فاروق الباز في كلمة الى خريجي الجامعة الأميركية في بيروت
منحت الجامعة الأميركية في بيروت مؤخراً شهادة دكتوراه فخرية للعالم المصري الدكتور فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار من بعد في جامعة بوسطن منذ العام 1986. وهو من العلماء الذين ارتبط اسمهم بمشروع أبولو التاريخي للهبوط على القمر، وكان رئيس فريق تدريب رواد الفضاء في "ناسا". ولاحقاً درس المناطق القاحلة وحلَّل صور الأقمار الاصطناعية لدراسة إمكانات التنمية الاقتصادية في مصر والكويت وقطر والامارات وعُمان والصين والهند وغيرها. واستعمل تكنولوجيا الاستشعار من بعد لايجاد موارد مائية باطنية في صحراء مصر والسودان وصحارى أخرى. عُيّن أخيراً عضواً في هيئة التحديات الهندسية الكبيرة للقرن الحادي والعشرين في الولايات المتحدة.
في ما يأتي كلمة الباز في احتفال تخريج طلاب الجامعة الأميركية في 27 حزيران (يونيو) 2009
أبنائي وبناتي الخريجين الأعزاء،
لقد حصلتم اليوم على شهادة من أعظم الجامعات في العالم العربي، لذلك أحييكم وأقدركم لهذا النجاح المرموق. أهنئكم وأهنئ أهلكم جميعاً. فور الحصول على الشهادة عسى أن تذهبوا الى أولياء أموركم لتقبّلوهم وتشكروهم جزيل الشكر لاعطائكم فرصة التعلُّم في هذه الجامعة.
إنني أتشرف بالحصول على الدكتوراه الفخرية في اليوم الذي نحتفي فيه بتخرجكم. أنا أب لأربع بنات وجدّ لسبعة أحفاد، لذلك أشعر بالقرب من جيلكم. إن جيلكم هذا هو جيل الانترنت وكل ما تؤهله من وسائل الاتصال الفوري مع كل روافد العلم المختلفة. هذا يعني أن منابع العلم والمعرفة تقع تحت أطراف أصابعكم. هل تعرفون معنى الشهادة التي تحصلون عليها اليوم؟ إنها في حقيقة الأمر تعني أنكم الى يومنا هذا كنتم دائماً تحتاجون الى مدرِّس أو أستاذ ليعلمكم، لكن من الآن فصاعداً يستطيع كل فرد منكم التعلم ذاتياً. اغتنموا كل فرصة لتعلم شيء جديد، لأن الحصول على العلم والمعرفة يزيد الثقة بالنفس. وازدياد هذه الثقة يجلب احترام الآخرين، وهذا يؤدي الى حياة نافعة سعيدة ناجحة.
ليس عندي شك في أن جيلكم سوف يغير واقع العالم العربي الى الأحسن في المستقبل. هل تعلمون لماذا أؤمن بذلك؟ لأنكم عرب. لقد قام أجدادكم بمثل هذا العمل وأكثر، فتعرَّفوا على علم من سبقهم، وأضافوا الى المعرفة قدراً كبيراً، وساهموا في ازدهار الانسانية وإرساء قواعد الحضارة الحديثة. أنتم قادرون على المسيرة نفسها وعلى شق طريق جديد، لتثبتوا للعالم أجمع أن العقل العربي قادر على الابداع في كل مجالات العلم والمعرفة.
أقول لكم جميعاً إن العالم العربي ينظر إليكم بفخر واعتزاز. أنتم على أبواب مستقبل زاهر، وأماكم فرصة ذهبية لغرس بذور التقدم والازدهار. إن الشهادة التي تحصلون عليها اليوم تحوي في طياتها مستقبل وطنكم وآمال البشرية فيكم. فعليكم الاستخدام الأمثل لكل ما تعلمتوه في هذه الجامعة المرموقة.
سيروا بفخر واعتزاز، مؤمنين بقدراتكم، حماكم الله وسدد خطاكم.
كلمة الباز في حفل منحه الدكتوراه الفخرية
أتشرف اليوم بقبول هذا التكريم من جامعة عريقة وفتيَّة، فالجامعة الأميركية في بيروت من أعظم الجامعات في الشرق الأوسط، وخريجوها في مناصب قيادية في كل أرجاء العالم العربي.
ليس هناك أي شك في أن أهم ما نحتاجه اليوم في عالمنا العربي هو التعليم المتميز. وأقر هنا بأن نجاحي في مهنتي كان أساسه التعليم الممتاز، حيث علمني أساتذتي كيف أقوم بالبحث والدراسة، وكيف أدون ملاحظاتي. لذلك أسعدني أن الجامعة الأميركية في بيروت تسعى جاهدة لرفعة مستوى البحث العلمي في جميع المجالات. هكذا نبني مجتمع المعرفة، وهكذا نبني مستقبلاً أفضل.
لقد قام أجدادنا العرب بالتعرف الى علم كل من سبقهم، ثم أضافوا الى المعرفة قدراً كبيراً، وساهموا في ازدهار الانسانية جمعاء. ليس هناك أي سبب لأن نتعثر في إعادة العصر الذهبي الى العلم والمعرفة في عالمنا العربي. العقل العربي لا يقل أبداً عن عقول سائر البشر، بل يصح أن يتفوق على الآخرين.
لكل ذلك، يجب أن نركز على تربية شبابنا وحثهم على احترام العلم والمعرفة. إن المعرفة تزيد ثقة الانسان بنفسه فيحرز احترام الآخرين، وهكذا نبني مجتمع المعرفة الذي يعتبر الخطوة الأولى في رفع شأن بلادنا الى ما وصل اليه الآخرون. وهذا في مقدورنا، لأن شباب اليوم باستطاعتهم الحصول على المعرفة من موارد الانترنت العديدة التي لم تكن متوفرة في الماضي. هذه الوسائل الحديثة تؤهل بناء مجتمع معرفي نابه قادر.
ودعم العلم والابداع من أهم صفات قادة المجتمع. لذلك أسعدني كثيراً وشرفني وصول خطاب كريم من فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان يهنئني فيه على الدكتوراه الفخرية. أهمية هذا الخطاب ليست في حد ذاته، ولكن في ما يعني من شعور بأهمية العمل والمعرفة ودور الجامعة الأميركية في بيروت في بناء مجتمع المعرفة، وهكذا يتم بناء مستقبل أفضل.
أشكركم جميعاً، وأعدكم بأنني سوف أحمل هذا التكريم بفخر واعتزاز. حفظ الله لبنان وأدام نعمه عليه.