مبادرة جمركية دولية حصدت أكثر من 30 ألف طن و1500 قطعة من النفايات الخطرة في 57 عملية مصادرة، تراوحت من نفايات منزلية وخردة معدنية الى أجهزة إلكترونية وقطع سيارات مستعملة.
بين آذار(مارس) وأيار (مايو) 2009، نفذت سلطات الجمارك في 64 بلداً ''عملية ديميتر'' لضبط الشحن غير المشروع للنفايات الخطرة من أوروبا الى بلدان في منطقة آسيا / المحيط الهادىء وأفريقيا.
هذه العملية التي دامت خمسين يوماً، ونسقتها أمانة المنظمة الجمركية العالمية، هدفت الى تعزيز تبادل المعلومات بين الادارات الجمركية، وهو عنصر حيوي في التصدي للجريمة البيئية على الحدود.
قام ضباط الجمارك في أكثر من 300 ميناء بحري ونقاط أخرى مختارة بتكثيف تدابير الكشف والتفتيش لتحديد الشحنات التي تنطوي على مخاطر عالية، وأبلغوا بعضهم بعضاً بأي شحنات مشبوهة عبر القارات. وقد دعمتهم السلطات البيئية في بلدانهم، وأمانة اتفاقية بازل، وشبكة تنفيذ وفرض القانون البيئي في الاتحاد الأوروبي (IMPEL)، ومكاتب الاتصالات الاستخباراتية الاقليمية السبعة التابعة للمنظمة الجمركية العالمية والقائمة في الأقاليم المشاركة. كما تابع ضباط في البلدان الأوروبية المصدِّرة التحقيقات في شأن مصدّرين غير شرعيين، بناء على معلومات وردت من بلدان في أفريقيا ومنطقة آسيا / المحيط الهادىء. واستعمل هؤلاء الضباط أداة الاتصال الآمن CENcomm لدى المنظمة الجمركية العالمية، لتبادل أكثر من 500 رسالة استخباراتية أثناء العملية.
صفعة للتجارة غير المشروعة
غالبية المصادرات التي حدثت في بلدان أوروبية مثل هولندا وبلجيكا وايطاليا تمت قبل التمكن من شحن النفايات. وتصدرت القائمة خردة الحديد المتجهة الى آسيا، من حيث الكميات المصادرة. وبقيت أفريقيا ''الوجهة المختارة'' لنفايات منزلية مثل الثلاجات المحتوية على مركبات الكلوروفلوروكربون وشاشات التلفزيونات القديمة، اذ ان أكثر من 1100 قطعة من المضبوطات البالغ عددها 1500 كانت متجهة الى بلدان في القارة. وفي 9 حزيران (يونيو) 2009، قام ضباط جمركيون على رصيف شحن في ميناء لاغوس في نيجيريا بفتح مستوعب ظل تحت المراقبة لمدة شهر، بناء على معلومات استخباراتية من زملائهم الجمركيين في أوروبا. وكان المستوعب محشواً بأجهزة تلفزيون مهملة، لكن أحداً لم يدّعِ ملكيته.
وقال أمين عام المنظمة الجمركية العالمية كونيو ميكوريا: ''لا يستطيع المجتمع الجمركي العالمي وشركاؤه السماح باستمرار التجارة غير المشروعة بالسلع الحساسة بيئياً، من دون رادع، عندما تكون لها تأثيرات مدمرة على صحة الناس وسلامتهم حول العالم''. وأضاف: ''ان المخاوف العالمية المتنامية حيال هشاشة البيئة تحثنا على تقوية الضوابط الجمركية على الحدود، من خلال مبادرات مركزة لبناء القدرات وتعزيز تبادل المعلومات، لأن ذلك سوف يضمن تسديد صفعة قوية الى النشاطات غير المشروعة للمنظمات التي تتعاطى هذه التجارة".
وأوضح ميكوريا أن ''غالبية النفايات الخطرة يمكن استعمالها كمواد خام ثانوية، ومع ذلك يمكن أن تلحق أضراراً فادحة بالبيئة اذا لم تتم اعادة تدويرها بطريقة سليمة. وهذا يحصل عادة في البلدان النامية التي تفتقر الى مرافق مناسبة، وهي حقيقة يستغلها المجرمون لمصلحتهم".
واعتبر أن نجاح عملية Demeter يعزى الى رغبة المنظمة في حماية البيئة للأجيال القادمة، والارادة السياسية القوية والتزام الادارات الجمركية الأعضاء، والتعاون الوثيق مع الشركاء على المستوى الوطني والاقليمي والدولي. وأكد أن ''المنظمة هي الآن أكثر تصميماً لتعزيز الشراكة، لأن التنسيق والتعاون والتواصل هي أعداء المنتفعين من هذه التجارة".
الجمارك الخضراء
بموجب اتفاقية بازل التي تنظم حركة النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، يحق للأطراف الأعضاء منع استيراد النفايات، ويحظر عليهم تصدير النفايات من دون موافقة مسبقة من البلدان المستوردة. وعندما يحدث التصدير من دون موافقة يعتبر اتجاراً غير مشروع، وتجبر البلدان المصدّرة على استعادة النفايات أو التخلص منها بشكل مناسب وفقاً لأحكام الاتفاقية.
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية بازل كاثارينا كومير بيري: ''إن عملية ديميتر أكدت الدور الحاسم للسلطات الجمركية، والأهمية الحاسمة لنظم تبادل المعلومات الفعالة، وضرورة التعاون الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالنفايات الخطرة''. وأشارت الى أن الغالبية العظمى للمصادرات حدثت في بلدان أوروبية قبل أن يتم التصدير فعلاً، وهذا مؤشر ايجابي يعني تدخلاً مبكراً في سلسلة الاتجار غير المشروع بالنفايات. وأضافت: ''توفر نتائج العملية أيضاً معلومات مفيدة جداً عن أنواع مجاري النفايات التي يستهدفها الاتجار غير المشروع، وعن البلدان التي ترسل اليها".
وتواصل المنظمة الجمركية العالمية تعاونها مع شركائها في مبادرة ''الجمارك الخضراء'' ، باعتبار أن الجريمة البيئية لا يمكن محاربتها بفعالية إلا من خلال عمل جماعي على جميع الجبهات. ويشمل ذلك المزيد من بناء قدرات ضباط الجمارك في الخط الأمامي، وتطوير أدوات فعالة لدعمهم وعمليات جمركية دولية لامتصاص دم هذه التجارة غير المشروعة.
كادر
المافيا الإيطالية أغرقت سفناً محملة نفايات خطرة
بدأ التحقيق الشهر الماضي في ملابسات غرق سفينة قيل انها تحمل شحنة نفايات سامة، وربما نووية، حسب معلومات حصلت عليها الشرطة الايطالية من مخبر هو عضو سابق في عصابات المافيا. وأظهرت صور التقطت من غواصة غير مأهولة عدداً من البراميل الصفراء قرب السفينة الغارقة في قاع البحر. ومعلوم أن اللون الأصفر يستخدم عادة لتمييز الحاويات أو البراميل التي تحتوي على نفايات سامة أو مواد نووية.
وقال المخبر والمافيوزي الايطالي السابق فرنشيسكو فونتي ان عصابات الجريمة المنظمة في ايطاليا تمكنت من الاحتيال على السلطات والافلات من القوانين المنظمة للتخلص من النفايات، ونجحت في اغراق عدد من السفن التي تحمل نفايات سامة في البحر. وقال أحد المسؤولين الايطاليين ان عدد السفن المغرقة التي كانت تحمل نفايات ربما وصل الى ثلاثين، وان القضية صارت تهم المجتمع الدولي ولا تقتصر على ايطاليا وحدها.
وأكد فونتي ان زعماء المافيا حصلوا على ملايين الدولارات مقابل تخلصهم من سفن تحمل مواد ونفايات سامة تخص شركات ايطالية تعمل في الشمال الصناعي من البلاد. وأوضح أن السفينة المكتشفة حديثاً كانت تحمل 120 برميلاً من النفايات المشعة، وقد أغرقت عام 1992 باستخدام متفجرات على بعد 32 كيلومتراً من الساحل الجنوبي الغربي لايطاليا.
يشار الى أن ''غرينبيس'' ومنظمات بيئية أخرى جمعت قائمة بأسماء عشرات السفن التي غرقت بشكل غامض على امتداد السواحل الايطالية واليونانية منذ عقود.
كادر
تسوية لفضيحة ساحل العاج
في واحدة من أسوأ حوادث التلوث منذ عقود، أصيب الآلاف من الأفارقة بالمرض والتشوه بسبب أطنان من النفايات السامة التي رمتها عشوائياً الشركة البريطانية ''ترافيغورا'' التي تتعاطى التجارة بالنفط والمعادن.
وقد وافقت الشركة على تعويض الضحايا بدفع ملايين الدولارات لهم. وهي لا تزال تجري محادثات للتوصل الى ''تسوية شاملة'' مع 30 ألف شخص من ساحل العاج، رفعوا دعوى ضدها بسبب المواد السامة التي خلفتها ناقلتها ''بروبو كوالا'' تحت جنح الظلام في آب (أغسطس) 2006. وتسببت الحادثة باصابة ما لا يقل عن 100 ألف شخص بالمرض، يعيش معظمهم في أبيدجان المكتظة بالسكان، وتوفي 10 أشخاص على الأقل.
وأصرت ''ترافيغورا'' في بيان على ''أن الرائحة الناتجة من المواد الملقاة في البحر من دون علمها لا يمكن أن تكون تسببت بإصابات خطيرة أو بالمرض''، خلافاً لما أظهره تقرير للأمم المتحدة قال إن ''الأدلة التي جمعها حول الوفيات والآثار الصحية مرتبطة بهذه النفايات".
وبموجب التسوية، يتلقى آلاف الضحايا تعويضات للعلاج من الأمراض التي نتجت عن تلك المواد السامة، ومن بينها صعوبة التنفس والتقيؤ والاسهال والأمراض الجلدية. لكن التسوية تعني أن الادعاءات بإصابات خطيرة، بينها الاجهاض والتشوهات الخلقية، لن يتم التحقيق فيها في المحكمة العليا في لندن.