Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
حسن الشرقاوي (الاسكندرية) قنديل البحر  
تموز-آب (يوليو-اوغسطس) 2009 / عدد 136-137
 منذ زمن بعيد وقناديل البحر، بأنواعها المختلفة، مشكلة تؤرق المصطافين والسابحين على شواطىء البحار في أرجاء المعمورة. ذلك لأنها تفرز من المواد الكاوية والمهيجة للجلد ما يسبب الألم والحساسية لمن تصيبه لسعاتها، ومنها أنواع تحدث تسمماً لضحيتها. وتظهر أعراض اللسعات عادة بشكل احمرار أو حرق وتورم في الجلد، وقد تحدث فيه تشوهات تترك آثاراً باقية.
قبيل موسم الصيف في البحر المتوسط، خصوصاً في مناطق من ايطاليا وإسبانيا، طلب من رواد الشواطئ عدم النزول إلى المياه حيث صار من المحتمل جداً تعرضهم للسع ـ وربما التسمم ـ من قناديل البحر التي ازدادت أعدادها بشكل ملحوظ وغير معتاد. ويعزو بعض علماء البيئة ما يحدث الى كونه أحد أعراض ارتفاع درجة حرارة الأرض. كما يقولون إن هذه القناديل تجد السبيل ممهداً أمامها بعد أن انخفض عدد أعدائها الطبيعيين، مثل السلحفاة البحرية وسمكة التونة ذات الزعانف الزرقاء وسمكة القرش، من جراء الصيد الجائر. ثم إن ضعف تدفق مياه الأنهار صيفاً ـ حيث درجة الحرارة أعلى ـ يؤدي إلى زيادة تجمع القناديل بالقرب من الشواطئ.
وقد تسببت القناديل في خسائر تجارية وسياحية لدول حوض البحر المتوسط يقدر حجمها بنحو 3 بلايين دولار سنوياً.
 
عالم القناديل
يقول علماء البيولوجيا البحرية ان قناديل البحر هذه واسعة الانتشار، تعيش في جميع بحار العالم تقريباً. تطفو سابحة في المياه الضحلة، وقد تلقي بها الأمواج إلى رمال الشاطىء. ويشرحون أنها سُميت هكذا لاستدارتها وشفافيتها وشكلها الذي يشبه القنديل المعروف في الاستضاءة.
أما جسمها فيتكون معظمه من الماء (نحو 98 في المئة)، لذلك نجدها تتحلل بسرعة لافتة مخلفة على الشاطىء آثاراً بسيطة لمكوناتها العضوية، تختفي هي أيضاً في غضون أيام قلائل. ولأجسامها ألوان عديدة، منها الأزرق والبنفسجي والأرجواني والأصفر والبني والأبيض الشاحب. ولأنها شبه شفافة، يمكن رؤية أعضائها الداخلية وقنواتها الشعاعية من الخارج. وتحتوي الهلاميات اللاسعة فيها على خلايا شديدة التخصص تدعى ''الأكياس الخيطية''، هي معقدة في بنائها وذات وظائف دفاعية وغذائية، وتسبب بلسعاتها آلاماً شديدة وحروقاً بالغة. وجسم قنديل البحر قرصي الشكل يشبه الناقوس في مظهره العام. حافاته مزينة بلوامس مجوفة تحوي العديد من الخلايا اللاسعة المتراصة بعضها بجوار بعض، وعلى هذه الحافات ثمانية لوامس تحتوي على أعضاء حسية وظيفتها حفظ التوازن، الأمر الذي يجعل فم الحيوان دائماً الى أسفل وظهره الى أعلى.
وتتفاوت أحجام قناديل البحر. فمنها الصغير الذي لا يتعدى حجمه حبة البازلاء، ومنها المتوسط الذي يتراوح قطر مظلته من 7 سنتيمترات إلى 40 سنتيمتراً. وهناك أنواع عملاقة قد يبلغ قطرها أكثر من مترين وطول لوامسها أكثر من 30 متراً ووزنها نحو طن، كما في النوع ''سيانيا'' الذي يقطن المناطق الباردة في شمال المحيط الأطلسي، أو قد يصل طول لوامسها إلى 9 أمتار رغم صغر قطرها مثل قنديل ''البارجة البرتغالية".
الخلايا اللاسعة لقنديل البحر تساعده في الدفاع عن نفسه، أو اصطياد فرائسه، أو الالتصاق بمرتكز. وهذه الخلايا هي نفسها التي تسبب الألم والحروق في جلد الضحية، إذ تحتوي الأكياس الخيطية إما على مواد شديدة القلوية محبة جداً للماء مما يؤدي إلى اندفاع الخيط ناحية الضحية فور دخول الماء إليه عند الإثارة، وإما على مواد بروتينية سامة في شكلها السائل. وإذا ما انغمست أطراف تلك الخيوط في جلد الضحية، انطلقت منها المواد الحارقة أو السامة مسببة حروقاً والتهابات مؤلمة قد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.
وتبعاً لعدد الخلايا اللاسعة التي تخترق جلد الضحية، تختلف قناديل البحر في درجات لسعاتها وفي كمية السم التي تحقنه. ومن العجيب أن بقايا قناديل البحر قد تحتفظ ـ حتى وهي ميتة ـ بقدرتها على اختراق جلد الإنسان وحقنه بسمومها.
 
سبل المكافحة
اقتُرحت في كثير من الدول، ومن بينها مصر، حلول ميكانيكية لجمع قناديل البحر بغرض حماية السابحين وغيرهم ممن ينزلون إلى مياه الشاطئ من أضرارها المحتملة. ويُذكر أن في الامكان الاستفادة من قناديل البحر في صناعات عدة، منها استخدام المادة القلوية الكاوية التي تفرزها في بعض العلاجات الطبية، والاستفادة من مادتها اللزجة في صناعة مواد رغوية للربط بين المواد، في حين تُستخدم بقايا جسم القنديل في صناعة الأعلاف، كما أن هناك بعض الأنواع التي تؤكل في دول شرق آسيا.
وثمة حلول تعتمد على المكافحة البيولوجية لقناديل البحر في البيئة البحرية ذاتها، حيث يتم استزراع كائنات تتغذى عليها، كنوع معين من السلاحف البحرية (ترسا) التي تربى في المزارع ثم تطلق في مياه البحر لتفترس القناديل، علماً أن القناديل انتشرت بشكل ملحوظ بعد اختفاء السلاحف. وهذا ما تقوم عليه فكرة المشروع المقدم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 من الاتحاد العربي لحماية الحياة البرية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ليتم تنفيذه في مدينة العريش المصرية. وتتولى المشروع على مدى خمس سنوات منظمة ألمانية متخصصة بمكافحة قناديل البحر، تحت إشراف الاتحاد العربي وبرعاية محافظة شمال سيناء وبتمويل من منظمات مانحة يصل إلى 9 ملايين دولار. وقد تمت الموافقة على المشروع لتربية سلاحف الترسا وإطلاقها، بعد أن ثبت نجاح المشروع مماثل في مدينة اللاذقية السورية قبل سنتين بكلفة 30 مليون دولار. وقد طرح الفكرة العالم المصري الدكتور أحمد زويل.
ويرى متخصصون بعلوم البحار أن في استخلاص مواد نشطة بيولوجياً كالمضادات الميكروبية (مضادات بكتيرية وفطرية) من أنواع مختلفة من قناديل البحر حلولاً مثمرة من وجوه عدة، ذلك لأنها تحل مشكلة نكبة المياه الساحلية بها، ويتم الحصول منها على مواد مفيدة يمكن استخدامها مثلاً في المكافحة الحيوية لمُمْرضات الأسماك واللافقاريات.
وقد تقدم المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد في الاسكندرية، من خلال فريق بحثي جُمع من تخصصات مختلفة، بدراسة تهدف إلى استخلاص وتوصيف مركبات جديدة نشطة بيولوجياً من أنواع مختارة ومعرَّفة من قناديل البحر، ليتم استخدامها كمضادات ميكروبية في البيئة البحرية.
الدكتور حسن الشرقاوي أستاذ الميكروبيولوجيا البحرية في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد في الاسكندرية.
 
كادر
كيف تعالج لسعات القنديل؟
- يفضل تخفيف الألم أولاً، ثم ينقل المصاب إلى أقرب مستشفى.
- يغسل الجزء المصاب بماء البحر، وليس بالماء العذب الذي يحفز انطلاق مواد الخيوط اللاسعة.
- يجب عدم إزالة أجزاء القناديل الملتصقة بالجسم بأدوات حادة، وعدم لفها بقطع القماش أو دعكها بالرمال، فذلك يؤدي إلى تحفيز الخلايا اللاسعة. ويفضل ازالة الأجزاء الملتصقة بملاقط.
- عدم استخدام الكحول الإثيلي أو العطور أو كريمات الحلاقة على اللسعات، لأنها تزيد من تأثيرها.
- استعمال محلول مخفف من حمض الخل (5%) أو عصير الليمون أو محلول من كحول البروبايل أو بعض الزيت لتخفيف حدة اللاسعات.
- يمكن دهن الجزء المصاب بالكريمات المسكنة للآلام.
- في حالة الاصابة بانقطاع التنفس، يتم اجراء تنفس اصطناعي، مع المحافظة على درجة حرارة الجسم بتحريكه بشكل مستمر كي لا يصاب الملسوع بأزمة قلبية.
- في حالة إصابة العيون، يجب معالجتها بقطرات ومراهم مسكنة مثل ''هيدروفينوكول'' و''سفراديكس".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
محمد التفراوتي (الرباط) تربية السمك في المغرب
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.