنشآت الحكومية والقواعد العسكرية، ولوقف التآكل الكيميائي للمنشآت النفطية وصيانتها بشكل دوري.
لا يمكن أن ننهي حركة العواصف الغبارية والترابية والرملية، لكن من الممكن أن نقلل من تأثيرها بمكافحة أسبابها. ومن أهم الوسائل محاربة التصحر وزيادة الغطاء النباتي الذي يساهم بشكل كبير في تثبيت التربة ومنع انجرافها مع الرياح. وتضمن زراعة المساحات الخالية والمهملة عدم إثارة الغبار والأتربة فيها، ولقد تبين أن أكثر من 30 في المئة من الحبيبات المترسبة في المدن تأتي بشكل رئيسي من هذه المساحات.
ومن خلال مقارنة كميات الغبار المتساقط في مصائد الغبار التي وضعت قبل وبعد إنشاء الأحزمة الخضراء، تبين أنها انخفضت بمقدار 50 في المئة جنوب منطقة تنتشر فيها المزارع، كمدينة الجهراء، بالمقارنة مع كميات الغبار في شمالها أي في اتجاه الرياح السائدة (شمال ـ شمال غرب).
كذلك يجب تشجيع الزراعة الملحية في مسطحات المد والجزر وفي السبخات، باعتبارها مصادر رئيسية للغبار.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.